حبو نحو حقوق المرأة في السعودية!

فيفيان سلامة

كتبت فيفيان سلامه مقالاً بتاريخ 11 مايو الجاري حول البهرجة الاعلامية التي رافقت اعلان الملك عن تعيين 30 إمرأة في عضوية مجلس الشورى المعيّن. الزخم يتنامى في المملكة باتجاه القوانين التي تسمح للنساء بقيادة السيارة والاقرار بوجود العنف المنزلي. ولكنّها البداية كما تقول سلامه:

حين خلف الملك عبد الله أخاه وأصبح حاكم السعودية قبل ثمان سنوات، اعتقد كثيرون بأنه سوف ينفخ الروح في الاصلاحات. عرف بأفكاره المعتدلة نسبياً، وعد عبد الله بتحقيق تغييرات كثيرة وكبيرة للنساء، الممنوعات من قيادة السيارة ولابد لهن بحكم القانون من الحصول على موافقة الرجل (المحرم) للعمل، والسفر للخارج، وفي بعض الحالات، الخضوع لعملية جراحية.

المرأة المسلمة، كما قال الملك في كلمة له سنة 2011، قدّمت (الآراء والنصيحة منذ عصر النبي محمد)، و(نحن نرفض تهميش النساء في المجتمع في كل الأدوار التي تتطابق مع الشريعة)، كما يضيف الحاكم الهرم.

وفي غضون هذا الاسبوع، فإن السعودية شهدت الذكرى الثامنة لتولي الملك عبد الله العرش، بحسب التقويم الاسلامي الهجري، وأعلنت الحكومة بانها سوف ترفع الحظر المفروض على رياضة البنات في المدارس الاهلية في المملكة. وجاء ذلك بعد أسابيع حين أعلنت الحكومة بانها قدّمت تنازلاً ـ رفع الحظر على الإناث من ركوب الدراجات ودراجات السباق، ولكن بحضور محرم ذكر. القرارات تم الترحيب بها من قبل الكثير من الاصلاحيين ووصفت بانها (خطوات طفل)، ولكن قضايا رئيسية عديدة تبقى قائمة في حركة حقوق النساء في السعودية من الاحتفال بتقدّم حقيقي، بما في ذلك حق قيادة السيارة، وحق العمل بدون موافقة أو إشراف ذكر، وكذلك حق رعاية الطفل والدفاع عن نفسها قضائياً في حالات العنف المنزلي.

فقد حاربت النساء من أجل المساواة في السعودية طويلاً قبل أن ينفجر زئير السخط في بلدان مثل مصر وتونس. ومنذ أن بدأت الانتفاضات الإقليمية في 2011، فإن الحكومة السعودية، قلقة من أن مواطنيها قد ينظموا الى النداء من أجل التغيير، سعت الى إرضاء المعارضة بتنازلات في شكل قروض سكينة، وتقديمات إجتماعية، وحريات إجتماعية جديدة. ولكن تقول النساء بان الوقت قد حان لتغيير حقيقي.

تقول آية السيهاتي، سيدة أعمال وكاتبة سعودية (كل خطوات الطفل هذه محسوبة، ولكنها غير كافية). فهناك حاجة لـ (إزالة أي عوائق تجعل النساء غير متساويات مع الرجل فيما يرتبط بتقرير المصير، سواء فيما يرتبط بالحاجة الى إذونات المحرم للتعليم، والسفر، والطبابة، أو فيما يرتبط بالتعامل معهن على أساس المواطنة الكاملة، كالرجال، في الحقوق في السكن او المواطنة من أجل أطفالها).

قطعت النساء في السعودية شوطاً طويلاً منذ أن احتلت قصة رانيا الباز العناوين الرئسية. مقدّمة برنامج تلفزيوني مشهور كانت من بين الأوائل الذي كسروا التابو بالظهور بصورة علنية في معركة ضد العنف الأسري ـ صور من كدمات على وجهها احتلت المانشيتات الرئيسية عبر العالم في العام 2004.

وبحسب البرنامج الوطني لأمن العائلة في الرياض، فإن واحدة من ست نساء تتعرض للإساءة الجسدية، أو العاطفية، أو اللفظية كل يوم في السعودية، وأن 90 بالمئة من المسيئين هم عادة أزواج أو آباء. وفي أول حملة توعية عامة حول العنف الأسري قد تم إطلاقها في السعودية ـ باللغتين العربية والانجليزية ـ تحثّ الضحايا على الوقوف وطلب المساعدة. الحملة، التي أطلقت من قبل مؤسسة الملك خالد ومقرها في الرياض، تصوّر إمرأة بعيون سوداء ظاهرة من البرقع. الشعار يقول، باللغة العربية، (وماخفي كان أعظم..)، وباللغة الانجليزية (بعض الأشياء لا يمكن إخفاؤها).

