أزمة الاسكان

طيّنتها يا معالي الوزير!

فريد أيهم

سوف تضاف صفة (الكذب) الى مواصفات الشخص المرشّح للوزارة في نظام آل سعود، ولأن الكذب لم يعد صفة مذمومة في الدولة
وزير التخطيط لا يخطط ولص وكاذب!
الفاسدة، فإن الوزير لا يتردد في تصنيع حقائق وهمية مناقضة للحقائق الحقيقية، بل وقلب الحقائق رأساً على عقب. وزير التخطيط والاقتصاد الدكتور محمد الجاسر من بين وزراء الدولة الفاسدة من ارتضى لنفسه الدفاع عن باطل آل سعود، وراح، وبدون حياء أو مانع من ضمير، يطلق تصريحات تنطوي على استخفاف بعقول الملايين، واستهتاراً بمشاعرهم وخصوصاً أولئك الضحايا، ضحايا سياسات الفساد والنهب التي كبّدتهم خسائر فادحة في معيشتهم، وفي مستقبلهم، ومسقبل أبنائهم..

في مقابلة على قناة (روتانا) الخليجية في 4 يناير الجاري أكّد وزير التخطيط الجاسر (أن 61% من السعوديين يملكون بيوت سكن، بعضها بيوت طين). معلومة تتعارض مع كل الحقائق الثابتة والمعروفة لدى من هم في الداخل والخارج. فهل كان الوزير يعي ما قاله في ظل انكشاف الحقائق أمام الرأي العام المحلي ووسائل الاعلام الأجنبية، التي باتت قادرة على الوصول الى أشد المعلومات حساسية وخطورة بمجرد إجراء حسابات رياضية، ودراسة لبعض الظواهر الاجتماعية، وتحليل الاستطلاعات، ومراقبة الأوضاع الاقتصادية والسياسية في أي بلد.

عضوا مجلس الشورى المعيّن الدكتور ابراهيم الجوير والدكتور محمد القويحص لهما تصريحان منشوران بأن نسبة السعوديين الذين لا يملكون سكناً تصل الى 70%. الغريب أن الوزير الجاسر يحيل الى احصائيات عام 2007، أي قبل خمس سنوات ما يعني أن وزارة التخطيط ليست لديها معلومات محدّثة، الأمر الذي يشير الى أن مبدأ الاحصاء لا أهمية له في عمل الحكومة ولا الوزارة، فكيف يحتج بكلام وزير، بصرف النظر عن انطباعات من عملوا تحت ادارته في سنوات سابقة، لا يملك احصاءات حديثة يمكن التعويل عليها، فقد أراد الاحتجاج بما يدين وزارته.

يبدو أن الوزير الجاسر ضعيف الخبرة في الدعاية والدفاع المجاني عن الحكومة، كقوله في معرض الدفاع عن الوضع الاقتصادي في البلاد (الحمد لله الخبز ما ارتفع والتعليم والصحة مجاناً). هل يتحدث الجاسر عن دولة في أفريقيا، أم دولة نفطية أقرّت ميزانية فلكية وغير مسبوقة لهذا العام، هل الخبز هو الهم اليومي الوحيد للناس يا سعادة الوزير! ولن نتحدث عن مفهوم الطبقة الوسطى الذي يبدو أن معاليه يصوغه وفق معطيات خاطئة.

ننقل هنا ما ورد في تقرير تحت عنوان (65% من السعوديين لا يملكون سكناً) نشره موقع (يوروبيان فينيكس) في الأول من كانون الثاني (يناير) الجاري، استناداً الى مصلحة الاحصاءات العامة والمعلومات. وبحسب الأخيرة فإن السكن يعتبر مصدر القلق الرئيسي للقسم الأكبر من السكان في السعودية. وللإضاءة على خطورة هذه المشكلة، فإن تعداد السكان في السعودية بلغ أكثر من 28 مليون نسمة وهو في حالة زيادة لافتة. وبحسب التقرير السكاني لعام 2011 فإن نسبة الزيادة السكّانية بلغت 2.5% ويتوقع أن يصل عدد السكان 30 مليون نسمة بنهاية عام 2017.

وفي الوقت الحالي، يتقاضى 70% من الموظفين راتباً شهرياً يقل عن 8 آلاف ريال سعودي، ولكن كلف الأرض مرتفعة جداً في المدن الرئيسية في المملكة، ويتوقّع أن ترتفع أسعار الأراضي والبناء في المستقبل.

وهناك نحو 2,400,000 مواطن ينتظرون حالياً طلبات القروض السكنية للمصادقة من قبل مؤسسة التنمية العقارية. وإذا لم تحل وزارة الإسكان هذه المشكلة الآن، فإن من الصعوبة بمكان حلها في المستقبل، خصوصاً بالنظر الى الزيادة السكّانية.

وبالرغم من أن وزارة الشؤون البلدية والقروية قدّمت لوزارة الإسكان ملايين الأمتار المربعّة من الأراضي لتخصيصها لمشاريع الإسكان، فإن المواطنين غير راضين عن نتائج هذا البرنامج.

ويتوقع المواطنون من ذوي الدخل المنخفض من وزارة الاسكان تصميم حلول عملية وناجعة وكذلك بعيدة المدى لمشكلة السكن. نقص التمويل ليس عاملاَ مساهماً في المشكلة، بحسب خبراء اقتصاديين. فعلى مدى أربعين عام مضت، أسّست الحكومة صندوق التنمية العقاري لتزويد المواطنين بقروض بعيدة المدى. وخلال هذه الفترة، استفاد نحو 800,000 مواطناً من هذه القروض وكانوا قادرين على بناء مساكن لهم. ولكن، بسبب عدد الطلبات المرتفع للغاية، فإن حجم التمويل لم يعد بإمكانه تلبية الطلبات المتزايدة. ومع زيادة الحاجة الى الدعم المالي، فإن الملك أصدر أمراً ملكياً بإنشاء وزراة الإسكان بتمويل بلغ 40 مليار ريال سعودي، ولكن لم يظهر حتى الآن ما يشير الى حلول نهاية لمشكلة السكن.

في العام الماضي، خصص الملك عبد الله 250 مليار ريال لبناء 500,000 وحدة سكنية في مناطق المملكة. كما زاد سقف القروض الى 500,000 ريال سعودي.

ولا بد من أن تتبنى وزارة الاسكان طرقاً عملية قابلة للتطبيق وأكثر تأثيراً لتحفيز القطاع السكاني. ولابد من أن تبدأ التنسيق مع الوزارات الأخرى مثل المالية، والعدل، والشؤون البلدية والقروية، والتعليم، والنقل، والماء والكهرباء، وكذلك مؤسسة النقد لتصميم حلول لذلك.

ولا بد من وزارة الإسكان أن ترسم سياسة اسكانية فاعلة كيما تتيح للسعوديين فرصة تملّك بيوت. فقط عندئذ سوف تكون قادرة على تنفيذ الخطط المرسومة.

كل هذا مع افتراض وجود اراض لم يشبّكها الأمراء، ومع افتراض غياب الفساد والنهب للمليارات المخصصة للإسكان وغيره!

الصفحة السابقة