الــوهــابــيــّـة: مـذهـب الـكـراهـيـة

التضليل المتبادل بين العلماء

سعد الشريف

ظاهرة التكفير في تاريخ المسلمين قديمة، وتعود إلى مرحلة مبكرة من تاريخ الإسلام، وقد رصدت المصادر التاريخية حالات لشخصيات بارزة من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم تورّطت في حوادث تكفير، اشتهرت منها قصة أسامة بن زيد الذي أقدم على قتل شخص بعد أن نطق الشهادتين، بذريعة أنه (إنما قالها تعوّذاً)، وقصص أخرى ترد في سياق السجال داخل المجال الإسلامي بدءً من حروب الردّة التي وضعت في سياق المناجزة السياسية بين مؤيّدي الخليفة الراشد أبي بكر ومعارضيه، ثم تبلوّرت بشكل واضح في حركة الخوارج، التي اعتبرت أول حركة تكفيرية في تاريخ الإسلام. وقد اشتهرت مقولة أحدهم في أمير المؤمنين علي بن ابي طالب حين كان يخطب في أصحابه وقد مرّت بهم إمرأة جميلة فرمقها القوم بأبصارهم فقال: إن أبصار هذه الفحول طوامح وإن ذلك سبب هبابها، فإذا نظر أحدكم إلى إمرأة تعجبه فليلامس أهله، فإنما هي إمرأة كإمرأته، فقال رجل من الخوارج: قاتله الله كافراً ما أفقهه.. يعني علياً.

والتكفير لم يقتصر على طبقة دون سواها، أو من العالم للعامي، أو بالعكس، فقد سرى التكفير بين العلماء، فصاروا يكفّرون بعضهم بعضاً، فقال الشيخ عبد القادر الجيلاني بضلال الحنفيّة وإنهم من الفرق الهالكة في النار، وقال الغزالي في كتابه (المنخول من تعليقات الأصول) بفساد مذهب أبي حنيفة في الصلاة وقال عنه (ص 499): (وأبو حنيفة نزف جمام ذهنه في تصوير المسائل وتقعيد المذاهب فكثر خبطه لذلك.. ولذلك استنكف أبو يوسف ومحمد من اتباعه في ثلثي مذهبه لما رأوا فيه من كثرة الخبط والتخليط والتورط في المناقضات) ثم يخلص للقول (وأما أبو حنيفة رحمه الله فقد قلب الشريعة ظهراً لبطن وشوّش مسلكها وغيّر نظامها).

وقال الغزالي عن الإمام مالك: (فأما مالك رحمه الله فقد استرسل على المصالح إسترسالاً جرّه إلى قتل ثلث الأمة لاستصلاح ثلثيها والى القتل في التعزير والضرب بمجرد التهم إلى غيره..ورأى أيضا تقديم عمل اهل المدينة على أحاديث الرسول عليه السلام وقد نبهنا عليه). وقال أبو سفيان الثوري كلاماً قاسياً في الإمام أبي حنيفة وأنه نقض الإسلام عروة عروة.

وقال الكرماني والقاضي العضد في الاستحسان رأياً يخرج الإمام الشافعي من دائرة الإيمان، ووضع إبن قتيبة توصيفاً للمرجئة ينطبق فيه على الإمام أبي حنيفة وأبي يوسف، وقال مثل ذلك الذهبي في حمّاد، فيما اعتبر يحي بن معين محمد بن الحسن جهمياً، وقال ابو المؤيّد الخوارزمي في (جامع الأسانيد) بضلال سفيان الثوري ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وشريك والحسن بن صالح ونسبهم الى مذهب الخوارج، وكفّر أبو شكور السلمي الحنفي الأشاعرة والكراميّة كما في كتابه (التمهيد في بيان التوحيد)، ونقل شهاب الدين الكازروني في (رسالة علم الباري) آراء لأئمة المذاهب تخرج بعضهم بعضاً من الدين. وقال ابن حجر المكي في (شرح الشمائل) بضلال إبن تيمية وابن القيم لإثباتهما الجهة والجسميّة لله تعالى، وقال (ولهما في هذا المقام من القبائح وسوء الاعتقاد ما تصم عنه الآذان ويقضي عليه بالزور والبهتان). في المقابل، أصدر الشيخ إبن تيمية أحكاماً في التكفير ضد طوائف وأئمة مذاهب أخرى حتى بات علماً بارزاً في هذا الميدان.

واشتملت كتب المذاهب الاسلامية عموماً على أحكام بالتكفير والتضليل المتبادل، ولكن توارت ظاهرة التكفير في العصور المتأخرة، وبقيت في دوائرة محدودة، سوى الدائرة الوهابية التي مثّل التكفير من علاماتها الفارقة، إن لم يكن مصدر وجودها، ولذلك أصبحت ظاهرة تكفير العلماء والمشايخ في المدرسة الوهابية متفشيّة إلى حد أن الشيخ لا يحصل على مكانة علمية رفيعة إلا بعد أن يخوض غمار التكفير، فيصدر حكمه في طائفة، أو عالم من الخصوم أو حتى من أهل دعوته..

لقد أصبح التكفير سمّة بارزة في العقل الوهابي، ولم يسلم من لظاها أحد، فارتدّت سهام التكفير على من يرمي بها غيره، فصار التراشق بالتكفير والتبديع والتضليل ديدن كل من وطأ مضمار العلم الشرعي، فمن زرع بذرة التكفير أنبتت له جماعات متطرّفة لا همّ لها سوى تكفير الآخر، ثم ما يلبث أن يعود ليصبح التكفير داخل الجماعة الواحدة، أي الوهابية، التي نبذت كل الفرق الإسلامية باعتبارها فرقاً ضالة وأنها وحدها الفرقة الناجية، فإذا بأتباعها وقد أوغلوا في سرائر بعضهم بعضاً، وصاروا يفسّقون ويبدّعون ويكفّرون بعضهم بعضاً، لم يسلم من ذلك حتى رموز الوهابية وكبار علمائها في الأزمنة الأخيرة مثل ابن باز وابن عثيمين واللحيدان والمفتي الحالي الشيخ عبد العزيز آل الشيخ وغيرهم الذين صاروا هدفاً للتكفير، كما سيأتي، لأنهم يدعمون نظاماً كافراً، أي نظام آل سعود، الذي فرّط في أحكام الشريعة، وامتنع عن تطبيق شرع الله، بحسب العقيدة الوهابية لدى القاعدة. في المقابل، فإن هؤلاء الكبار لم يتوقفوا هم أيضاً عن تكفير الآخر، من غير الوهابيين، فلا يزال، الأحياء منهم، يشيعون ثقافة تكفير الآخر، شخصيات، وطوائف، ودول.

وفي واقع الأمر، أن التكفير الوهابي للآخر بدأ بالمسلم قبل غيره، ثم انتقل في نهاية المطاف الى الذات، فالنزعة التكفيرية لدى تنظيمات القاعدة إنما ارتبطت بالتراث التكفيري لدى الوهابية، واستخدم في ساحات عديدة: افغانستان، باكستان، العراق، لبنان، الجزائر، المغرب، الصومال، والسودان..وأخيراً نيجيريا، وشمل مئات الشخصيات، وتسبب في مقتل الآلاف، فلأول مرة تصبح المساجد ودور العبادة ساحات قتال بسبب فتاوى التكفير الوهابية، كما شهدت ذلك مساجد باكستان، والهند وافغانستان والسودان.

