عبدالرحمن الرميح عبدالرحمن الصبيحي بندر النقيثان

بتهمة الكتابة في تويتر:

محامون في السجون

سعدالدين منصوري

سيأتي وقت نقول فيه: بأن من لم يعتقل من المواطنين في عهد الملك عبدالله، فإنه لن يُعتقل في أي عهد قادم!

الإعتقالات الاعتباطية والمحاكمات القضائية الفاسدة التي لا تلتزم لا بمعايير دين ولا معايير دولية.. تتواصل بوتيرة متسارعة جداً، وتشمل كل أحد، لكلمة قالها، او لتصريح في مقابلة صحفية او تلفزيونية، أو دون ذلك، كأن تكون تغريدة في تويتر. والضحايا متنوعون من كل المذاهب وكل المناطق وكل التخصصات: رجال دين، حقوقيون، ناشطون سياسيون، أطباء، مدرسون، مفكرون، صحفيون، كتاب، وغيرهم. وها نحن الآن امام قضية غريبة تمس المحامين.

فقد انتقد ثلاثة من المحامين هم الدكتور عبدالرحمن الصبيحي الأستاذ السابق بالمعهد العالي للقضاء، والقاضي السابق عبد الرحمن الرميح، وبندر النقيثان المحاضر السابق بكلية الحقوق بجامعة دار العلوم.. انتقدوا وزارة العدل في حساباتهم بتويتر. بعض النقد له علاقة بقضايا ادارية، وبعضها الآخر له علاقة بالأحكام التعسفية. رد وزير العدل ـ الذي شمله النقد ـ ان أصدر أمراً بمنع المحامين من الكتابة في تويتر تحت طائلة سحب الترخيص بالمحاماة، ثم أدّعت وزارته على المحامين بأنهم يثيرون الرأي العام، وحاكمتهم في محكمة متخصصة في مكافحة الإرهاب، وسحبت رخصة المحاماة منهم، لتصدر حكماً مذهلاً بحبسهم لمدد تصل لثمان سنوات؛ ومنعهم من السفر، والمنع من الظهور في الإعلام، او وسائل التواصل الاجتماعي لفترة غير محددة.

والعجيب أن وزارة الاعلام حاكمت المحامين الثلاثة، وبنفس التهم، وغرمتهم مالياً بمليون ريال، وذلك قبل بضعة أشهر من هذا الحكم العجيب!

أحد المحامين المحكومين عبّر لصحيفة وول ستريت جورنال الأميركية عن صدمته الشديدة من الحكم، ووصفه بأنه غير قانوني وغير شرعي. وقال بأن الحكم يدمر سمعة المحكمة وتساءل: (ما علاقة تويتر بتهديد الأمن الوطني)؟ وتقول الصحيفة الأميركية بأن احد المحامين الثلاثة هو خريج جامعة هارفرد في القانون، وقد عبر عن احباطه من اداء وزارة العدل بالتغريد في تويتر، خاصة بعد ان فشلت في تطبيق الإصلاحات التي انفقت الحكومة عليها ملياري دولار في مشروع اعلن عنه الملك في اكتوبر ٢٠٠٧.

الأكثر غرابة، ان خاتمة الحكم جاء فيها تهديد يقول ما نصه: (وأوصت المحكمة في نهاية الحكم على كافة من سلك مسلك المدّعى عليهم أو قريباً منه، في الإرجاف عبر وسائل الإعلام او التواصل الاجتماعي، ان تسلك به جادتهم حتى تغلق منافذ الشر، وليس المؤيد والمدافع والمنافح ومن يحوم حول حمى الشرع وأمن البلاد والعباد بمنأى عنهم).

فالمواطن هنا يشمله تهديد صريح، ولكن ممن مطلوب منه أن يحمي العدالة ويطبقها. جاءت التهمة من القضاة أنفسهم، وليس فقط من أمراء طغاة مستبدين.

ان كانت هناك من حسنة في كل ما يفعله ال سعود وقضاؤهم، هو أن ثقة الناس بالقضاء زالت، وان أحداً لا يصدق الاتهامات ولا عدالة الحكم. الموجود مجرد عنف سلطوي سياسي أعمى يريد إخماد أنفاس المواطنين، ونظن أنه سيرتد عليه عاجلاً أم آجلاً.

فتحت أحكام المحامين هذه شهية النقد للسلطات القضائية السعودية، سواء لدى الأفراد او الصحفيين، والأهم منظمات حقوق الإنسان الإقليمية والدولية.

الصفحة السابقة