مهد الاسلام

الحجاز والبحث عن هوية عربية

تقدّم د. مي يماني في كتابها الجديد صورة شبه شاملة عن مجتمع الحجاز كما عاشته روحاً، وفكراً، وعاطفة، ومعاناة، وعاشته في أعرافه، ومناسباته، وعاداته، وفي تراثه التاريخي، ومخزونه الثقافي، وفي فلكلوره الشعبي، وفي مطبخه وفي زيه التقليدي.. وعاشته أخيراً في تطلعه نحو حركة انبعاث تاريخي واحياء ثقافي يسترد للحجاز هويته المستقلة، أي استعادة خصائصه التاريخية وميراثه الاجتماعي والثقافي.

هذا الكتاب يمثل إحدى أهم الشهادات التي تقدّمها مواطنة حجازية على التفاوت الاثني والثقافي في بلد يلحّ حكامه على إبرازه كوحدة منسجمة اجتماعياً ودينياً وثقافياً. فهذا الكتاب يكشف الستار المسدل على التنوع الداخلي، ويؤكّد على الوجود الثقافي والاجتماعي الحجازي، كما يظهر في عاداته وتركيبته الاجتماعية في صور وتمثّلات متنوعة ودينامية. إن العرض الذي تقدّمه مي يماني عبارة عن تفسير وصفي بلغة متميزة وراقية وفي الوقت نفسه جذّابة.

يظهر الكتاب في ثراء المعلومات الواردة فيه والتفصيلية الى جانب التحقيق الدقيق في منطقة ظلت عرضة للتعتيم بفعل سطوة الرواية الرسمية وطغيانها. إن ذلك يعكس أهمية الكتاب والحاجة شديدة الالحاح لقراءته كونه يقدّم رؤية متوازنة وخصوصاً لأولئك المتخمين بالرواية السعودية والذين يرغبون في فهم تطور السعودية وتنوعها الداخلي.

في كتاب مي جوانب عديدة عن حياة المجتمع في الحجاز بدءا من طقوس الولادة واستقبال المولود الجديد واختيار الاسم مروراً بعادات الزواج والاحوال الاجتماعية، والتقاليد الجارية في موضوعات الزواج والطلاق وتحضيرات الزفاف والاحتفال وليلة الدخلة والتواضعات الاجتماعية وصولاً الى الطقوس المتصلة بالوفاة والتعازي والطرق الحجازية في الوفاة والطقوس المعاصرة الخاصة بهذه المناسبة والانتقال من مرحلة التشييع الى الدفن. وهناك جانب الفنون الاجتماعية المرتبطة بالتواصل والقطيعة بين الافراد وتنظيم المكان والوقت.. ثمة مناشط اجتماعية متنوعة تعكس الهوية والخصوصية الحجازية تنعكس احياناً في السلوك، والزي التقليدي، والمطبخ الحجازي المتميز، وانماط الاستهلاك والعادات الجارية داخل البيت من التحية والاستقبال وتداول الاحاديث.. فالبيت يمثل موقع الابداع والتقليد وعلاقة ذلك كله بتطوّر النظام الاجتماعي وتبدّل العادات وانماط الحياة بدينامياتها القاضية بتقليص هيمنة المناطقية وتأثيرات الثقافة الحديثة والدور الثقافي الذي تلعبه الوسائل الاتصالية الحديثة وتأثيراتها على الهوية والرابطة بين الذات والآخر. كل ذلك وغيره أفاضت مي يماني في الحديث عنه في كتاب يثري القارىء بسيل من المعلومات مع تحقيق علمي وشرح تحليلي راق.

يروي هذا الكتاب قصة مجتمع يلتحم تاريخاً وروحاً وتراثاً وذاكرة بالمدينتين المقدّستين مكة المكرمة أشرف البقاع في الاسلام، والمدينة المنورة، مدينة المصطفى (صلى الله عليه وسلم)، كما يروي أيضاً قصة عزل الحجاز واخضاعه على أيدي الدولة السعودية في محاولات لاخماد مجد الحجازيين وثقافتهم، إنه كما تقول مي يماني (قصة الدولة السعودية الحديثة).

في عام 1926 بدأ أخطر تحوّل في تاريخ الحجاز، حيث تعرّضت المملكة الحجازية الى غزو من قبل آل سعود وبعد ست سنوات تم الحاقها بالقهر في الدولة السعودية. وقد أدى ذلك الى تشتت العائلة الهاشمية المالكية فيما أصبح الحجازيون شعباً بلا دولة. ولكن في الوقت ذاته، ظل الحجازيون محافظين على وعيهم الثقافي المنفصل، كما حافظوا على استقطاب هويتهم واستقرارهم من إحساسهم بالانتماء لمهد الاسلام: مكة والمدينة. فهذه المدن الحجازية الاصل ذات تاريخ متميز يعود الى اكثر من 1400 عاماً، أي الى زمان النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) وقادة السلالات المسلمة الحاكمة التي صدّرها الحجاز. تقول مي بأن كل شيء قابل للتغيّر الا شيء واحد وهو علاقة الحجازيين بالحرمين الشريفين، وتبقى الحقيقة بالنسبة لهم أن الحجاز هو مهد الاسلام.