وقد شاعت في أوساط التيار القاعدي وعناصره السعودية قضية تكفير الشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين، وثار جدل حول ما اذا ثبت ذلك الحكم التكفيري عليهما، ومن يصدق عليه وهل هو من قادة القاعدة أو الاتباع، ولكن التسجيلات الصوتية المبثوثة المتوافرة تثبت بأن التكفير غير المباشر كان ديدن القادة، وقد صدر كلام للقائد القاعدي أبي مصعب السوري، (وقد أفرج عنه مؤخراً في صفقة تبادل مع مخطوفين إيرانيين من قبل جماعات قاعدية في سورية)، يشنّع فيه على إبن باز وابن عثيمين ويقول بأن (العلماء أمثال ابن باز وابن عثيمين، قد خانوا الله ورسوله وأمانة العلم وخانوا الأمة..وأنهم مرتكبون لكبيرة من أعظم الكبائر وفسق من أشنع الفسوق، بل إن كثيراً من فتاواهم ومواقفهم هي أعمال نفاق يصل بعضها لأن تكون عملاً من أعمال الكفر..). ورغم أنه لا يكفّرهم بسبب صحة معتقدهم والتأوّل المانع من التكفير، إلا أنه (لا يعترض على من كفّرهم بدليله لأنها أدلة قوية.. )(1).

وكما تفعل النار في الهشيم، فحين يندلع التكفير لا يستثني أحداً، ويطال من يشعلها في نهاية الأمر. ولذلك، لا غرابة أن نقرأ فتاوى وبيانات من طلاّب كبار العلماء وهم يكفّرونهم، ويطلقون عليهم نعوتاً قبيحة، فقد جرى تكفير المفتي السابق والحالي وأعضاء بارزين في هيئة كبار العلماء مثل اللحيدان والفوزان إلى جانب تكفير الدولة السعودية. بل ما هو مثير في دوامة التكفير تلك أن التراشق بالتكفير صار شغلاً رئيساً لدى المشايخ فهذا يكفّر هذا ويردّ عليه بتكفيره وتكفير من يعلوه أو يدنوه، ويكفّر الأباعد في المكان والزمان والرتبة بعضهم بعضاً مثل تكفير الوهابي في اليمن للوهابي في بلاد الشام، والوهابي في مصر يكفّر الوهابي في فلسطين، وتتوسّع دوائر التكفير وتضيق وتكبر وتصغر وتتعدد وتتوحد، بحيث نجد أن موجة التكفير والتفسيق والتبديع تحيط بالجميع من كل جانب. وما يثير السخرية، أن الجميع في لحظة ما يبرأ من الفعل التكفيري ويحذّر من الوقوع فيه، ويدعو الى التثبّت من شروطه وانطباقه على شخص بعينه أو جماعة بعينها أو على فعل بعينه، أو على العموم!

التجاذب بين التكفير والإرجاء

ما يلحظ في موارد التكفير داخل الدائرة الوهابية هو الوقوع في مصيدة (التكفير والارجاء)، فإن سلم أحدهم من تهمة التكفير لم يسلم من تهمة الإرجاء، وفي الحاصل النهائي النتيجة واحدة. فمن نأى بنفسه عن الخوض في سرائر المؤمنين، وامتنع عن الحكم عليهم بالكفر لحقتها تهمة الإرجاء، والمرجئة، بحسب الأدبيات الوهابية، هم من الفئات الضالة والخارجة عن الدين، فيصبح كافراً، وبالتالي ينطبق عليه مبدأ (من لم يكفّر كافراً فهو كافر). ولذلك، كان من السهل على الوهابي أن يكفّر فيسلم من تهمة الإرجاء طالما أن الخطاب التكفيري هو السائد والعقل التكفيري هو الحاكم، حتى ينجو من تهمة الإرجاء. وثمة نقطة فاصلة بين الإرجاء والتكفير أن الإرجاء هو حكم مؤجّل يرتبط بالله عزّ وجل، أما التكفير فهو حكم ناجز يصدره الإنسان، الذي توفّرت لديه الأدلة على الحكم بكفر إنسان آخر، فالمدار إذاً حول من ومتى يصدر الحكم على إيمان المرء.

وكانت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، برئاسة المفتي الشيخ عبد العزيز آل الشيخ وعضوية كل من عبد الله بن عبد الرحمن الغديان، وبكر بن عبد الله أبو زيد، وصالح بن فوزان الفوزان قد أصدرت فتوى رقم (21517) بتاريخ 14/6/1421هـ في الشيخ علي حسن الحلبي، تلميذ الشيخ ناصر الألباني، في ضوء كتابيه (التحذير من فتنة التكفير)، و(صيحة نذير)، قضت الفتوى بأن الكتابين (يدعوان إلى مذهب الإرجاء، من أن العمل ليس شرط صحة في الإيمان، وينسب ذلك إلى أهل السنة والجماعة..). وتوصلت اللجنة الى أن الحلبي بنى مؤلفه الأول (على مذهب المرجئة البدعي الباطل، الذين يحصرون الكفر بكفر الجحود والتكذيب والإستحلال القلبي..)، وأن مؤلفه الثاني وُجد أنه (كمُساند لما في الكتاب المذكور - وحاله كما ذُكر). وخلصت اللجنة الى عدم جواز طبع ونشر وتداول الكتابين (لما فيهما من الباطل والتحريف..)، ونصحوه بأن (يقلع عن مثل هذه الآراء والمسلك المزري في تحريف كلام أهل العلم)(2).

كما حذّرت اللجنة نفسها من كتاب أحمد بن صالح الزهراني (ضبط الضوابط في الإيمان ونواقضه)، والزهراني هو تلميذ الشيخ المدخلي والنجمي وحضر لابن باز وابن عثيمين وأصبح معلماً للتربية الاسلامية. ووجّهت تهمة الارجاء للكاتب.

وقد توصّلت اللجنة التي ضمّت المفتي السابق الشيخ عبد العزيز بن باز، والمفتي الحالي (عضواً) الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، والشيخ عبد الله الغديان، والشيخ صالح الفوزان، والشيخ بكر ابو زيد، بعد الاطلاع على كتاب الزهراني (فوجدته كتاباً يدعو إلى مذهب الإرجاء المذموم؛ لأنه لا يعتبر الأعمال الظاهرة داخلة في حقيقة الإيمان، وهذا خلاف ما عليه أهل السنة والجماعة..وعليه: فإن هذا الكتاب لا يجوز نشره وترويجه ، ويجب على مؤلفه وناشره التوبة إلى الله عز وجل). وحذّرت المسلمين (مما احتواه هذا الكتاب من المذهب الباطل حماية لعقيدتهم واستبراء لدينهم، كما نحذر من اتباع زلاّت العلماء فضلا عن غيرهم من صغار الطلبة الذين لم يأخذوا العلم من أصوله المعتمدة)!(3).

