سيول جدّة.. الفضيحة والكارثة!

محمد فلالي

(الفضيحة ظهرت في الوقت الذي تحتشد فيه وسائل الإعلام على مسافة خمسين كلم لتغطية مناسك الحج. لكن، من ستر الله على المسؤولين في جدة، وعلى البلاد أجمع، أن أياً من هؤلاء المدعوين لتغطية الحج لم يحرك الكاميرا إلى حيث الكارثة، لينقل إلى العالم ماذا يجري في جدة)(فارس بن حزام، الوطن، 1/12/09).

فعلا هي كارثة وفضيحة معاً. يشكر آل سعود الله بأن العالم لم يعرف بها، الا لماماً. ليس المهم كم عدد الضحايا والخسائر، المهم ان سمعة ولاة الامر تبقى نظيفة!

مجرد أمطار قليلة أغرقت (عروس البحر) وقتلت المئات وشردت عشرات الآلاف ودمرت ممتلكات تقدر بالمليارات!

الفساد الضارب اطنابه في السعودية انفجر هذه المرة، وانقدحت معه الألسن تشتم النظام ورموزه وأدواته الفاسدة.

كشفت سيول جدة حجم النقمة الشعبية على النظام خاصة في محيط الحجاز، وكشفت أن البلد الغني غير قادر على حماية الناس وممتلكاتهم، فضلا عن ان يوفر لهم بديهيات العيش الكريم من الخدمات التي تقدمها اية دولة تحترم نفسها لمواطنيها.

الأمراء سرقوا الاراضي حتى مجاري السيول وباعوها. والناس بنت منازلها وغرقت. ميزانيات أمانة جدة تم نهبها من امراء منطقة مكة ومحافظ جدة وهم دائما من الامراء. اللصوصية أدّت الى ان ثاني مدينة سعودية والعاصمة الدبلوماسية الاولى لها حتى عام 1986م، تفتقر الماء النظيف والمجاري، ويهددها أنواع شتى من الامراض غير المعروفة كحمى الضنك.

(بحيرة المسك) جعلت العيش في جدة مأساة، قبل مأساة السيول. البعوض بحجم الفراش!! والتلوث بلغ نسباً عالية. واذا ما انفجرت (بحيرة المسك) التي هي مجرد مخلفات المجاري فإن ذلك يعني ان المدينة لن تكون صالحة للسكنى!

كارثة سيول جدة

البحر هو ايضاً تلوث في جدة بسبب تحويل جزء من المجاري اليه. بعض الناس لا ياكلون السمك بسبب ذلك!

ومع هذا هناك من يتغنّى بالانجازات السعودية. فقر مدقع، وخدمات بائسة، وتلف في الارواح قبل الأملاك.

الفضيحة كاد يتم التستر عليها رغم هولها. ولذا قال كاتب الداخلية أعلاه بأن الله ستر! ولم توجه الكاميرات على السيول في جدة!!!

لكن التكنولوجيا الحديثة أثبتت اكثر من مرة بأن كل جوال كاميرا! وأن الفيس بوك واليوتيوب أقوى من امبراطورية الشر الاعلامية السعودية، فانفضح الامر على العالم، وتكشفت بعض جوانب المأساة!

هنا نصح مستشارو الملك بأن يشكل لجنة تحقيق!!

ولكن اعضاء اللجنة هم المتهمون بالتقصير، ابتداء من امير مكة، وانتهاءً بالدفاع المدني! فضلا عن ورود اسم جهات لا علاقة لها بالموضوع مثل المباحث العامة!

لم تكن لجنة مستقلة تلك التي امر بتشكيلها الملك. وهي مسيطر عليها من الامراء، فهل سيدينون أنفسهم؟

سيتم تحويل المشكلة والاتهامات بالتقصير على أفراد منفذين من الدرجة العاشرة وسيتم لفلفة الأمر. لن يصيب أي أمير مكروه!! ولا حتى كلمة عتاب!

