جدّة غير فعلاً

تموت عطشاً وينهكها انقطاع الكهرباء وتطفح فيها المجاري

نصف مياه جدّة تذهب لحدائق القصور الملكية والأميرية، وخاصة حدائق قصور السلام.

مجاري جدّة تذهب الى البحر لتلوثه، والى بحيرة مجاورة أنتجت المرض ونشرت الأوبئة.

كهرباء جدّة لا تنقطع ساعة في يوم، بل هي في انقطاع بشكل شبه يومي منذ أسابيع، ومكيفات القصور شغّالة حتى وإن لم يكن بها سوى الحرّاس والخدم!

جدّة.. عروس البحر؟!

أيّ عروس هذه التي جعلها آل سعود شوهاء نتنة، يعاني أهلها من حرّ الصيف اللافح، فيما يتمتع آل سعود بأجواء جنيف وعواصم أوروبية أخرى، ولا يكفيهم ذلك بل وتستهلك قصورهم في غيابهم معظم الطاقة الكهربائية، استهلاكاً مجانياً بلا ثمن يدفع لشركة الكهرباء!

وفيما يموت الناس عطشاً، ويبحثون عن الماء ليشترونه في صفوف طويلة، تتمتع حشائش وأشجار القصور الأميرية والملكية بالرعاية القصوى ـ ومجاناً أيضاً ـ وعلى حساب المواطنين.

اذا عاد الماء لفترة محدودة، عاد ملوثاً وضعيفاً، فشبكة المياه مخرمة، يتسرب منها بنسبة عالية، وفي حال توقفه يعود المياه الملوث الى الأنابيب ناقلاً التلوث والمرض.

هذا، ونحن نتحدث عن (عروس البحر)!

نتحدث عن جدّة، العاصمة الثانية للسعودية!

ولكنها تختلف عن (عاصمة التوحيد والفضيلة ـ الرياض)..

العاصمة ومدن نجد الكبرى، التي لها الأولوية في المياه المقطرة، والكهرباء، والخدمات العامّة الأخرى.

نحن أيضاً نتحدث عن جدّة، ومهرجان الصيف الشهير يصكّ الأسماع: جدّة غير!

نعم.. جدّة غير مدن العالم! فهي مدينة تقع في دولة فقيرة بائسة لا تمتلك الموارد!

وهي غير اخواتها من المدن الأخرى، لأن سكانها ليسوا على ملّة التوحيد، ملّة إبراهيم، بل على ملّة (عمرو بن لحي) كما يصفهم ويصف علماءهم الوهابي الجاهل المتطرف سفر الحوالي وأضرابه.

أسابيع عديدة والمأساة مستمرة.. لا ماء ولا كهرباء وأمراض متفشيّة!

لنقرأ بعض التعليقات في تواريخ متفاوتة حول هذه المسألة، لنعلم كيف يعيش الناس في دولة يعتقد أنها من أغنى دول العالم!

جدة غير.. تموت من العطش!

تصور يا سيدي ـ ولعلّ هذا قد حدث لك ـ أن أرسل حارس البيت الذي أسكن فيه في الرابعة صباحاً لمحاولة الحصول على (وايت) ماء، وأنا محظوظ، طبعاً، لأن عندي حارس ليقوم بالمهمة، وإلا لكنتُ قد خرجت في الليل بحثاً عن (جدة غير) التي يتحدثون عنها.

ومن يقرأ عناوين الصحف يتصور أن هذه العناوين تتحدث عن بلد آخر غير (جدة). إقرأ معي نساء ومسنون تحت لهيب الشمس من أجل قطرة ماء، تدافع وتشابك بالأيدي وسماسرة يتلاعبون بأسعار المياه.. وسماسرة (الوايتات) يصطادون العطشى وسط الزحام. ماذا يفعل المواطن العاجز؟ ماذا يفعل المريض والأرملة؟ ماذا يفعل عباد الله الذين لا حيلة لهم؟!

لقد تدافع الألوف الى فرع إدارة المياه في محافظة جدة حتى امتلأت ساحة الإدارة بالصارخين والشاكين والباكين الباحثين عن نقطة ماء في حر (جدة) اللافح. وقد وقف هؤلاء تحت نار الشمس من التاسعة صباحاً حتى الخامسة مساء، وبعضهم انتظر حتى بعد صلاة المغرب من أجل (وايت) ماء لم يحصل عليه.

لقد صدعنا أصحاب شعار (جدة غير) بالإعلانات في كل مكان عن (جدة) لا نعرفها.. وعن مدينة فاضلة لم نصل غليها، وعن وفرة في كل شيء وهو ما لم يحدث.

ابحثوا عن شعار آخر بدلاً من (جدة غير).. ارفعوا شعار (جدة من غير)!!