وهنا يتأكّد ما بدأنا به هذا القسم ومن خلال ما سبق أن كل الذين كتبوا في الايمان وضوابط التكفير، إن لم يقتفوا سنّة ابن تيمية وابن عبد الوهاب في التكفير تطالهم تهمة الإرجاء.

وكان الشيخ سفر الحوالي قد اتّهم الشيخ ناصر الدين الألباني بالإرجاء المحض، وقال في كتابه ما نصّه:

(أن بعض علماء الحديث المعاصرين الملتزمين بمنهج السلف الصالح قد اتبعوا هؤلاء لاالمرجئة في القول بأن الأعمال شرط كمال فقط، ونسبوا ذلك الى أهل السنة والجماعة)، ونقل ذلك من كتاب الإلباني (رسالة حاكم تارك الصلاة ، ص 24)(4).

وفي الواقع، كان كتاب الحوالي في الإرجاء قد ساهم بطريقة غير مباشرة في ترسيخ نزعة التكفير في الوسط الديني الوهابي، من خلال هجومه الشامل على فكرة الإرجاء. حتى أن الشيخ الألباني في ردّه عليه قال بعد مطالعته له (..مع غلو ظاهر في بعض عباراته، حتى ليخيّل إليَّ أنه يميل الى مذهب الخوارج..)(5).

وقد ذهب الشيخ فالح الحربي الى أن الشيخ الألباني والشيخ ربيع بن هادي المدخلي والشيخ علي الحلبي ينشرون الإرجاء وأنهم (يجعلون الأمة جميعاً مرجئة ويتركون عقيدة أهل السنة والجماعة ويجعلون عقيدة أهل السنة هي البدعة وعقيدة أهل البدع هي السنة)(6).

وفي فتوى للشيخ سلمان في الألباني ونسبته للإرجاء، حيث سئل العودة: من هم المرجئة، وماهي أفكارهم، ومن يمثلهم في هذا الزمان؟ فأجاب الجواب أصل الإرجاء، هو: إخراج العمل عن مسمى الإيمان وهو درجات متفاوتة، وقد نُسب الشيخ الألباني إلى شيء من ذلك، وهو إمام مجتهد(7).

الجدير بالذكر، أن تهمة الإرجاء لحقت أيضاً بأعضاء هيئة كبار العلماء ومنهم المفتي السابق ابن باز وابن عثيمين، وقد نعتهم البعض بـ (مرجئة العصر) لأنهم سكتوا عن كفر النظام السعودي. فيما وجّهت ذات التهمة، أي مرجئة العصر الى ما يصنّف في الأدبيات الوهابية بـ (الجامية). من نافلة القول، قد يكون لكتاب الحوالي سالف الذكر نفوذ قوي على عناصر السلفية الجهادية أو بالأحرى تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، خصوصاً أولئك الذين خضعوا تحت تأثير أفكار مشايخ الصحوة في تسعينيات القرن الماضي، وعلى رأسهم الشيخ سفر الحوالي، الأمر الذي دفع بهذه العناصر لرمي ابن باز وابن عثيمين بالإرجاء. وقد كان لمشايخ الصحوة حينذاك صولات مع ابن باز وهيئة كبار العلماء عموماً بخصوص خرق المشايخ لتابو (النصيحة في العلن)(8).

في ضوء ما سبق الإلماع إليه، نجد أنفسنا أمام تراث هائل من التكفير داخل المجال الوهابي، يتغذى على فوبيا الإرجاء، حتى أصبح التكفير بمثابة شهادة براءة منه. فمن نجا من نار الإرجاء وقع في جحيم التكفير. ولذلك، كان خوف كثير من المشايخ والطلبة وحتى العلماء من تهمة الإرجاء يدفع بهم التشدّد وخصوصاً في بحوث ضوابط التكفير الى التناقض، فمن جهة يسردون روايات وآراء تؤكّد على الامتثال المنضبط في موضوع الحكم على إيمان المسلم وعدم إيمانه، وتحرّي الدقة في إصدار حكم ينقله من جانب الإيمان الى الكفر، ولكنّه ما يلبث أن يفتح باباً خلفياً لدخول أفكار التكفير، عبر الإصرار على وجوب تكفير من كفّره الله (وهي الفكرة المركزية التي استند اليها المكفّراتية في المجال الوهابي). بل هناك حملة تحذير من تسرّب فكر الإرجاء، وقد صنّف أحدهم كتاباَ بعنوان (ذم الإرجاء)، فيما كانت تشيع قصص جمّة عن علماء وشيوخ من السلفيين قد وقعوا في شيء من الإرجاء، أو ربما بشّروا ببعض أفكار الإرجاء بسهو وخلافه، ما يلمح الى أن ثمة حملة متصاعدة ضد الإرجاء أحالت منها الى فوبيا وشجّعت موقفاً مضاداً منها عن طريق الانغماس في التكفير بل والغلو فيه.

وفق هذه الرؤية التكفيرية المتساهلة، يندفع كثير من المشايخ نحو الحكم بكفر الآخر لمجرد عدم فهم نص الآخر، أو رأيه، أو حتى منهجه في مقاربة النصوص وفهمها وتأويلها. فمثلاً كفّر المدعو الشيخ صالح بن سعد السحيمي المفكر الإسلامي مصطفى محمود وسيد قطب، لمجرد اختلاف في فهم نصوصهم. وسئل السحيمي عما إذا كان ثمة خطأ عقدي في البيت التالي:

الله ربي لا أريد سواه هل في الوجود حقيقة إلا

فجاء جوابه: نعم، بل فيه خطأ عقدي خطير جداً، واعتبر ذلك من دلائل أتباع عقيدة وحدة الوجود.

هكذا إذاَ فهم بيت الشعر، فأصدر حكماً على طائفة كبيرة في المسلمين بالكفر، وفق تفسير لبيت الشعر بأنه يندرج في عقيدة وحدة الوجود. نشير الى أن السحيمي كفّر أيضاً من هم من أهل دعوته كالشيخ محمد حسان.

مثال آخر، في مقطع صوتي من شريط للشيخ الوهابي اليمني مقبل بن هادي الوادعي يتحدث فيه عن الإنتخابات ويعلن فيه صراحة لجمهوره بعدم اتباع الشيخ محمد ناصر الدين الالباني والشيخ المفتي السابق عبدالعزيز ابن باز والشيخ محمد صالح العثيمين (لأنهم خالفوا الشرع والدين وأفتوا بجهل من غير علم)، وقال في مقطع آخر (لقد أحرقتم أنفسكم ايها المشايخ بهذه الفتاوى التي تخالف الشرع الحكيم)، وقال ناصحاً (اتقوا الله يا مشايخ الوهابية لقد أحرقتم انفسكم ولا تغرنكم الحياة الدنيا واتقوا الإثم في الأخرة)(9).

فنزعة التشدّد التي غرسها هؤلاء في الشيخ الوادعي إرتدّت عليهم، فلم ينظر الى ما قالوه ضمن دائرة الإجتهاد القابل للخطأ والصواب، وإنما أدخله، كما فعلوا هم مع غيرهم، في دائرة الحلال والحرام والإيمان والكفر. وقد اشتهر عن الوادعي مواقف تكفيرية وتبديعية مثيرة للجدل، دفعت مشايخ آخرين لإخراجه من دائرة الحق الذي عليه الوهابية وطالبوه باعلان التوبة عن باطله.

