الشورى السعودي: الشعب غير راض عنّا!

ليس سرّاً القول بأن مجلس الشورى السعودي لا يمثل تطلعات الشعب.

فهو أولاً مجلس معيّن: أي أنه يمثّل من عيّن أعضاءه جميعاً، وهي الأسرة الحاكمة، ما جعل الشعب غير معني بالمجلس من أساسه.

وثانياً، هو مجلس غير متناسب التمثيل حتى في التعيين من جهة تمثيله لفئات وشرائح ومناطق مختلفة. فأغلب الأعضاء جاؤوا من نجد، التي تمثل أقل من ربع السكان، كما أن الرئاسة للمجلس والعديد من لجانه هي بيد النجديين.

وثالثاً، فإن صلاحيات المجلس لا علاقة لها بالمحاسبة والمراقبة والتشريع.

ورابعاً، فإن قرارات المجلس غير ملزمة للحكومة، بل أن المجلس لا يستطيع أن يقرر موضوعات البحث والنقاش. قيل أنه منح الحق في بحث الموضوعات التي يريدها، ولكن على ارض الواقع فإن رئيس المجلس لا يقبل بنقاش مواضيع بدون مراجعة أحد الأمراء الكبار: سلطان أو نايف أو سلمان. أما الملك فهو مهمش من اجهزة الدولة.

وخامساً، فإن معظم أعضاء المجلس المعينين هم من الطبالين للسلطة، والمدافعين عنها، حتى وان كانوا من حملة الشهادات العليا، وان تجربتهم الماضية لا تجعلهم محط آمال أحد من الشعب.

إذن هو تحصيل حاصل أن لا يأبه الشعب بمجلس الشورى السعودي المعيّن. ولكن اعتراف رئيس المجلس بذلك يحمل قيمة، كونه اعترافاً بائساً أكثر من كونه شجاعة وتصريحاً حرّاً.

رئيس المجلس الدكتور والشيخ الوهابي النجدي صالح بن حميد قال حسب ايلاف (1/1/2009) أن الشعب السعودي غير راض عن أداء المجلس، مؤكدا أن هذا ليس مستهجنا. وأوضح ابن حميد في محاضرة ألقاها في جامعة القصيم، أن المجلس سيطلق قريبا، آلية علمية لقياس الرأي الشعبي عن أدائه، مبينا أن العلاقة بين الديمقراطية والشورى يجب أن لا تؤخذ بالتوافق أو بالتضاد، فكل منهما له خصائصه ومميزاته، لافتا إلى أن التعاليم الإسلامية لا تمانع أن يؤخذ بما هو مفيد من التجربة الديمقراطية، لأن الشورى هي صورة من صور المشاركة في صناعة القرار.

ولم يقل رئيس المجلس بأن سبب عدم رضا الشعب هو أداء المجلس وتركيبته وتعيينه من قبل الأمراء، بل أرجع الأمر الى (الخطأ الإنساني)، مشيراً الى انتماءات أعضاء المجلس القبلية والإقليمية، بأنها لا تشكل عائقا في تجربة الشورى التي قال أنها تقوم على المؤسساتية.

وعلل ابن حميد بطء إصدار قرارات المجلس (كونها توضع للتطبيق خلال خطط عشرية، فالتسرع غير محمود.. المعدل الزمني لصدور القرار في المجلس مقبول جدا). وفي ما يتعلق بمشاركة المرأة في المجلس، أشار رئيس الشورى إلى أن المجلس يضم ست مستشارات يعملن (بشكل ممتاز)!

وزعم رئيس الشورى بأن (تعيين) الأعضاء سياسة (ناجحة) مشيراً الى أن سياسة التعيين ستبقى لأنها تأتي بالكفاءات العالية! وتعرض لتجربة الانتخاب التي تمت ممارستها في الغرف التجارية والأندية الأدبية والمجالس البلدية، ولكنه أكد على موضوع التعيين وعلى تقوية صلاحيات المجلس (فالمجلس يستمد قوته من صلاحياته لا من طريقة دخول العضو إليه).

الصفحة السابقة