السعودية في طورها الثالث: الوظيفية المطوّرة

سعد الشريف

مرّت المملكة السعودية منذ احتلال الرياض عام 1902 وحتى الآن بأطوار ثلاثة:

الأول: التأسيس (1902 ـ1964)

الثاني: المأسسة (1964 ـ 2015)

الثالث: الوظيفية المطوّرة (2015 ـ ...).

1 ـ المؤسِّس والتأسيس

على الضد من الكيانات الجيوسياسية التاريخية، فإن المملكة السعودية ذات الوشائج المندغمة بنيوياً، في مستوياتها الدولتية والجيوسياسية والسلطوية، لا تجسد متّحداً بالمعنى السياسي والانساني، أي لم تكن الدولة السعودية تظهيراً لمتحّد أمة، الأمر الذي يبقيها في حالة ارساء وإعادة إرساء متواصلة.

نجح مؤسس الدولة السعودية الثالثة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود (ت 1954) في إقامة كيان جيوسياسي أسبغ عليها إسم عائلته، فكان اعلان المملكة العربية السعودية سنة 1932، ولكنها بقيت أقرب الى الدولة السلطانية منها إلى الدولة الوطنية. بكلمات أخرى، أن ابن سعود نجح في إقامة سلطة في هيئة دولة، ولكنّه لم يعمل على تأهيل شروط انتقالها الى دولة وطنية، بتحويل المملكة، بالمعنى السياسي، الى أمة (nation) بالمعنى الإنساني والحضاري.

إتّكل عبد العزيز على المنجز التاريخي، تأسيس الدولة، وجعل من قيادته الكاريزمية بديلاً عن بناء دولة حديثة في تسيير شؤون الحكم. فكان يتولى عبد العزيز بنفسه إدارة الملفات الداخلية والخارجية والمالية، وكان قصره بمثابة مبنى مجلس الوزراء، إذ كان يعقد جلسات منتظمة مع مسؤولي الملفات الخارجية والمالية في قصره، ويصدر قرارات بشأنها، وفي حالات كثيرة كان يكتب البرقيات الى رؤوساء الدول، أو يملي هو على أحد موظفي القصر الرسائل والبرقيات. وقد سلّم الملف المالي بيد عبد الله بن سليمان، قبل تأسيس «مديرية المالية العامة»، سنة 1926، وسلّم إبنه فيصل، الملك لاحقاً، ملف السياسة الخارجية، وكانت خاضعة تحت «المديرية العامة للشؤون الخارجية» وتأسست سنة 1930، فيما كان ملف الشؤون العسكرية يدار من «وكالة الدفاع» وتأسست سنة 1946.

طغى الطابع الشخصي على إدارة شؤون الحكم خلال الفترة ما بين 1932 ـ 1954، وبصرف النظر عن نتائج السياسات التي رسمها عبد العزيز لدولته الناشئة على مستوى العلاقة بين الدولة والمجتمع، أو على مستوى التحوّل الوطني، أو حتى على الاشتراطات الجوهرية لدولة وطنية مكتملة النمو، فإنه نجح في درء أخطار جدّية كانت تهدد مصير الدولة لا سيما إبان الحربين الكونيتين الأولى والثانية. كان عبد العزيز يقظاً لناحية اقتناص اللحظة التاريخية المناسبة لبناء تحالف تاريخي متين وراسخ في ظل تحوّلات دولية كبرى حصلت بعد الحرب العالمية الثانية، فقد انحاز الى جانب الحلفاء رغم التزامه سياسة الحياد من الناحية العسكرية. وأرسى علاقة استراتيجية مع الولايات المتحدة تقوم على مبدأ «النفط مقابل الحماية» عقب لقاء مصيري على ظهر باخرة كوينسي في البحيرات المرّة بقناة السويس مع الرئيس الأميركي روزفلت في 14 شباط (فبراير) عام 1954 والذي وضع «بذرة علاقات الصداقة بين البلدين» حسب الرئيس الأسبق بيل كلينتون (1).

أرسى الملك عبد العزيز معادلة حكم مصمّمة لاحتكار العرش وتوارثه بين أبنائه وأحفاده دون بقية الأجنحة، وتولى بنفسه ترسيخ المعادلة وإن تطلب استخدام القوة ضد إخوته وأبناء عمومته. وفيما خسر شقيقه الأكبر، فيصل، فرصته في تداول السلطة، نجح عبد العزيز في تثبيت نفسه، وبقوة السلاح، حاكماً مطلقاً بعد احتلاله الرياض عام 1902. فلم يكن هناك من منافس جدّي من أبناء عمومته المتحدّرين من عبد العزيز بن سعود بن فيصل بن تركي، المعروفين بإسم العرّافة وهم (سعود الكبير ومحمد وفيصل وتركي). وقد لجأ سعود ومحمد الى الشريف حسين في الحجاز وجمعا قبائل العجمان والحساسنة بهدف قيادة تمرّد ضد عبد العزيز سنة 1908، ولكنّه نجح في القضاء على التمرّد، وحين طاف على أسرى التمرّد قام بقطع رؤوس ثمانية عشر قائداً في وقت واحد، وأبقى التاسع عشر على قيد الحياة كيما يقوم بنقل ما رآه الى ابناء عمومته وحلفائهم من القبائل للكف عن التفكير في المشاركة في الحكم (2).

وبصورة إجمالية، ثبّت عبد العزيز سياسة تؤول الى تقويض فرص المنافسة على الحكم وتقوم على: المصاهرة لاستمالة القبائل التي قد تنافسه على العرش، وثانياً استخدام القوة العسكرية في حال الضرورة.

كان التحدّي الأكبر الذي واجهه عبد العزيز يأتي من الفرع الرئيسي في العائلة، المتحدّر من سعود الكبير، ولذلك سعى الى إحباط تطلعات هذا الفرع بتزويج إحدى أخواته، نورة، بالمطالب الرئيسي بالحكم، سعود بن عبد العزيز بن سعود الكبير، ليستميل بذلك أسرة عبد العزيز الكبير وكسب تأييدها كما جعلها تشارك في حكم فرعه في العائلة. واتبع التكتيك نفسه مع الحليف الديني من أسرة محمد بن عبد الوهاب، إذ سار على خطى سلفه محمد بن سعود بالزواج من إبنة محمد بن عبد الوهاب، فتزوج عبد العزيز من إبنة عبد الله بن عبد اللطيف آل الشيخ، التي أنجبت فيصل.

في كل الأحوال، كان على عبد العزيز أن يضاعف جهوده لاحتواء التطلعات السياسية لدى إخوته التسعة، وقد شكّل أخواه محمد وعبد الله تحدّياً جدّياً لمشروعه في تشكيل سلطة عمودية. تفيد الحوادث اللاحقة أن محمد وعبد الله لعبا دوراً إيجابياً في تسوية النزاع على السلطة بين فيصل وسعود، ودخلا في وساطة إلى جانب الأمير فهد، الملك لاحقاً، لإقناع سعود بالتنازل عن السلطة لصالح أخيه فيصل. وفي النتائج، استطاع عبد العزيز أن يحسم معادلة الخلافة كما حسم قبل ذلك أمر الكيان، ولكن ثمة تحدّيات فرضت نفسها على الخليفة والخلافة في المملكة السعودية ما يجعلها عرضة لتقلبات متفاوتة في حدّتها، وفي أوقات بالغة الحساسية هدّدت بتصدّع الكيان..