ومن بين ما أجاب عن سؤال حول من يدعي السلفية ويدافع عن المتحزّبين، بأنه لابد من النظر الى من يعلن السلفي عن مودته له، وسأل:(..أيواد المبتدعة؟ نعم، مثل عبد الرحمن عبد الخالق، وأبي إسحـاق الحـويني، فهذان يُعتبران من المبتدعة، أي نعم، وكذا مثل أيضاً سَفَر ـ الحوالي ـ وكذلك سلمان ـ العودة ـ يُعتبران من المبتدعة، وكذا أيضًا مجلّة “السنّة” التي هي لائقة بالبدعة، وهي التابعة لمحمد سرور، فهذه أيضاً وأهلها القائمون عليها، تُعتبرُ مجلة بدعة...)(10).

وشحن في أحد كتبه المشهورة آراء في تكفير وتبديع الآخرين. ونقرأ في كتابه (المخرج من الفتنة) نماذج مما قاله في علماء مسلمين ومشايخ وهابيين منها:

ـ قال عن كتاب الشيخ محمد الغزالي (دستور الوحدة الثقافية بين المسلمين) فيه (ضلال مبين).

ـ سئل عن كتابي الشيخ السلفي عبد الرحمن عبد الخالق (الفكر الصوفي) و(الولاء والبراء) فقال: أرى أن لا يعتمد عليه بالنسبة للفكر الصوفي، لأنه ينقل من (طبقات الصوفية) لأبي عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي وهو متهم، فلا يجوز أن نلصق تهمة ببعض الأفاضل مثل ابراهيم بن أدهم بمجرد رواية أبي عبد الرحمن السلمي، وهكذا (الولاء والبراء) فقد أخطأ فيه على جماعة الحرم (يقصد جماعة جهيمان العتيبي الذين تحصّنوا في الحرم المكي سنة 1979)، وعلى جماعة الحديث بالمدينة، ثم قال (يعرف خطأه كل من يعرفهم، وأعتقد أنه أزرى بنفسه..).

ـ قال عن الشيخ سعيد حوى بأنه (حنفي جامد) ونصح بالإعراض عن كتبه (وعدم الاشتغال بها).

ـ سئل عن تفسير المنار، لرشيد رضا، فقال من حيث العقيدة والتوحيد طيب، وأما من حيث دلائل النبوة فهو يعتمد على محمد عبده المصري (ومحمد عبده ضال) حسب قوله.

ـ وقال عن جماعة الحرم ـ جماعة جهيمان العتيبي ـ بأنهم (طلبة علم أخيار أفاضل قد انتشرت بسببهم سنن كانت قد أميتت، وما خسرتهم أرض الحرمين فحسب بل خسرهم المجتمع المسلمين..).

ـ وقال بأن أسباب وقعة الحرم هو (محاربة علماء السوء لهم كابن صالح وشبية الحمد وابن مزاحم، فقد كانوا يحذرون من الاخوان في بعض الخطب ويلصقون بهم ما ليس فيهم، ومنها عدم انصاف الحكومة لهم وعدم العدالة مع السجناء ومع الهاربين ونزلت طلبة العلم منزلة المجرمين..) وغيرها مثل (فساد المجتمع والضغط على من تمسّك بدينه..)، وقال عن من اعتبر من علماء الوهابية واقعة الحرم بأنها من مصاديق محاربة الله ورسوله أو السعي في الأرض فساداً بأنهم (علماء سوء).

ـ وصف الوادعي المفكر والشيخ حسن الترابي بأنه (ضال) و(كذوب)(11).

وقد ردّ عليه الشيخ أحمد بن يحيي النجمي بقوله (وأما تصريحات الشيخ مقبل بن هادي الوادعي ونيله من أهل الحل والعقد في المملكة وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين: فهذا منكر نستنكره، وننكره عليه أشد الأنكار، ونرى أنه يخدش في سلفيته)(12).

الجدير بالذكر أن الشيخ النجمي ردّ على قول الشيخ عبد الله ابن عبد الرحمن الجبرين بأن كثيراً من علماء السعودية أشاعرة، فقال: إنه كذّاب (13).

وسئل الشيخ الجبرين عن الشيخ ربيع بن هادي المدخلي في موضوع الجرح والتعديل ، فوصف فيها المدخلي بالجهل والتجاهل (14).

وفي المقابل، تحدّث الشيخ ربيع بن هادي المدخلي في ابن الجبرين وقال بأنه (صبر عليه كثيراً ولابد من فضح باطله وهو يعلم أنه على باطل ولابد من نبذه) وقال أيضاً عنه بأنه ( ليس بعالم..ضيع دينه وإسلامه..يحارب بالأقمار الصناعية..لا يصنّف في السلفيين ولا العلماء)(15).

وحذّر ربيع المدخلي من الحويني ووصفه بأنه حزبي (لا ينصح بسماع دروسه ولا قراءة كتبه)(16).

وتأخذ نزعات التنابذ والطرد المتبادل أشكالاً متنوعة وتندرج في سياق تقييم الشخصيات موضع التساؤل. فقد سئل عضو هيئة كبار العلماء، الشيخ صالح الفوزان، عن الشيخ السوري المثير للجدل عدنان العرعور فحذّر منه واتهمه بالجهل، وقال: هو أصلاً ماهو بعالم هو جاء الى المملكة حرفي أو محترف وبعدين أظهر ما عنده، وقال (أنصح الشباب السلفي بمقاطعة دروسه و أمثاله)(17).

وكان الشيخ عبد المحسن العباد البدر يذم ويقدح ويحذر من الشيخ عدنان العرعور، ويقول عنه (نصيحتي لكم أنكم لا تشتغلون بكلامه ولا بقواعده ولا تلتفتون إلى ما عنده لأنو عندو تخليط وسبق أني اطلعت على بعض كلامه فلا يجب الإنشغال به والإستماع إليه.. ولا ينبغي أن تحضر دروسه)(18).

وانتشر في شهر نوفمبر من العام 2010 مقطع صوتي للداعية الوهابي أسامة العتيبي يصف فيه الشيخ يوسف الأحمد (صاحب فتوى هدم الحرم المكي) بأنه أخبث الحزبيين وأنه (مبتدع ضال)(19).

يُشار إلى أن العتيبي أشتهر بمحاربته لمن يصفهم بالحزبيين في منتديات الانترنت تحت اسم “أبو عمر العتيبي”, وله مقاطع صوتية كثيرة يهاجم فيها مخالفيه بأسمائهم الصريحة. وتلفت لهجته الى أنه من غير بلاد الجزيرة العربية(20).