في خضم الازمات تنطلق الالسن ويكشف المواطنون عن مواقفهم السياسية من رجال الحكم السعودي الذي أهمل الحجاز لصالح النهب ولصالح نجد. أهمل كل الوطن ليسرق طغاة نجد من امراء ومشايخ ونخب فاسدة أموال الوطن.

هل من المعقول ان مكة المكرمة وجدة وهما ثاني وثالث مدينة في السعودية من حيث السكان، لا يوجد بهما تصريف مياه مجاري، أو حتى تمديدات لمياه شرب؟!

المواطنون يشترون الماء بالوايتات، ترتفع اسعارها احياناً لتصل الى خمسة آلاف ريال فقط!

هذه ليست بلداً. بل هي فوضى في كل شيء! الخدمات المتهالكة في جدة مضى عليها اكثر من عشر سنوات من طرحها للنقاش ولكنها لم تحرك نبض أمير او وزير يأتمر بأمير!

والآن ولتسكين الشارع يتحدثون عن لجان تحقيق!!

خذ وضع في الخرج كما يقال!

الفساد في السعودية بلغ حدوده القصوى، ولم يكن يتم تداوله في الصحافة. الآن يجري الحديث عنه من قبل المفسدين الامراء انفسهم الذين ارتدوا لباس الصلاح والعفاف والتقوى والوطنية!

ستكون لسيول جدة آثارها بعيدة المدى على مكانة آل سعود وسمعتهم الداخلية.

شرعيتهم تزلزلت، ولولا السيف الاملح الذي يهددون المواطنين به لرأوا عجائب ردود الفعل.

المفسد لا يستطيع ان يصلح نفسه بين عشية وضحاها إن كان جاداً في طرق سبل الصلاح!

والآن كل مخازي الفساد الذي جرى في السنوات الماضية يتكشف وينفجر الواحد تلو الآخر ليحصد المواطنين وليكشف القناع عن حقيقة تنمية آل سعود.

يستصرخون النجدة الغائبة

وحتى هذه اللحظة لاتزال جدّة تعيش على قنبلة حذر منها كثير من الكتاب في الصحافة السعودية منذ سنوات طويلة. وفي الحقيقة فإنهم استخدموا لفظة (القنبلة الموقوتة)! هذه القنبلة هي (بحيرة المسك) سميت كذلك سخرية فصارت واقعاً! لاتزال جدة تعيش رعب احتمال انفجار السدود حول البحيرة وهي موضوعة لسخرية الاقدار في مكان مرتفع!!!

لازال المواطنون يخافون من المطر! لا يتمنونه في جدة ولا في المدينة ولا في مكة!

السيول قتّالة! ومصبات السيول سرقها الامراء وباعوها، والناس لا تعلم بالمشكلة، ولم يمنعهم احد من البناء بل كل تراخيص البناء والتملك نظامية!

الفساد السعودي لا يعرف حدوداً. والبنى التحتية في كل المملكة بحاجة الى مراجعة. الناهبون كباراً وصغاراً هم من الامراء وحواشيهم. والمواطن هو من يدفع الثمن.

فيما يلي بعض ما جاء في الاعلام عن تلك الكارثة والتي سمح بالحديث عنها لتنفيس الغضب الداخلي.

* * *


لـن يحاسب أحد!

سعد الغامدي، 1/12/09

الصمت أبلغ، والحزن أوقع، وزيارة المناطق المنكوبة قد لا تكفي لمعرفة حجم الكارثة الذي نجحت الصور واليوتيوب في عرض أجزاء من معالمها. الشـوارع تحولت إلى خنادق وكأن الإسفلت وضع على التراب دون معالجة أياً كانت، المنازل تروي عن مشاعر الناس وهم يرون الموت ينازلهم ويتخطف منهم من تخطف. كثـرة الكتابة إنما هي استرجاع الروح العربية التي تتسمر فوق الأطلال باكية منتحبة، ولا تتجاوز الفاجعة إلى البحث عن المحاسبة وعن الحلول. لــن تعيد كثرة الكتابة أو النحيب الأموات، ولن تخضع المسؤولين أياً كانوا للمساءلة والحساب، فذلك ما لم يعهده أحد من قبل، ولن يقع اليوم لمجرد أن جدة فقدت من فقدت وخسرت ما خسرت. لتنصـرف الكتابة والمطالبة إلى ضرورة استنقاذ المدينة من هلاك محتوم.