2 ـ المأسسة:

مثّل عهد الملك سعود (1954 ـ 1964) امتداداً وظيفياً لطور التأسيس، إن على مستوى النمط البدائي في إدارة شؤون الحكم، أو على مستوى هيكلية الدولة، التي لم تشهّد تطوّراً لافتاً سوى عقب النزاع المفتوح بين فيصل وسعود على طريقة إدارة الحكم وآلية صنع القرار.

وليس من المجازفة القول بأن حقبة فيصل طبعت نصف قرن من الزمن (1964 ـ 2015). فقد أرسى معادلة للسلطة تكفل وصول الحلفاء الذين ناصروه في صراعه مع أخيه الأكبر، سعود، في الفترة ما بين (1954 ـ 1964). فالملوك الذي تناوبوا على العرش السعودي بدءاً من خالد بن عبد العزيز (1975 ـ 1982)، والملك فهد (1982 ـ 2005)، وعبد الله بن عبد العزيز (2005 ـ 2015) وأخيراً سلمان بن عبد العزيز (2015 ـ الآن) كانوا في المعسكر الذي ناصب الملك سعود العداء وانحاز الى معسكر فيصل وقطف ثمرة انحيازه تناوباً على العرش..

ليس هذا فحسب، فإن خطّة مأسسة الدولة السعودية بالانتقال من الساحل (الحجاز) الى الداخل (نجد) خلال عقد من الزمن (1964 ـ 1974)، والتي وصفت بكونها التأسيس الثاني للمملكة السعودية، بتشكيل الجهاز البيروقراطي للدولة، كان نصيب الأسد فيه للجناح السديري، حيث أمسك الأمير نايف بوزارة الداخلية، والأمير سلطان بوزارة الدفاع، فيما تولى سلمان، الملك الحالي، إمارة الرياض، وكانت دّرة الإمارات السعودية، ومرتكز مشروعها التحديثي. وبذلك، أصبحت دائرة صنع القرار في المملكة مقتصرة على المجموعة المناصرة للملك فيصل والتي وضعت يدها على مفاصل الدولة ولا تزال حتى الآن.

يرى تيم نيبلوك بأنه في الفترة ما بين 1962 ـ 1979 نجح فيصل في خلق دولة جديدة (بالرغم من أن فيصل أصبح ملكاً آواخر 1964 وتوفي في 1975) الا أن نيبلوك يرى بأن السياسة خلال هذه الفترة كانت تتسم بالثبات). وقد أصبحت السعودية دولة مركزية قويّة مع جهاز إداري مقتدر، ومشروعية قائمة على التقديمات الاجتماعية المباشرة، وتنمية اقتصادية واجتماعية واسعة النطاق(3).

لقد تركت تلك المرحلة آثارها على ما يلي من السنوات، إذ بقيت مراكز القوى داخل العائلة المالكة ثابتة خلال ثلاثة عقود لاحقة. طبعت ثنائية السديرية ـ عبد الله معادلة السلطة داخل المملكة السعودية في الفترة ما بين 1982 ـ 2014 والتي تستغرق عهد الملك فهد (1982 ـ 2005) وعهد الملك عبد الله (2005 ـ 2015).

3 ـ الوظيفية المطوّرة ـ إعادة الارساء (القطيعة والاستتباع):

برغم من عدم اكتمال الصورة بصورة نهائية وحاسمة، فإن الدولة السعودية في عهد الملك سلمان (اعتلى العرش في 23 كانون الثاني ـ يناير 2015) تلج مرحلة جديدة تقوم على قطيعة على مستوى تراتبية السلطة، وعلى مستوى الاقتصاد الرعوي من النفط الى الاستثمار، وعلى مستوى التحالف مع الولايات المتحدة حيث الاستتباع التام، أي استبدال معادلة (البلد مقابل الحماية) بمعادلة (النفط مقابل الحماية).

مع وصول سلمان الى العرش تكون حقبة فيصل قد استكملت آخر فصولها، برحيل أعضاء الجيل الأول، وبات عليه التأسيس لحقبة جديدة، تبدأ بإعادة تشكيل السلطة مع وصول الجيل الثاني الى العرش.

في حقيقة الأمر، تكشّف حزمة الأوامر التي أعلن عنها الملك سلمان عشية رحيل سلفه، وقبل أن يوارى جثمانه الثرى عن نباهة مبكرة لطبيعة المرحلة الجديدة، إذ بدأ بإعادة هيكلة السلطة، عبر حملة اعفاءات جماعية طالت، بدرجة أساسية، فريق الملك عبد الله، ووضع مداميك السلطة القادمة بتعيين إبنه محمد وزيراً للدفاع، وإبن شقيقه، محمد بن نايف، ولي ولي العهد.

في الإسبوع التالي، صدرت الدفعة الثانية من الأوامر الملكية المؤلفة من 33 أمراً ألغي بموجبها 12 جهازاً من أجهزة الدولة المستحدثة في عهد الملك عبد الله، وتمّ إعفاء وتعيين ثمانية وزراء جدد.

في 29 نيسان (إبريل) 2015 وضع الملك سلمان ثالثة الأثافي في معادلة السلطة بإصداره ستة وعشرين أمراً ملكيّاً، أبرزها إعفاء الأمير مقرن، ولي العهد، من منصبه، وتعيين محمد بن نايف بدلاً منه، والأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية، من منصبه، وتعيين عادل الجبير، من خارج الأسرة المالكة، بدلاً منه. وبصورة إجمالية، أعاد سلمان هيكلة السلطة بإجرائه تعديلات جوهرية على بنية الحكم، من خلال إلغاء مجموعة تنظيمات بيروقراطية، وتركيز السلطة في لجنتين: لجنة الشؤون السياسة والأمنية برئاسة ولي العهد ووزير الداخلية الأمير محمد بن نايف، ولجنة الشؤون الاقتصادية والتنمية برئاسة نجله وزير الدفاع وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

برغم من التغييرات الراديكالية والخاطفة في هيكلية السلطة بعد مرور ثلاثة شهور على اعتلاء سلمان العرش، بقي سؤال الخلافة عالقاً في الخلاف بين المحمدين، وتالياً بقاء معادلة السلطة غير محسومة لأمد غير معلوم. بكلمة، سوف يبقى مستقبل السلطة غامضاً مالم يحسم الخلاف بطريقة تحول دون تكرار نموذج سعود ـ فيصل في ظل انقسام حاد داخل العائلة المالكة نتيجة ضمور الاجنحة وبزوغ البيوتات..

لا ريب، أن الطريقة التي أدار بها الملك سلمان عملية نقل السلطة تبطن توترات عميقة داخل العائلة المالكة، وتهدف الى حسم سريع، ولكنّها تفتح أفق الصراعات المستقبلية على نطاق واسع، بفعل الاقصاء الممنهج لجحفل كبير من الأمراء الأقوياء، الذي يصعب التهكّن بردود أفعالهم بعد رحيل آخر أعضاء الجيل الأول، أي سلمان، وبالنظر أيضاً الى الرصيد المشكوك فيه لدى محمد بن سلمان داخل العائلة المالكة وكذلك على المستوى الشعبي، إضافة الى صغر سنه وافتقاره للخبرة والتجربة بما يؤهّله لخوض أشد الصراعات خطورة للحصول على جدارة الحكم.

