الحرب الحكومية على العودة تصل الى المكتبات!

معركة القضاء على البديل!

منذ أشهر عديدة والسلطات السعودية تهاجم من تسميهم بالسروريين او (النسخة السعودية
للإخوان المسلمين) وفي مقدمتهم الشيخ سلمان العودة، حسب تصنيف السلطات.
وتخشى الحكومة السعودية من أن يصبح العودة الرمز البديل السياسي والديني

توفيق العباد

يصعب على النظام ان يرى شخصية مثل سلمان العودة تنافس في مكانتها مشايخ النظام وحتى امراء آل سعود في الشعبية ضمن محيط النظام الإجتماعي والديني. يصعب على الأمراء ان يقبلوا بالعودة في وضعه المهادن الحالي، فيما تتضخم شعبيته على حسابهم وحساب مشايخهم. فإما ان يكون معهم، وإما يكون مصيره التشهير والحرق الإجتماعي ووضع الكوابح له.

لو كان وزيراً لطيّروه مثلما حدث للمرحوم القصيبي أثناء توليه وزارة الصحة.

ولكن الرجل ليس طوع بنانهم، ولم يستطيعوا ضمّه الى صفوفهم رغم محاولاتهم عبر فتح المجال له في الإم بي سي ذات مرة، ويمكن لهم ان يعتقلوه كما فعلوا من قبل، ولكنه حريص على أن لا يعطي مستمسكاً للأمراء ضدّه. الحل هو منعه من السفر، وقد فعلوا، وبإمكانهم التشويه والتضييق والتهريج الإعلامي ضدّه، ورميه بالإتهامات الكاذبة، ابتداءً من الشريان، وانتهاء بمباحث النظام او بيضه على تويتر والفيس بوك.

هذه المرة، أمرت السلطات بسحب كتب العودة والداعية طارق السويدان من المكتبات؛ وكانت الأداة القمعية: (هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)، وكأن البلد لا تستطيع ان تعيش برقابة جهة واحدة، فالجميع يراقب: الداخلية والإعلام والقضاء وهيئة الأمر بالمعروف والإتصالات ومدينة الملك عبدالعزيز للتقنية وغيرها.

سُحبت كتب المخالفين من التداول بحجة التطرّف، فيما تركت السلطات مشايخها المتطرفين يروجون فتاوى التكفير والتهريج والتطرف وينشرونها في كل العالم، بل ويغذون النشء الجديد عليها في مناهج التعليم.

صحفيون وحقوقيون استسخفوا القرار الحكومي، ورأوا انه نابع من خصومة سياسية، ورفض العودة تحديداً أن يكون أداة بيد العائلة المالكة؛ وأكد كثيرون على مواقع الإنترنت بأن قرار منع كتب العودة من التوزيع يزيد في انتشارها؛ فلا منع مع وجود الإنترنت، والدولة التي تخشى من كتاب او صاحب رأي هي دولة هشّة؛ وأن زمن الحجب انتهى.

الناشط والمغرد الدكتور النعمي قال بأن قرار سحب كتب العودة والسويدان من المكتبات بمثابة محاولة شيطنة مشينة (فكتب هؤلاء قمة في الوسطية والاعتدال). والدكتور عبدالمجيد جلال يرى أن الدولة التي تخشى من كتاب او دار نشر او صاحب رأي إنما هي دولة هشّة. وجزم الصحفي عبدالله العلويط بـ (أن ما تمّ تحميله من كتبهما عبر الإنترنت بعد قرار السحب يمثل أضعاف ما سيتم بيعه لو لم تسحب الكتب)، في حين يعتقد وحيد الغامدي بأن كتب ابن تيمية وكتب الولاء والبراء أكثر خطراً. ويستنتج المغرد الكنهل: (من يقف وراء القرار واضحٌ انه يجهل حتى الآن كيفية استخدام الإنترنت). ولهذا فإن منع الكتب قرار غبي جداً في عصر العولمة كما يقول الصحفي عبدالله الكويليت. أو هي سياسة بائدة كما تراها الناشطة عزيزة اليوسف. لكن هناك قلق من قبل الناشط الحقوقي يحيعسيري، فإن استمرار منع الكتب المعتدلة، لن يبقي سوى كتب التكفير وتقديس ولي الأمر، والدماء الطبيعية للنساء.

اما صحفي السلطة، محمد آل الشيخ، فلم يؤيد سجن العودة، ولكنه كان مستثاراً من أن الأخير أوّلَ وضعّفَ أحاديث الطاعة لولاة الأمر آل سعود! الغريب ان الملك في برقية تهنئته بفوز السيسي يقول له ناصحاً: (ليكنْ صدركَ رحباً فسيحاً لتقبّل الرأي الآخر، مهما كان توجّهه). ويعلق المعارض كساب العتيبي على ذلك بالقول: (قاموا بسحب كتب سلمان العودة من المكتبات، ويعتقلون الآلاف في سجونهم، ثم يتحدثون عن الرأي الآخر. نَعْنَبو شواربكم).

وتضامن إمام الحرم المكي السابق الشيخ عادل الكلباني مع العودة رمزياً؛ والدكتورة مضاوي الرشيد علقت: (يا صبر هذا الشيخ على القمع والأذيّةْ، رغم أنه لا يقول إلا خمسة بالمئة مما يجول في خاطره). وأضافت: (الفكرة لا تُسحبُ من السوق، بل تبقى محفوظة في الذهن). وشرح الكاتب المشوح دور هيئة الأمر بالمعروف في سحب الكتب، فقال انه يحق لها حسب المادة 12 من نظامها في (مراقبة الممنوعات، مما له تأثير على العقائد او السلوك او الآداب العامة مع الجهات المختصة).

الصفحة السابقة