وللداعية العتيبي آراء متطرّفة في الداعية المصري السلفي الشيخ أحمد بن عبد الرحمن النقيب، والشيخ الداعية السلفي المصري أحمد فريد، والشيخ السلفي المصري مصطفى العدوي، والشيخ السلفي المصري محمد اسماعيل المقدم، والشيخ السلفي المصري ياسر برهامي، والشيخ السلفي محمد عبدالمقصود، والشيخ الحويني والشيخ محمد حسان وغيرهم الكثير، رغم كونهم جميعاً من أتباع المدرسة السلفية، إلا أن بعضهم يميل الى العمل الحزبي، وشارك في ثورة 25 يناير في وقت متأخر، وانخرط في حزب النور السلفي، وهناك من جاهر بتأييده لأسامة بن لادن (مثل محمد حسان)! وقال عن مصطفى عدوي وأحمد فريد بأنهما من مدرسة الاسكندرية وأنها مدرسة تكفيرية متأثرة بفكر السيد قطب، مع أنهم سلفيان. وقال عن الشيخ محمد عبد المقصود بأنه من رؤوس الشر في مصر، وكذلك برهامي والمقدم والحويني وحسان وكلهم ينتمون الى مدرسة الاسكندرية، ولكنّهم سلفيون(21).

وفي رسالة كتبها أحد أتباع الوهابية في مصر وهو يكفّر مشايخ الوهابية السعوديين برسالة أسماها (رسالتي إلى المخدوعين بعلماء السعودية)، والتي اعتبرها (نصح وإرشاد، وأخذ بيد كل من اغتر وأعجب بعلماء السعودية.)، ويضيف (وهؤلاء الذين يَضَعون آمالهم على أولئك المشائخ مُخطئون غافلون..)، ثم أفرد فصلاً (في بيانِ بُطلانِ اعتقادِ مَن يَعتقِدُ أنَّ أحد علماء السعودية على “العقيدة الصحيحة” من وجهين: الوجه الأول: مفارقتهم أهل السنة في تكفير المُعيّن الذي ثبت كفره بالدليل البواح: فمن المعلوم بالضَّرورة أنَّ الكفر بالطاغوت رُكن التوحيد، ولا يستقيم الدين إلا بالكفر بالطاغوت، فهل مشائخ السعودية يَكفُرُونَ بالطاغوت؟! وقال (وإنَّ مِن عُلماء السُّعودية أصلاً من لا يعتقد بأنَّ الحُكم بغيرِ الشريعَة نَاقِضٌ إلاَّ إذا استحلّ..)، والوجه الثاني: مفارقتهم أهل السنة والجماعة في أعمالٍ تُعدُّ ناقضة للإسلام بزعمهم أنها ليست ناقضة مثل: مُدَاراة العدو ومداهنته.

وهناك صورة دامية وقاتمة في السودان، حيث تعمل الحركة الوهابية منذ عقود بشكل حذر بسبب سيادة جماعات التصوّف والاخوان المسلمين، وكان شيخ الوهابية محمد هاشم الهديّة، رئيس جماعة أنصار السنة المحمدية منذ العام 1965 حتى وفاته العام 2007، قد دخل في خصام مع نائبه أبو زيد محمد حمزة وأدى الى مناوشات سفكت فيها دماء بريئة عند بيوت الله. حيث انقسمت الجماعة الى جناحين: جناح شيخ الهدية وجناح الشيخ أبو زيد. وقال الأول بأن الشيخ أبو زيد سبق فصله من جماعة أنصار السنة قبل ثلاثة أعوام متهماً المؤتمر الاستثنائي بانتحال إسم الجماعة، وواصفاً قراراته بأنها باطلة، ولا تستند إلى شرعية. وكان جناح أبو زيد قد أعفى الشيخ الهدية من رئاسة الجماعة.

وجاء في بيان بإسم جماعة أنصار السنة المحمدية بالسودان بتاريخ 21 يوليو 2007، الذي يرأسها الشيخ الهدية أكدّ فيه على أن الشيخ أبو زيد قد سبق فصله من الجماعة وباجماع المركز العام قبل ثلاث سنوات.

في المقابل، جاءت توصيفات مؤتمر جناح أبو زيد، تحت عنوان الجماعة وتحت إطار المؤتمر العام الاستثنائي، ومن توصياته: اعفاء الشيخ محمد هاشم الهدية من رئاسة الجماعة، وإعفاء الأمانة العامة للجماعة، وإعفاء عضوية المركز العام المختارة من قبل الرئيس العام السابق، واختيار ابو زيد رئيساً للجماعة بتفويض كامل. ودعا ابو زيد (كافة الجماعات السلفية للانضمام تحت لواء الجماعة للكلمة وتوحيداً للصف)(22).

وقد اشتعلت حرب المساجد بين أجنحة الوهابية في السودان في التسعينيات، وإبان وجود أسامة بن لادن، كالهجوم الذي قاده محمد الخليفي على أحد مساجد (أنصار السنة) بأم درمان. في المقابل، شنّ الشيخ أبو زيد هجوماً عنيفاً على التصوّف والجماعات الصوفية في السودان، وكان يحمل في محاضراته ودروسه على الصوفيين ويحرّض عليهم. حتى أن مساجد السودان تحوّلت الى ساحات مواجهة بين الوهابيين ومخالفيهم، وقد تعرّض مسجد كبير في ضاحية (الثورة) بمدينة أم درمان الى هجوم مسلّح من متطرفين دينيين في اوائل التسعينات من القرن الماضي، وأدى الى مقتل 21 شخصاً وجرح العشرات. وقاد الهجوم أحد عناصر القاعدة يدعى محمد الخليفي، اتى الى السوادن مع زعيم تنظيم القاعدة اسامة بن لادن، غير انه اختلف معه وانسلخ، بعد ان أحل دم بن لادن، وصار يردد افكار (التكفيريين) في منتديات سرية في الخرطوم. وفي تفاصيل هجوم الخليفي على المسجد أنه جاء ومعه مجموعة من المتطرّفين يحملون بنادق الكلاشنكوف وامتطوا سيارة نقل وهاجموا المسجد بضراوة، أثناء اداء المصلين لصلاة الجمعة، فسقط بنيران بنادقهم 21 مصليا قتيلا في الحال، في أعنف هجوم من نوعه على المساجد على مدى تاريخ السودان الحديث، وقتل اثنان منهم جوار المسجد، وتكررت الحوادث في المدينة نفسها ومدن أخرى وصار الهجوم المسلح على المساجد ظاهرة متكررة، ولو تتبعنا الجذور لما عدونا آثار القاعدة والوهابية. وحسب قول أحدهم (كل هؤلاء (التكفريين) ولدوا من رحم الوهابية ثم بدأوا بمن علمهم التكفير مستبشعين عليهم معاملة المجتمع الكافر!).

نموذج آخر لحملة الكراهية يقدّمها الشيخ فوزي الحميدي المعروف باسم فوزي الأثري السلفي، وهو بحريني الجنسية، درس على الشيخ ابن عثيمين وغيره وقد طعن في الشيخ محمد حسان، حيث سأله أحدهم: أنا أستمع في بعض الأحيان الى محمد حسان لكن سمعت ان أسلوبه منهي عليه لأنه يحفز الى الجهاد فما رأي شيخنا في هذا اللامر..؟ فأجاب: لا يجوز سماع أشرطة محمد حسان الثوري، لأنها لا فائدة فيها، ولأن فيها من المنكرات والمخالفات الشرعية الكثيرة.. وقال عن الشيخ ربيع المدخلي بأنه على باطل، وكتب مقالاً بعنوان الأسباب التي تمنع المدخلي من التوبة من باطله ومن اتباع الحق.