من نافلة القول، إن الترقي السريع في الجهاز البيروقراطي من شأنه أن يبعث مخاوف كثير من الأمراء، خصوصاً وأن تلك العملية الخاطفة نقلت محمد بن سلمان في غضون عام من المجهول الى صدارة المشهد، بأن يصبح الرجل الأول في الدولة. وعليه، أمكن القول بأن التعديلات التي أجراها الملك سلمان على السلطة لم تحدث أدنى تغيير في العلاقة بين المجتمع والدولة، بل كانت تستهدف ترتيبات انتقال السلطة، وليس تغيير بنيانها أو شكلها(4).

رؤية 2030.. العرش

عكست ميزانية 2016 تقشفاً حادّاً، فيما ارتفعت أسعار المشتقات النفطية بنسبة 50 بالمئة، وكذلك أسعار الغاز الطبيعي والماء، فيما تم تقليص، وبصورة لافتة، المخصصات المالية لقطاعات التعليم، والصحة، والخدمات البلدية(5).

تداعيات انخفاض أسعار النفط، واتساع العجوزات المالية، والتزايد السكّاني، والازمة السياسية، والارهاب، والتشدّد الديني، ارتفاع معدّلات البطالة بين الشباب تنذر بكارثة اقتصادية في منطقة كانت ذات مرة تسيطر على امدادات الطاقة في العالم(6). تسبب انهيار أسعار النفط الى مادون الخمسين بالمئة في زعزعة اقتصاديات الدول النفطية قاطبة، فكان عليها الاستعداد لمرحلة تقشف حادة.

وكان مواطنو المملكة السعودية على موعد في 25 نيسان (إبريل) 2016 بإطلاق (رؤية السعودية 2030) في سياق خطة تحوّل اقتصادي وطني تعد «الأكثر جرأة والأكثر شمولاً بتاريخ المملكة» بحسب وصف كبير الاقتصاديين في البنك الأهلي السعودي سعيد الشيخ(7).

شكّلت الخطّة تحدّياً جدّياً للحكم السعودي، ولولي ولي العهد، محمد بن سلمان، وقد تكون آخر الرهانات التي يمكنه التعويل عليها في السباق نحو العرش بعد إخفاقه في حرب اليمن.

صراع المحمدين صامت ووجود سلمان يحول دون خروجه للعلن، ولكنه يحمل أخطاراً كبرى في حال موته مالم يتدخّل الأميركيون.

قدّم بن سلمان لوسائل الاعلام المحلية والأجنبية شرحاً ذا طابع احتفالي وطوباوي لخطّة التحوّل الوطني القائمة على مبدأ الاستثمار في كل القطاعات الانتاجية، وتوظيف المداخيل النفطية في مشاريع نموية، أي العمل على زيادة أرصدة الدولة عبر ضخ الأموال في المشاريع والصناعات. وبحسب دراسة نقدّية للخبير الاقتصادي والمالي عبد العزيز الدخيل أن «الرؤية» ما هي الا إعادة انتاج لمدرسة الملك فهد وأحمد زكي يماني وهشام ناظر والقائلة بزيادة حجم الانفاق الحكومي في المشاريع والصناعات البتروكيماوية أولاً وتطوير القوى البشرية ثانياً، فيما المدرسة الثانية والتي تعتنق الفكر التنموي فيقوم على التوازن في الانفاق الحكومي والتركيز على القوى البشرية والخدمات المساندة لها أولاً والمشاريع الكبرى ثانياً(8). الفارق بين «رؤية» بن سلمان وبرامج التحديث، أو ما أطلق عليها الخطط الخمسية في عهد الملك فيصل يكمن في التوسّع الاستثماري خارج الحدود بما يزيد في ارتهان الدولة للنظام الرأسمالي.

بصورة إجمالية، أثارت «رؤية» بن سلمان انتقادات واسعة من خبراء وباحثين اقتصاديين محليين وأجانب لناحية نزوعها نحو استنزاف الموارد الطبيعية في البلاد عن طريق (استبدال النفط في باطن الأرض باستثمارات أجنبية) على حد قول عبد العزيز الدخيل، أو ما أطلق عليه (صندوق الاستثمارات العامة) بما يؤول الى ارتهان الدولة والثروة الوطنية للخارج، كما حصل في حادثة طلب الكونغرس الاميركي بسن قانون لمقاضاة السعودية لضلوعها في هجمات الحادي عشر من سبتمبر، إلى جانب انكشاف البلاد على الخارج، الأمر الذي يجعلها غير محصّنة أمام التدخلات الأجنبية وبما يقوّض أسس الاستقلال الوطني في البعدين الاقتصادي والسياسي.

لابد من إلفات الانتباه الى أن «الرؤية» لم تكن منتجاً محلياً، فقد عكفت شركة ماكينزي للاستشارات الإدارية والاقتصادية العالمية على صوغ خطة التحوّل الوطني في المملكة على قاعدة التحرر من الاعتماد على النفط كمصدر رئيس للدخل، وهي مستوحاة من تقرير صدر عن معهد ماكينزي العالمي في ديسمبر 2015 بعنوان: “Moving Saudi Arabia’s economy beyond oil” (نقل الاقتصاد السعودي إلى ما وراء النفط). وكلاهما، أي الرؤية والتقرير «يقدمان وصفات سياسية متشابهة لتنويع اقتصاد المملكة في المجالات غير النفطية»(9).

يجدر التذكير دائماً أن استقرار السعودية لا يزال مورد اهتمام البلدان الصناعية في العالم. وحتى نهاية العام 2015 يشكّل النفط ما نسبته 38 بالمئة من الاستهلاك العالمي للطاقة بالمقارنة مع 39 بالمئة في العام 1993، الأمر الذي يبقي على أولوية النفط على مصادر الطاقة كافة.

بحسب تقديرات وكالة الطاقة الدولية لعام 2016 فإن معدل الطلب العالمي على النفط هو تقريباً 96 مليون برميل من النفط والوقود السائل يومياً، أي ما يعادل أكثر من 35 مليار برميل يومياً. في أواخر عام 2015، بلغ الانتاج 97 مليون برميل يومياً، فيما تحدث تقرير السوق النفطية على المدى المتوسط لعام 2016 عن أن يتجاوز الطلب 100 مليون برميل يومياً ويستمر حتى نهاية فترة الخمس السنوات وفق تقديرات المنظمة(10). وقد زادت السعودية من انتاجها النفطي من معدل 9.7 مليون برميل يومياً في عام 2014 الى 10.1 مليون برميل في 2015، فيما وصل في حزيران (يونيو) 2016 الى 10.308 مليون برميل يومياً(11).

في النتائج، يدّشن اعلان الرؤية مرحلة جديدة يكون فيها محمد بن سلمان رجل الحكم الأول، بوصفه الراعي الرسمي للرؤية. بدأ، عملياً، أولى الخطوات بإعادة تشكيل السلطة بما يتناسب وخطة التحوّل الوطني. وفي 8 أيار (مايو) 2016 أصدر الملك سلمان أوامر ملكية بتنحية وزير البترول المخضرم علي النعيمي، وبذلك يكون بن سلمان قد أحكم سيطرته الكاملة على السياسة النفطية، كما غيّر إسم وزارة البترول الى وزارة الطاقة والصناعة والثروات المعدنية، وتولى إدارتها وزير الصحة السابق خالد الفالح.

