كتاب الفتوى!:

الغثاء الأحوى في لم طرائف وغرائب الفتوى!

سعدالدين منصوري

حسناً فعل أحمد العرفج أن جمع للقراء العرب بالذات غيضاً من فيض الفتاوى الوهابية، لكي يعرفوا طبيعة هذا العقل التدميري الذي يحكم السعودية. ولكي يفهموا على الأقل الشخصية السعودية التي يمكن أن تصوغها مثل هذه الفتاوى. ولعل الفتاوى تجيب عن كثير من الأسئلة المتعلقة بشخصية المجتمع الوهابي، وأسباب نزعة العنف لديه، كما نزعة التحلّل التي تتماشى مع التطرف الديني.

أحمد العرفج

لا شك أن فتاوى مشايخ الوهابية تضيء الشيء الكثير عن المذهب الوهابي نفسه، وعن المجتمع السعودي أو جزء منه، وعن أسباب تعلّق العائلة المالكة بهذا المذهب، بالرغم من أن أعضاءها متحللون من تعاليمها الصارمة وغير الصارمة!

يعرض الكتاب الذي صدر عن المركز الثقافي العربي في بيروت أغرب وأطرف الفتاوى التي جمعها المؤلف، متناولاً إياها بالتندّر والسخرية، ما قد يثير عليه غضب المشايخ، وقد يودي به ذلك الى المعتقل.

ويقول العرفج بان اهتمامه بالفَتاوى الغَريبة، والشَّاذة والطَّريفة، يَمتد مُنذ أيَّام الدراسة الثَّانوية، وأنه اعتاد جمع مثل هذه المنتوجات الفقهية فأصبح لديه كمّاً هائلاً منها. وقال في مقدمة كتابه: (هذا الكِتَاب قد يَعدّه البعض شجاعة عاقلة، وقد يَعدّه الفريق الآخر حَماقة جَاهلة، وثالث يَعتبره حَواشي مَائلة أو نفخًا في نار خاملة.. لايَعنيني ما يُقال، فالمرء عندما يُخرج عقله من ساحة الجمجمة إلى "رحابة الورق" فليتحمَّل ما يأتيه، ورحم الله من قال: "خلِّيك في عِشّك ما أحد ينشّك"!.. وهُنا أعني "النش" بكُل مَعانيها!).

وتوقع العرفج ما قد ينتظره جزاء سخريته بفتاوى مشائخ التطرف فقال: (المرء متى دنا من ساحة العلماء، أو اقترب من عالمهم ناله مُرّ الهجاء، وقسوة التوبيخ وشنيع التقريع.. مع أنَّهم يُرددون في مقولاتهم دائماً أن "كُل يُؤخذ من كلامه ويرد إلا صاحب هذا القبر"، كما يَقول الإمام مالك.. ولكن مثل هذه العبارة، هي جُملة تُقال، والويل الويل لمن يُحاول أن يَنقلها من صندوق الأقوال إلى مسرح الأفعال). وأضاف: (إنَّ اللحوم مازالت مسمومة، والكتابات التي تُناقش العُلماء مازالت مَذمومة، والعُلوم بين النَّاس مَقسومة، فهُناك من العُلماء من هم أجلَّاء وهُناك من هُم "كالدَّهماء"). وتابع: (إنَّ من يُحاول الاقتراب من ميدان العُلماء سيُقال له: من أنت حتى تتكلَّم في العُلماء؟ هَكذا من أنت، وكأنَّنا في "نُقطة تفتيش أمنيّة" تبحث عن هويّتك لتتعرف عليك.. وإن كان التَّعامُل مع نقاط التفتيش أسهل وأسرع ويُحسم بسهولة، ولكن سُؤال العُلماء عنك، لا يُمكن أن تَصل فيه معهم إلى حلِّ، لأنَّك أمام دوائر مُتشابكة متى خَرجت من دائرة دَخلت في أخرى)!

وأضاف: (يُقال لك: من أنت؟، وإذا نجحت في هذا الامتحان!، سيُقال: لك لماذا تعترض على العُلماء ألا تعلم أن لُحومهم مسمومة؟، وإذا تجاوزت "هذه اللحوم" سيُقال لك: لماذا لم تكتب سراً لهذا العَالِم، لماذا تُجاهر في مُعارضته؟، ستقول لهم إنَّه نشر أمره على الملأ فكيف أعترض سراً عليه..؟ ومتى اقتنعوا بهذا قالوا: كذا وكذا.. وتَدخُل معهم في نقاش طويل عريض، ومتى سددت عليهم كُل الطُرق، أشهروا بوجهك السِّلاح "الصَّالح لكُل زمان ومكان".. وهو قول: "اعتراضك، ليس هذا وقته" نحن في وقت حرج وعصيب!!).

الكتاب، أشرف عليه وراجعه الكاتب عبدالله فراج الشريف، الكاتب الإسلامي الحجازي، والمتهم هو الآخر بمعاداة مشايخ الوهابية. تضمن الكتاب فتاوى لها صلة بـ: حُكم الأكل بالمَلاعق، والاستعانَة بالخَدَم والسَّائقين، ونَتف الحَواجِب، وحُكم السَّلام عَلى اللاعبين، وحُكم لبس السّنتيانة والكَعب العَالِي، وحُكم الرَّقص، وحُكم الكِتَابة في الجَرائد، وحُكم لبس العَبَاءة عَلى الكتف، وحُكم لبس العَبَاءة المخصّرة، وحُكم إسقَاط كَلمة ابن مِن الأسمَاء.. وغيرها).

الصفحة السابقة