نصف مليون وحدة سكنية عجز العام 2022

أزمة الإسكان وتحفيز الإنفجار السياسي

محمد الأنصاري

تحاول الحكومة السعودية الهرب من فضيحة مفادها أن أكثر من ثلثي المواطنين يعيشون في بيوت مستأجرة فراحت تتلاعب بالأرقام، وتقدّم إحصاءات اعتباطية من أجل التمويه على الفضيحة.. فقد نشرت صحيفة (الاقتصادية) في 11 مايو الجاري خبراً عن أن الحكومة السعودية تتحرك لردم الفجوة الإسكانية من خلال مشاريع حكومية وقطاع خاص.

وفي ضوء دراسة حديثة أعدّتها جامعة الأعمال والتكنولوجيا الأهلية في جدة، قدّرت حجم العجز في الوحدات السكنية في السعودية خلال السنوات العشر المقبلة بأكثر من 453 ألف وحدة سكنية، حيث توقعت أن يبلغ الطلب في الفترة ذاتها نحو 1.76 مليون وحدة مقابل معروض يقدر بـ 1.32 مليون وحدة سكنية. الدراسة الحديثة قدّرت حجم العجز في الوحدات السكنية في السعودية خلال 2013 لا يتجاوز تسعة آلاف وحدة سكنية، وأن تصل في 2016 الى 28.5.، في حين يبلغ مداه في 2022 ليبلغ 107 آلاف وحدة سكنية.

وأرجعت الدراسة التي أعدتها جامعة الأعمال والتكنولوجيا في جدة، أسباب سرعة النمو على طلب المساكن، إلى النمو السريع لعدد السكان السعوديين الذين يقعون في الأعمار بين 25 - 44 سنة والذين هم في حاجة ماسة للحصول على مسكن لأسرهم وذويهم.

الطريف في الأمر أن الدراسة ذكرت بأن (السعودية تنبهت لمشكلة تملك المواطنين للمساكن منذ سبعينات القرن الماضي..)، فإذا كان الأمر كذلك لم هذا الفشل الذريع والمريع في حل مشكلة الاسكان، فإن نسبة التملك مازالت في حدودها الدنيا، بل إن التوقعات المستقبلية تفيد بأن نسبة تملك السكن ستأخذ في التراجع وليس التزايد كما تريد الدراسات إيهام الرأي العام..بالنظر الى حقيقة أن الزيادة في عدد السكان تؤدي حكماً الى زيادة الطلب على الوحدات السكنية (والتي تزداد حدّتها وخاصة عند البحث عن المسكن الملائم في ثلاث مناطق هي الأكثر من حيث الكثافة السكانية، مفيدة أن هناك نحو 85 في المائة من السكان يعيشون في المدن السعودية الرئيسة، ومنهم نحو 64.5 في المائة في المناطق الرئيسة الثلاث المتمثلة في منطقة مكة المكرمة والرياض والشرقية).

يضاف الى ذلك نسبة الغلاء مع عجز المواطن عن تلبية الحد الادنى من شروط البناء. وكما تكشف الدراسة فإن تكلفة البناء في السعودية ارتفعت بشكل كبير مع مطلع العام الحالي، حيث ارتفعت أسعار مواد البناء بنسبة 20 في المائة، بينما كانت تلك النسبة لا تتجاوز 10 في المائة سنوياً خلال السنوات السابقة..كما ارتفعت تكلفة اليد العاملة بنحو غير مسبوق مع مطلع العام الجاري وصلت إلى 30 في المائة، وذلك نتيجة لرفع تكلفة رخصة العمل بمقدار 2400 ريال للعامل الواحد والتي فرضتها وزارة العمل.

وبخلاف كل الاحصاءات المنشورة وحتى شبه الرسمية، أي صادرة من قبل لجان في مجلس الشورى المعيّن، فإن عبد الله بن صادق دحلان رئيس مجلس الأمناء لجامعة الأعمال والتكنولوجيا قدّر نسبة تملك السعوديين للمساكن بنحو 63 في المائة، في حين يسكن 32 في المائة بالإيجار، فيما يسكن أربعة في المائة في مساكن مقدمة لهم من جهات عملهم، وواحد في المائة في أخرى. وحتى يبرىء ذمته نسب الاحصائية الى التعداد العام للسكان والمساكن لعام 2010.

من جهتها نشرت صحيفة (الشرق الأوسط) في 6 مايو الجاري خبراً بعنوان (رؤية خادم الحرمين تسد فجوة معدلات تملك المساكن في السعودية)، ولا ندري كيف أن تلك الرؤية سدّت فجوة مازالت تتسع بوتيرة متسارعة. تقول الصحيفة بأن عاملين في القطاع العقاري والإسكاني في السوق السعودية أن تقود رؤية الملك عبد الله، إلى ردم الفجوة الحالية بين مستويات تملك المساكن في البلاد. ولكن السؤال:كيف؟ تقول الصحيفة بأن الرؤية تقوم على نقل صلاحيات منح الأراضي وقروض الإسكان من وزارة الشؤون البلدية والقروية إلى وزارة الإسكان. وماذا أيضاً؟ تخصيص 250 مليار ريال أي ما يعادل 66.6 مليار دولار، لبناء 500 ألف وحدة سكنية جديدة وتوزيعها على المواطنين. ولكن أين هي الوحدات، وأين هي قوائم أسماء المستحقين، وماهي المناطق التي سوف يتم بناء الوحدات السكنية عليها، وماهي المعايير المعتمدة في توزيع الوحدات؟

وعود كثيرة لاتتوقف عن الانطلاق، وأكاذيب تتلو اكاذيب فلا ما قيل عن أزمات ستصبح من الماضي، ولا مشكلات سوف تصبح ذكريات، فأزمة السكن والإسكان تتفاقم، وقائمة المنتظرين للفرج من الحكومة تطول، وإن المخصصات المالية تذكّر بالفساد المالي والاداري، وبدفعة جديدة من القطط السمان وجيل آخر من الفاسدين.

أمر واحد لم يلتفت له آل سعود ان المواطن الذي لا يمتلك سكناً ولا بمقدوره ذلك في المدى المنظور، لا يمكن ان يكون موالياً للنظام، بل يصعب ـ كما دلت بعض الاستقراءات ـ تنمية الحسّ الوطني لديه. وما يغيب عن آل سعود، أن موضوع الإسكان يمثل الضلع الثالث لمثلث الأزمة المتفجرة اضافة الى ضلعي البطالة والاعتقالات السياسية.

ليس لدى آل سعود منجز رغم المليارات.. وما ينتظرهم سوى الثورة. سرقوا الأراضي، وحرموا المواطن من فرص العمل، وجعلوه يعيش بدون مسكن. فماذا بقي لهم في دولة آل سعود؟

الصفحة السابقة