وشملت التغييرات وزارات التجارة والحج والمواصلات والمياه، وعيّن ماجد القصبي وزيراً للتجارة والاستثمار، ومحمد صالح بنتن وزيرا للحج والعمرة، وسليمان الحمدان وزيرا للنقل. وتمّ دمج وزارات وإلغاء أخرى وتغيير محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي، وإنشاء هيئة عامة للترفيه، وأخرى للثقافة.

يمكن القول بأن «الرؤية» واحدة من تداعيات انهيار أسعار النفط، ولكنّها ليست العامل الحاسم في تحوّل راديكالي من هذا القبيل. فثمة عوامل أخرى داخلية وخارجية دفعت الملك سلمان ونجله الى تصميم رؤية تنسجم والانتقال بالسلطة بطريقة تبدو سلسة، أي بتمكين محمد بن سلمان من مفاصل حسّاسة في الدولة تبعاً لمتطلبات تنفيذ الرؤية، وأيضاً استجابة لمقتضيات تطوير التحالف الاستراتيجي مع واشنطن.

وبصرف النظر عن الآمال المعقودة على «الرؤية» وبالطريقة التي بشّر بها بن سلمان نفسه، فإنها سوف تنعكس وبصورة مباشرة على:

* تركيبة السلطة، إذ تملي الرؤية تفويضاً مفتوحاً وشاملاً للأمير محمد بن سلمان بما يجعله صانع القرار الأول في الدولة.

* بنية التحالف الاستراتيجي بين المملكة السعودية والولايات المتحدة. ويمكن القول بأن شركة ماكينزي، المعنيّة بإعداد خطّة التحوّل الوطني، باتت وسيطاً نموذجياً في تطوير التحالف الحيوي بين الرياض وواشنطن، وليس مستغرباً أن يطلق على وزارة التخطيط في المملكة إسم «وزارة ماكينزي» لفرط انخراطها في الكثير من الدراسات والخطط الاستشارية، بحسب محمد بن سلمان(12).

إن الملاحظات النقدّية التي يقدّمها قارئو «الرؤية» لاسيما المتعلّقة بالأضرار الفادحة التي سوف تلحقها بالأوضاع المعيشية للمواطنين ليست من استهدافات خطة التحوّل، الأمر الذي يؤشر الى أن الاصلاحات الاقتصادية منفصلة تماماً عن الاصلاحات السياسية، ما يحبط دور المسائلة والمحاسبة للحكومة، وإن أقصى ما يمكن توقّعه في حال تصاعد الغضب الشعبي إصدار أمر بإقالة الوزير المعني، كما حصل بعد ردود الفعل الغاضبة على ارتفاع أسعار الكهرباء والماء في مطلع العام الجاري، 2016(13).

إن المجادلة المتفاعلة منذ سنوات على خلفية إلغاء الرئيس أوباما قرار الحرب على سوريا في إيلول (سبتمبر) 2013 وتالياً تسارع وتيرة المفاوضات بين إيران ومجموعة 5 +1 في الملف النووي، وما ولّدته من انطباع في ضوء تصريحات غاضبة من جانب عدد من الأمراء بأن العلاقات السعودية الأميركية تدخل مرحلة موت سريري أو ما أطلق عليه سيمون هندرسون بـ «الطلاق الطويل» باتت اليوم على المحك(14).

سوف يمضي بعض الوقت قبل أن تتكشّف خبايا الصفقات التي أبرمها محمد بن سلمان خلال زيارته للولايات المتحدة في الفترة ما بين 13 ـ 26 حزيران (يونيو) 2016. ولكن ما هو مؤكّد أن الزيارة أعادت بناء التحالف التاريخي بين واشنطن والرياض، وأن العرض بالغ السخاء الذي حمله بن سلمان معه الى الولايات المتحدة كان كفيلاً بأن يحدّث تطويراً بنيوياً في العلاقات السعودية الأميركية.

ونتذكّر هنا تعليق ريتشارد ميرفي، مدير قسم شؤون السعودية في منتصف الستينيات ثم سفيراً في الرياض في مطلع ثمانينات القرن الماضي، على كلام رئيس الاستخبارات العامة السابق الأمير بندر بن سلطان حول «تحوّل كبير» في العلاقات السعودية الأميركية في رد فعل على سياسات الرئيس أوباما، قال: بأنه لا يعلم ماذا يقصد ـ بندر ـ بـ «تحول كبير، ثمّ علّق: «نحن ـ الولايات المتحدة ـ هناك من أجل أمنهم ـ أي أمن العائلة المالكة ـ ونحن المزّود الرئيسي للسلاح». ولفت الى أن قضايا سوريا وانعدام التقدّم على الجبهة الفلسطينية قد تسببت في إحباط المملكة، ولكن العامل الخفي، حسب ميرفي، كان دائماً إيران(15).

إن «الرؤية» التي حملها بن سلمان معه في زيارته الى الولايات المتحدة هي «بضاعتنا ردّت إلينا»، وكانت كفيلة بإزالة كل العوائق أمام تحوّل تاريخي في العلاقات السعودية الاميركية. بكلمة أخرى، وضع بن سلمان المخزون المالي الحالي، والموارد الطبيعية في باطن الأرض، والقطاعات الانتاجية بكافة المالية والصناعية والتكنولوجية، والاتصالية..وحتى السياحة بنوعيها الديني والترفيهي، باتت تحت تصرّف الشركات التجارية الكبرى في الولايات المتحدة. كان لافتاً أن الزيارة اقتصرت على الولايات المتحدة، ما يوحي أن الاخيرة سوف تنال، في الحد الأدنى، حصة الأسد من الاستثمارات السعودية.

وقد تكون من أهم مفاعيل ونتائج زيارة بن سلمان إلى الولايات المتحدة تخريب خطة التقارب الايراني الاميركي..وهو ما عبّر عنه بيان البيت الأبيض بعد مرور عام على الاتفاق النووي الإيراني، بأن: «علاقة الولايات المتحدة بطهران لا تزال تشوبها خلافات حادة». وفيما أكّد البيان على أن حلفاء واشنطن باتوا أكثر أمناً بعد الاتفاق النووي، أرجع الخلافات الى رعاية طهران لجماعات مدرجة على لوائح الارهاب، أو ما قيل عن استمرار دعم طهران «الجماعات المسلّحة التي تهاجم حلفاء واشنطن»(16).

في الخلاصات، انتصرت المقاربة السعودية باقناع واشنطن بالابقاء عليها دولة محورية ووظيفية بلا منازع. إن حديث أوباما لمجلة (أتلانتك) عن التوازن الاستراتيجي في المنطقة وتقاسم النفوذ بين إيران والسعودية، لم ينل ترحيباً من الجانب السعودي(17). جمال خاشقجي وصفها بأنها «أسوأ ما في عقيدة أوباما» وطالب بالعمل بجد كي لا تتحول «لسياسة أمريكية ينتهجها من يليه»(18).

إن السياق العام لوقائع ما بعد زيارة بن سلمان يشي باستدارة أميركية حادة، سوف تترك آثارها على العلاقة مع الرياض، وعلى مستقبل الحكم في السعودية على وجه الخصوص. حصيلة آراء المقرّبين من البيت الأبيض تفيد بأن دعم اختيار بن سلمان ملكاً من شأنه أن يضمن استقراراً في العلاقة بين البلدين لنصف قرن قادم.