الشامتون بجدة

حليمة مظفر، الوطن، 1/12/09

هؤلاء الشامتون ألا يتقون الله تعالى في عباد الله.. في أبناء وطنهم؟! ألا تستنهض مثل هذه الكوارث وطنيتهم وتدينهم المزعوم؟! ألا يوسعون مداركهم قليلا، ويستوعبون أن رحمة الله تعالى تسبق غضبه؟! ثم ماذا فعل أهل جدة كي يستحقوا في منطقهم المزعوم هذه الكارثة، ما هي ذنوبهم وما آثامهم؟! فجدة مثلها مثل المدن السعودية، لا يُباح فيها ما يُحرم في غيرها كي يزعموا أن الكارثة نتيجة معاصي أهلها وذنوبهم ؟! يا هؤلاء، قليلا من الحياء أمام الله تعالى، وأنتم تتدخلون في مشيئته بما يتصالح مع أهوائكم؛ إخوانكم وأخواتكم يحتاجون الدعاء وهو أضعف الإيمان، فهلا أزلتم الغشاوة عن البصيرة في قلوبكم!؟


نحن أولى بماء هذه البئر

محمد الرطيان، الوطن، 1/12/09

عندما ضرب "إعصار كاترينا" قبل ثلاث سنوات بعض المدن الأمريكية قامت شركتنا الوطنية الكبرى "أرامكو" بالتبرع لضحايا الإعصار بملايين الدولارات وقامت ببناء عشرات الوحدات السكنية لهم.. لا اعتراض لدي (ومن أنا حتى أعترض؟!). فقط أريد أن أسأل: أليس أهل "جدة" أقرب لكم من أهل "نيو أورليانز"؟! هذه الشركات العملاقة – أرامكو، وغيرها كثير – متى نرى نشاطاتها الاجتماعية والإنسانية في الداخل السعودي؟. نحن
هاربون من سيول جدة
أولى بماء هذه البئر.


عشوائيات... ولكن نظامية!

تركي الدخيل، الوطن، 7/12/09

قبل أن تغرق جدة بفترة، وقّع أمين جدة على اعتماد عدة مخططات في بطون أودية! هذه المعلومة الأكيدة تكشف مدى تساهل الأمانة مع المخططات العشوائية، وهو تساهل يصل أحياناً حد الحماس، لأسباب لا نعلمها. وإذا كان البعض قد برر الغرق بأن تلك الأحياء التي غرقت بنيت بشكل عشوائي، فإن الكارثة تكمن في أن تلك الأحياء بنيت بموافقة من الأمانة، ورخص البناء أخذها الساكنون من البلديات، بمعنى أن البناء العشوائي تم بشكل نظامي، وهذا لا يعفي الأمانة من المسؤولية! كنا وما زلنا نسمع الفظائع التي تحدث في الكواليس، لكننا لم نكن نتخيل أن عاقبة الفساد ستكون بحجم هذه الكارثة.


المتطوعون تحت قبضة الموتورين

صالح الطريقي، عكاظ، 7/12/09

قرر آلاف الشباب والشابات في جدة التطوع لمساندة إخوتهم المتضررين، وشمروا عن سواعدهم في عمل نبيل ودون أجر يبحثون عنه سوى أن يؤكدوا حبهم وتعاطفهم مع المتضررين من جراء السيول التي جرفت كل شيء. وبدأوا يدا بيد العمل، وفوجئوا بتلاميذ الموتورين يدخلون عليهم ويصرون على مراقبة حركاتهم وسكناتهم، ويحذرون من مغبة الاختلاط. المحزن أن الكثير ما زالوا ينصتون لأولئك الموتورين، ويصدقون ما يقولونه عن فساد جدة وباقي المدن، ويرددون ما يقال لهم، ويؤمنون بفلسفة الريبة بالجميع حتى بأقربائهم وجيرانهم.


