تحويل الخلاف الشخصي والسياسي الى ديني يبيح التكفير والعنف

خطة الحزب النجدي واستنفاره لحرب اليماني

استنفر الحزب النجدي خيله ورجله، واجتمعت الأضداد النجديّة من أمراء متنافرين، وعلمانيين لا صلة لهم بدين في اعتقاد أو ممارسة، الى رجال استخبارات وأمراء مناطق.. استنفرت الطاقات الإعلامية والمالية والعلاقات العامة الى جانب صغار المشايخ وصغار العملاء بائعي الضمائر ـ أدوات الحزب النجدي ـ للهجوم على الشيخ أحمد زكي يماني، الذي أصبح فجأة يقول بنقص القرآن، والذي كان قد طبع على نفقته للتو نسخة من القرآن الكريم رائعة الخط وجدت في إحدى أهم مكتبات البوسنة، وقد تحدثت بعض الصحف عن ذلك.

فجأة ظهر علمانيو الحزب النجدي خائفين على القرآن الكريم، وهم الذين لم يفتحوه يوماً، ولم يميزوا بين آياته الكريمات وبين غيرها من كلام البشر. وزاد الخوف عند الأمير الإصلاحي المبجل طلال بن عبد العزيز، فأخذته الحمية الدينية بأن استقلّ طائرته الخاصة الى القاهرة ومعه عبد الله عمر هبو، ومحمد صلاح الدين، ليقوم هؤلاء بحملة ضد الشيخ اليماني هناك، وكل ذلك دفاعاً عن القرآن الذي ينتقصه صاحبنا.

يذكرنا هذا بأمر مشابه، حين كان أعضاء من الحزب النجدي يقومون بزيارات متواصلة الى ملحد العرب الأكبر، بل منظّر الإلحاد في الشرق كله: عبد الله القصيمي، النجدي الذي اختار الإقامة في مصر، وألف كتباً في الإلحاد لا تخطر على بال أحد.. زيارات كانت تسأل عن صحته، ويقدم خلالها الدعم المادي له، ولم يسأل أحد أعضاء الحزب عن غيرتهم الدينية آنئذ، فما دام الرجل منتمياً الى الحزب إيّاه، لا بدّ أن يغفر الله ما تقدم من ذنبه وما تأخر!

لم يقرأ أعضاء الحزب النجدي، بصحفه وأدواته الإعلاميه ورجاله وعملائه الخارجيين، لم يقرأوا مقالة اليماني؛ فأحقادهم ـ غير المبررة ـ على الرجل، وكونه من الحجاز، أعمت بصيرتهم، فقاموا كما هي العادة بـ (تحويل الخلاف السياسي الى خلاف ديني، يحتكم فيه الى رجال المذهب الوهابي). وكانت الخطة تقتضي إثارة حملة داخلية وخارجية شاركت فيها بالفعل رموز الحزب النجدي الإعلامية إما بشكل مباشر أو بتحريك آخرين، كما شارك فيها عصابات تابعة للمباحث معروفة التوجه سلفاً.. فإذا ما نضجت الحملة، جاؤوا بـ (الكرادلة الوهابيين) فتتم استثارهم من قبل الأمراء الكبار الذين هندسوا العملية، فيستخرجون بذلك الفتاوى التي يريدون ويكون بعدها لهم الإنتقام من خصومهم السياسيين!

أبعد هذا نستغرب، لماذا يحدث التكفير عندنا؟!

إن التكفير الوهابي سياسي قبل أن يكون تكفيراً حقيقياً مبنياً على أسس دينية!

فإذا ما أقرّت الوهابية السياسية ذلك، لحقتها أختها الدينية العمياء عن كل ما يفعل آل سعود، وهمّها تكفير الآخرين ونسيان من حولها من أفعال الخادم وإخوانه وأبناءه!

ربما أدرك اليماني هذه اللعبة سريعاً، كيف لا وهو يرى أن أعضاء الحزب إيّاه يقوّلونه ما لم يقل، ويلوون أعناق النص ليحدثوا ثغرة يدينونه منها. لهذا بادر وأكد ما يدين الله به من تمامية القرآن وأنه محفوظ من لدن رب العالمين. وهنا أُسقط بيد دعاة الفتنة وأدواتها، فانتهت المعركة قبل أن تبدأ، وخسر المبطلون معركتهم فصاروا يتلاومون نصف معتذرين، فيما بقي رموز الفتنة مصرّين على باطلهم ملقين باللائمة على الجريدة الناشرة لمقالة الشيخ اليماني، وعلى اليماني نفسه لأنه لم يكن واضحاً بما فيه الكفاية.. لكنهم لم يلوموا أنفسهم الخبيثة التي سوّلت لهم أمراً أراد الله إبطاله!