وكانت إدارة الأوقاف السنية في البحرين قد أوقفت فوزي الأثري من التصدّر للوعظ والتدريس ومنعه من التقدّم للإمامة في جميع مساجد البحرين وجوامعها، بعد أن أحدث لغطاً واسعاً حول صوم يوم عرفة، وقال بأنه ليس بسنّة، ما جلب ردوداً عليه من قبل المفتي العام في المملكة وقال: (أنبئوه أنه هو خلاف السنة)، وقال عنه الشيخ صالح الفوزان (هذا مشوّش وانصحوه لا يشوش على المسلمين)(23).

بين الحجوري والجابري.. خلاف عار عن الأدب

يأخذ التطاحن أحياناً شكلاً هابطاً يغمره الإسفاف في القول وبذاءة الألفاظ وأحطّها. تبدأ مستوى التكفير والتحريف والتضليل وتهبط الى مستوى التعريض بالشخص وبآدميته. مثال ذلك: في رأي الشيخ السلفي مدير معهد (دار الحديث) في دمّاج بمحافظة صعدة في اليمن، يحيى بن علي الحجوري (أن الشيخ عبيد الجابري يحقد على الدعوة السلفية ومنحرف ضال) ويرد عبيد الجابري بأن (الحجوري سليط اللسان فاحش القول ما يرعى حرمة ومحروم الحِلم والحكمة ولا يحضر دروسه). ولكن لا يقف التنابذ عند مستوى كهذا، فما يلبث أن ينجر الى مزالق تجنح بعيداً عن الحد الأدنى من أدب الحوار وأخلاقياته. فالجابري نفسه خاطب سائلاً من الجزائر بكلام غريب وقال له: أنت إما مجنون أو حمار(24).

وقال الشيخ الحجوري عن الشيخ أبي حسن المأربي المصري بأنه (خرج من بين الراقصين والراقصات وأتباعه كلاب جرب ومعروف أنه رجل يتمسّح يتذلل للمادة كما يتذلل - يعني - أشد مما يتذلل لربه سبحانه وتعالى فيما يبدو)(25).

وفي مقطع آخر، يقول الحجوري عن المأربي، ودعوته ومنهجه بما نصّه (هاتوا لنا هرّة قد رُوّعت من أهل السنة)، ثم يقول (أنا أفتيت أولئك الأبطال شباب أهل السنة في عدن أن أبا الحسن إذا أتى بفتنته يريد أن يحاضر عمداً وقصداً وفتنة في مساجدهم الخاصة بهم فليسحبوه برجله إلى برميل القمامة، صحيح إن استطاعوا ذلك فعلوا يسحبونه إلى برميل القمامة..)(26).

وله ألفاظ بذيئة يربأ كل ذي خلق عن النظر فيها والاستماع إليها(27).

وقال الحجوري عن الداعية المصري عمرو خالد بأنه (داعي الاجرام، مغازل من المغازلين، هل هو من الاسلام فى سرد أو ورد، يدعوا الى الاجرام والفساد والفتنه والخنا والريبه، لا تفرق بينه وبين النصرانى حليق فسيق، صورته صورة شيطان على أنسي، ابليس الثانى يدافع عن ابليس الاول، من ابناء اليهود والنصارى البررة لهم..)(28).

وأطلق الفاظاً وقحه ضد دعاة آخرين مثل الريمي والوتر والهدار وصعتر والزاوي والعودي ووصفهم بأوصاف هابطة مثل حمار وكلب وغيرها.

وكان الحجوري قد وصف فتوى الجابري في الانتخابات بأنها (منحرفة)، وكذا فتوى له بقبول الاختلاط بين الجنسين في العمل ولو على سبيل الاضطرار والجهل المسبق بوقوعه، وفتواه في جواز التصوير ومشاهدة الرسوم المتحرّكة، والحصول على جنسية البلدان الكافرة وغيرها من الفتاوى التي خالف فيها الجابري الآراء الوهابية المتشدّدة فجلبت عليه نقمة أهل دعوته(29).

وقد أعدّ الشيخ الحجوري ردّاً على ما وصفه ثرثرة وتلبيسات عبيد الجابري (المنحرف الضال)! حسب وصفه. وقد ثبّت ردوداً عليه في موقعه الرسمي بعناوين متعددة منها: أخْذُ العبرة من عجائب ما نشر عن عبيد الجابري في دعوته لأهل أُوروبا أن يهاجروا إلى برمنجهام وأنهّا دار هجرة، والإيضاح لما عند عبيد الهاجري من الجاهلية والكذب الصراح!، التنبيه السديد على ما نقل للشيخ عبيد، الرد الواضح من أهل وادعة حفظهم الله على ما تفوه به عبيد الجابري من الفجور والسفه الفاضح، كلمةٌ مختصرة في الرد على من دافع بباطل عن فتنةِ عبيد الجابري المنكرة(30).

وقد وصف الحجوري الجابري فقال بأن: أن عنده حقد على الدعوة السلفية في هذا المكان، أي دمّاج، ويعبّر بكلامه عن حقده وفجوره في الدعوة السلفية في هذا المكان المبارك، ويعرب عن زيغ قلبه إلى الحزبية الجديدة، كلمات الجابري وديدنه هي بلا علم ولا حلم ولا روية ولا خلْفية، الرجل محروق، حاله: في أضغاث أحلام، حاله: لا يرعوي.

فرد عليه الجابري في 27 ربيع الأول 1429هـ في سياق اجابة عن سؤال حول الفتنة الدائرة في دماج داخل الدائرة السلفية بين شيخ يدعى محمد بن عبد الوهاب الوصابي والشيخ يحي الحجوري، فبينما مدح الجابري الأول وأثنى عليه، قال عن الشيخ يحيى الحجوري بأنه (سليط اللسان فاحش القول ما يرعى حرمة أحد لو صاحبته عشر سنين يمكن يهدمها في ساعة ما يبني على الرفق، هو وإن كان عنده علم لكن محروم الحِلم والحكمة.

وقد قال الشيخ محمد بن ربيع المدخلي في كلام الحجوري في الجابري بأنه باطل. فيما كان الشيخ صالح الفوزان قد حذّر قبل سنوات من الشيخ الحجوري وقال عنه بأنه (من أهل الضلال يشكك الناس ويظهر عقيدته الباطلة فإذا رأى الناس استنكروا عليه أظهر التراجع خديعة ، فلا يجوز قبول هذا الشخص ولا التتلمذ عليه ويجب الحذر منه )(31). وقال الشيخ ربيع المدخلي عن الحجوري وجماعته بأن (أصحاب الشيخ يحيى هم أصحاب فتنة)(32).