وظلم ذوي القربى

عبده خال، عكاظ، 7/12/09

المحزن أن كارثة جدة اطلقت أصوات متحجرة القلب والرحمة حين وصفت هذه الكارثة بأنها دليل فساد، وأن ما حدث ما هو إلا عقاب أنزله الله على المتضررين. للأسف هذه الأصوات هي أصوات بعضنا، انطلقت من حناجرهم، ومن على منابرنا، وفي مجالسنا من غير أن تراعي حالة المتضررين أو تواسيهم، بل أصروا على أن ما حدث ما هو إلا عقاب، وبعضهم يتوعد جدة بالخسف الكامل (هكذا وبكل قلة أدب أو مراعاة لحالة أهل جدة، وكأنهم عبدة بوذا، وليس بلدا يرفع فيه الأذان خمس مرات، وبه العباد والمستغفرون في الأسحار والمحسنون)، ولم يختاروا من وصف لهذه الكارثة سوى اتهام أهل جدة بأن ما يحدث في مدينتهم ما هو إلا عقوبة، بينما كان باستطاعتهم اختيار لفظة ابتلاء وامتحان لتثبيت الإيمان.


إغاثة الملهوف .. والمحتسبون الجدد

أسماء المحمد، عكاظ، 5/12/09

على قدر ما وعظ مجتمعنا وبقدر عدد الفتاوى والوعاظ في حياتنا، إلا أن أزمة أخلاقية وإنسانية حقيقية ودينية تواجهنا. أين فرق الشرطة والهيئة في أحياء يشتكي ساكنوها من سرقات سياراتهم وأجواء كثر فيها انتهاك الحرمات والسرقات استغلالا من ضعاف النفوس للفوضى التي خلفتها الفيضانات. هذه المأساة لم تترك منزوع أخلاق إلا وكشفته وساهمت في تعريته، بداية من تجار السوق السوداء ومن طلبوا 500 ريال مقابل إنقاذ الغرقى، وانتهاء بأصحاب الأحواش التي تكدست فيها السيارات المحطمة. لماذا ترك هؤلاء المحتسبون كل من مارس المنكرات في أبشع صورها الخالية من الإنسانية وأبسط قواعد الدين، واختاروا مناصحة المتطوعين والمتطوعات؟!


جدة وعقوبة الله عز وجل

صالح الطريقي، عكاظ، 5/12/09

لا شيء يثير غضب من فقد أطفاله أو قريبا أو أملاكه أكثر من أولئك الذين لا يملكون مشاعر إنسانية، ويقولون للمنكوبين: «إن ما حدث لكم عقوبة من الله لأنكم فاسدون». إن سألتهم: ما الفسق والفساد الذي ارتكتبته طفلة لم يبلغ عمرها الثلاث سنوات التي غرقت في فيضان جدة؟ تأتي إجابتهم هكذا: إن الله يعاقب أهلها فيها. فتسألهم: ما معنى «ولا
من آثار السيل في تدمير الممتلكات
تزر وازرة وزر أخرى»، فيعلنوا أنهم في زمن الرويبضة، فيتم الهجوم عليك، وتقرر أن تصمت.


حاربوا الفساد وافضحوا المفسدين

عبدالرحمن الشلاش، الوطن، 5/12/09

حاربوا الفساد الذي انتشر في أكثر من قطاع إداري من قطاعات الدولة ولم تكن كارثة سيول جدة المروعة سوى شاهد إثبات على الطريقة الطرطشلية لمن لايزال لديه شك ولو كان هذا الشك محدودا بوجود الفساد وانتشاره. حاربوا الفساد الإداري والذي انتشر ليفتح الأبواب لمن يعشقون انتهاك الأنظمة والقفز فوق أسوار القوانين ليصلوا إلى مبتغاهم. افضحوا الفساد الإداري الذي عصف بكثير من الطموحات والآمال. نتمنى أن نطبق سياسة من أين لك هذا؟ ونوجه هذا السؤال بالذات لمن حمل المسؤولية وهو على الحديدة فأصبح من الأثرياء في ساعة قصيرة.. وأن تكون المحاسبة سريعة والجزاء حاضرا. محاربة الفساد بمراقبة صرف الأموال في كل قطاعات الدولة.. والتعيين في الوظائف.. وكيفية ترسية المشاريع وتنفيذها.. وطريقة منح التأشيرات بالمئات وتداولها وبيعها بالمزاد العلني.. وكيفية منح التراخيص لإقامة المشاريع والمؤسسات الخدمية.. وكل العمليات التي تتم تحت الطاولة.