شيطان الحملة: عبد الله عمر هبّو

لم يشأ الحزب النجدي أن يكشف وجه الصريح في أول المعركة، فتمّ تحريك رجل الداخلية المعتّق عبدالله عمر خياط، المتخصّص ـ كما هو معروف ـ في الهجوم على الشيخ اليماني، بمناسبة أو بدون.. ولدى العائلة المالكة أمثال هذا آخرين، لكن هذا أفضل أسهمهم فيما يبدو. هذا الكاتب أُريد تسويقه على أنه من رجالات الحجاز ويمثل أهل الحجاز، وغالباً ما يستخدم الحزب النجدي عوائل ضد أخرى، وبادية الحجاز ضد حاضرته وهكذا. وبالرغم من أننا في الحجاز متحضرين لا نحفل كثيراً بالأصول العرقية، لكن الرجل أثار بكتاباته وردوده في جريدة عكاظ أولاً ثم في جريدة الحياة مغالطات حول الأنساب تستحق الوقفة عندها، وقد أصبحت مثار اشمئزاز بين أهالي الحجاز حين قال: (ليس هو ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أنا ابن الشيطان الرجيم، وإذا كان أصلي هندي فإن أصله يماني، كلانا ليس من قريش)!

معروف لدى أهل الحجاز أن لقب اليماني أطلق على أحد أجداد الشيخ أحمد زكي لأنه غادر مكة وانتقل الى اليمن ثم عاد منها وإليه انتسبوا.. وإلا فإن العائلة هاشمية حسنية مكيّة معروفة. وبهذا يتضح خطأ ما قاله خياط، ولا يوجد وجه للمقارنة بينه وبين اليماني من جهة النسب، بل لا يوجد وجه مقارنة بين أسياد خياط من آل سعود وبين اليماني، فالأخير من أعلى مقامات قريش، أما آل سعود وهبّو فليسوا كذلك، إن كان الموضوع قرباً وبعداً من قريش، والذي يشير لدى البعض الى أحقية في الحكم من غيرهم.

أما عبد الله عمر خياط، فهو من بنغلاديش، حين قدم الى مكة ثلاثة أخوة هم: إسماعيل هبو وعمر هبو وإبراهيم هبو عملوا في خياطة عند (باب الزيادة) بمكة المكرمة. فيما بعد اختار أبناء إسماعيل نسبة أنفسهم الى (هبو خياط) فجمعوا بين النسب والمهنة، وبقيت عائلة إبراهيم تسمي أبناءها الى اليوم بـ (هبو)، في حين رأى أبناء عمر الذي توفي وهو لم يتقن العربية بل يتحدث بلغة مكسرة (بتعبيرنا في الحجاز: كَلَجَة) تسمية أبنائهم باسم (خياط) نسبة الى المهنة؛ ومن هنا ظنّ البعض أنهم من نفس العائلة الحجازية المشهورة بذات الإسم.

عبد الله عمر هبو، كما آخرين من نفس العائلة كانوا منذ زمن بعيد صيداً ثميناً للمباحث، ولازال بعض أفراد العائلة يعمل في الداخلية، ومن نتحدث عنه (عبدالله) كان وراء اعتقال أعزّ أصدقائه لثلاث أو أربع سنوات، وأخيراً ظهر الى العالم بعد هجومه على الشيخ اليماني مفاخراً بأنه مدعوم! وأنه استلم شيكاً بخمسين ألف ريال أو نحوه. ومعلوم أن عبدالله عمر هبو (خياط) من رجال آل فهد، ومحسوباً عليهم منذ الستينيات، أيام كان فهد وزيراً للداخلية.

