خطاب إستقالة وزير الدولة محمد عبد العزيز آل الشيخ

إدانة لعجز العائلة المالكة عن تحقيق الإصلاحات الإقتصادية

أن يستقيل وزير سعودي مسألة غير عادية. فالوزير هو مجرد موظف، يسمع خبر تعيينه قبل يوم أو ساعات قبل الإعلان الرسمي، ولا يصدّق الخبر إلاّ بعد نشره في وكالة الأنباء أو عبر شاشة التلفاز. أما أن يستقيل فذلك خاضع لإرادة المعيّن، وهم أحد الأمراء الكبار، ولذا لا يوجد في المملكة وزراء يستقيلون بإرادتهم، إنما وزراء يسمعون إقالتهم من شاشة التلفاز، مثلما حدث مع الوزير غازي القصيبي وغيره!

ومن هنا تأتي أهمية خطاب استقالة وزير الدولة محمد عبد العزيز آل الشيخ. فهذا هو الوزير الوحيد الذي حسب علمنا يستقيل من تلقاء نفسه ويبرر استقالته بالنقد ومصلحة الوطن والمواطنين. لكن العائلة المالكة رغم ذلك لم تمنحه (شرف الإستقالة) فقررت أن تقيله، وأجّلت النظر في موضوع استقالته بضعة أشهر الى أن حان التغيير الوزاري فأطيح به وصار من المنسيين عند الأمراء! وفيما يبدو أن الوزيرصورة للوثيقة استبق الأمر بأن سرّب المقربون منه نص خطاب استقالته الى الصحافة ومنتديات الإنترنت، ونشر فعلاً بعض نصوصها (ولكنها لم تكن كاملة) الأمر الذي رفع رصيد الوزير المستقيل شعبياً، خاصة وأن خطاب الإستقالة حوى احتجاجات غير معهودة وكشف ولو بصورة هلامية تخبّط أجهزة السلطة وفقدانها للمرجعية والتنسيق فيما بينها.

خطاب الإستقالة بحاجة الى قراءة متأنيّة. بشكل عام فإن الوزير يشكك في كل مشاريع الخصخصة ويرى أن القرارات التي اتخذت بهذا الشأن غير مدروسة وهي إمّا تزيد الأغنياء غنى، أو ترهن البلاد ومستقبلها لشركات أجنبية، أو لا حاجة لها في الأساس. والوزير ينتقد المجلس الإقتصادي الأعلى، فهو قد فشل في تحقيق الأهداف المرجوة من تأسيسه بسبب سلطة وزارة المالية وتوسع نفوذها الأمر الذي لم يدع لأعضائه مجالاً للتحرك، وبدل ان يكون رقيباً على الأداء المالي وعلى الخطط، تفردت وزارة المالية بكل شيء، وفرغت سلطات المجلس الإقتصادي الأعلى من محتواه.

والوزير هنا ينتقد أيضاً زيادة الضرائب والرسوم التي تثقل كاهل المواطن والتي وضعت لتغطية فشل وعجز الدولة في برامجها التنموية التي اعتبرها الوزير آل الشيخ بأنها خطط سطحية لا علاقة لها بالتنمية وتضرّ بالطبقات المسحوقة من الشعب التي لا تجد الوظيفة ولا التعليم والتأهيل فصارت فريسة البطالة والفقر.

أيضاً، انتقد الوزير الغياب الواضح لبرنامج وطني للإصلاح وسوء التصرف في المال العام، وعدم وجود جدية في الدخول الى منتدى منظمة التجارة العالمية، لأن الدولة ممثلة في وزير الداخلية ترفض إجراء تعديلات على قوانينها، بحيث جعل المملكة تضيع وجهتها الإقتصادية المستقبلية. وفي السياق نفسه انتقد الوزير منح الإمتيازات النفطية للشركات الأجنبية، لأن لدى شركة أرامكو ـ الوطنية ـ القدرة على التنقيب والإنتاج، ولأن تلك الشركات ترهن القرار الوطني.

ويفهم من ملاحظات الوزير وإن تعلقت بالشأن الإقتصادي، أن غياب الإصلاح السياسي أدّى الى غياب البرنامج الإقتصادي المأمول، بحيث أن المستقبل يبدو أكثر ظلاماً من الوضع الحالي. ويستشف من النقد أن محاولات ولي العهد للإصلاح تعرضت للفشل الذريع بسبب صراع القوى بين المؤسسات وتقاسمها بين الأمراء الكبار.