كفى فساداً!

علي الموسى، الوطن، 5/12/09

كفى... كفى... كفى، فقد أوصلنا الفساد الإداري والمالي إلى النقطة التي صار فيها السكوت جريمة حتى على الأبرياء عن الولوغ في وليمة الفساد. كفى ما فات وليكتف الذين مدوا أيديهم من قبل إلى الوليمة بما في البطون وحان الأوان للمكاشفة التي لا تستثني أحدا وحان الأوان لفضح الأرقام والأسماء بالدليل والبرهان. كفى وكفى وآن لنا اليوم أن نتشبث بالسؤال الضخم: إذا كانت كل ميزانية تصدر بالمليارات المرصودة للمشاريع، فأين ذهبت هذه المليارات المرصودة عاما بعد الذي يليه وأين تبخرت تلك العقود الورقية التي لم نلمس لها رسما يروي رمش عين؟ أين ذهبت هذه المليارات طوال هذه السنين إذا كنا نلمس الحقائق التالية: إذا كانت مدننا لاتزال ترتعد من رعد سحابة عابرة؟ إذا كانت أجسامنا ترتعش خوفا من فيروس لا تجد له سريرا طبيا في ذروة الزحام؟ إذا كان أطفالنا يذهبون إلى علب السردين المدرسية دون حراك يروي الكذبة الكبرى في تحسين البيئة والمنهج؟ إذا كنا في جل المدن دون استثناء نزاحم على صهريج الماء في وجه الوعود الورقية؟ إذا كنا صرنا بالفعل نكره أي مشروع على الشارع أو الطريق أو الحي لأننا بتنا نعرف أنه مجرد لوحة تضعها مؤسسة متهالكة ليصبح المشروع مجرد إعاقة وقطع طريق. إذا كنا طوال هذه السنين نشحذ طبقة الإسفلت ناهيك عن الحلم للشوارع برصيف؟ إذا كنا مازلنا نحلم بمقعد في صالة مطار قبل الأحلام بمقعد في طائرة مسافرة؟ إذا كنا نخشى انقطاع الكهرباء في الصيف ونخاف من سحابة الشتاء؟ وبربكم أجيبوني على السؤال: ما هو الفساد إذاً؟ إذا كان كل ما سبق مرصودا بالملايين في كل ميزانية؟ وما هو الفساد بالضبط إذا كانت كل إدارة حكومية تتباهى مطلع كل عام مالي بما هو مرصود في بند المشاريع؟ ما هو الفساد إذاً إذا كانت الصحف تحفل بالتصريحات وتمتلئ بالوعود؟


الموتى هم السبب!

ممدوح المهيني، الرياض، 4/12/09

ما يثير شعوراً بالمرارة أكثر هو نمط من التناول مع هذه الأزمة الذي يضع جزءاً من الحق على الموتى. وقد تكرر هذا الأمر كثيراً، ومن المثير أن ذلك حدث في برنامج عرضه التلفزيون السعودي، واتفق تقريباً الجميع بما فيهم المذيع على لوم الموتى، ووضع جزءاً آخر من المسؤولية على القضاء والقدر، وتفضلوا أيضا بتحميل جزء على المسؤولين . وهذا أمر لا بد من القول إنه مزر ومخجل ويضيع جوهر القضية الذي يجب علينا أن نحاربه وهو هذا الحجم من الفساد المريع.