ومعروف أنه حدث عام 1965 أن فهد، وقد كان وزيراً للداخلية قد طالب بصلاحيات كبيرة باعتباره نائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء، وقد رفض فيصل ذلك، فما كان من فهد إلا أن سافر الى أسبانيا ساخطاً، وهناك طلب من عبد الله هبو خياط أن يأتيه فجاءه وأجرى معه مقابلة صحافية لعكاظ طالب فهد فيها بإصلاح دستوري ومجلس شورى ونظام أساسي للحكم (من المعروف أن أمراء آل سعود إذا ما اختلفوا على تقاسم السلطة، فإن الطرف الضعيف يطالب بإصلاحات سياسية هو في الحقيقة لا يؤمن بها ولكنه يستخدم المطالبة بها كوسيلة للضغط من أجل زيادة حصته). المهم أن فيصل أعاد فهداً كنائب ثان لرئيس مجلس الوزراء مع بعض الصلاحيات والسلطات.

لقد عيّن عبدالله عمر هبو رئيساً لتحرير جريدة آل فهد، الجريدة الخديوية (عكاظ) وانتقل للعمل فيما بعد من فهد الى نايف، وبقي على ذات الحال الى هذا اليوم، ودخل آخرون في بيت الطاعة كرئيس التحرير الحالي!

رضوان السيد: أكاديمي هوى

فاجأنا الأكاديمي، رئيس تحرير مجلة الإجتهاد، بمقالة حادّة في صحيفة الإتحاد الإماراتية ضد الشيخ اليماني، بعد أن نقل له أحد أعضاء الحزب النجدي من الإعلاميين المشهورين مضمون ما كتبه الشيخ اليماني. هذا هو الخط الدفاعي الثاني للحزب النجدي، ونموذجه رضوان السيد، الذي أسفّ في مقالته أيما إسفاف، لا يتناسب مع مكانته العلمية، ولا مع رؤاه الشخصية نفسها. كل ذلك من أجل الإنتصار لولاة نعمته الجدد، الذين تعرّف عليهم عبر المرحوم الراحل رفيق الحريري.

رضوان السيد: المعركة الخطا

والدكتور رضوان السيد، الذي عرفناه عن قرب، استقطبه السعوديون منذ التسعينيات، فصار يكتب لديهم ويحضر موائدهم وجنادريتهم، ويستلم شرهاتهم، ويسهر مع رؤوسهم و(يخبّص) مع حثالاتهم. لو كان رد رضوان علمياً لصمتنا، أما التهجم الشخصي، فإنه أولى بالنظر الى نفسه، فاليماني نراه وغيرنا في دوحات الحرمين الشريفين قارئاً للقرآن متعبداً، شهد على ذلك من هاجمه من أعضاء الحزب نفسه في كتاباتهم الأخيرة.. لم يعاقر خمرة، ولم يترك فرضاً. فلينظر الى أصحابه من أعضاء الحزب إياه، إن كان في وجوههم مسحة إيمان، أو تفقّهاً في دين، فهم كلهم من أصحاب ثقافة لا تتعدى قول (رب العزة والجلال) و (الشريعة السمحة)! ومن تحت هذين القولين يجري العبث بكل التراث الإسلامي، ومحاداة الله ورسوله، الى حد اعتبره أتباع المدرسة الوهابية نفسها (كفراً بواحاً) أو قريباً منه. ولينظر أيضاً لإيمان خادم الحرمين الشريفين وهو يلبس الصليب، وليقرأ عبد الله الناصر ـ وهو هنا في لندن ملحقاً ثقافياً نجدياً/ من الدرعية ـ علينا بعضاً من فضائل الخادم وفسقه في كل محافل وكازينوهات الغرب، بدل أن يكسر بيوت الآخرين ناسياً بيته الزجاجي.

لقد تحركت ماكنة الحزب النجدي في مصر لتفعيل مؤسسة الأزهر المخترقة بالبترودولار، ولتفعيل مشايخ السلفية كأنوية نائمة تحتاج الى عمل تكفيري أو عنف ضد الآخرين، ومن سوء حظ عبدالله عمر هبو وصاحبه ـ ذي الوجهين ـ كما هو من سوء حظ الأمير الحرّ الديمقراطي جداً طلال! أنهم ذهبوا الى الدكتور محمد سليم العوّا لاستثارته، فلما أخبروه بأن الشيخ اليماني يقول بأن القرآن ناقص، قال لهم بأن ذلك مستحيل، ويبدو أنه أحسّ بطبخة مؤامرة، ثم كتب مقالاً بعنوان: زوبعة في فنجان! هذا لم يمنع أن بعض الأقلام والمشايخ تحركوا واستلموا الثمن، قبل أن يقرأوا شيئاً مما أثير الجدل حوله.