خطاب الإستقالة يمثل إدانة واضحة لسياسة الدولة الإقتصادية الحالية، ويحمّل العائلة المالكة بالتحديد مسؤولية ما يجري، ذلك أن مجلس الوزراء لم تعرض عليه حتى تلك الأمور المتعلقة بشروط الإنضمام الى منظمة التجارة العالمية، كما أن تصادم الإرادات في الوزارات والمؤسسات سببه الرئيس تصادم الإرادات داخل أجنحة العائلة المالكة.

وكما نلحظ غياب الإرادة الإقتصادية الموحدة تغيب الإرادة السياسية أيضاً. فكل شيء في المملكة جامد عاجز عن اللحاق بركب التغيير، وهي تسير ـ رغم الإمكانات الإقتصادية المتاحة ـ الى الإنحدار والسوء البالغ.

فيما يلي نص خطاب استقالة وزير الدولة محمد عبد العزيز آل الشيخ، الذي احتجّ فيه على انهيار الوضع الإقتصادي والعجز عن التغيير.


بسم الله الرحمن الرحيم


الرقم 75/12/س

التاريخ 7/12/1423هـ

مكتب الوزير

خاص وسري


صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن عبد العزيز آل سعود حفظه الله

ولي العهد نائب رئيس مجس الوزراء ورئيس الحرس الوطني

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


أكتب هذه الرسالة الى مقامكم الكريم عن بعض جوانب واقع الحال العام، وملاحاظاتي حول أداء الدولة تجاه ذلك، وما تقتضية مسؤولية الوزير وواجبه الوطني والحال كذلك. علماً بأنني سبق أن عبرت عن رأيي حول القضايا المطروحة فيها كتابة وقولاً في مجلس الوزراء، والمجلس الإقتصادي الأعلى، واللجان التي شاركت في عضويتها.

إن المتابع للأوضاع الداخلية العامة وحال الإقتصاد وما أصاب الأداء الحكومي من عجز وارتباك وما صاحب ذلك من تعثر في مسيرة التنمية، يشاهد واقعاً مخيباً للآمال باعثاً للقلق، مثيراً للتذمّر، تتفاقم فيه البطالة ويزداد الفقر وتتراكم الثروة لدى القلة من الناس ليصبح المال دولة بين الأغنياء، بينما تتزايد الأعباء المالية على كاهل المواطن بفرض الرسوم والضرائب، ورفع تعرفة الخدمات من أجل تعويض العجز في التحصيل، وتغطية سوء التصرف في المال العام، في الوقت الذي يتناقص دخله، وتتراكم العقبات أمام وصوله الى فرص العمل المنتج بالأجر المجزئ، وتضيق به سبل الحصول على حقه في مواصلة تعليمه وتأهيله وتطوير مهاراته.

ومما يبدد الثقة ويثير السخط ويبث الإحباط في النفوس، غياب البرنامج المنتظر لإصلاح الإقتصاد وتطويره، واستمرار التصرف في المال العام وإدارته وإنفاقه بما أصاب الميزانية العامة للدولة بالعجز المزمن، فتراكم الدين العام حتى أثقل كاهلها، وبلغ ما ينفق على خدمة هذا الدين ما يقرب من إجمالي ما يخصص في الميزانية العامة للدولة لقطاع التعليم بما في ذلك البحث العلمي في العلوم والتقنية. ويظل الإستثمار العام في التعليم والمعرفة والبحث العلمي والتطوير التقني حبيس نظرة تتجاهل أن التعليم أساس التنمية والسلام الفعال في مواجهة الفقر، وأن المعرفة شرط ضروري ولازم لزيادة دخل الفرد وتحقيق النمو الإقتصادي المطلوب.

والعجزعن الإصلاح المالي والتطوير الإقتصادي أعجز الدولة عن قيامها بمسؤولياتها وأدائها لدورها، حتى كادت التنمية أن تصبح شعاراً يقوم على ممارسة نظرية في بلاد أنعم الله عليها بثروة طبيعية هائلة، وموارد مالية تجعلها قادرة على تنفيذ مشروع التنمية الوطنية وإقامة دولة الرعاية والرفاه والعدل الإجتماعي، وتمكنها من وضع الإنسان، بكل حقوقه واحتياجاته، هدفاً لتنمية حقيقية.