وكان الشيخ عبيد الجابري قد تجاوز حدود اللياقة وأدب التخاطب، وقال في لحظة جنوح أن (الجزائريين كلهم حمير إلا من رحم الله)، وقال لسائل جزائري حول اللجنة الدائمة بأنك مجنون ثم قال له (أنت بقر بقر بقر).وكفّر الداعية المصري عمرو خالد، وله فتوى في الشيخ علي الحلبي وعدنان العرعور وأحمد السوكجي ومحمد حسان، وقال في جواب على سؤال عن الشيخ محمد حسان وجّه اليه بتاريخ 26 يونيو 2008، (ولا يغرنكم أيها المسلمون أن الشيخ علي الحلبي زكّاه، فإن الشيخ علياً ابن حسن ابن علي ابن عبد الحميد الشامي الأثري يزكي من ليس أهلا للتزكية، بل يزكي ضلالاً عُرِفَ ضلالهم مثل عدنان عرعور وأحمد السوكجي الأنصاري الذي أسس جماعة الارشاد في اندونيسيا، فهو مسكين ضائع - أي الحلبي - في هذا الباب فلا يوثق من تزكيته، ولا يغرنّكم قول الأخ علي أن ابن حسان رجع عن مدحه لسيد قطب فهذا لا يكفي..).

كما وصم الشيخ فلاح الحربي كلاً من عبدالرزاق بن عبدالمحسن البدر وعلي بن غازي التويجري، وإبراهيم بن عامر الرحيلي و سليمان بن سليم الله الرحيلي، وعبدالله بن عبد الرحيم بن حسين البخاري بالبدعة وقال عن رحيب بن ربيعان الدوسري إنه (أضل من حمار أهله)، فقام الشيخ عبيد الجابري فكتب في 24 شوال 1424هـ ردّاً بعنوان (شهادة حق) يدافع فيه عنهم ويقول (والذي أشهد به على هؤلاء الإخوة حتى الساعة أنهم من أهل السنة والجماعة..). ولكن الجابري كفّر الشيخ علي الجفري واستحل دمه وماله ونفى عنه صفة الموّحد بالله، وقال (إنه غير موحد بالله الواحد القهار)، وقال في أحد كلماته ((فإني أختم الحديث الذي طال معكم، وأستسْمِحكم أظني أمْللْتُكُم، لكن ليس لدينا حيلة، والناس ـ أعني أهل السذاجة، والغفلة، والجهل ـ يَجوب الأرض فيهم مثلُ الجفري داعينَهم إلى الضلالة بعد الهدى ، والكفرِ بعد الإسلام ، فإنه لا بدَّ لنا من البيان) ثم أضاف ( ووالله وبالله وتالله ؛ إن لم يتب الرجل عن هذا المسلك توبة نصوحاً، يُقلِع فيها عن هذا، ويصلِح حاله، يعود إلى التوحيد ـ إن كان موَحِّدا في الأصل وما أظنه كان موحِّداـ ، وأن يبين للناس التوحيد، ويبين أنه أفسد على الناس دينهم ؛ فهو ـ والله ـ حلال الدم والمال. يَجب على وليِّ أمره، وإمامه إن لم يتب أن يقتله..)(33).

وقد صنّف الشيخ عبيد الجابري الشيخ سفر الحوالي وسلمان العودة وناصر العمر وعايض القرني على المعتزلة والجهمية ووصفهم بأنهم (ثوريون حركيون)، وأنهم خالفوا العلماء منذ حادثة الخليج، وأنهم شقوا عصا الطاعة..(34).

وشنّ هجوماً على الداعية عمرو خالد، والاستاذ طارق السويدان وقال (الهمج الرعاع يتبعون كل ناعق عمرو خالد إمام وطارق السويدان إمام وفلان إمام وهم من أجهل الناس في سنة النبي صلى الله عليه وسلم)(35).

وما هو مستغرب حقاً، أن أحدهم ويدعى جمال البليدي أراد الدفاع عن الشيخ عبيد الجابري فيما يخص تشنيعه على الشعبين الجزائري والليبي ووصفهم، مع الاعتذار، بالحمير، وقام بالرد على المدعو شمس الدين في مقالة نشرت في جريدة الشروق في يوم الأربعاء 20 رجب 1429 هـ الموافق 23 يوليو 2008، انتقد فيها مقولة الجابري فكتب البليدي في 4 نوفمبر 2008 كلاماً طويلاً وفي الواقع تبريرياً للدفاع عن وقاحة الجابري بقوله أن الشيخ الجابري (لم يخطىء في كلامه..)، وبرر ذلك بأن الجابري استثنى العبارة بقوله (إلا مارحم الله)، وساق أدلة وشواهد من تاريخ العرب والمسلمين والأدب وكلها لا تصمد أمام انفلات الجابري وتجاوزه لأدب الحوار.

وللجابري آراء متشدّدة أخرى في أهل دعوته، فقال عن الشيخ عائض القرني بأن في كلامه (عبارات شركية وألفاظ بدعية) وأنه يلعب على الطرفين (وإن لم يرجع ويتوب عن كل ما أخطائه جملاً وتفصيلاً فسيظل ضَال مُضل وإن ظل علي خطأ واحد بدعي)(36).

وقال كلاماً مماثلاً في سليمان الجبيلان ومحمد العريفي وابراهيم الدوايش وسعيد بن مسفر وقال عنهم إنهم قصاصون وحذّر المسلمين من الاستماع لأشرطتهم وقراءة كتبهم(37).

سئل الشيخ فالح الحربي عن الشيخ ابراهيم الدويش، وكلاههما وهابيان، فقال (إبراهيم الدُويِّش هذا إنسان ضايع مايع، حزبي قصَّاص جَاهِل، ومتخصّص في الجِنس، وأتى بالعَجَبِ العُجَاب.. أساء إلى الإسلام وأساء على أمهَّات المؤمنين وهكذا إلى المُسلمات وإلى الصحابيَّ.. فينبغي أن يُحذَرَ من هذا الشخص ، هؤلاء ناس يُعتبرون شياطين بل أسوء من شياطين الجن..)(38).

بارقة نقد موضوعي.. ولكن من خارج الوهابية!

قد يستثنى مما سبق ما ظهر في القراءة النقدية التي قدّمها الشيخ أمين نايف ذياب (توفي سنة 2006) بعنوان (قراءة في السلفية الألبانية) والتي رغم ما اشتملت عليه أحياناً من عبارات حادّة إلا أنها التزمت إلى حد كبير الحياد العلمي. ويعتبر الشيخ ذياب، كما يحلو لأتباعه القليلين نعته، قائد حركة الاعتزال في العصر الحديث بعد أن كان سلفياً على طريقة الشيخ محمد بن عبد الوهاب.