أعضاء الحزب: القاضي والفاضي والناصر!

كتب الفاضي خياط، وتبعه القاضي عضو الحزب، ففسرا كلام اليماني بما يخدم غضبة آل سعود منه، ثم جاء الملحق الثقافي في لندن (إبن الدرعية البار/ أو راعي الدرعية!) ليكتب في مقالته (وفقاً لرواية الكاتبين الفاضلين الأستاذ عبدالله خياط والأستاذ حمد القاضي) مقالاً رخيصاً يشكك في نزاهة اليماني، وقبل ذلك في دينة. وهذه هي طبيعة الحزب ذي (النغمة أو الموجة الواحدة الموحدة).. فجميع أفراد الحزب دأبهم الطعن في اليماني وتجريده من كل فضيلة، فهو لا يفهم في النفط، وهذا لو صدق وصحّ كمذمّة له، فإنه مذمّة لكبراء الحزب النجدي الذين قبلوا به وزيراً لأربعة وعشرين عاماً. وفي حين يريد الحزب النجدي الحطّ من ثقافة اليماني الدينية اضطرته الهجمة النجدية الحاقدة الى الإشارة الى بعض من سيرته وهو من بيت علم في الحجاز معروف.. يقول: (طلب العلم الشرعي بدأته في مقتبل العمر بالمسجد الحرام، درست الفقه الشافعي وأصول الفقه على يد والي ـ رحمه الله ـ وختمت صحيح الإمام مسلم على يد شيخي حسن المشاط، ومن بعده صحيح البخاري، ودرست الفقه الحنبلي على يد الشيخ محمد بن مانع رحمه الله، ودرست اللغة العربية بفروعها المختلفة من النحو والصرف والعروض على يد شيخنا العربي وأستاذي عبدالله دردوم الذي حفظت على يده ألفيه ابن مالك. ثم درست أصول الفقه على يد شيخي الدكتور عبد الوهاب خلاف في مصر، والفقه على يد الشيخ محمد أبو زهرة، والشيخ علي الخفيف.. الخ).

عبد الله الناصر: الدرعية أولاً!

هذا غير جوانب معرفته وكتاباته الإسلامية واهتماماته التراثية المبكرة. ومع هذا يحاول الحزب النجدي أن يسلخ كل هذا الفضل عن الرجل، ويساويه بأدناهم، في حين أن أعلا رموز الحزب النجدي لا يجيد كتابة إسمه، ولا يستطيع أن يقرأ جملة مفيدة، وكبار أعضاء الحزب تعلموا (من مدرسة الوالد المؤسس!) وعلمانيو الحزب، هم أصلاً لا يفقهون شيئاً في الدين، ويرددون ما يردده (كرادلة الحزب) من أن هذا صوفي وذاك فيه كذا وكذا! وكأنهم ركّع سجّد! لا يفارقون القرآن. في حين أن حالهم مثل حال سيّدهم (صنم الحزب) (قاهر الجلطات) الذي كتبنا بعض مآثره في العدد الماضي. وليس صحيحاً ما قاله خياط (هبو) من أن هناك من يصنّم اليماني، ولكن الصحيح هو أن أعضاء الحزب وحثالاته ـ هم من يصنّم (قاهر الجلطات)، وكبير (كرادلة الحزب)، الذين لا يأتيهم الباطل من بين يديهم ولا من خلفهم!

والقاضي الفاضي يبرر هجومه على الشيخ اليماني، ومسارعته للكتابة ضده، ومن خلفه القطيع إيّاه، بأنه ما فعل ذلك إلا غيرة على الدين وعلى القرآن (كتاب ربنا!).. ولم تظهر غيرته المشوشة المسيّسة المناطقية الحزبية الطائفية إلا بتطويق النصّ وافتعال المشكلة خدمة لأصنام الحزب؛ وإلا فإن القاضي حسب زعمه ليس بينه وبين اليماني من مشكلة (ليس بيننا وبين أ. يماني إلا رابطة الإيمان، والمحبة والغيرة على كتاب ربنا، ومن بعدها روابط الوطن والدم.. ومن هنا جاء ارتياحي ... عندما قرأت مقاله التوضيحي)!