ومن الخطوات البارزة نحو إصلاح الإقتصاد وتنميته، التي دفعتم نحوها، حفظكم الله، إنشاء المجلس الإقتصادي الأعلى تعبيراً عن رغبتكم الصادقة في الإصلاح، وعزمكم القوي على مواجهة التحديات في مسيرة التنمية، وتجاوز العقبات التي تعترضها وذلك ببناء المؤسسات والعمل من خلالها. فبيّن نظام المجلس أن الغرض من إنشائه هو تمكين مجلس الوزراء من أداء مسؤولياته وممارسة اختصاصاته في الشأن الإقتصادي، واتخاذ القرارات اللازمة نحو القضايا المتعلقة به، وذلك بتطوير الإطار التنظيمي والترتيب الإداري ليكون تناول الشأن الإقتصادي في السياسة العامة وفق منهج يقوم على الدراسة والتحليل والحوار والمعرفة، وتحقيق التنسيق بين الأجهزة الحكومية والتكامل بين أعمالها والترابط بين برامجها التنفيذية.

ومن أجل الوصول الى الإصلاح المالي والإقتصادي، نصّ نظام المجلس على عدد من الأهداف التي يلزم تحقيقها، من بين هذه الأهداف رفع معدل نمو الإقتصاد، وتنويع مصادر الدخل القومي، وزيادة الإستثمار المباشر، وتوفير فرص العمل للمواطنين، وتحقيق العدل في توزيع الثروة، ومعالجة الدين العام وتخفيضه والسيطرة عليه ضمن حدود آمنة ومقبولة.

كما نصّ نظام المجلس على أن من بين اختصاصاته وضع السياسة الإقتصادية ومراجعة مشروع الميزانية العامة للدولة ودراستها، بما في ذلك أسس إعدادها وأولويات الإنفاق، وإيرادات الدولة ومصروفاتها كافة، والسياسة المالية التي تقوم عليها، وتهيئة المناخ الملائم للإستثمار، ويتولى المجلس بموجب نظامه التنسيق بين الجهات الكومية في المجال الإقتصادي، ومتابعة تنفيذ السياسة الإقتصادية، وما تقضي به قرارات مجلس الوزراء في الشؤون الإقتصادية، واتخاذ ما يلزم لإعداد الدراسات والتقارير حول الموضوعات الإقتصادية، وإعداد تقرير دوري عن الإقتصاد الوطني.

وعلى الرغم من مضي نحو أربع سنوات منذ إنشاء المجلس، لم يمارس اختصاصاته ولم يؤد مهماته، ولم يقم بمسؤولياته، ولم يحقق الأغراض والأهداف المنصوص عليها في نظامه، والسبب في ذلك تمكن وزارة المالية والإقتصاد الوطني من تعطيل المجلس، وغياب الإمكانيات البشرية والمالية والإدارية والفنية الضرورية التي نص عليها نظامه، واختزاله في لجنة وزارية تدور في فلك وزارة المالية والإقتصاد الوطني وتخضع لنفوذها وسيطرتها.

ولقد ترتب على كل ذلك غياب السياسة الإقتصادية الواضحة التي تسعى الى تحقيق الغايات المرسومة، والعجز عن تطوير الإقتصاد الوطني والإصلاح المالي، بما في ذلك إصلاح الميزانية العامة للدولة وسياساتها المالية، وبقاء تصريف المال العام وإدارته وإنفاقه دون تطوير وإصلاح، وارتفاع الدين العام الى المستوى الذي يهدد الإستقرار ويعيق الإستثمار، وتفاقم البطالة، وزيادة الفقر، وانحراف التخصيص عن طريق الإصلاح، وخروجه عن الضوابط والأصول المرعية، مما أدى الى لجوء الحكومة الى اتخاذ إجراءات بديلة لا توحدها رؤية إصلاحية، ولا تجمعها غايات مشتركة، ولا يربطها برنامج تنفيذي فعال. ومن هذه الإجراءات، رفع أسعار الخدمات وزيادة الرسوم وفرض الضرائب على المواطنين (مثل ضريبة القيمة المضافة) التي يطالب بها صندوق النقد الدولي في تقاريره ويوصي بها البنك الدولي في دراساته، وتدفع بها وزارة المالية والإقتصاد الوطني.

أما الإجراءات التي اتخذتها الحكومة في قطاع الإتصالات والكهرباء، فهي ترتيبات إدارية وتسويات مالية لتغطية ما يتراكم من مستحقات نقدية لشركة الإتصالات وشركة الكهرباء نتيجة العجز المستمر عن التحصيل من المستفيدين كافة، مما يصعب معه اعتبار هذه الترتيبات والتسويات تطويراً وإصلاحاً، في حين أنها تكرس الإحتكار وما يلازمه من ارتفاع التعرفة على المستهلك، وزيادة فرص سوء الإدارة وإعاقة تطوير القطاع، الأمر الذي ينعكس سلباً على النمو الإقتصادي. وتؤدي هذه الترتيبات الإدارية والتسويات المالية الى تخفيض دخل الدولة السنوي من قطاع الإتصالات، وهو ما يناقض العمل على زيادة دخلها وتنويع مصادره. ومن نتائج التسوية المالية بين الدولة وشركة الكهرباء، توزيع أكثر من عشرة آلاف مليون ريال على ملاك أسهم الشركة من الأموال العامة المحصلة من المواطنين بموجب النظام.

