المجرم فيحان الغامدي وابنته لمى الضحية

جريمة يهتزّ لها عرش الإله

قضاء آل سعود يبرّيء معتدٍ على ابنته وقاتل لها

محمد شمس

قاضيان في النار، وقاضٍ في الجنّة.

ونظنّ أن معظم قضاة آل سعود لهم مصير واضح ومعلوم؛ فما يطلقونه من أحكام في تبرئة الذات، والتنكيل بالخصوم لا يمكن أن يصدر إلا من أصحاب الهوى.

قاتل طفلته لمى تعذيباً، والمعتدي جنسياً عليها.. المطوّع الوهابي المتطرف فيحان الغامدي، تمّت تبرئته مؤخراً.

المجرم الذي اعترف بجريمته، وأنه كسر أضلع ابنته وجمجمتها ويدها اليسرى، اضافة الى حرقها واقتلاع أظافرها، حتى ماتت في المستشفى في اكتوبر ٢٠١٢.. نال شهادة البراءة من القضاء السعودي النزيه، بل الأنزه عالمياً كما يقول أحد قضاة النار، وعضو الشورى حالياً، عيسى الغيث، ويقول أنها (شهادة لله)!

قصة هذا الفيحان المجرم قديمة، وتعود لعام ٢٠١١. لكن الجديد فيها هو أنه نال براءة من تهمة الاغتصاب! ومن تهمة القتل الخطأ حتى، وكل تهمته مضحكة وهي (الإسراف في التأديب)، أي أنه أسرف في تأديب ابنته فماتت! ترى ما هو الجرم الذي تقوم به طفلة لم تبلغ السادسة من عمرها، فيكون تأديبها بمثل هذه القسوة التي تؤدي الى مقتلها؟

الغريب انه سبق ان أدين المطوع الوهابي فيحان الغامدي في حكم ابتدائي بتهمة اغتصاب وقتل طفلته، وكان الحكم عليه عجيباً في قضاء آل سعود، وهو السجن لثمان سنوات، وجلده ٨٠٠ جلدة، وغرامة بنحو مليون ريال.

قضاء آل سعود هو الأنزه عالمياً

الآن الرجل خرج بريئاً، طاهراً كما ولدته أمه بعد ان قضى ثلاث سنوات في السجن، إذ كيف يُدان داعية وهابي يملأ شاشات قنوات الوهابية، حتى لو اعترف بأنه عذب ابنته بالكابلات؟

وزارة العدل التي برّأت المجرم، كانت تتوقع ان يغضب الناس، وان يتهموا القضاة بالظلم والفساد كما هو الواقع، ولذا أصدرت تصريحات باسم المتحدث عنها الشيخ منصور القفاري تزعم فيها تطبيق معايير العدالة ومتطلبات الحياد، وان الزوجة طلبت القصاص من زوجها القاتل ثم تصالحت معه. وهددت الوزارة بأنها (لن تسمح باستغلال وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي بنشر معلومات مغلوطة تحمل الاساءة لقضاء المملكة او الطعن بعدالته).

لكن المواطنين لم يأبهوا وتحدّوا قضاة النار على مواقع التواصل الاجتماعي، منددين بالحكم الجائر، وبأسمائهم الصريحة. يقول الكاتب والصحفي عبدالله الكويليت متألماً: (هناك قُبحْ وفظاعة وغضب مكتوم. هناك إهانة عميقة لكل ما هو إنساني بداخلك)؛ والمحامي عبدالرحمن اللاحم يعيد السؤال المنطقي بعد الحُكم: (من قتل لمى إذن، والتقارير تقول ان هناك عنفاً مورس بحقها أدى الى وفاتها؟)، مضيفاً: (وأين محامي الطفلة المجني عليها؟ ألم يتطوّع محامٍ للدفاع عن دمها؟).

حقاً.. كما قال مغرّد، بأن (جريمة كجريمة هذا الوحش يهتزُّ لها عرشُ الرحمن، بينما في مملكة قرن الشيطان لا تهتز لمنظومة الحكم شعرة)! ووصف الجريمة آخرون فقالوا إنها (فجيعة إنسانية)؛ وتحدّت وداد منصور: (عنْ جدّْ. مع القضاء السعودي، مشْ حنبطّل هشتقة. كل يوم مهزلة جديدة)؛ وأضافت أخرى مخاطبة المجرم: (حصلتَ على البراءة يا فيحان. لكن الخلق شهداء الله في أرضه. لعنات الله عليك تترى يا مجرم)؛ وزادت: (من يدير محاكمنا؟ بأي عرف او قانون يُعتبر القتل مجرد تأديب).

وذكر المواطنون بأن النظام يسجن شاعراً بسبب تغريدة، ويجلد مواطنين من أجل تغريدة، ويحاكم إصلاحيين بسبب تغريدة، في حين أن قاتلاً كالمطوع فيحان، يخرج من باب المحكمة مبرّءاً من كل تهمة، عدا تهمة (الإسراف في التأديب).

وصرخ المغرد غسان بذهول: (الله يجعلنا كفار اذا تطبيق الشريعة يبرئ قاتل ابنته. أُقسم أننا أبعد الناس عن الشريعة. أقسم أن الإسلام خرج من هنا ولم يعد). الويل لقاضي الأرض من قاضي السماء، أكلُّ الكسور في الجمجمة والأضلع والرضوض مجرد إسراف في التأديب؟ أم يريد قضاة آل سعود أن أن يردّونا الى عصر الجاهلية؟!

الصفحة السابقة