الخارجية الأميركية: سجلّ السعودية الحقوقي أسود!

توفيق العباد

اصدرت الخارجية الأميركية تقريرها السنوي عن حقوق الإنسان، خصت السعودية فيه بصفحات عديدة بلغت ٣٩ صفحة. وحسب التقرير فإن ﻣﺸﺎﻛﻞ ﺣﻘوﻕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ في السعودية تشمل كل أبعاد حقوق الإنسان المدنية والسياسية، بدءً من: ﺍﻓﺘﻘﺎﺭ ﺍﻟﻤواﻁﻨﻴن ﺇﻟﻰ ﺣق ﺗﻐﻴﻴر ﺣﻜوﻣﺘﻬم ﻭﺇﻟﻰ ﺍﻟوﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﻘﺎﻧوﻧﻴﺔ ﻟﺘﻐﻴﻴرﻫﺎ؛ ﻭﺍﻟﻘﻴوﺩ ﺍﻟﺸﺎﺋﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻘوﻕ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﻣﺜﻞ ﺣرﻳﺔ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴر، ﺑﻤﺎ ﻓﻲ ﺫﻟك ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻧﺘرﻧت، ﻭﺣرﻳﺔ ﺍﻟﺘﺠﻤﻊ ﻭﺗﺄﺳﻴس ﺍﻟﺠﻤﻌﻴﺎﺕ ﻭﺍﻻﻧﺘﻤﺎء ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻭﺣرﻳﺔ ﺍﻟﺘﻨﻘﻞ ﻭﺍﻟﺤرﻳﺔ ﺍﻟدﻳﻨﻴﺔ؛ مروراً بعدﻡ ﺗﻤﺘﻊ ﺍﻟﻨﺴﺎء ﻭﺍﻷﻁﻔﺎﻝ ﻭﻛذﻟك ﺍﻟﻌﻤﺎﻝ ﺍﻷﺟﺎﻧب ﺑﺤﻘوﻕ ﻣﺘﺴﺎﻭﻳﺔ، وشياع ﺍﻟﺘﻌذﻳب ﻭﻏﻴرﻩ ﻣن ﺿرﻭﺏ ﺇﺳﺎءﺓ ﺍﻟﻤﻌﺎﻣﻠﺔ؛ ﻭﺍﻻﻛﺘظﺎﻅ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺠوﻥ ﻭﻣرﺍﻛز ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﻝ؛ ﻭﺍﺣﺘﺠﺎﺯ ﺳﺠﻨﺎء ﻭﻣﻌﺘﻘﻠﻴن ﺳﻴﺎﺳﻴﻴن؛ ﻭانتهاءً باﻟﺤرﻣﺎﻥ ﻣن ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻤﺔ ﻭﻓق ﺍﻷﺻوﻝ ﺍﻟﻘﺎﻧوﻧﻴﺔ؛ ﻭﺍﻻﻋﺘﻘﺎﻝ ﻭﺍﻻﺣﺘﺠﺎﺯ ﺍﻟﺘﻌﺴﻔﻴﻴن؛ ﻭﺍﻟﺘدﺧﻞ ﺍﻟﺘﻌﺴﻔﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺸؤﻭﻥ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﻭﺍﻟﻤﻨزﻟﻴﺔ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻤرﺍﺳﻼﺕ، اضافة الى ﺍﻟﻌﻨﻒ ﺿد ﺍﻟﻨﺴﺎء، ﻭﺍﻻﺗﺠﺎﺭ ﺑﺎﻷﺷﺨﺎﺹ، ﻭ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴز ﺑﺴب، ﺍﻟﺠﻨس، ﻭﺍﻟدﻳن، ﻭﺍﻟطﺎﺋﻔﺔ ﺍﻟدﻳﻨﻴﺔ، ﻭﺍﻟﻌرﻕ ﻭﺍﻷﺻوﻝ ﺍﻹﺛﻨﻴﺔ، والتي تعتبر ﺃﻣوﺭﺍ شائعة في السعودية بحسب التقرير، فضلا عن غياب الشفافية وامكانية الوصول الى المعلومات الحكومية حول الخروقات الحقوقية.

بهذه الشمولية يبدو أن الحليف الأميركي يعترف بسجل الأمراء الأسود، ويفصّل فيه أيضاً. فأحكام الإعدام يشوب قانونيتها الشك، والناشطون لازالوا يقتلون كما هو الحال مع علي حسن المحروس (١٩ عاماً) من القطيف. اما التعذيب، فمزاعم الرياض بأن ليس هناك تعذيب في سجونها بحق معتقلي الرأي، فلم تقنع واشنطن، حيث يشير التقرير الى حالات عديدة من التعذيب أدت الى وفيات عديدة كما هي هي حالة خالد فهد الشمري.. كما أن أوضاع السجون ومراكز الاعتقال لم تستوف المعايير الدولية ما أدى الى احتجاجات المعتقلين كما حدث في بريدة. وترفض السعودية وجود مراقبين مستقلين لحقوق الإنسان يزورون السجون بشكل دوري.

وبشأن الإعتقال التعسفي فإن تقرير الخارجية الأميركية يشير الى أن هناك غموضاً في تطبيق الحكومة للقانون، كما ان هناك افتقاراً لإجراءات التقاضي السليمة، وهناك تجاوزات من قبل وزارة الداخلية التي يقول التقرير انها تتمتع بسلطات واسعة في الاعتقال بدون الاكتراث بتوفير مذكرات التوقيف؛ اما الاحتجاز فيتم لفترات غير محدودة وبدون اشراف قضائي، ويستمر لسنوات أحياناً.