ويمثل قرار الحكومة بيع أسهمها في شركة سابك، نزع ملكية عامة للصالح الخاص، يؤدي الى مزيد من تركيز الثروة في يد قلّة من الأغنياء لتصبح دولة بينهم. ولا يمكن تبرير ذلك بادعاء العمل على رفع كفاءة الإقتصاد الوطني، ذلك أن شركة سابك تتمتع بمركز مالي قوي، وكفاءة عالية في الإدارة وتوظيف القوى العاملة الوطنية وتدريبها وتأهيلها. وإنشاء الدولة لشركة سابك هو استثمار عام مطلوب في قطاع استراتيجي، وذو عائد مجز يدعم سعي الدولة لتنمية استثماراتها وزيادة دخلها وتنويع مصادره وتعزيز تنمية الإقتصاد الوطني وتطويره.

وضمن مسلسل الإجراءات التي اتخذتها الحكومة، تمكين الشركات الأجنبية من إنتاج الماء الصالح للشرب بتحلية المياه المالحة، والإعتماد على هذه الشركات لتوفيره بناء على ترتيبات تلتزم الحكومة بموجبها بتقديم الإعانات للشركات الأجنبية، وشراء كامل الإنتاج بأسعار تقبلها هذه الشركات وتضمن معدلاً عالياً من الربح. وهذا الإجراء يحصر دور المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة في تشغيل المشاريع القائمة حالياً وإدارتها، مما يؤدي الى تصفية المؤسسة عند انتهاء العمر الإفتراضي لهذه المشاريع، مما يتعذر معه تبرير هذا الإجراء بأنه إصلاح مالي ورفع لكفاءة الإقتصاد الوطني أو تخفيف من الأعباء المالية على الخزينة العامة، بل إن فيه تفريطاً بالمؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة التي وصلت الى درجة عالية من الكفاءة المالية والإدارية والفنية، وحققت نجاحاً ملموساً في تشغيل القوى العاملة الوطنية وتدريبها وتأهيلها، ومكنت الدولة من توفير الماء قياماً بالمسؤولية العامة التي تفرضها مقتضيات ولاية الأمر، حتى تصدرت دول العالم في مجال تحلية المياه المالحة.

ومن بين هذه الإجراءات أيضاً السماح لشركات البترول الأجنبية باستكشاف الثروة الطبيعية الهيدروكربونية والتنقيب عنها وإنتاجها في مناطق مختلفة من المملكة، دون ضرورة تدعو الى ذلك. فالدولة تملك شركة وطنية (شركة أرامكو السعودية) مكنتها من معرفة مخزون هذه الثروة في البلاد ومكامنها وطرق استكشافها والتنقيب عنها وإنتاجها بكميات عالية ومواصفات فنية متطورة، مما يغنيها عن تمكين الشركات الأجنبية من الموارد الطبيعية التي يجب أن تبقى تحت السيادة الوطنية للدولة، ويجنبها الوقوع تحت نفوذ الشركات الأجنبية في قراراتها الوطنية.

وعندما قامت منظمة التجارة العالمية ظهرت التحديثات والفرص لهذا التطور في تنظيم التجارة العالمية وقواعدها وأثر ذلك على التنمية والإقتصاد الوطني، فقررت الحكومة السعي الى الإنضمام الى هذه المنظمة، وجرت المفاوضات لهذا الغرض برئاسة معالي وزير التجارة، واستمرت المفاوضات على مدى ثمان سنوات حتى توقفت أمام اثنتي عشرة قضية دون إحراز تقدم يشير الى قرب الإنضمام.

ونظراً لما آلت إليه المفاوضات وللضرر المترتب على الإستمرار في تقديم التنازلات في العروض والمواقف سعياً للوصول الى البروتوكول الذي يوثق الإلتزام والقبول والتنازل ليتم الإنضمام بموجبه بعد أن يصادق عليه مجلس الوزراء، قرر المجلس في جلسته المنعقدة في 30/2/1420هـ تكليف لجنة وزارية برئاسة صاحب السمو الملكي وزير الداخلية، بدراسة موضوع المنظمة والإنضمام إليها من كل جوانبه ومتابعته وإيضاح الفرص والمرونات المتاحة والمكاسب المتوقعة من الإنضمام، والأضرار المترتبة عليه، ومتابعة جميع ما يتخذ من قرارات وما يرسم من سياسات وقواعد في النظام التجاري العالمي، ورفع ما يلزم اتخاذه من خطوات في هذا الشأن لضمان الإستفادة القصوى من مزايا الإنضمام، وتجنّب الإضرار بمصالح المملكة.