السياسة الخارجية

كان الأنطباع السائد في دوائر القرار بواشنطن بعد أزمة الخليج الثانية أن سلمان هو المرشّح الأوفر حظاً، والأمير المفضّل لدى الغرب.

ولكن ثمة سرديّة مناقضة ظهرت في بداية اعتلاء سلمان العرش، لخّصها ديفيد أندرو وينبرغ في أن الرئيس أوباما سوف يتعامل مع ملك جديدة للسعودية لديه روابط مثيرة مع المتطرفين الاسلاميين.

شهادات إطراء قدّمها السفير الاميركي في الرياض جوزيف ويستفال بوصف سلمان بالحكيم والشجاع، فيما وصفه روبرت جوردان، المبعوث الأميركي السابق الى السعودية، بأنه «إصلاحي.. مؤهّل بصورة جيّدة للمهمة التي يضطلع بها»، وحسبه محللون آخرون «معتدلاً على طريقة عبد الله» الملك السابق، بيد أن ثمة سجّلاً من تجارب الرعاية للمتطرّفين لازالت حاضرة. بروس ريدل، المسؤول السابق في وكالة الاستخبارات المركزية سي آي أيه أشار الى أن سلمان كان الداعم المالي الرئيسي للمجاهدين في أفغانستان في ثمانينات القرن الماضي، وكذلك لمسلمي البوسنة خلال حروب البلقان في التسعينيات. بكلمة، عمل سلمان بوصفه المصدر المالي لدعم المتطرّفين بالنيابة في ساحات الوغى في الخارج(19).

ولكن سلمان بخبرته السياسية الطويلة يدرك تماماً قواعد اللعبة المرسومة أميركياً. ومن المرجّح أن يكون النزوع نحو التحرر من سياسة المحافظة وما تمليه من تكتيكيات من قبيل المواربة، والعمل من وراء حجاب سميك من السريّة، واعتماد عنصر المفاجئة والشفافية في اعتناق أقصى المواقف راديكالية ليس بالضرورة خارج نسق المرحلة الجديدة واشتراطاتها المتعدّدة.

معطيات جمّة رشحت في بداية وصوله الى سدّة الحكم بأن سلمان حسم خياراته في السياسة الخارجية. فلم يحدث أدنى تغيير في مواقف المملكة من الملفات الخلافية: ايران، اليمن، سوريا، العراق، ولبنان...الجديد في تلك الملفات يقتصر على مستوى التصعيد الذي بلغته المواقف السعودية.

بصورة عامة، إن الملامح الأساسية للسياسة الخارجية السعودية على المستويات الاقليمية والدولية لم تتغير، وإن التحوّل الحاصل في السياسة الخارجية بالمقارنة بين عهد الملك عبد الله وعهد الملك سلمان يعود الى درجة الانخراط في أزمات المنطقة (اليمن، سوريا، العراق، لبنان)، بما يضفي المزيد من التعقيد على الأدوار التي تلعبها الرياض إقليمياً ودولياً. إن جدول الاعمال الذي وضعه الملك سلمان في عهده هو أقرب الى المغامرات السياسية، وإن اقتفاء ما يصفه الاعلام الرسمي بـ «سياسة الحزم» ضد خصوم الرياض ليس محمولاً على تصوّرات ناضجة إزاء ما تأمل المملكة تحقيقه، تماماً كما النتائج الكارثية الناجمة عن الحرب النفطية التي بدأتها السعودية في تشرين الأول (أكتوبر) سنة 2014 بهدف تقويض الاقتصادين الروسي والايراني، فألحقت أضراراً فادحة بالاقتصاد السعودي انتهت الى مراجعة شاملة للبرامج والخطط والسياسات الاقتصادية

ـ خليجياً

أبقى الملك سلمان على مرجعية مجلس التعاون الخليجي كونه إطاراً جامعاً، برغم من الانقسامات الحادّة التي تختفي وراء لغة «الحزم» التي يجري استخدامها بطريقة مبالغة في أكثر من دولة خليجية في استجابة واضحة لرغبة القيادة السعودية. على سبيل المثال، تميل الكويت الى اقتفاء إثر سياسات سعودية في الداخل، بما يتعارض في حالات كثيرة مع نصوص الدستور الكويتي، ونزاهة القضاء، واستقلالية السلطة التشريعية، ويظهر ذلك في الدعاوى المرفوعة على النوّاب في مجلس الأمة بتهمة التطاول على السعودية والبحرين، بما يسيء الى العلاقات بين البلدين «ويهدد بقطع العلاقة بينهما» كما جاء في نص مذكرة احتجاج من وزارة الخارجية الكويتية ضد النائب عبد الحميد دشتي(20).

ـ عمان

بقيت سلطنة عمان خارج حلبة التجاذبات الخليجية، باعتناقها سياسة الحياد الايجابي، وكانت في مصلحة الخصوم والحلفاء على حد سواء، فكانت مسقط حاضنة حوارات طويلة الأمد بين الجانبين الايراني والأميركي في الملف النووي، وتأكّد دورها الايجابي وسيطاً فعّالاً إبان حرب التحالف السعودي على اليمن منذ 26 آذار (مارس) 2015، إذ كان المبعوثون الدوليون والاميركيون وممثلو أطراف النزاع من سعوديين ويمنيين يتوافدون على السلطنة لمناقشة ترتيبات وقف الحرب. وبرغم من إصرار الرياض على أن تكون الكويت، وليس عمان، مركز الحوار في المسألة اليمنية بين وفد صنعاء ووفد الرياض، فإن مسقط لا تزال مركزاً احتياطياً ثابتاً لا يمكن تعويضه، على الأقل بالنسبة لوفد صنعاء الذي يجد فيه، في الحد الأدنى، معبراّ آمناً في ظل الحصار الجوي المفروض.

الإمارات

التغييرات المفاجئة التي قام بها الملك سلمان في الشهور الثلاثة الأولى من عهده أحدثت إرباكاً لدى الجانب الاماراتي، لا سيما تعيين محمد بن نايف ولياً للعهد. فقد بنى ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد حساباته على أساس أن الامير مقرن سوف يبقى في منصبه، وهو من يضمن تحالفاً قوياً يضم الأمير متعب بن عبد الله، وزير الحرس الوطني، والأمير بندر بن سلطان، رئيس الاستخبارات العامة، إلى جانب رئيس الديوان الملكي السابق خالد التويجري. وفيما خسر مقرن وبندر والتويجري مراكزهم بصورة نهائية، تم استبعاد متعب عن معادلة السلطة، في المدى المنظور.

على أية حال، فإن ثمة تحالفاً متيناً تشكّل بين محمد بن زايد، ولي عهد أبو ظبي، ومحمد بن سلمان، يقوم على تعزيز فرص الأخير في الوصول الى العرش وتهميش دور بن نايف، ولي العهد. تجدر الإشارة الى أن بن زايد لعب دوراً محوّرياً في مشروع «رؤية السعودية 2030» من خلال علاقاته مع مجموعة ماكينزي، التي كانت تقدّم دراسات استشارية وخطط للإمارات على مدى سنوات لتطوير مدينتي أبو ظبي ودبي. أبعد من ذلك، أن خطّة اقترحها محمد بن زايد على بن سلمان كيما يحظى بدعم واشنطن كيما يصبح الأوفر حظاً في الوصول الى العرش بحلول نهاية 2016. وتشمل الخطة شقّين: الأول إنهاء هيمنة الوهابية في بلاد، والثاني: فتح قناة اتصال قوية مع اسرائيل(21).

