مناشدة (أبي متعب) مرّة أخرى

سوق الأسهم هو ما يُشغل السعوديين، وليس حرب لبنان!

لا تُسبب أحداث لبنان قلقاً كبيراً لدى معظم السعوديين بقدر ما يسببه انخفاض سوق الأسهم!

هناك قلق بلا شك (بسبب) لبنان، ولكن ليس (على) أو (من أجل) لبنان.

الحكومة قلقة.. لأن حزب الله وسوريا ومن ورائهما إيران قلبوا الطاولة عليها وعلى حلفائها المحليين والدوليين. وهي قلقة من تعاظم الدور الإيراني المتصاعد والقادم من بوابة النضال من أجل فلسطين. ويتصل هذا القلق مع قلق مصر والأردن وبعض دول الخليج.

هذا القلق عبر عنه بانفجار مدوّ، من خلال ما صرّح به مصدرٌ سعودي (مسعول) اتهم فيه حزب الله وحماس بالعناصر المغامرة، وحملها مسؤولية إشعال الأزمة ومسؤولية البحث عن حلّ. وعبّر عنه في مؤتمر وزراء الخارجية العرب الفاشل حتى في إصدار بيان. كما عبّر عنه من خلال نشر عدد ضخم من المقالات ضخّته الصحافة السعودية لكتاب (أغلبهم موالون للسلطة، أو معادون لما يسمى بحركات الإسلام السياسي). وقاد الحملة في الخارج جريدة الشرق الأوسط وموقع إيلاف وقناة العربية.

وهناك قلق طائفي/ عقدي/ وهّابي يتناغم مع قلق صانع القرار السياسي، تم التعبير عنه في منتديات الإنترنت. جذر مشكلته أنه يرى في أي مكسب يحققه حزب الله (عبر مقاومة اسرائيل من أجل فلسطين) مكسباً طائفياً للشيعة، وبالتالي لا يجب أن ينتصر الحزب، ولا سوريا من خلفه، ولا إيران من خلفهما معاً. الأصل كما يفصح موقع الساحة السلفي عن ذلك، هو أن الشيعة أخطر من اليهود وأسوأ، والأصل أن نصر الله عميل لليهود وحامي بوابتها الشمالية، ومنطق هؤلاء لا يتسم بالعقل حتى ولو كانت كل الشواهد اليومية تخالفه.

ولذا فُتحت معركة طائفية واسعة على حزب الله من أول يوم اختطف فيه الجنديين الإسرائيليين، ولازال حزب الله بنظر الوهابيين (حزب الشيطان) و(حزب اللات).. ونصر الله مجرد (عميل لليهود والنصارى) و (قاتل للسنّة!).. ولذا فإن أهم شيء لدى هذا التيار ـ كما يكتب في منتدياته ـ أن ينصر الله اسرائيل على الحزب الرافضي الخبيث، او على الأقل أن يقتتل اليهود والشيعة ويخرج (المسلمون) من بينهم سالمين.

وهناك قلق ثالث يأتي من بعض المتسيبين الذين خسروا صيفهم هذا العام في لبنان!

وهناك قلق رابع من بعض المستثمرين في لبنان، وبينهم أمراء سعوديين، لهم استثمارات كبيرة خاصة في السوليدير.

عدا عن هذا، فقد تعود المواطن السعودي المخملي، كما باقي العرب صورة الدم والقتل والدمار، فلم تعد الصور الحية التي تنقلها الفضائيات تحرّك شغاف القلوب، أو تحيي ضميراً مضى على موته عقوداً طويلة.

هناك أمرٌ أخير أقلق السعوديين بجدّ هذه المرّة!

فقد قيل بأن الهبوط في سوق الأسهم سببه ما يجري في لبنان، هذا ما قالته وروجته قناة العربية. إذن فحزب الله مسؤول عن هذا أيضاً! مع أن أسعار النفط وصلت أسعارها الى 78 دولاراً للبرميل، وكان يجدر بهم أن يشكروا للحزب هذه الفضيلة على الأقل!

لكن الحقيقة أن السوق السعودية كانت تتجه الى الهبوط قبل حرب لبنان القائمة، ولم يكن ربط ذاك الهبوط بالحرب إلا ذريعة فارغة، فالسوق مقدّر لها الهبوط ربما الى أقل من ثمانية آلاف نقطة، وكانت الدلائل واضحة قبل اشتعال الحرب بأسابيع.

المهم.. أن أحداً لم يطلب من حكومته نصرة لبنان، فكلهم متفقون أن يقلع اللبنانيون شوكهم بأيديهم (يستاهلون). فهم إما شيعة كفرة أو مسيحيين فسقة أو سنّة متهتكين! في الحقيقة طالب بعض (أبناء التوحيد الوهابي) الحكومة بأن لا تصرف قرشاً على لبنان.. وصفّق النجديون العاقلون لحكومتهم النجدية على موقفها العبقري من حزب الله وحماس.

لكن التيار (الوهابي) الذي لم يؤلمه ما يجري في لبنان، آلمه ما يجري لسوق الأسهم، فكتبوا لأبي متعب (الملك عبد الله): مسّنا وأهلنا الضرّ!

فتدخّل يا أبا متعب وأنقذ السوق، فهذا خير من تدخلك لتنقذ شعب لبنان وشعب فلسطين ومقاومتهما.

الصفحة السابقة