قد تبدو مي يماني في كتابها هذا وكأنها تصدر عن قراءة رومانطيقية موصولة بالاعتزاز الواعي بالهوية والانتماء للتربة الشريفة التي انتمت اليها، وهذا ما يجعل الفصل بين مجالين اجتماعين وثقافيين: أي الحجاز ونجد واضحاً لديها، فهي قد تشرّبت الميراث الحجازي طيلة مراحل حياتها، ولأنها حافظت رغم محاولات المحو للهوية والتذويب الثقافي على كونها بنت الحجاز وهذا ما جعل المحاولات تلك عصية على النجاح. تقول مي بأنها خلال السنوات الواقعة بين 1970 و1980 بدأت تسمع عن احالات الى حزمة مصطلحات مثل عادات، تقاليد، أصول، تجمّل أو كلمات وتعبيرات ذات صلة. وقد تبيّن لها بمرور السنوات بأن هذه اللغة والسلوك قد أصبحا شائعين بدرجة كبيرة بالنسبة لكل من الرجال والنساء. وبالرغم من الضغوط من اجل القبول بالثقافة المهيمنة لسكان المنطقة الوسطى من النجديين الذين يحكمون الآن البلاد، فإن الحجازيين نشأوا على وعي اكثر بمصطلحاتهم، ومقاييس خاصة بالتعامل مع المناسبات الاجتماعية والدينية الفريدة.

ورغم أن مي يماني تدرك تماماً ـ كما هو واضح من كتابها والمقاربة الواعية لموضوعات الكتاب ـ ما تكسبه الطقوس والعادات الحجازية من أهمية الا أنها كانت تنزع الى فهم السبب وراء هذه الاهمية. وأرادت أيضاً ملاحظة قواعد التعامل وتفسير دورها المركزي في تعريف هوية الحجازيين ومكانهم في المحافظة على تراثهم الفريد إزاء خطر الاندثار.

تبدأ مي كتابها بتقديم تعريف بالحجاز ولكن ليس على النمط التقليدي، وإنما هو تعريف بنبرة إحتجاجية، أي تعريف بجذور المقاومة الثقافية في الحجاز إزاء محاولات التذويب التي قامت بها السلطة في نجد بعد تأسيس الدولة السعودية عام 1932. إن هذه المنطقة ـ الحجاز شكّلت حاجزاً كما تعبّر الكلمة عن نفسها أمام القادمين الجدد من محاولات لمحو الخصائص التاريخية والثقافية والاجتماعية لسكان الحجاز. فقد سعت العائلة المالكة النجدية بفرض المقاييس الاقتصادية والسياسية وحتى السلوك الديني النجدي على كافة المناطق، جنباً الى جنب عمليات العزل والتدمير للبنى الثقافية والسياسية والدينية السائدة في المناطق الملحقة بالدولة الناشئة. فقد ازاحت السلطة الجديدة القيادات الدينية والسياسية في المناطق الواقعة خارج المركز، فيما أصبحت السلطة والصلاحية متمركّزة في نجد.

فبعد احتلال مكة عام 1924 من قبل قوات ابن سعود إنتهى من الناحية العملية ألف عام تقريباً من الحكم الهاشمي في الحجاز، ووجد الحكام النجديون أنفسهم مسيطرين على أعقد نظام اداري في الجزيرة العربية مما اضطرهم للجوء الى البيروقراطية الحجازية كيما تدير مؤسسات الدولة الجديدة. فقد كان الحجاز يشتمل على هيكلية سياسية موحدة لقرون عديدة، وكان هناك مجلس للشورى يتربع على ادارة مركزية حيث تضطلع الميزانية السنوية بتمويل المدارس الثانوية، والجيش النظامي، وقوات الشرطة، وقد أفاد عبد العزيز بن سعود من هذه المؤسسات في تدشين بنى دولته الجديدة. كما أن الحجاز تمتع لفترات طويلة بنشاط ثقافي واعلامي ـ صحافي متطور بالمقارنة مع نجد التي كانت الى حد كبير قبلية، وبدوية، وأميّة وغير متأثرة بأي نفوذ خارجي. في الوقت ذاته كانت لدى الحجاز صحف والعديد من المكتبات العامة الكبيرة. وكانت الجريدة الرسمية (القبلة) تنشر مواداً حول التطورات خارج الجزيرة العربية وتغطي الاحداث الاوروبية بصورة واسعة. أما الجريدة الثانية في تلك الفترة فكانت (صوت الحجاز) التي أصبحت فيما بعد (البلاد) بعد توحيد المملكة.