ذات اللغة استخدمها هبّو فهو يقول للحياة: (ما كتبته لم يكن في واقع الأمر تحاملاً، إذ لم يكن بيني وبين اليماني أي خلافات شخصية.. والأخوة الذي اتهموني بذلك كأنما أرادوا إثارة الفتنة..). ما شاء الله! كل أعضاء الحزب، فاسقهم وعلمانيهم، صغيرهم وكبيرهم، إعلاميهم وسياسيهم، شحاذهم وعميلهم.. كلهم اتفقوا أن ما فعلوه هو غيره لله والرسول!

أقنعتمونا!

حتى رضوان السيد قفز لنا من عباءة الرويشد وخالد الفيصل وجاء يدافع عن ديننا وقرآننا! شأنه شأن علي سعد الموسى وسلمان العمري، مدير العلاقات العامة والإعلام بوزارة الشؤون الإسلامية وآخرين.

اقتنعنا! أن لا أغراض سياسية لديكم، ولا محركين موجودين يحرضونكم ويدفعون لكم الشيكات! ولا طائرات تأخذكم الى عواصم الدنيا لتوزيع التكفير الوهابي على كل أحد (ظهر بعض السلفيين في مصر من أفتى بكفر اليماني).. وهذا من بعض ما جاء من الوهابية.. فهي (مصنع تكفير وعنف) متنقل يعمل على مدار الزمان والمكان!

حتى الجهلة والأوباش جاء بهم الحزب يكتبون ويناقشون للتحريض والإثارة وتكثير السواد.. سواد الوجه والقلب والسريرة، وإن كان بعضهم قد دخل اللعبة وهو لا يفهم شيئاً منها ولم يعرف نيات من وراءها بل لم يقرأ شيئاً مما كتب حول الموضوع.

خالد السليمان، عضو في الحزب إيّاه، والمدافع دائماً عن (كرادلة الوهابية) شنّ هجوماً على اليماني، ثم عاد وحسّن من (خطّه!) حين قطع اليماني عليه وعلى أمثاله التصيّد في الماء العكر، فقال ـ كما غيره ـ إن ما فعل (مسألة لم تكن أكثر من غضبة لكتاب الله تزول بزوال مبرراتها)! لكن بقية أعضاء الحزب هاجموه على تراجعه الجزئي فعاد يشتم الكتاب المدافعين عن اليماني، والمنتقدين لقطعان الكتاب المؤدلجين والموجهين من (أعلى!) فسماهم كتاب الصوالين والموائد وأنه لا قيمة أو وزن لهم، وأنهم يتزلفون بشكل رخيص من أجل مصلحة مادية فصاروا ينصرون الشيخ اليماني بالحق او الباطل واعتبرها (بلاهة) تضر المعني بها وتسيء اليه أكثر مما تنفعه!

هذا القول من عضو الحزب ينطبق عليه المثل القائل: رمتني بدائها وانسلّت. ولكن الحقيقة تبقى أن الهجوم الذي شنّه الحزب على اليماني قد انشكفت دوافعه الطائفية والمناطقية، ولم تكن الثغرة إلا اصطياداً في ماء عكر استخدمته عقول عكرة لمصالح سياسية، فسبب ذلك ردّة فعل بين أهل الحجاز.

لقد أرادوا اسقاط قيمة الرجل، فرفعوه عالياً.

وكلما نالوا منه بالباطل كلما كبر في عيون محبيه.

وكلما اتهموه في دينه، نفر الناس منهم ومن تطرفهم.

لقد أدت الحملة عكس أغراضها. وحين بدأت الردود تترى ضدهم وضد ما يكتبون، انزعج أعضاء الحزب وحثالات أمنه، انزعجوا من كثرة الكتابات الناقدة لهم، والمؤيدة للرجل، فانزعج السليمان والقاضي والفاضي وأضرابهم، ممن أرادوا أن يصوروا المعركة وقد انتهت بتراجع من الشيخ اليماني، لا بسبب أن الله ردّ كيدهم الى نحورهم، وبحيث لا يظهر وكأن الرجل قد كسب الجولة ضدّهم.

لقد فعلوا لليماني خيراً أن دخلوا معه في معركة باطلة الأساس، منتنة الأهداف، مكشوفة الأغراض.. ومثل هكذا معارك تزيد المظلوم رفعة، وتحطّ بالوجوه الكالحة المعروفة في الحضيض وهي معروفة على أية حال، ومعروف تراثها وانتماؤها، وهي كلها تلعب بإسم الله ورسوله، مثل قادة الحزب وكرادلته.



الصفحة السابقة