من وجهة نظر الشيخ ذياب فإن الألباني (ليس من وراة الحديث..)، ولا ينطبق عليه وصف المحدث (إذ المحدث هو من يتحمل الحديث ويعتني به رواية ودراية). وقال عنه بأنّه (مُجرد مدوّنٍ لآراء غيره، وتحمُّلِ غيره وعناية غيره بالحدث، روايةً أو درايةً)، ومثّل لذلك بكتابه (سلسلة الاحاديث الصحيحة والضعيفة)، كما نفى عنه صفة الحافظ، التي تطلق على (من يحفظ مائة ألف حديث متناً أو سنداً، ولو بطرق متعددة، ووعي ما يحتاج إليه علم الحديث..)، فقد نفى وجود مائة ألف حديث في الأصل، فضلاً عن أن يكون الألباني مندرجاً في قائمة الحفّاظ، رغم أنه مرّ على أحاديث كثيرة، ولا يعني ذلك أنها يحفظها، أما أن يكون حجّة بمعنى أن يكون حافظاً لثلاثمائة ألف حديث، فذلك غير متحقق، كما أنه ليس بحاكم وهو من يحيط بالسنة كلها. رغم أن أوصاف الحافظ والحجّة والحاكم تبدو مستغربة، وهي كما يقول الشيخ ذياب (أوصاف خيالية تنتمي لمعارك الزير أبو ليلى المهلهل وبطولات أبي زيد الهلالي).

يلفت الشيخ ذياب الى منهج الألباني في الجرح والتعديل والتصحيح والتضعيف ونقل عن الدكتور بشار عواد أثناء تحقيقه لكتاب تهذيب الكمال، أن الداعي لتضعيف إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي أستاذ الشافعي هي دوافع هوى كونه ينتمي للقائلين بالعدل فقط وعليه فالألباني لم يقدم لعلم الحديث شيئاً مذكوراً(39).


الهوامش

1 ـ أنظر الرابط:

http://www.muslm.net/vb/archive/index.php/t-361543.html

2 ـ كتاب: التحذير من الإرجاء وبعض الكتب الداعية اليه، فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء بالمملكة العربية السعودية، دار علم الفوائد، مكة المكرمة الطبعة الثانية سنة 1422، ص ص 26 ـ29

3 ـ كتـاب: التحذير من الإرجـاء وبعض الكتـب الداعية إليه، المصدر السابق ص 19

4 ـ سفر بن عبد الرحمن الحوالي، ظاهرة الارجاء في الفكر الالاسلامي، دار الحكمة للنشر والتوزيع، الطبعة الاولى 1999، حاشية ص 350

5 ـ محمد ناصر الدين الألباني، سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة، وأثرها السيء في الأمة، مكتبة المعارف للنشر والتوزيع، الرياض، الطبعة الأولى 1425هـ، المجلد الرابع عشر، القسم الأول ، الجزء 14، ص 949

6ـ رابط المقطع الصوتي لرأي الشيخ الحربي في الألباني والمدخلي والحلبي

http://www.4shared.com/mp3/wiZbXk7Q/_______.html

7 ـ أنظر رابط السؤال والجواب:

http://www.muslm.net/vb/showthread.php?t=248947

8 ـ أنظر نص سؤال عن تهمة الشيخين ابن باز وابن عثيمين على الرابط التالي:

http://vb.noor-alyaqeen.com/t16616/

9 ـ أنظرالرابط

http://www.4shared.com/file/193710279/f84556e0/______________________________.html

10 ـ شريط (المجروحون) العدد: 3، تسجيلات أهل الحديث، الجزائر العاصمة

11 ـ الشيخ مقبل بن هادي الوادعي، المخرج من الفتنة، مكتبة صنعاء الأثرية، الطبعة الاولى 2002، ص ص111، 138، 142، 144، 204،

12 ـ الشيخ أحمد بن يحيي النجمي، الفتح الرباني في الدفاع عن الشيخ الألباني، ص 17 موقع الشيخ النجمي:

http://ahmadannajmi.net/Default_ar.aspx?ID=51

13 ـ أنظرالمقطع المرئي

http://www.youtube.com/watch?v=a1bwyolWCqc

14 ـ أنظر الفتوى رقم الفتوى (1108) للشيخ الجبرين على الرابط التالي:

http://www.ibn-jebreen.com/ftawa.php...08&parent=3225

15 ـ أنظر المقطع المرئي:

http://www.youtube.com/watch?v=dS7qZ1thC-c

16 ـ أنظر المقطع المرئي:

http://www.youtube.com/watch?v=Ie8HBQaLoxM&feature=player_embedded

17 ـ أنظر المقطع المرئي

http://soufia.org/alfwzan_alarur.html

18 ـ أنظر المقطع المرئي:

http://www.youtube.com/watch?v=2f7w7wB7K24

19 ـ أنظر المقطع المرئي

http://www.youtube.com/watch?v=NMuZekejb7M

20 ـ أنظر المقطع المرئي

http://news-sa.com/snews/2576-------...------q-q.html

21 ـ أنظر المقطع المرئي

http://www.4shared.com/audio/5oW_O99u/_____________________.html

وأنظر أيضاً:

محمد حسان وموقفه من الخارجي المفسد أسامة بن لادن- أسامة بن عطايا العتيبي

http://www.4shared.com/office/J_7Vjq-9/________-____.htm

22 ـ أنظر الرابط:

الحرب الكلامية بين أبو زيد والهدية، صحيفة الوطن السودانية على الرابط التالي:

http://www.alwatansudan.com/index.php?type=3&id=5996&bk=1

23 ـ أنظر الرابط:

http://www.alsaha.com/sahat/6/topics/90876

24 ـ أنظر المقطع المرئي

http://www.youtube.com/watch?v=AQMZOInADSs

25 ـ للاستماع الى كلام الحجوري في المأربي أنظر:

http://www.al7ewar.net/forum/up/uplo0ads/1207449329.rar

26 ـ أنظر الرابط

http://www.al7ewar.net/forum/up/uplo0ads/1207463531.rar

27 ـ أنظر الرابط

http://www.al7ewar.net/forum/up/uplo0ads/1207181944.rar

28 ـ أنظر الرابط:

http://www.al7ewar.net/forum/up/uplo0ads/1207452204.rar

29 ـ أنظر بعض الردود على الشيخ عبيد الجابري على الرابط التالي:

http://www.aloloom.net/vb/showthread.php?t=2346

30 ـ أنظر الردود على الشيخ عبيد الجابري في موقع الشيخ يحيي الحجوري على الرابط:

http://www.sh-yahia.net/search_results.php

31 ـ أنظر الرابط:

http://www.muslm.net/vb/showthread.php?t=449320

32 ـ أنظر الرابط:

http://wahyain.com/forums/showthread.php?t=1751

33 ـ أنظر نص خطبة الجابري في الجفري على الرابط:

http://www.youtube.com/watch?v=uC8iP16Zi5w

34 ـ أنظر الرابط:

http://www.4shared.com/music/KyF8hyPa/_______-___.htm

35 ـ أنظر الرابط:

http://www.4shared.com/music/6brX9Ogo/_2_____-1_-__.htm

36 ـ أنظر الرابط:

http://www.4shared.com/music/Xpxsp7UY/________-__.htm

37 ـ أنظر الرابط:

http://www.youtube.com/watch?v=uniG7RlJz8w

38 ـ موقع فالح الحربي، شريط (المجرحون) ، تسجيلات أهل الحديث، الجزائر، العاصمة، أضيف بتاريخ 2004/09/05

39 ـ قراءة في السلفية الألبانية، للشيخ أمين نايف ذياب

http://forum.almutazela.com/index.php/topic,23.0.html

الصفحة السابقة