على العكس في نجد، فلم تكن هناك جرائد قبل تشكيل المملكة، وأن أول جريدة نجدية كانت اليمامة التي تأسست في الخمسينيات. وكذا الحال بالنسبة للمدارس الابتدائية الحديثة التي كانت تعمل في الحجاز في بداية القرن الماضي. فقد كان في مكة المكرمة المدرسة الراقية، والمدرسة الفخرية، والمدرسة السلطانية، وفي جدة مدرسة الفلاح التي فتحت أبوابها سنة 1903 ثم فتحت فرعاً لها في مكة سنة 1905. في المقابل لم يدخل التعليم الحديث الى نجد قبل عام 1938. وفي واقع الامر، إن ما يعكس ويعزز الخصوصية الحضرية الحجازية أن الطواقم الدبلوماسية السعودية الى جانب العديد من المؤسسات الحكومية كانت قائمة في جدة حتى عام 1985، حيث تقرر اخيراً نقلها الى العاصمة، الرياض.

إن الازدهار النسبي في الحجاز وهكذا النفوذ السياسي للنخب الحجازية يعكس المكانة العالية المشتقة من السيادة التاريخية للمدن الاسلامية المقدّسة. فمنذ عام 1916م أصبحت مكة تحت حكم الاشراف المتحدّرين من النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، ويرجع الاشراف نسبهم الى بنت النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) فاطمة والى ابن عمه علي بن أبي طالب. ويقول الاشراف بأنهم يتحدّرون من هاشم بن عبد مناف، مؤسس فخذ بني هاشم من قريش. وأن ابني فاطمة الحسن والحسين أسسا الفرعين الرئيسيين للسلالة الشريفية المعروفة بإسم الحسينيين والحسنيين. ومنذ عام 1916 وحتى سيطرة آل سعود عام 1924 كان الاشراف الحسنيون يحكمون مكة، فيما كان الاشراف الحسينيون يحكمون المدينة.

وفي عام 1517 إعترف الشريف بركات شريف مكة بالسلطان التركي كخليفة، وتم تعيين باشا عثماني على جدة وأن بعض الحاميات الصغيرة قد تموقعت فيها وفي مكة والمدينة ومدن أخرى. وفي معظم فترات حكمهم، فقد أطلق العثمانيون يد الشريف كيما يدير شؤون مكة والمدينة، فيما تسلّم سكّان الحجاز معونات من السلطان وكانوا معفيّين من الضرائب والخدمة العسكرية الالزامية. وقد حظي السلطان بلقب خادم الحرمين، فيما كان الشريف الأكبر يكسب المال والوجاهة بوصفه رئيساً للحج. وأن سلطاته تعتمد جزئياً على قدرته على المناورة في مقابل الحكومة العثمانية، ولكن تحدّر الشريف من النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) منحه مقاماً عالياً في العالم الاسلامي، الى حد أن السلاطين حافظوا على المظهر الخارجي من الاحترام والتقدير للشريف.

وفي غضون ذلك بدأت الاطماع النجدية تتجه صوب الحجاز، لأسباب عديدة ولكن من أهمها كما تذكرهما مي (أن المصادر المالية السعودية أصيبت بنكبة بعد أن قرر البريطانيون وقف مساعداتهم الشهرية وهي عبارة عن 5,000 جنيه استرليني عام 1924) وفي هذه الحال، بدأ ابن سعود يتطلع الى المناطق الأكثر ازدهاراً من حوله ولم تكن غير الحجاز مكاناً مغرياً، يمكن له ان يسدّ الحاجة الملحّة، حيث أن الدخل المحصّل من ضريبة الحج وجبي الجمارك في جدة يفوقان بمرات ما يحصل عليه من دخل محدود في نجد والاحساء. السبب الآخر، أن الشريف حسين قد تسنم الخلافة التي أزيلت من قبل الجمعية التركية بعد يومين فقط. إن فكرة الخلافة الشريفية العربية كانت منتشرة على نطاق واسع في البلاد العربية ولكنها بدأت تضمر في سنوات غروب الدولة العثمانية. وعلى أية حال، فقد اعتبر آل سعود احتلال الحجاز مهمة تاريخية.