عضوات مجلس الشورى المعيّن

بالرغم من حملة كسر الجليد هذه، يبقى أن ليس هناك تشريع يسساعد من الناحية القضائية ضحايا العنف الأسري من النساء، بحسب باحث في منظمة هيومان رايتس ووتش آدم كوجل. «ليس هناك تشريع قضائي يحمي النساء والبنات من العنف الأسري، والاغتصاب الزوجي لا يعتبر جريمة في السعودية، وليس هناك حماية قضائية يمكن لأي إمرأة أن تتمسك بها لمواجهة الإساءة) حسب قوله، (ومن أجل أن يحقق أي تغيير معبّر نتائج مرجوة، فإن قانون المحرم لابد من رفعه).

مهما يكن، ليس كل النساء السعوديات تعتقد بأن إزالة نظام المحرم هو الطريق الصحيح. المثال الأكثر تعبيراً هو حملة عام 2009 التي قامت بها روضة اليوسف وتدعى «محرمي يعرف ما هو خير لي» حيث عرضت فوائد نظام المحرم الذكر. يقول نقّاد هذا القانون بأن الحملات مثل هذه تعيد فحسب ترسيخ التصورات النمطية وتخلق تحديات لحركة حقوق النساء.

تقول راوان الشمري، 25 عاماً، وهي طبيبة من الخبر بالمنطقة الشرقية (إنه لإحراج كونها فحسب تؤبّد طبيعتنا الضعيفة المفترضة). وتضيف (من أجل أن يكون للتغيير المطلوب أثره المرجو لابد من رفع قانون المحرم. لابد أن تكون النساء مستقلات، ويجب على علماء الدين عدم محاولة تبرير سيطرتهم عبر الدين).

كانت هناك انتصارات عديدة قليلة ولكنها رمزية منذ العام 2011. في العام الماضي، احتفلت النساء في المملكة بقرار الملك عبد الله بالسماح للنساء بالمشاركة في الانتخابات البلدية في العام 2015 وأن تصبح أعضاء في مجلس الشورى ـ قرار تم انتظاره طويلا، بحسب الكثير من منظمات حقوق الانسان، التي ترى بان الأمر الملكي كان رمزياً أكثر منه عملياً.

في إبريل الماضي، سمحت وزارة العدل للمحامية أروى الحجيلي من جدة، كقاضي متدرب، بأن تصبح أول إمرأة بأن تمارس مهنة المحاماة في السعودية. مهما يكن، فإن الرحلة لم تكن إبحاراً سهلاً بالنسبة للحجيلي. لدى القضاة السعوديين الحق في فصل المحامي من قضية ما، دون تشريعات ضد التمييز العنصري (ذكر/أنثى). بعض القضاء يواصلون فصل الرجال عن النساء في غرف المحكمة.

وزارة العمل استجابت العام الماضي لنداء أطلق منذ زمن بعيد بالسماح للنساء بالعمل في محلات بيع الملابس النسائية في المملكة، وهو دور كان يضطلع به تقليدياً الرجال قبل الأمر الملكي الصادر سنة 2011. وحيث أن هذه الخطوة رفعت بصورة مؤكّدة الوصمة الاجتماعية، يشير كثيرون الى العملانية الاقتصادية للسماح للنساء بأن تتولى هذه الوظائف. فهناك أكثر من 28.000 إمرأة تقدّمت بطلبات على هذه الوظيفة حين أعلنت الوزارة لأول مرة عن هذا التغيير، بحسب احصاءات الحكومة. ومنذ شهر شباط (فبراير) فإن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (والتي تعرف بالشرطة الدينية) بدأت في مراقبة محلات الملابس النسائية الداخلية لضمان تطبيق حظر توظيف الرجال.

وحيث هناك عدد من النساء اللاتي يجادلن بأن استمرار حظر قيادة السيارة ف المملكة، يقول كثيرون بأن التغيير يعتبر ملحّاً بالنسبة للازدهار الاقتصادي في ضوء الانفجار السكاني في البلاد، والنمو المتضاءل في المرتبات، والفرض الوظيفية القليلة. تقول سيدة الاعمال والكاتب سيهاتي (العوائل..لا تستطيع تحمل الاستمرار في تقديم مرتبات، وسكن، ونفقات سفر السائقين الاجانب).

وحتى أفراد في العوائل المالكة يقدمون الدعم لحق النساء بقيادة السيارة. في إبريل، قال الملياردير السعودي الأمير الوليد بن طلال، وإبن أخ الملك، بأن السماح للنساء بقيادة السيارة له معنى اقتصادي. وقال (قيادة المرأة للسيارة سينجم عنه التخلّص من 500.000 سائق أجنبي على الأقل، وسيكون لذلك أثرٌ إقتصادي واجتماعي بالغ على البلاد)، بحسب تغريدة كتبها الأمير على حسابه في تويتر.

الصفحة السابقة