السـعـوديـة: الـقـمــع بـحـجـّـة الأمـن!


المتظاهرون السلميون ومؤيدو الإصلاح السياسي في السعودية كانوا هدفاً للاعتقال، في محاولة للقضاء عليه

فيليب لوثر، منظمة العفو الدولية


قالت منظمة العفو الدولية في 1/12/2011، إن الشهور التسعة الماضية شهدت موجةً جديدة من القمع في السعودية، حيث شنت السلطات حملةً على عدد من المتظاهرين والإصلاحيين استناداً إلى اعتبارات أمنية.

وتقول المنظمة، في تقرير أصدرته بعنوان: (السعودية: القمع باسم الأمن)، إن مئات الأشخاص قد اعتُقلوا بسبب التظاهر، بينما أعدت الحكومة مشروع قانون لمكافحة الإرهاب، من شأنه فعلياً أن يجرم المعارضة باعتبارها (جريمة إرهابية)، وأن يجرد المتهمين بهذه التهمة من حقوقهم.

وقال فيليب لوثر، المسؤول في منظمة العفو الدولية، إن (المتظاهرين السلميين ومؤيدي الإصلاح السياسي في البلاد كانوا هدفاً للاعتقال، وذلك في محاولة للقضاء على الدعوات المطالبة بالإصلاح، والتي يتردد صداها في المنطقة). وأضاف: (بالرغم من اختلاف الحجج المستخدمة لتبرير هذا القمع واسع النطاق، فإن الممارسات القمعية التي تستخدمها الحكومة السعودية تماثل بشكل مخيف تلك التي طالما استخدمتها السلطات ضد المتهمين بتهم إرهابية).

وقالت تقرير منظمة العفو الدولية (68 صفحة) إن الحكومة تواصل اعتقال آلاف الأشخاص، وبينهم كثيرون يُحتجزون بدون تهمة أو محاكمة، لأسباب تتعلق بالإرهاب. كما يستمر تفشي التعذيب وغيره من صنوف المعاملة السيئة أثناء الاحتجاز. ففي إبريل 2011، صرح متحدث باسم وزارة الداخلية السعودية بأنه تم التحقيق مع نحو خمسة آلاف شخص لهم صلات مع (الفئة الضالة)، ويقصد بها تنظيم (القاعدة)، تم التحقيق معهم وأُحيلوا للمحاكمة. ومنذ فبراير الماضي، ومع اندلاع مظاهرات متفرقة، في تحد للحظر الدائم على التظاهر في البلاد، شنّت الحكومة السعودية ح?لة قمع شملت القبض على مئات الأشخاص، ومعظمهم من الشيعة، في المنطقة الشرقية التي تعج بالاضطرابات.

ومنذ مارس الماضي، اعتُقل ما يزيد عن 300 شخص لمشاركتهم في مظاهرات سلمية في مناطق القطيف والأحساء، والعوامية، سواء أثناء المظاهرات أو في أعقابها بقليل، تم الإفراج عن معظمهم، غالباً بعد تعهدهم بعدم التظاهر مرة أخرى. وواجه كثير من هؤلاء حظراً على السفر. وفي مناطق أخرى من البلاد، وجهت وزارة الداخلية تحذيرات شديدة للمتظاهرين بأن السلطات سوف (تتخذ جميع التدابير اللازمة) ضد كل من يحاول (الإخلال بالنظام).

أما الأشخاص الذين تظاهروا ببسالة فسرعان ما قُبض عليهم. ومن بينهم خالد الجهني، البالغ من العمر 40 عاماً، والذي كان المتظاهر الوحيد في الرياض يوم 11 مارس 2011، الذي أُطلق عليه اسم (جمعة الغضب). وقد قال للصحفيين إنه يشعر بالإحباط من الرقابة على وسائل الإعلام في السعودية وإنه يتوقع القبض عليه. وقد اتُهم خالد الجهني بتأييد مظاهرة، وبالاتصال بوسائل إعلام أجنبية، ويُعتقد أنه ظل محتجزاً لمدة شهرين في زنزانة انفرادية، ولم يُقدم للمحاكمة حتى الآن رغم بقائه رهن الاعتقال منذ تسعة أشهر.

كما قُبض على عدد من الأشخاص الذين أيدوا المظاهرات أو الإصلاح علناً، ومن بينهم الشيخ توفيق جابر إبراهيم العامر، وهو رجل دين شيعي، قُبض عليه للمرة الثانية في أغسطس الماضي بتهمة الدعوة للإصلاح في أحد المساجد، ووُجهت إليه تهمة (تحريض الرأي العام). وفي 22 من شهر نوفمبر الماضي، أصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة أحكاماً على 16 شخصاً، بينهم تسعة من الإصلاحيين البارزين، بالسجن لمدد تتراوح بين خمس سنوات و30 سنة، بعدما وُجهت إليهم تهم من بينها تشكيل منظمة سرية، ومحاولة الاستيلاء على الحكم، والتحريض ضد الملك، وتمويل الإ?هاب، وغسيل الأموال.

وقالت منظمة العفو الدولية إن محاكمة هؤلاء الأشخاص، التي بدأت في مايو الماضي، كانت فادحة الجور. وكان المتهمون معصوبي الأعين ومكبلي الأيدي خلال المحاكمة، ولم يُسمح لمحاميهم بدخول قاعة المحكمة خلال الجلسات الثلاث الأولى.

وكانت منظمة العفو الدولية قد نشرت في يوليو الماضي نسخةً مُسربة من مشروع سري لقانون مكافحة الإرهاب، الذي يجيز للسلطات السعودية محاكمة الأشخاص بتهمة المعارضة السلمية باعتبارها جريمة إرهابية، كما تمديد الاحتجاز بدون تهمة أو محاكمة. وفي حالة إقرار القانون دون تعديله، فسوف تشمل تهم الإرهاب: (تعريض الوحدة الوطنية للخطر)، و(الإساءة بسمعة الدولة أو مكانتها)؛ أما التشكيك في نزاهة الملك فيُعاقب عليه بالسجن لمدة لا تقل عن عشر سنوات. وبعد أن نشرت منظمة العفو الدولية مشروع القانون، قامت السلطات السعودية، بحجب موقع المن?مة على الإنترنت لفترة وجيزة من داخل السعودية، وقالت إن مخاوف المنظمة بشأن القانون هي (مجرد افتراضات لا أساس لها).

وتعليقاً على هذا المشروع، قال فيليب لوثر: (ما لم يتم إجراء تعديلات جذرية على مشروع قانون مكافحة الإرهاب، فمن شأنه أن يزيد الوضع الحالي سوءاً على سوء، لأنه سيرسخ ويقنن أبشع الممارسات التي سبق أن وثقتها المنظمة).

الصفحة السابقة