رجل كنز، وبنتٌ عار!

أراد أحدهم تمجيد الرجل السعودي وتبيان فضائله، فوصفه بـ (الكنز). لكن هذا الرجل السعودي، المسحوق من حكومته، والذي لا تحترمه هذه الحكومة، ولا تهتم بمشاكله، فلا رأي له ولا دور، يُساق بالعصا، وقد كان يتمتع بشيء من الجزرة التي اختفت مع تناقص الإيرادات النفطية. كيف لم تكتشف العائلة المالكة أن لديها كنوزاً، فتحافظ عليها؟ لماذا تعامل العائلة المالكة الرجال في مملكة الرجال وكأنهم أشبه ما يكونوا بقطيع، فلا ترى فيهم كنزاً يستحق الإهتمام به ورعايته؟

ابتداءً يجب أن نميّز بين (الرجل) و (الذَّكَرْ). فالرجل الذي يتمتع بمواصفات الرجولة، يختلف عن الذكر، او الذكور، فكلمة الطير تجمع بين الصقر والدجاجة.

النساء السعوديات لا يعتقدن بأن الرجال السعوديين (كنوز). تسأل إحداهن: (متأكدين أنكم تقصدون الرجل السعودي؟ أحسّ أنكم غلطانين. الرجل السعودي غُثاء؛ وَهْم؛ لكن لا بدّ منه)! أخرى تطلب: (تأكدوا من المعلومة، الله يصلحكم)! ثالثة تسخر، بأنه كنز (عشان كذا المغربيات والروسيّات يحبّونه)! فترد صاحبتها بأنه إن كان الرجل السعودي كنزاً، فـ (كل حُرْمَةْ تدفنْ كنزها)؛ لتعترض عليهما أخرى وتقول بأن الرجل السعودي كان كنزاً، يوم كان سعر النفط غالياً. ودَعت احداهن الله: (يا رب يِجُونْ القراصنة فيأخذونه)!

مقابل هذا الكنز السعودي الذي لا يفنى، فاجأنا داعية وهابي صغير ومتطرف، هو علي المالكي، فقال بأن البنت عار، وأن من يتزوج ابنة احدهم، فقد فعل فضلاً ان حمل همّها وعارها. وقد ووجه المالكي بحملة انتقادات واسعة، وأفسحت السلطات لصحفييها بشتمه في مقالات بالعشرات، وفي كل الصحف، وذلك لإثارة قضايا جانبية تخفف الوطأة عن نقد النظام في ظل ظروف سياسية وأمنية قامعة، وفي ظل أزمة اقتصادية مستفحلة وفساد مستشري في كل أجهزة الدولة.

ولربما أيضاً، لو كان المالكي من المنطقة المفضلة للنظام، ونقصد نجد، لما أفسح الطريق للتعريض به؛ فما أكثر ما يقوله مشايخ نجد، ضد المرأة، وكان للتو الشيخ عبدالله السويلم قد قال كلاماً عن المرأة أسوأ مما قاله المالكي، ولكن أحداً لم يعترض عليه، ولم يُكتب خبراً او تُنشر مقالة عنه.

المالكي وإزاء الهجمة الإعلامية في الصحافة ومواقع التواصل الاجتماعي تراجع قليلاً، مضيفاً أن بعض القبائل في الجنوب يقصدون بجملة (عار الرجل) أي شرفه، وأنها صدرت منه بعفوية، وأنه لم يقصد الحطّ من قدر النساء. لكن ذلك لم يقنع أحداً. ومعلوم أن الشيخ علي المالكي يعرف نفسه بأنه دكتور، مع أن الدكتوراة والماجستير أخذهما من جامعة وهمية، كما يؤكد ذلك المتخصص في هذا الأمر الدكتور موافق الرويلي. لهذا قال له الأخير بأن شهاداته هي العار. وقال له آخر: (من العار ان يشتري الشخص شهادة مزورة). واتهمه ثالث بسرقة أموال التبرعات لسوريا، وانه اشترى بها رولزرويس، واطلق عليه لقب: (لص التبرعات).

وزيادة على هذا فإن الشيخ علي المالكي، طائفيّ حتى النخاع، بل وعنصري أيضاً بشكل مقزز. هو من قال أن (الشاب الشيعي عندما يكون طفلاً يكون مقبول الوجه) وانه اذا كبُر (يسلخ الله وجهه فيصبح كوجه الخنزير). وأن وجوه المواطنين الشيعة تشبه مقدمة سيارة الفلكس واجن، بل ويقول انه كلما رأى تلك السيارة يتذكر مقدّمة وجه المواطن الشيعي، بل ويقسم على ذلك: (أي والله)!

الشيخ عادل الكلباني ردّ على المالكي فقال: (البنت مَهِيْبْ عار. البنت سِتر من النار). معتمدا على حديث: (من ابتُلِيَ من البنات بشيء، فأحسنَ اليهنَّ، كُنَّ له ستراً من النار).

ووصف الإعلامي سلطان الجميري علي المالكي بأنه سفيه، وأنه (عارٌ من ساسِهِ الى رأسه)؛ وأضاف: (حسافَةْ أن يسأله أحدٌ في مسألة في دينه، أو أن تقدّمه القنوات للجمهور). واعتبر آخر المالكي من الجاهليين المعنيين بقوله تعالى: (وإذا بُشِّرَ أحدُهُم بالأُنثى، ظلَّ وجهُهُ مُسْوَدّاً وهو كَظِيمْ). وحديث الرسول: فاطمةٌ بضعة منّي، يُريبُني ما رابها، ويؤذيني ما آذاها.

يتساءل المفكر المحمود: (أين المرأة التي قال لها هؤلاء الوعّاظ أنها دُرّةٌ مصونة، ومَلِكَةْ،وحتى كَعَكَةْ؟)؛ وأضاف: (قلنا لكم مليون مرة: إن الخطاب الديني التقليدي يحتقر المرأة)؛ وهو هنا يقصد الوهابية. وترفع الكاتبة همسة السنوسي الصوت غاضبة فتقول: (العار علينا كسعوديين يا علي المالكي. مَنْ فَضَحَنا مع أخواتنا اللاجئات السوريات، والنساء حول العالم، بالزواج بنيّة الطلاق؟)؛ والناشط علي آل حطاب يخلص من توصيف عار الشيخ المالكي فيقول: (يعني الأم اللي أنجبتهُ كانت عاراً، وزوجته كانت عاراً، وابنته الآن عار. ولَدُ عارٍ؛ زوجُ عارٍ؛ عارٌ أبو عار. يسبُّ نفسه والمجتمع من حيث لا يفقه).

وانبرى الصحفي البراء العوهلي وقال: (قبّحَ الله هذا الفكر وكل من يحمله. البنتُ شرف، والعار هو أنت، وكل من يحمل هذا الفكر العفن)؛ واضاف: (أنا لا ألوم المالكي، فهو مجرد جاهل في نظري، لكني ألوم المجتمع الذي صدّر وأبرز هذا الرجل وأمثاله). وذكّرنا أحدهم بأن الشيخ علي المالكي هو الذي حلّلَ لولي الأمر ـ أي الملك (قتل ثلث الشعب، لبقاء الثلثين). وللحقّ فإن من قال ذلك قبله، هو رئيس مجلس القضاء الأعلى السابق، الشيخ صالح اللحيدان، ثم جاء هذا على منواله، فلماذا تُرك ذاك، الذي هو ارفع رتبة ومكانة؟

الصفحة السابقة