لاريب أن التزاماً حرفياً بالخطة الاماراتية يبطن مخاطر كبيرة، وقد يكون الانفتاح على الجانب الإسرائيلي أسهل من مصادمة المؤسسة الدينية، رغم أن «الرؤية» في حد ذاتها تنطوي على معارك مؤجّلة مع رجال الدين الوهابيين، كون نجاح «الرؤية»، جزئياً على الأقل، يتوقف على مدى انفتاح الدولة وتماهيها مع الأجنبي، والأميركي على وجه الخصوص.

ـ مصر

بقيت الشكوك حاضرة لأكثر من عام على تولي سلمان الحكم، في ظل تحليلات متفائلة تفيد بمراجعة علاقة الرياض بالقاهرة في عهد عبد الفتاح السيسي. ولكن الزيارة المثيرة للجدل التي قام بها الملك سلمان في 6 نيسان (إبريل) 2016 حسمت التكهنات حول المقاربة السعودية للمسألة المصرية. حصيلة زيارة سلمان فاقت توقعات الأكثر تفاؤلاً إذ تضمنّت عودة جزيرتي تيران وصنافير للسيادة السعودية.

وبصرف النظر عن توجّهات الملوك السعوديين إزاء مصر، فإن إجماعاً راسخاً لدى الأسرة المالكة منذ رحيل عبد الناصر سنة 1970 على عدم السماح لأن تتحوّل مصر الى مصدر تهديد للأمن السعودي، أو أن تكون للرئيس، أياً يكن، طموحات تصطدم بالمصالح السعودية في المنطقة. وبرغم من إدراك رؤوساء مصر (السادات، مبارك، مرسي، السيسي) بأن السعودية سوف توظّف كل إمكانياتها المالية والسياسية والأمنية والإعلامية واستغلال المساعدات المالية للضغط على القيادة السياسية في مصر لجهة الالتزام بالخيارات السياسية السعودية، إلا أن التسريبات التي انتشرت على نطاق واسع على شبكات التواصل الاجتماعي منسوباً للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، عندما كان وزيراً للدفاع وحديثه عن دول الخليج بأن «الفلوس عندهم زي الرز» تجعل من مصر والسعودية وبقية دول الخليج أصدقاء ألّداء(22).

بدت العلاقات السعودية التركية في العام الأول من عهد الملك سلمان كما لو أنها تسير نحو بناء تحالف استراتيجي، وتأتي استكمالاً لما بدأه سلمان في سنوات سابقة، بوصفه ولياً للعهد ووزيراً للدفاع، إذ كان مسؤولاً عن ملف العلاقات السعودية التركية. زار سلمان أنقرة في 21 أيار (مايو) 2013 والتقى الرئيس السابق عبد الله غول ورئيس الوزراء رجب طيب أردغان، الرئيس الحالي، ووقّع اتفاق تعاون مع الجانب التركي في مجال الصناعات العسكرية، كما ناقش ملفي الأزمة السورية والملف النووي الايراني(23).

سهّلت الزيارة تلك المهمة على سلمان بعد وصوله العرش، وبات السبيل ممهّداً لجهة تطوير العلاقة مع أنقرة. وزير الخارجية عادل الجبير أعلن في 28 ديسمبر 2015 بأن الملك سلمان بحث في زيارته لتركيا مع الرئيس رجب طيب أردوغان تشكيل مجلس تعاون استراتيجي بين المملكة وتركيا(24). وفي منتصف نيسان (إبريل) 2016 أعلن الجبير عن مذكرة تفاهم من 8 محاور أساسية للتعاون الاستراتيجي بين البلدين وهي: الدبلوماسية والسياسة، والملاحة البحرية، والصناعة والطاقة، والزراعة.. كما تشمل مجالات: الثقافة، والتعاون العسكري، إلى جانب التعاون الأمني..»(25).

أوحى التعاون التركي السعودي في الملف السوري في السنة الأولى من عهد الملك سلمان بتحوّل نوعي في العلاقة بين الرياض وأنقرة، وبدت الأخيرة على استعداد للسيرة في علاقة منفردة، على حساب العلاقات التاريخية والتقليدية مع طهران وموسكو. ولكن ثمة ما يجعل التقارب السعودي التركي محفوفاً بالارتياب لعوامل عديدة، ليست وحدها الذاكرة التاريخية المزعجة، وإنما التشابكات المعقدة في العلاقات الاقليمية، من بين عوامل أخرى.

إن محاولات الملك سلمان لوضع نهاية للخلاف المصري ـ التركي، والإماراتي ـ التركي في سبيل بناء تحالف عربي وإسلامي ضد إيران والعراق وسوريا الى جانب اليمن لم تحقّق نتائج عملية على الأرض. فلم ينجح سلمان في بناء، ما وصفه جمال خاشقجي المقرّب من دوائر الحكم في السعودية، غرفة عمليات مشتركة سعودية أميركية تركية لإطفاء الحرائق والمصالحة..» بين الأطراف المحسوبة على المعسكر السنّي(26).

ولكن بعد الانقلاب التركي الفاشل في منتصف يوليو الماضي، بدا أن الرياض باتت على مسافة بعيدة نسبياً عن أنقرة، وأن أردوغان الذي يملك مشروعاً مستقلاً عن المشروع السعودي يعتنق مقاربة لا تنسجم مع تطلعات الملك سلمان.

في الخلاصات، وبعد مرور أكثر من عام ونصف العام على عهد الملك سلمان، لم تحقق الرياض نجاحاً على مستوى المصالحة بين الخصوم ولا بناء تحالف حيوي يضم دولاً عربية وإسلامية وازنة (مصر، تركيا، باكستان).

إن الصخب المرافق لإعلان الأمير محمد بن سلمان عن ولادة التحالف العسكري الاسلامي في ساعات متأخرة من عشية الخامس عشر من كانون الأول (ديسمبر) 2015 والمظاهر الاحتفالية اللاحقة (مناورة رعد الشمال في حفر الباطن في الفترة ما بين 28 فبراير ـ 10 مارس 2016، اللقاءات الثنائية بين بن سلمان ورؤوساء أركان دول التحالف الاسلامي في الرياض في 26 مارس 2016)، لم تعكس إرادة جديّة لدى الدول المشاركة في التحالف لناحية تحويله الى حلف عسكري فاعل على غرار الأحلاف العسكرية السائدة في العالم.

لا يقتصر تصدّع التحالف على الانقسامات الحادة بين الدول الاعضاء في التحالف، ولكن غموض الأهداف المأمول تحقيقها يجعل مشاركة الدول رمزية وأشبه ما تكون بحملة علاقات عامة بين الدول والدولة الراعية، أي السعودية، إضافة الى غياب شخصية كاريزمية مؤهّلة بدرجة كافية لقيادة التحالف، ولن يكون محمد بن سلمان من بين المرشّحين لذلك المركز القيادي.