الحرامية السبعة

حمزة المزيني، الوطن، 3/12/09

تأتي كارثة السيول في مدينة جدة والدمار وإهلاك الأرواح اللذان خلَّفتهما للتذكير بأن جدة ليست الوحيدة التي جنى عليها الاعتداء على مجاري الأودية، وجنى عليها التخطيط غير السليم، والتنفيذ المغشوش. إن قائمة المقصِّرين الذين تسببوا في الدمار الذي نشاهده في جدة، وشاهدناه في مدن أخرى بمستويات متنوعة، ونخشى تكراره في مناطق أخرى في المستقبل، ستكون طويلة جدا. وستضم هذه القائمة من غير شك واضعي الخطط التنموية الخمسية المتوالية. ومن أسوأ المعالجات لهذه الكارثة أن يقتصر النقد على المخططين المباشرين
تسونامي جدّة
لمشاريع أمانة جدة. ذلك أن هذا النوع من النقد سيعفي رؤوسا أخرى أكبر شريكة في وقوع هذه الكارثة.


بلغ الفساد الزبى

عبدالمحسن هلال، المدينة، 2/12/09

هل من العدل بين البشر تكرار الخطأ، خطأ يرقى إلى مستوى جريمة، جريمة ضد سمعة وطن وكرامة مواطن، ترى كم مرتبة سيهبط اسم وطننا على سلم منظمات الشفافية الدولية بعد هذه الفضيحة، وكم درجة ستهبط قيمة إنساننا لدى منظمات حقوق الإنسان العالمية، وحتما سيردد الإعلام الخارجي معزوفته عن تدني جودة الخدمات في بلد من أغنى بلاد الله. إن كان هناك ثمة قوانين تحارب الفساد فهذا أوان تفعيلها وهذا هو وقت الحساب؟ تتبع مسار الخطأ وأشخاصه لن يكون بدوافع شخصية، والمحاسبة هنا ليست تصفية حسابات بين زملاء مهنة، بل بين آثم وضحية وبين قطط سمان ما زالت ترعى في دهاليز التنمية. القضية ليست مجرد سرقة مال عام تحت مسمى مشاريع وهمية أو استحواذ على أراض مملوكة للدولة، القضية ضحايا أبرياء، رحمهم الله جميعا، وأخطاء تقنية وإدارية لا أقول فيها شبهة العمد، بل هي العمد كله عندما تتم المخاطرة بدم إنسان. وقبل أن يتم توزيع دم الضحايا على الجهات المسئولة عن هذا التقصير والإهمال الذي يرقى إلى درجة الإجرام، يجب أن ترفع راية الحساب والعقاب.


فضيحة جدة

إبراهيم كتبي، المدينة، 2/12/09

حدث سقوط مدوٍ بنسب مختلفة في اختبار مأساة السيول ، والخلاصة كما قال أحدهم أن دم جدة تفرق بين الأجهزة الحكومية قديما ويتفرق حاضرا مع المأساة الحالية في الوقت الذي لا يزال فيه البحث جاريا عن مفقودين وجثث مغمورة حبيسة السيارات والبيوت الغارقة. لقد أسقطت سيول الأربعاء ورقة التوت الأخيرة وكشفت عورات جدة المزمنة والمستفحلة مما يدعو لمحاكمات عاجلة غير آجلة للسبب الأهم وهو الفساد المتجمل بالتصريحات الوردية. أليس من المخجل أن نكون في البلد الأغنى وتستمر جدة على هذا الوضع المأساوي؟! أرواح ودماء الضحايا تستوجب المحاسبة لكل جهة مقصرة.


لُصُوص مِن أرض المَوْت!!

عبدالله الجميلي، المدينة، 2/12/09

رغم أن جـدّة تحاول لملمة جِراحها، والبحث عن أبنائها المفقودين تحت الأنقاض، إلاَّ أن هناك لُصُوصًا يتاجرون حتّى في معاناتها دون حسيب. لا تسألوا عن الرقابة والجهات ذات العلاقة، فمسؤولوها مشغولون جدًّا بصُنع تبريرات الكارثة وتوزيعها على مختلف القنوات. وما يُقَدم العزاء أن المسؤولين عن الكارثة سرقوا المال العام في مشاريع وهمية منذ سنوات، فلا لوم على بعض التجار في استغلال الأزمات. الأهم: جدّة تعيش في أزمة، فأين ما يعرف في الدول المتقدمة بـ (إدارة الأزمات) التي تستطيع التعامل والتكيف مع أصعب الظروف؟! لا جواب؛ فكل ما نشاهده اجتهادات فردية فوضوية