عبدالله باجبير

الإقتصادية ـ 21/6/2006

* * *

عطش جدة

جدة في حالة عطش منذ سنوات، والحال يزداد سوءا عاماً بعد عامن وشهراً بعد شهر، فالماء لا يصل الى أكثر أحيائها إلا مرة كل اسبوع في أحسن الأحوال، ومرة كل شهر أو شهور في أسوئها. وحتى من تصل إليه مرة اسبوعياً يضطر الى استكمال الناقص بالوايت الذي أصبح الحصول عليه أصعب من حجز الخطوط السعودية، ومن انتظار رحلاتها المتأخرة. فالموظف او الأستاذ أو رب الأسرة وغيرهم يضطرون الى التخييم وحتى المبيت عند أشياب المياه بانتظار الدور الذي قد يأتي وقد يلغي في نهاية المطاف لأن المكتب أغلق أو (مويه ما في تعال بكره؟) أو الى شراء وايت الماء من خارج الطابور بسعر يصل الى ثلاثة أضعاف سعر وايت (السرا).

أما شبكة المياه (المهترئة) فقد أصبحت تنزف ما بين الثلث والنصف من الماء الذي يضيع سدى في الأرض. والأخطر من ذلك أن ضعف الضغط وتوقف الضخ يعني تسرب المياه الجوفية ومياه الصرف الصحي الى الأنابيب، واختلاطها بمياه الشرب.

د. خالد محمد باطرفي

المدينة ـ 4/7/2006

* * *

قطرة ماء!

أن تعاني جدة من أزمة الصرف الصحي فهمنا أسبابها، أن تعاني من علبة السردين التي تسمى مطارا لها بلعناها، أن تعاني من تخطيطها العشوائي مشيناها، لكن أن تعاني من أزمة مياه شرب موسمية هذي عجزت أفهمها أو أبلعها أو أمشيها!! أهم وأكبر مدينة سعودية على الساحل الغربي تعاني من أزمة مياه بينما محطة تحلية المياه تتوسط شواطئها وتبتلع مياه البحر الهائلة لتدفعها عذبة الى كل مكان بعيد ليرتوي بينما نصف أهل جدة يعطشون؟! هل يعقل هذا؟!

العالم يغزو المريخ ويكشف أسرار مياهه بينما (وايتات) المياه التي تمثل الماضي السحيق بكل علامات بدائيته مازالت تجوب شوارع وحارات العروس؟! هل هذا هو التجسيد المثالي للشعار الهلامي لجدة «غير»؟! يقول لي بعض الأصدقاء إن القتال أحيانا على «وايت موية» في عز الأزمة أشبه بالقتال على شربة ماء في قلب الصحراء المعزولة، بل ان أزمة المياه تكاد تجردهم من إحساسهم بإنسانيتهم وهم يتحولون في كل مرة الى وحوش كاسرة يتقاتلون من أجل «وايت مياه» أو يستولون على حصص مياه الآخرين بمواطير السحب!!

خالد حمد سليمان

عكاظ ـ 1/7/2006

* * *

الكهرباء والعربة قبل الحصان!

لا أجد مثلاً ينطبق على المسؤولين عن هيئة الكهرباء في بلادنا إلا المثل أو الحكمة القائلة إنه يضع العربة قبل الحصان. والمسؤولون في بلادنا مشغولون الآن بتخفيض تعرفة الاستهلاك لتصل إلى 30 في المائة من قيمة التعرفة الحالية وهو اتجاه محمود ولكن الأهم منه توفير الكهرباء أولاً. وهذا يشبه أن تعلن عن بيع سيارة بتخفيض 30 في المائة من سعرها والسيارة غير موجودة أصلاً.

منذ أسابيع استقال الرئيس التنفيذي لشركة الكهرباء بعد سنة فقط من تعيينه، وأطلق رئيس مجلس الإدارة صيحات التحذير من احتمال قوي أن ينقطع التيار الكهربائي من بعض مناطق المملكة وربما عن مدن بأكملها وانقطع التيار فعلاً في بعض المناطق.

عبد الله باجبير

الإقتصادية - 3/7/2006

* * *

لوغاريتم 3؟25/2× رقبة المواطن

في مدينة جدة يُباع الماء ويُوزَّع عن طريق أكثر من ألف من هذه الوايتات تجوب الشوارع ليلاً ونهارًا، وتلتهم بعض الأرواح في طريقها، وتضاعف من تكلفة صيانة الطرق، وتُخسِّر اقتصاد الوطن الملايين سنويًا كقيمة كفرات وقطع غيار وسيارات. أما مقر الشراء فهو في شارع المكرونة، حيث يتجمع المواطنون الكرام في (السرا)، وذلك له ميزتان عظيمتان: الأولى أنه قد تجد في (السرا) طبيبًا ترك عيادته فتستطيع استشارته مجانًا في أمراضك، وقد تجد محاميًا ترك مكتبه فتستشيره في أمر الشيك المضروب الذي استغفلك أحدهم به، وقد تجد شاعرًا فيكتب لك بيتي غزل تسكت بهما زوجتك، أو أستاذاً جامعياً ترك محاضراته وأبحاثه بحثاً عن الماء فيشرح لك أهمية التعليم الجامعي لرقي الأمم، أو جسيساً فتلتهب الحناجر في السرا بالصهبة الحجازية التي لا يقطعها إلا أول طنقرة على النقرزان لتدوّي الصالة بإيقاع المزمار وفي ذلك إحياء للتراث الأصيل، وقد تجد العمدة الذي بحثت عنه لمدة شهرين فيختم لك الأوراق، وقد تجد مدرسًا ترك تحضير دروسه بحثًا عن الماء فيشرح لك معلَّقة عنترة. وهذه لعمري صورة من أجمل صور التلاحم بين المواطنين!

