فرض رسوم على النفايات

No taxation without representation يعني لا ضرائب بدون تمثيل سياسي، وقد كان هذا شعاراً في منتصف القرن الثامن عشر، أدّى الى قيام الثورة الأمريكية.

صار بديهياً في علم السياسة اليوم، أن الدول حين تفرض ضرائب على مواطنيها، فإن المواطنين على الأقل سيسأسلون عن حقهم في المحاسبة بشأن الأموال التي تؤخذ منهم، كيف تُصرف؟ ولكي يتأكدوا من صحة الصرف لا بدّ أن يكون هناك ممثلون عن الشعب ينتخبهم ليكون لهم الحق في التشريع والمحاسبة.

في الدول الريعية، أي الدول التي لديها أموال من غير الضرائب، او لا تعتمد على الضرائب بحجم كبير، فإنها لا تُقدِمُ ـ كالسعودية ـ على اصلاحات سياسية، ولا تعترف بحق سياسي للمواطنين، مادامت السلطة هي التي تنفق على الناس.

الدول الريعية في عهد الملك سلمان تكاد تختفي.

فالمصاريف كثيرة، مصاريف الحروب والنهب والسرقات، وشراء الذمم، ويترافق ذلك مع انخفاض حاد في أسعار النفط وعجزٍ شديدٍ في الميزانية، ما يتطلب توفير أموال ما لتمويل كل هذا.

اذن لا بد من ايقاف العقود والإنشاءات، ولا بد أيضاً من الاعتماد على جيب المواطن بدرجة اساسية، وإفراغ ما تبقى منه، وإلزامه بالضرائب، والتخلّي عن الخدمات المجانية، وعن دعم السلع وغيرها.

والحكومة السعودية اقدمت على رفع اسعار الوقود، وأسعار النقل، والكهرباء، والماء، وتالياً اصبح هناك غلاء في الأسعار، ولازالت تُضاف قوائم جديدة لما يراد خفض نفقاته. حتى رغيف الخبز هناك خطة لمضاعفة أسعاره.

الآن، وزارة الشؤون البلدية انتهت من دراسة فرض ضريبة على النفايات، والحكومة تقول أن النفايات تستقطع نحو ثلاثين مليار ريال سنوياً من خزينة الدولة، وعلى المواطن ان يتحملها، كلٌّ حسب فاتورة الكهرباء. فمن ترتفع لديه فاتورة الكهرباء، فلا بد أن يكون غنياً وبالتالي فإن نفاياته ستكون اكبر، والضريبة على النفايات ستزداد.

لتمرير ضريبة النفايات، اعتمدت السلطات على أعضاء مجلس الشورى المعينين، ليقترحوه ويدرسوه وبالتالي يتم اقراره. وهناك سامي زيدان عضو الشورى، هو الذي اقترح بالنيابة عن الحكومة الضريبة، وهو نفسه الذي اقترح مضاعفة سعر الخبز، بحجة ترشيد الإستهلاك. وهناك مجموعة تقرّ القرار فكل الأعضاء معيّنون من قبل الملك والأمراء الكبار.

الحكومة تقول بأن اقرار النفايات دليل على اننا مثل الدول المتقدمة في فرض الضرائب. ولكنها ليست مثل تلك الدول تعطي حقوقاً للشعب مقابل ما تأخذ منه مثلما تفعل تلك الدول.

الكاتب برجس البرجس ينتقد بالاستدلال على صحة الضريبة اعتماداً على النموذج الغربي، فالحكومة لا تذكر هذا إلا عند استهدافها جيب المواطن، ولا تستدل بالنموذج الغربي في البناء التنموي. واضاف بان المواطن سيدفع ثمن الخدمات مع تكلفة سوء ادارتها اضافة الى قيمة فسادها.

الطريف ان الحكومة لا تقول عن كل ما تأخذه انه ضرائب، بل رسوم، تحاشياً للقول بأنها تأخذ اموالاً غير شرعية، خاصة وانها تستقطع اموال الزكاة ايضاً من المواطنين. فالرسوم عمل تنظيمي، والضرائب حرام. انهم يتلاعبون بالدين كيفما يشاؤون. لهذا يسخر الكاتب بخيت الزهراني حين يقول: (كدنا ان نصبح الدولة الأولى في تحصيل الرسوم. أهم شيء أن ما عندنا ضرائب مثل الدول الكافرة والعياذ بالله).

الصفحة السابقة