وفي عام 1924 هاجمت القوات السعودية الطائف فيما انسحب جنود الشريف حسين بقيادة ابنه الى مكة تاركين سكّان الطائف دونما دفاع، مما أدى لاحقاً الى وقوع مجزرة في أهالي الطائف. وحين وصلت قوات آل سعود مكة، انسحبت قوات الشريف علي الى جدة، فاستسلمت مكة دون قتال، وذلك في أكتوبر 1924 ودخل عبد العزيز مكة بلباس الاحرام. وقد أصبح موقع الملك حسين واهٍ فيما كان وجهاء الحجاز، والتجار الكبار، والعلماء يضغطون عليه من أجل التنازل لصالح إبنه علي. وقد غادر الحسين الحجاز الى العقبه وثم أخذه البريطانيون الى قبرص حين مات هناك. اما المدينة فاستسلمت في ديسمبر 1925 ثم سقطت جدة بعد ذلك في يناير 1926، وذهب علي الى بغداد لينهي حكم الهاشميين في الحجاز.

إن دخول الحجاز في السلطان السعودي كان يحمل معه تحديات عديدة، فالحجاز لأول مرة منذ ألف عام يفقد استقلاله ويكون تابعاً لغيره بعد أن حافظ طيلة هذه القرون على خصوصيته ومكانته، ولعل الأخطر في الأمر ان يكون تابعا لحكم يدنوه رتبة ومقاماً وتراثاً، كيف واذا كان هذا الحكم ينوي تخفيضه الى حد اذابة خصوصياته الثقافية والحضارية واستئصال هوية أهله وجذورهم الاجتماعية والدينية.

إن أول اشارة تنبىء عن فقدان الحجاز لاستقلاله وهويته هو تغيير عبد العزيز اسم سلطنة نجد الى مملكة نجد عام 1926، ولكنه لم يحاول احتواء مملكة الحجاز، بعد أن تبين له بأنها على درجة من التعقيد والتركيب بما لايسمح له باستيعابها مرة واحدة. ولذلك قرر بدلاً عن ذلك تبني سياسة الدمج التدريجي مبتدئاً بالمحافظة على البنية الادارية التي شيّدها الهاشميون الاشراف، وعيّن فيصل ابنه نائباً على الحجاز في اغسطس 1926، وبدأ بمستلزمات ضرورية لادراة مملكة الحجاز مثل الدستور الذي يعرّف مكانة النائب، ومجلس الشورى والأجهزة الادارية.

إن التحدي الآخر الذي واجهه الحكم السعودي في الحجاز هو التغلب على الاختلافات التيولوجية بين علماء الحجاز ونجد. وفي يناير 1925 التقى العلماء الوهابيون ونظراؤهم من المذاهب الاخرى في مكة، بما يشير الى بدايات الهيمنة الوهابية وتهميش المذاهب الاسلامية الاخرى. وفي نهاية المطاف قام الوهابيون بما يسمونه (تطهيراً) للمدن المقدسة كما فعل ذلك أسلافهم في مرحلة مبكرة من القرن التاسع عشر بتدمير أماكن العبادة باعتبارها غير اسلامية بما في ذلك المكان الذي ولد فيه النبي (صلى الله عليه وسلم) وبيت خديجة، زوج النبي، وبيت ابي بكر. إن تطلّعهم يصل الى ازالة أماكن العبادة بوصفها دالاّت على الثقافة والهوية المكيّة.

إن نقطة التحوّل الكبرى كانت في سبتمبر 1932 حين أعلن الملك عبد العزيز عن دمج أجزاء المملكة العربية تحت اسم عائلته، وأصبحت مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها المملكة العربية السعودية.

إن الحكم السعودي في الحجاز قد تم فرضه بقوة السلاح، وأدى الى سخط لدى قطاعات من سكان الحجاز وخصوصاً الوجهاء المحليين. وبعد سقوط جدة مباشرة، تشكل ما أطلق عليه (رابطة الدفاع عن الحجاز) في مصر. وأسس المعارضون الحجازيون ايضاً حزب التحرير الحجازي، الذي ينادي باقامة دولة الحجاز المستقلة، وأن كثيراَ من ممثلي المعارضة هم من الاشراف الذين لديهم روابط قريبة بقوات الشريف علي. لقد قدّم الامير عبد الله ايضاً لهذه المجموعات المال والسلاح في أواخر العشرينيات، ولكن في عام 1932 قام عبد العزيز بحظر كافة الاحزاب السياسية في الحجاز وأمر باعتقال كافة أعضاء المعارضة.

إن ما يميز كتاب مي يماني الجديد كونه يقدّم ترجمة أمينة لتجربة المؤلفة نفسها، تجربة تبدأ من روايات الجدّة ومن حكايات الستات الكبار، وتتواصل مع الموروث والمعاش لينصب في نهاية المطاف داخل قالب إكاديمي ينزع نحو رسم صورة شديدة الوضوح عن التباينات السياسية والاجتماعية في الجزيرة العربية، كما تقدّم صورة عن التحولات الداخلية في المجتمع الحجازي في القرن العشرين من ثقافية محلية شديدة التعقيد الى الاداء العام والطقس السياسي.

الصفحة السابقة