ومدة انتظار السرا متفاوتة، ففي بعض الأيام تكون أقل من ربع ساعة، وفي أيام أخرى تصل إلى ست عشرة ساعة، وهنا تظهر لك الميزة الثانية، حيث إننا شعب متدين، فبإمكانك أن تصلي خمسة فروض كاملة في جماعة مع المنتظرين في السرا. أما إن لم يحدث أي من ذلك، فيكون الأمر مشكلة تستدعي اختيار أحد الحلول المقترحة التالية:

الأول: أن تُوزَّع المياه على أحرف الأسماء، أو على الأحياء، كل حي في يوم، وعيب هذا الحل أنه يلزمه معدل ذكاء 141 وهو رقم كبير كما نعلم.

الثاني: أن تطلب الوايت بالإنترنت. هذا الحل لا يمنحنا العدالة التي دائمًا نسعى إليها.. فليس كل المواطنين لديهم اتصال بالإنترنت، وكذلك يلزمه معدل ذكاء 117.

الثالث: استخدام الرياضيات، فتُوزَّع الوايتات على المواطنين وفق المعادلة لوغاريتم 3؟25 2 - 7= 35 ؟ ظل الزاوية بين رقبة المواطن وكتفه، وهذا حل مكلِّف يلزمه آلات قياس زوايا الرقبة، ويلزمه معدل ذكاء 112 وهو رقم مرتفع.

الرابع: أن تُقدَّم لمدينة جدة ما يكفيها من المياه، وتُضخ هذه المياه في المواسير المبنية تحت الأرض، وتُوزَّع بالشبكة على كل الأحياء حتى تصل إلى المنازل فتنتهي بآلة نحاسية ذات صمام وتسمَّى اصطلاحًا البزبوز. وهذا الحل العبقري أخذت به كل مدن العالم من طوكيو شرقًا، مرورًا ببانكوك وكوالا لامبور ومدراس وبومباي وأصفهان وشرم الشيخ والآستانة وبني غازي والقسنطينة وميلانو وبرشلونة ونوفاسكوتشيا وساسكاتون ونيكاراغوا وريو دي جانيرو حتى كوستاريكا غربًا. وهذا الحل لا يلزمه معدل ذكاء بأي درجة، بل يكفي له حتى معدل غباء.

جميل فارسي

المدينة ـ 26/6/2006

* * *

لا ماء ولا كهرباء ولا وجه حسن!

أخشى أن يأتي اليوم الذي أسير فيه في الشوارع فيقذفني الصبية بالطوب كما يفعلونه مع المجانين .. وبدلا من أن يقولوا 'العبيط أههب يقولون محرر الماء أهه .. أو محرر الكهرباء أهه.. أهه .. وربما العبيط أهه. قال بعض أقاربي وبعض أصدقائي إنني أسرفت في الحديث عن الماء والكهرباء، بينما غيري مشغول بمقابلة هيفاء وهبي .. وأن همس هيفاء في أذن لاعب الكرة الشهير أرق وأحلى وأجمل وأمتع من صياح رئيس هيئة الكهرباء .. وصراخ رئيس هيئة الماء!!

وردي الوحيد أن الحديث عن هيفاء والاستمتاع بعيونها النجل يحتاج إلى كهرباء لتشغيل القمر الصناعي والدش والتلفزيون.. وأن عيون المها تولد الحب والرغبة ولكنها لا تولد الكهرباء وأنا أفضل نزولا على قواعد المهنة أن أحشر نفسي بين رئيس الماء ورئيس الكهرباء، بدلا من أن أنحشر بين 'هيفاءب وأمري إلى الله.

ولا يضايقني أن أسمي كاتبي الماء والكهرباء أو محرر الكهرباء والماء ولكن الذي يضايقني هنا أن عندنا خمس هيئات تحمل أسماء ولافتات ضخمة لم تتكرم هيئة واحدة ولا إدارة واحدة بالرد على ما أثرته في هذه الزاوية من مشاكل الماء وندرته وقلته وانقطاعه في أيام الحر اللافح والشمس المحرقة.

وأنا لم أبد رأيا ولا قدمت تنظيرا ولا أنشأت فلسفة.. فقط قلت الحقيقة.. والحقيقة أننا عطشى وأن المستشفيات والفنادق والبيوت تتسول الماء.. وأننا مقبلون على كارثة مائية دونها العواصف والبراكين.. زمان كانوا يتحدثون عن الرجل السعيد الذي تتوافر له الخضرة والماء والوجه الحسن. وليس عندنا خضرة، ولم يعد عندنا ماء، أما الوجه الحسن فموجود في التلفزيون فقط. ولكن الكهرباء مقطوعة، وعليه العوض ومنه العوض.

عبدالله با جبير

الإقتصادية ـ 8/7/2006

الصفحة السابقة