لا تنسوا معتقليكم

بإصدار هذا العدد، يكون شهرٌ قد مضى على اعتقال رواد الإصلاح في المملكة (من 16 مارس الى 15 أبريل).

شهر مضى وتكاد تخفت أصوات المدافعين عن الأحرار، في حين تستمر الحياة السياسية في المملكة رتيبة مهلهلة بدونهم. الصحافة عادت الى جحرها القديم، تلوك الحديث عن كل الدنيا وتترك الشأن السياسي المحلّي، عدا بعض الأصوات الخافتة هنا وهناك. والنخب السعودية التي كانت تجأر برأيها عبر الصحافة والقنوات الفضائية، كممت أفواهها، ونقابات الحكومة ولجانها العمالية والحقوقية والصحافية تعطينا مؤشرات الواحد يتلو الآخر بأننا قد عدنا الى المربع الأول ولكن بإخراج مختلف، وديكور مختلف! أما الوجه الديني السلفي فعاد بأحذيته من جديد ليزيد من ضغوطه على معظم المواطنين متحالفاً مع الشيطان السياسي السعودي.

بدون الإصلاحيين، وبدون شخصيات إصلاحية جديدة تجدد دماء المجتمع، ستبقى مملكة الصمت على ما هي عليه. ستبقى الإثرة، وسيبقى الإستبداد والطغيان، وسيبقى الوضع المعاشي للمواطن العادي يسير من سيء الى أسوأ.

الإصلاح منقذ للجميع، للدولة وللمجتمع وللأفراد. لمشايخ الدين من مختلف الإتجاهات، وللنخب، للحاكمين والمحكومين. بدون صوت مختلف كان يمثله ـ الدميني والحامد والمتروك ـ وبقية الإخوة الذين اعتقلوا وأطلق سراح بعضهم، بدون صوت هؤلاء، وأمثال هؤلاء، فإن المملكة لا يمكن أن تشفى من عضالها.

تستطيع حكومة آل سعود أن تفرض سواسية سياسية، وقمعاً منظماً يشلّ الأيدي والأطراف ويخرس الألسن، لكنها لا تستطيع أن تعيش مستقرة، ولا أن تأمن العائلة المالكة غائلة العنف ـ كما رأيناه متصاعداً في المواجهات وقتل رجال الأمن. تستطيع الحكومة أن تفرض رأيها بالقوة، لكنها لا تستطيع أن تصلح نفسها بتلك القوة. وتستطيع أن تمنع الإصلاحات لفترة من الزمن، لكنها لا يمكن أن تلغيها من تطلع المواطنين. وتستطيع العائلة المالكة أن تقهر مواطنيها بسلطانها، لكنها لا تستطيع أن تفرض عليهم أن يحبوها ويقدروها. ومثل هكذا حكومة أو عائلة المالكة ستكون عرضة للزوال، اليوم أو غداً، مهما بدا سلطان القوة طاغياً.

حين نطالب بالدفاع عن الإصلاحيين المعتقلين، وحين نتذكرهم وندعو للإفراج عنهم، فإنما ندافع عن وطننا ومستقبل أجيالنا. إننا بذلك ندافع عن أنفسنا من تغول الفقر والفاقة، ومن انشطار العنف، ومن سيادة القهر المادي والمعنوي، الثقافي والسياسي والديني.

بغياب الدميني والحامد والفالح وغيرهم، تصور صانع القرار أن (الفئران ستعود الى جحورها) كما يعبر الأمراء هذه الأيام في مجالسهم! بيد أن الأزمة ليست في المعتقلين بل في الأمراء أنفسهم، ولن يكون الحلّ إلا بتغييرهم لذواتهم، وعقلياتهم، وسياساتهم، وما وضع المعتقلين الإصلاحيين في السجون إلا دلالة على تلك الأزمة التي نشير اليها.

سندافع عن المعتقلين الإصلاحيين وندعو لهم بالفرج.

سنطالب بإطلاق سراحهم ولن ننساهم.

سيبقون في ضمير كل مواطن شريف حرّ يطالب بحياة كريمة اختطفها دهاقنة العائلة المالكة وشياطين الوهابية.

وسيخرج ـ بسبب الإعتقالات ـ إصلاحيون آخرون يحملون الراية ويواصلون المسيرة.

وسيشرق النور يوماً على بلادنا، شاء آل سعود ووهابييهم أم أبوا!

الصفحة السابقة