ويقول التقرير بأن اعتقالات تحدث دون ان يبلغ أهالي المعتقلين او اصدقائهم بمكان وجودهم، والسلطات لم تحترم حقوق المحتجزين بالاتصال بأهليهم وذويهم. ويؤكد التقرير وقوع اعتقالات تعسفية رغم حظر القانون شملت زعماء دينيين شيعة.

وبالنسبة للقضاء فهو غير مستقل بنظر التقرير عن السلطة التنفيذية، فمطلوب منه دائماً تنسيق أحكامه مع وزارة الداخلية التي ترفض تنفيذ أوامر المحاكم إن لم يعجبها، كما في اطلاق سراح المعتقلين.

ولاحظ التقرير ان جلسات المحاكمات للناشطين كانت في معظمها سرية وليست علنية كما يفترض القانون، كما ان القضاة يقللون من قيمة شهادات المرأة او المسلمين الشيعة او السنّة الذين لا يمارسون الشعائر الدينية. وضرب التقرير مثلاً بمخالفة العائلة المالكة لأصول اجراءات المحاكمة من خلال استعراض قضية محمد صالح البجادي، الناشط السياسي وعضو حسم، حيث منعت المحكمة المراقبين من حضور الجلسات، ورفضت السماح لمحاميه بدخول قاعة المحكمة. كما استعرض قضية الشيخ نمر النمر، والشيخ توفيق العامر، والناشط عيسى النخيفي.

وأكد التقرير وجود تدخل تعسفي في الشؤون الخاصة للأفراد والأُسر وفي المراسلات والتجسس عليهم في اماكن العمل والسيارات الى حد مراقبة أو تعطيل استخدام الهواتف المحمولة والإنترنت. ويضيف التقرير بأن الحكومة راقبت بصرامة النشاطات ذات الصلة بالأمور السياسية واتخذت اجراءات عقابية كالإعتقال لمن انتقد علناً امراء العائلة المالكة، وكذلك من حاول تأسيس حزب سياسي. وزاد التقرير بان السلطات تقوم بشكل روتيني بفتح الرسائل والطرود، اضافة الى التجسس المباشر عبر الأفراد.

في مجال حرية التعبير والصحافة يقول التقرير (لا يحمي القانون المدني السعودي حقوق الانسان بما في ذلك حرية التعبير عن الرأي وحرية الصحافة) وقدّم مطالعة لنظام المطبوعات السعودي والعقوبات الوارد فيه، وحظر الكتابة على الأفراد، كما ان الحكومة تمتلك كافة وسائل الإعلام المطبوعة والمسموعة وبالتالي يعتقد التقرير انه لم تكن هناك حاجة لاجراءات حكومية علنية لمزيد من التقييد باعتبارها المالك لتلك المؤسسات. وفي مجال الانترنت تزايدت عمليات المراقبة والحجب للمواقع، ووجهت تهماً لمن يعبر عن معارضته عبر النت تشمل التخريب والكفر والردة؛ كما اعاقت اجهزة الأمن حرية التعبير في المجال السياسي وحظرت على الموظفين المشاركة بآرائهم بأي شكل كان في الاعلام المحلي او الخارجي. وضرب التقرير أمثلة ممن تعرضوا للقمع بسبب التعبير عن آرائهم مثل عمر السعيد ووليد ابو الخير وتركي الحمد ورائف بدوي وغيرهم.

يضاف الى هذا كله القمع الرسمي للحريات الأكاديمية والمناسبات الثقافية والتعبير الفني العلني وعروض المسرح والموسيقى، وحظرت السلطات على اساتذة الجامعات استضافة اجتماعات اكاديمية بل انها الغت ندوة عشاء في الجبيل جمعت ناشطين محليين بغرض الدعوة للتعايش السلمي بين الشيعة والسنّة.

ولا يوفر القانون السعودي حرية للتجمع او تكوين الجمعيات، بل يعاقب عليها، واستخدمت الحكومة الترهيب لثني المواطنين عن المشاركة في المظاهرات المستمرة في القطيف حسب التقرير، واطلقت النار، وفككت اعتصامات نسائية في بريدة وحائل والرياض ومكة والجوف. وبشأن حرية السفر، اقرّ التقرير بأن هناك قيوداً شديدة مفروضة على النساء والأقليات من السفر للخارج، واحصى التقرير عشرين حالة لناشطين منعوا من السفر بسبب نشاطهم الحقوقي او السياسي، بمن فيهم الصحفية ايمان القحطاني اضافة الى ٦٠ مواطناً شيعياً.

ومن المواضيع الحساسة التي تطرق اليها تقرير الخارجية الأميركية مسألة عديمي الجنسية (او بدون جنسية) فيقول ان عددهم كبير في البلاد، ولكن البيانات الحكومية نادرة. وبشأن التمييز، فإن تقرير الخارجية الأميركية السنوي أكد رسوخه رسمياً ضد المرأة وضد الأقليات العرقية والأثنية اضافة الى التمييز العنصري ضد العمال الأجانب من أفريقيا وآسيا، بل ان هناك تمييزاً بناء على الأنساب القبلية. ويقول التقرير ان الكثير من حالات الاعتداء على العمال الأجانب وقعت كما ان اساءة المعاملة لهم قائمة على نطاق واسع. وتابع: (استمرت معاناة الأقلية الشيعية من التمييز الاجتماعي والقانوني والاقتصادي والسياسي ضد المنتمين اليها).

الصفحة السابقة