ـ اليمن

في المسألة اليمنية، ليست المرة الأولى التي تقوم السعودية بشن حرب على اليمن، فقد شاركت قواتها الجوية والبريّة في العمليات العسكرية الى جانب قوات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح في الحرب ضد حركة أنصار الله في الفترة ما بين آب (أغسطس) 2009 ـ شباط (فبراير) 2010، وأرغمت على وقف الحرب نتيجة فشل الأهداف السعودية، بل سقوط مناطق سعودية حدودية تحت سيطرة المقاتلين الحوثيين، ومقتل عدد كبير من الجنود السعوديين. في الحرب الحالية، وبرغم أوجه الشبه بينها وبين الحرب السابقة، من ناحية استغلال السعودية سلاح الجو لضرب المنشآت الحيوية العسكرية والمدنية، في مقابل تساقط مناطق حدودية أكثر من السابق في الداخل السعودي تحت سيطرة مقاتلي الجيش واللجان الشعبية.

بعد عام من الحرب تجد السعودية نفسها في مأزق حقيقي رغم مواصلتها الحرب وتصعيد وتيرتها أحياناً لاسيما في أوج المفاوضات مع الوفد اليمني الممثل من أنصار الله والمؤتمر.

يبدو الانقسام داخل قمرة القيادة السعودية عميقاً، نتيجة الأفق المسدود للحرب على اليمن، وكذلك الخلاف الداخلي بين المحمدين على من يقطف ثمار الحسم سلماً أو حرباً..المشكلة بالنسبة للرياض باتت أعقد من مجرد الحسم، فمستقبل العلاقة مع اليمن يبعث مخاوف لدى القيادة السعودية، لأن خسارة الحرب يعني أن أوراق اللعبة في اليمن باتت في أيد يمنية أو، في الحد الأقصى، غير سعودية، الأمر الذي يعني نهاية فصل طويل من النفوذ السعودي في الجارة الجنوبية..

يشي ارتفاع نبرة الخصومة بين السعودية وأطراف عربية وأقليمية عدّة بنضوب الخيارات السياسية لدى الرياض.وإن المناطق التي اختارتها كيما تكون ساحات مواجهة مع ايران (اليمن، سوريا، العراق، لبنان، البحرين...الخ) بقدر ما تكون أقرب الى حروب استنزاف للطرفين المتصارعين، فإن هذه الدول مرشّحة لأن تصبح في حال خروجها معافاة دولاً معادية للسعودية في المستقبل..

بكلمة أخرى، لاتنبىء تلك الخيارات عن إحتمالات تسووية، فقد تبنّت السعودية سياسة حافة الهاوية مع خصومها، وليست في وارد الحديث عن حوار أو حلول سلمية. وعليه، فإن اعتناق الملك سلمان نهجاً هو الأكثر صرامة في تاريخ المملكة السعودية في ملفات الداخل والخارج سواء بسواء يؤكّد الطوروية المستقلة للعهد الجديد.

الاصلاح السياسي

ليست ثمة مؤشرات على قيام الملك سلمان في المدى المنظور بإصلاحات سياسية. بالمقارنة مع الملوك السابقين، ينفرد سلمان بمواقف صريحة في معارضة أي تحوّل سياسي يفضي الى مشاركة المرأة أو اعتماد نظام التعددية الحزبية السياسية كما صرّح بذلك لمجلة (ديرشبيغل) وكشفت عن ذلك وثائق ويكيليكس(27). وإن اعتصامه بعلاقة وثيقة مع التيار الديني المحافظ في البلاد يؤكد نفوره من أي إصلاحات سياسية واجتماعية، وقد يكون ذلك أحد التحدّيات التي سوف يواجهها نجله محمد في تطبيق رؤيته الطموحة.

في المقابل، إن لجوء السلطات السعودية الى الاستخدام المفرط للقوة ضد الناشطين، والمدافعين عن حقوق الانسان، ورفع وتيرة الاعدامات الى مستويات قصوى (نفّذت السعودية أحكام بالإعدام بحق 98 شخصاً في غضون ستة أشهر من عام 2016)، دفع كثيراً من القوى السياسية الإصلاحية نحو التهدئة والعزوف عن المطالبات العلنيّة في رد فعل على التدابير القمعية التي اتبعتها السلطات السعودية ضد الناشطين.

يضاف الى ذلك، بطبيعة الحال، فشل القوى الدينية (الشيعية والسنيّة) والوطنية الليبرالية في تشكيل تحالف وطني للضغط من أجل إرغام القيادة السعودية على تطبيق ما وعد به ولي العهد حينذاك الأمير عبد الله، الملك لاحقاً، خلال استقباله رموز التيار الإصلاحي في كانون الثاني (يناير) 2003 وتقديمهم عريضة بعنوان (رؤية لحاضر الوطن ومستقبله)، وقّعها 104 إصلاحياً من مختلف الطيف السياسي والاجتماعي والإيديولوجي في المملكة، وتتضمن مطالب الملكية الدستورية والانتخاب المباشر لأعضاء مجلس الشورى.

كان رد الأمير عبد الله أن «رؤيتكم هي مشروعي»(28). ولكن بعد نحو عام من اللقاء تم اعتقال مجموعة من الرموز الاصلاحية. وبعد مرور نحو ثلاثة عشر عام على العريضة تلك، وبرغم من التحوّلات التي شهدتها المنطقة، لم يتقدّم أي طرف سياسي أو ديني أو وطني بعريضة مطلبية، ما يشير الى الاحباط وانعدام الثقة في القيادة السياسية السابقة والحالية.

إن النتائج التي انتهت اليها الحراك السلمي الذي شهدته المنطقة الشرقية ذات الأغلبية الشيعية منذ آذار (مارس) 2011، والتحرّكات المتقّطعة في الوسط والجنوب، إضافة الى الثورة الشعبية في العالم الافتراضي (تويتر وفيسبوك) كشفت عن رفض النظام السعودي لأي دعوات إصلاحية، كما تكشف عن وجود امتداد شعبي واسع داعم للإصلاح السياسي..

في النتائج، إن تجاوز السعودية تداعيات الربيع العربي ونزوع القيادة السياسية نحو استخدام تدابير صارمة ضد أي نشاط سياسي ودمغه بالإرهاب، يعيد إحياء نموذج الدولة الأمنية في زمن الملك فيصل، وكان يتولى فهد بن عبد العزيز، الشقيق الأكبر والمربي للملك الحالي، وزارة الداخلية.

وبالتالي، لا يوجد أي احتمال لانفجار سياسي جاد من الأسفل في المدى القريب. وأتفق تماماً مع ما توصّل إليه غريغوري غوس بأن التحديات التي تواجهها الأنظمة لا تأتيها من الأسفل فقط، إذ قد تواجه أزمات لو انقسمت من الداخل، في إشارة الى الصراع على السلطة بين الأمراء، وهو احتمال وارد جداّ في رد فعل على تركيز سلمان السلطة في أيدي نجله الصغير محمد وإبن شقيقه محمد بن نايف، والذي قد يؤدي الى رد فعل عنيف بين العديد من أفراد الجيل الثالث(29).