الفاسدون كالعابثين .. قطع دابر

حسن الحارثي، عكاظ، 2/12/09

عادت جدة تلملم شتات أوصالها التي مزقت بفعل الفساد قبل المطر. عادت لتحكي ظلم ذوي القربى وبهتان زمن جائر. عادت بعد أن كشف أهلها عورتها أمام الأعين المحدقة. عادت بعد أن نصبت سرادق العزاء في عيد بلله الحزن وطوقته الفجيعة. عادت لتقول لهم: حان يوم الإنصاف وحلت ساعة المحاسبة. كيف لجدة أن تزرع أبناءها في بطون الأودية دون أن تعلم؟ كيف لها أن صارت رشفة موت وهي ترياق حياة؟ كيف لها أن أغرقت عشاقها في الماء وعشقهم منبعه الماء؟ كيف كان المطر الذي يهطل لتهتز الأرض وتربو، قاتلا مع سبق الإصرار والترصد، في عرف من اؤتمن على جدة. المتآمرون على موت وخراب جدة، سيموتون وتبقى جدة تغني مواويل البحر والأشرعة والمحار. الفاسدون المغلبون مصالحهم سيكونون ماضيا يدفن مع جثث الغرقى وركام الطين ومخلفات ما تهدم من المدينة. الغارقون في أنفسهم لن يجدوا لهم مكانا فيها، والبحر لا يبتلع إلا من تحدى غضبه. والمتلاعبون بجغرافيا المكان وديمومته سيرمى به في مزبلة التاريخ. انتهى الدرس يا أغبياء.


الذين يتشفّون بمصاب جدة

ناصر الحجيلان، الرياض، 7/12/09

بالعودة إلى هذه الفئة التي تدّعي أن هناك مفاسد خطيرة في جدة جلبت نقمة الله بإرسال السيول المدمّرة، نجد أن هذا الادّعاء يؤدي إلى نتائج خطيرة... منها أنها تتضمّن تبرئة ضمنية لمسؤولية أمانة جدة وغيرها من الجهات والمسؤولين ممّن كان على عاتقهم حق رعاية المدينة وأهلها، على اعتبار أن السيول لاعلاقة لها بخطأ مسؤول وإنما بخطأ السكّان لأنهم لايعبدون الله كما يجب! إن التشفي بمصاب الآخرين هو نوع من استغلال الدين الذي ينظر إليه على أنه سلاح يمكن التلويح به لتخويف الناس وحملهم بالقوة على اتّباع المتشددين.


الله.. لا يكره جدة

يحيى الأمير، الوطن، 8/12/09

يكفي أن نتخيل شكل الألم الذي يعتصر قلب رجل فقد أبناءه وهو يقرأ رأيا يطرحه أهله على أنه بسند شرعي يقول بأن ما أصابه من كارثة كان بفعل الذنوب والمعاصي. وبكل بساطة سيتساءل أي المدن أكثر ابتعادا عن المعاصي؟ مدينته التي تعرضت لهذا السيل أم تلك المدن في مختلف أنحاء العالم التي يهطل المطر فيها ليلا ونهارا. هذا كلام مثير للاستياء إلى أقصى حد، ولا شبيه له إلا بما جاء في حديث مشابه لبعض المشتغلين بالعلوم الشرعية عن ما تعرضت له منطقة العيص من زلازل في وقت سابق من هذا العام، وما يحدث من عملية ردع في المناطق الحدودية في جازان إذ دارت أهم أفكار ما صدر منهم عن الذنوب والمعاصي، وهو ما يشير إلى ضيق في الرؤية والأفق تغيب كل قيم التدين القائمة على الرحمة والخير لتدور حول العقاب وإنزال الكوارث والمصائب.

الصفحة السابقة