وتنفيذاً لذلك وبناء عليه وتأسيساً على ما توصلت إليه اللجنة في هذا الصدد، وفي ضوء التقارير التي أعدتها الجهات المختصة، رفع صاحب السمو الملكي وزير الداخلية رئيس اللجنة تقريراً شاملاً ومفصلاً، وضع الإستراتيجية التي تحدد المسار المؤدي الى الإنضمام بما يتفق وسياسات المملكة ويخدم مصالحها، وتجعل السعي للإنضمام على أساس يضمن تعظيم المكاسب وزيادة المنافع، وتقليص الأضرار والحدّ من نتائجها وذلك بتنفيذ (برنامج استعداد وطني) بصفة عاجلة تصبح المملكة بموجبه جاهزة للإنضمام وقادرة على تحقيق المكاسب محصنة ضد الأضرار والمخاطر.

ونظراً لأهمية هذا الموضوع، وحيث تضمن التقرير برنامج عمل محدد للإنضمام بما يخدم مصالحها دون فرض قيود على سيادتها في صياغة سياساتها العامة واتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة لدفع الضرر وتحقيق المصلحة العامة وحماية المصالح الوطنية العليا وتجنب أي التزام يترتب عليه مخالفة للشريعة الإسلامية وتعاليمها وأحكامها، فقد أكد صاحب السمو الملكي وزير الداخلية رئيس اللجنة على ضرورة عرض التقرير على مجلس الوزراء تنفيذاً لما وجه به. ولقد مضى على رفع التقرير أكثر من سنة دون عرضه على مجلس الوزراء ليتخذ القرار الملائم حسب اختصاصاته وبموجب نظامه.

صاحب السمو: إن تعطيل المؤسسات، واتخاذ القرار خارجها، وانفراد وزارة المالية والإقتصاد الوطني بالشأن المالي والإقتصادي وعجزها عن إصلاح الميزانية العامة للدولة ومعالجة الدين العام، وانزواء وزارة التخطيط وانشغالها بتجميع أوراق خطة التنمية والتأمل فيها.. كل ذلك أضاع فرصة العمل بناء على منهج الدراسة والتحليل والنقاش والحوار والمساءلة والتحقق من أن المصلحة العامة هي الغاية من وراء كل قرار في السياسة العامة، وأعجز الحكومة عن الإصلاح الذي يستدعيه واقع الحال والأداء الذي يتطلبه الإستقرار والتنمية التي تمليها المسؤولية بتوفير الأموال اللازمة من الخزينة العامة لتطوير التعليم وتوسيعه والإستثمار في المعرفة واكتسابها ودعم البحث والتطوير في مجال العلوم والتقنية.

إن الحال السائدة في الداخل والظروف التي تمر بها المنطقة والمتغيرات التي تجتاح العالم بأسره تدفع الى المطالبة بالتغيير. والدولة القوية المستندة على تنمية وطنية تقوم على العدل وتحقق الرفاه وتضع الإنسان بكل حقوقه واحتياجاته هدفاً لها، هي الدولة القادرة على جعل التغيير إصلاحاً وتطويراً لا تنازلاً وتفريطا.

صاحب السمو: منحني خادم الحرمين الشريفين حفظه الله وأدام عزه ثقة أعتز بها، وتفضل بتمكيني وزيراً في حكومته فاجتهدت في خدمة بلادي وأداء واجبي الوطني بقوة وإخلاص، مستنداً الى دعمكم ساعياً للإصلاح الذي تدعون إليه، فكانت الوزارة مسؤولية ورسالة، والعمل محبة وولاء.

لما سبق، ولأن مناخ العمل لم يعد ملائماً للإستمرار ويتعذّر معه أداء الواجب الوطني، فإن الأمانة تستوجب بيان ذلك والمسؤولية تدعو أن أقدم استقالتي.

أرجو من سموكم الكريم تأييد طلب الإستقالة ورفعه الى خادم الحرمين الشريفين حفظه الله، وسأظل خادماً لبلادي معتزاً بثقتكم، داعياً المولى عزّ وجل أن يديم عليكم نعمه وأن يمدكم بعونه وتوفيقه.

  والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إبنكم

وزير الدولة عضو مجلس الوزراء

محمد عبد العزيز آل الشيخ

توقيع

30/12/1423هـ

الصفحة السابقة