فتاوى 2009

يظهر أن صرعة الموضة انتقلت الى مجال الإفتاء في السعودية، فالسابقون إلى تقديم فتاوى متقدّمة في كل شاردة وواردة يحقّقون شهرة واسعة في فترة قياسية. سوق الفتاوى شهد انتعاشاً
الشيخ الغامدي مثير الجدل
ملحوظاً في السنوات الأخيرة، في ظل تزايد نبرة الخطاب الطائفي، والثراء الاتصالي الذي يزيد في شهية صنّاع الفتوى، واستدراج القنوات الفضائية لمشايخ آخر موديل كيما يزوّدوا جمهور المشاهدين بآخر الانتاجات/ الاجتهادات في موضوعات راهنة.

وفي رصد لقائمة الفتاوى الصادرة في مملكة آل سعود للعام الماضي 2009، لحظ الصحافيان عمرو جاد ولؤي علي بأن ثمة تناقضات كثيرة إلى جانب تنوّع الفتاوى بين تقليدية وأخرى غير متوقّعة، ولعل أغربها حسب الكاتبين والتي أحدثت ضجة وسط الرأي العام المحلي سلسلة الفتاوى المتزامنة التي أطلقها الشيخ أحمد بن قاسم الغامدى رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر بمنطقة مكة المكرمة وهى (الاختلاط حلال وتحريمه بدعة، وجواز تفلية المرأة للرجل)، إستناداً على حديث منسوب الى النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم بأن الاختلاط مصطلح مبتدع على الحديث الشريف (عن إسحاق بن عبد الله بن أبى طلحة عن أنس بن مالك رضى الله عنه أنه سمعه يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل على أم حرام بنت ملحان فتطعمه، وكانت أم حرام تحت عبادة بن الصامت، فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأطعمته، وجعلت تفلى رأسه، فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم استيقظ، وهو يضحك، فقالت: وما يضحكك يا رسول الله؟ قال: (ناس من أمتى عرضوا على غزاة فى سبيل الله يركبون ثبج هذا البحر.. الحديث) أخرجه البخارى ومسلم، وفيه جواز دخول الرجل على المرأة فى غير تهمة، وفيه جواز تفلية المرأة رأس الرجل، ونحوه القص والحلق.

كما أباح الغامدي استماع الغناء من النساء فى وجود الرجل، فعن الربيع بنت معوذ أنها قالت: دخل على النبى صلى الله عليه وسلم غداة بني علي، فجلس على فراشى كمجلسك مني، وجويريات يضربن بالدف، يندبن من قتل من آبائهن يوم بدر حتى قالت جارية: وفينا نبى يعلم ما فى الغد، فقال النبى صلى الله عليه وسلم (لا تقولى هكذا، وقولى ما كنت تقولين) أخرجه البخارى، والجويريات تصغير جارية، وهى الفتية من النساء، والحديث يفيد جواز الاختلاط، وجواز دخول الرجل على المرأة متى كان معها غيرها من النساء، وفيه جواز استماع الرجل لغناء النساء وضربهن بالدف).

وعلى جانب آخر أصدر أستاذ الفقه الدكتور عبد العزيز بن فوزان فتوى أباح فيها التصفيق، بعد تواتر فتاوى سابقة تحرمه، وجاءت فتوى إجازته موجهة لطلاب مدارس التربية النموذجية بالرياض، كما أشار فوزان إلى أن بعض المشايخ يجرّمون التصفيق ويرونه كبيرة من الكبائر وأنه يعد من المعاصى ولا يجوز، مدللين على فتواهم (وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَاءً وَتَصْدِيَةً…) والمكاء هو التصفير، والتصدية معناها التصفيق، أى لما كان النبى صلى الله عليه وسلم يصلى هو وأصحابه يبدأ المشركون بالتصفير والتصفيق حتى يشوشوا عليهم ويصرفوا الناس عنهم هذا هو معنى الآية، أما إذا كان التصفيق للتشجيع والإثناء على أحد فهنا نقول أنه مباح ولا نستطيع أن نقول التصفيق حرام فهذا يحتاج إلى دليل، والأصل هو الحل والإباحة.

ومن أغرب الفتاوى التى ظهرت أيضا العام المنصرم فتوى بتحريم رياضة اليوجا أصدرها خالد عبد الرحمن الجرعى عضو هيئة التدريس أستاذ الدراسات العليا بجامعة الملك خالد، معتبراً إياها من الرياضيات الوثنية المعهودة عند قدماء الهنود موضحاً إن رياضة اليوجا تتكون من تمارين بدنية مصحوبة بتركيز عقلى ووجدانى، ولها أصل عبادي وثني، وهى معهودة عند قدماء الهنود، يتقربون بها لآلهتهم (الشمس)، وبناء على هذا فلا يجوز للمسلم أن يتعلَّمها، ويمارسها على النحو الذى تؤدى به عند أهلها، وأضاف (العبادات لدينا فى الشريعة الإسلامية توقيفية، ولا تصرف العبادة إلا لله وحده)، وأشار إلى أن أداءها على النحو الذى يمارسه أصحابها فيه تشبّه بهم، حتى وإن لم يقصد الجانب العبادي، ودعا المسلمين إلى ممارسة تمارين الإسترخاء (التى ليس فيها محظور شرعى من التشبه بأهل الكفر فى هيئة عبادتهم). نشير الى أن تمارين الاسترخاء لم يرد فيها نصّ من السلف الصالح!.

الصفحة السابقة