لاشك أن هناك تحدّيات جدّية تواجه أركان الحكم في السعودية في المرحلة الراهنة، وعلى وجه الخصوص محمد بن سلمان الذي يقدّم آخر رهاناته لكسب السباق الى العرش. فالمطلوب منه قطيعة مع التحالف التاريخي مع المؤسسة الدينية، وتقليص نفوذ العلماء، وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإعادة مراجعة المناهج الدينية الرسمية...وأيضاً إصلاحات اجتماعية في موضوعات المرأة..وتحسين صورة المملكة على مستىوى حقوق الانسان، في ظل تزايد أحكام الاعدام، والاعتقالات العشوائية وقمع الحريات..

المصادر


1 ـ كلمة للرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون في حفل استقبال أقامته جمعية أصدقاء السعودية في ميامي بولاية فلوريدا بمناسبة مرور ستين عاماً على لقاء روزفلت ـ عبد العزيز، صحيفة (الرياض)، بتاريخ 16 شباط (فبراير)، 2006 أنظر الرابط:

http://www.alriyadh.com/39721

2 ـ لمزيد من التفاصيل أنظر: جوزيف أ. كيشيشيان، الخلافة في العربية السعودية، ترجمة غادة حيدر، دار الساقي، بيروت 2002

3-Tim Niblock, Saudi Arabia: Power, Legitimacy and Survival, Routledge 2006, see: http://dannyreviews.com/h/Saudi_Arabia.html

4 ـ لمزيد من التفاصل أنظر: سيمون هندرسون، تعديل وزاري في الرياض، معهد واشنطن، بتاريخ 29 نيسان (إبريل) 2015، الرابط:

http://www.washingtoninstitute.org/ar/policy-analysis/view/riyadh-reshuffle

5 - Saudi Arabia’s Economic Outlook- Spring 2016, MENA Economic Monitor Report - Spring 2016;

http://www.worldbank.org/en/country/gcc/publication/economic-outlook-spring-2016

http://pubdocs.worldbank.org/en/444521460471547691/KSA-MEM-eng.pdf

6 - Luay Al-Khatteeb, Gulf oil economies must wake up or face decades of decline, Middle East Economic Survey, August 14, 2015;

http://www.brookings.edu/research/opinions/2015/08/14-gulf-oil-economies-alkhatteeb

7 - «رؤية السعودية 2030» الأكثر جرأة وشمولاً بتاريخ المملكة، موقع (العربية) بتاريخ 25 إبريل 2016، أنظر:

http://goo.gl/DHWC4b

8 - د.عبد العزيز محمد الدخيل، رأي في الرؤية 2030، مركز الخليج لسياسات التنمية، أنظر الرابط:

https://www.gulfpolicies.com/index.php?option=com_content&view=article&id=2333:-2030-&catid=52:2011-04-09-07-47-47&Itemid=366

9 - عادل عبد الغفار، التعديل الوزاري في السعودية المستوحى من ماكينزي، 11 مايو 2016، معهد بروكنز الدوحة، قطر، الرابط:

http://www.brookings.edu/ar/blogs/markaz/posts/2016/05/11-saudi-arabia-cabinet-reshuffle-abdelghafar

10- Oil Market Report, July 13, 2016, see:

https://www.iea.org/aboutus/faqs/oil/

11- Peak Oil Barrel;

http://peakoilbarrel.com/opec-crude-oil-production-charts/

12- Anjili Raval, Saudi Aramco Listing Presents Challenge For Investor, Finanacial Times, June 22, 2016, see:

http://goo.gl/o3eR3L

13- عادل عبد الغفار، التعديل الوزاري في السعودية المستوحى من ماكينزي، مصدر سابق

14 - Simon Henderson, The Long Divorce, Foreign Policy, April 19, 2016;

http://foreignpolicy.com/2016/04/19/the-long-divorce-saudi-arabia-obama/

15 - Scott Sharon, Reason for The Saudi Shift, World Policy, November 6, 2013;

http://www.worldpolicy.org/blog/2013/11/06/reason-saudi-shift?page=1

16ـ أوباما: علاقتنا بإيران تشوبها خلافات حادة، سكاي نيوز عربية، بتاريخ 14 تموز (يوليو) 2016، أنظر الرابط:

http://goo.gl/bvTgOX

17 - Jeffery Goldberg, The Obama Doctrine, The Atlantic, April 2016 Issue;

http://www.theatlantic.com/magazine/archive/2016/04/the-obama-doctrine/471525/#5

18 - خاشقجي: أسوأ ما في «عقيدة أوباما» قبوله بفكرة تقاسم النفوذ بين السعودية وإيران، موقع سي إن إن العربي، بتاريخ 14 آذار (مارس) 2016، أنظر الرابط:

http://arabic.cnn.com/middleeast/2016/03/14/khashoggi-saudi-us-obama-relationships

19 - David Andrew Weinberg, King Salman’s Shady History, Foreign Policy, January 27, 2015, see: http://foreignpolicy.com/2015/01/27/king-salmans-shady-history-saudi-arabia-jihadi-ties/

20 - تأجيل قضية اساءة دشتي للسعودية الى 3 أغسطس، صجيفة (البيان)، الاماراتية 20 أيار (مايو) 2016

21 - Rori Donaghy, REVEALED: The UAE-backed plan to make young Saudi prince a king, Middle East Eye, 30 June 2016;

http://www.middleeasteye.net/news/revealed-uae-backed-plan-young-saudi-prince-be-king-1655506265

22 - تسجيل مسرب يسخر فيه السيسي من دول الخليج، موقع (الجزيرة نت)، بتاريخ 8 شباط (فبراير) 2015، أنظر الرابط:

http://goo.gl/sxWS6Z

23 ـ تعاون صناعي دفاعي ثمرة اليوم لزيارة الأمير سلمان بتركيا، موقع (العربية)، بتاريخ 22 أيار (مايو) 2013، أنظر الرابط:

http://goo.gl/OKsLzu

24 ـ السعودية وتركيا تعلنان تشكيل «مجلس تعاون استراتيجي» وتؤكدان: لا دور للأسد بمستقبل سوريا، موقع سي إن إن العربي، 29 كانون أول (ديسمبر) 2015، أنظر:

http://arabic.cnn.com/world/2015/12/29/saudi-arabia-turkey-joint-conference

25 ـ عادل الجبير: تعاون استراتيجي بين السعودية وتركيا من 8 محاور.. والعالم الإسلامي يرفض سياسة إيران، موقع سي إن إن العربي، 15 نيسان (إبريل) 2016، أنظر الرابط:

http://arabic.cnn.com/middleeast/2016/04/15/jubair-saudi-turkey-relations

26 ـ جمال خاشقجي، لكل زمان دولة ورجال..وسياسة خارجية، جريدة (الحياة)، 31 كانون الثاني (يناير) 2015، أنظر الرابط:

http://goo.gl/Mxf7gb

27 ـ الملك سلمان.. محافظٌ أبطأ مسيرة الإصلاحات في عهد سلفه، موقع دويتشه الالماني، 23 يناير 2015، الرابط:

http://dw.com/p/1EPKp

28 ـ ستيفان، لاكروا، زمن الصحوة، الشبكة العربية للأبحاث والنشر، بيروت، 2012، ص 332

29 ـ غريغوري غوس، الصراع على العرش في المملكة العربية السعودية، فورين أفيرز، 2 فبراير 2015، أنظر الرابط:

http://www.brookings.edu/ar/research/articles/2015/02/02-saudi-arabia-game-of-thrones-gause

الصفحة السابقة