مع الشيخ أحمد زكي يماني وزير النفط الأسبق

أحداث تبحث عن توثيق، وأنا لستُ زعيماً سياسياً

الشيخ يماني

في الحلقتين التاليتين للقاء الشيخ أحمد زكي يماني مع قناة الجزيرة واللتين بثتا في (16/9 و 23/9/2006) تحدث عن موضوعات بالغة الأهمية، هي في مجملها لها علاقة بالنفط السعودي، وباستخدام سلاح النفط في حرب اكتوبر 1973، وبمدى سيطرة الحكومة السعودية على انتاج وتسعير النفط داخل أرضها، ومقتل فيصل. في هذا الإطار يكشف الشيخ يماني عن تفاصيل لم تعرف حتى الآن، وقد كان كشفه لها مجرد رؤوس أقلام بحاجة الى متابعة وتفصيل.. فيما يلي أهم ما جاء في نقاش الحلقتين آنفتي الذكر.

معركة السيطرة على (أرامكو)

معروف أن شركة أرامكو النفطية كانت (دولة داخل دولة) حيث تمتعت بامتيازات لم تتمتع بها شركة من قبل في تاريخ الشرق الأوسط كله. فهي شركة لها مطاراتها ولها حرسها ولها مفكروها ومنظروها، ولها سيطرة مطلقة على المعلومات إلا ما تجود به على الحكومة السعودية من خلال تقرير سنوي. وهي شركة مددت سلطتها الى أمكنة غابت الدولة عنها، حيث بات لها مستشفياتها ومدراسها وأحياؤها ونظمها الخاصة، كما قامت ببناء مدارس حكومية وأشرفت على مشاريع زراعية وتدخلت في المواصلات البرية وسكك الحديد، فهي التي أنشأت سكة الحديد الوحيدة بين الرياض والدمام، فضلاً عن الموانئ ومكافحة الأوبئة وغيرها من الموضوعات. إننا نتحدث عن دولة فعلاً، تقوم بما تقوم به الدولة، حتى في مجال الأمن لها جهازها الخاص، وكذلك جهاز علاقاتها الخارجية مع الدول، حيث يُستقبل مندوبو أرامكو في المنطقة كممثلي رؤساء دول.

لم تكن الحكومة السعودية وحتى الستينيات الميلادية تعرف ماذا تفعل أرامكو بالضبط. وفي مجال النفط، لم يكن الملوك السعوديون يهتمون بما تفعل أرامكو (المبجلة) فهي تقوم بالبحث عن النفط ثم تنتجه ثم تبيعه لمن تشاء وبالسعر الذي تشاء، ثم تأتي للحكومة بحصّتها، هكذا بدون مراقبة أو إشراف. والطريف هنا أن ما تحصل عليه الحكومة السعودية من الفتات لا يكفيها أمام بذخ الأمراء ونفقاتهم، ولذا كانت تستدين اموالاً من أرامكو نفسها، التي أصبحت تلعب دور المُقرض!

حاول أول وزير نفط سعودي، عبدالله الطريقي، أن يفعل شيئاً ما، في فترة مليئة بالإضطراب السياسي الذي عمّ المنطقة العربية، وانخرط في مشاريع اصلاحية سياسية وغيرها، ولكن الطريقي أُزيح بسبب الصراع الداخلي بين أجنحة الحكم، بين تيار سعود وتيار فيصل وتيار طلال (الإصلاحي آنئذ). بعدها تولى الشيخ يماني وزارة النفط، وقد كان وزير دولة يستشار في أمور النفط. وبطريقة سعودية معروفة، سمع الشيخ يماني بقرار تعيينه وزيراً للنفط ـ وقد كان في بيروت ـ من خلال الصحف! فآل سعود لا يستشيرون من يعينوهم، ولا يبلغونهم حين يقيلونهم، وكثير من الوزراء أقيلوا وسمعوا إقالاتهم من شاشة التلفزيون، مثلما كان الحال مع غازي القصيبي وغيره.

الشيخ يماني يقول عن ذلك أنه كان يعمل مستشاراً قانونياً للمديرية العامة للزيت والمعادن قبل أن تصبح وزارة، وكان يمارس في ذات الوقت المحاماة، وكان يقوم ببعض المهام النفطية التي يوكلها له الأمير فيصل (الملك فيما بعد). وحين سئل عن عدم استشارته في تعيينه وزيراً قال: (والله الملك فيصل كان يعتبرني إنساناً لا أستشار بالنسبة لما يريد هو).

تسلم الشيخ يماني وزارة النفط والسعودية لا تمتلك سوى ما نسبته 25% من أرامكو، وذلك بعد 29 عاماً من تأسيس الشركة!، وحينها وجد الشيخ يماني أنه لا يمكن تقليص سلطات أرامكو بدون امتلاك الكفاءات البشرية والخبرات العلمية، ولذا طلب من الأمير فيصل أمرين: تأسيس معهد للبترول (أصبح فيما بعد كلية البترول والمعادن، ثم جامعة البترول والمعادن، ثم جامعة الملك فهد للبترول والمعادن!) والهدف هو خلق العناصر البشرية التي يمكن للدولة الإعتماد عليها لتكوين جهاز قادر على سحب البساط من تحت أرامكو. والثاني، تأسيس شركة وطنية للبترول، سميت فيما بعد بـ (المؤسسة العامة للبترول والمعادن ـ بترومين) ثم تطور إسمها الى (سمارك) ثم أُدمجت فيما بعد في أرامكو (التي امتلكت كلها من قبل الحكومة السعودية). وقد قامت بترومين بمراقبة نشاطات أرامكو فيما يتعلق بالكميات المراد تصديرها من خلال الموانئ، وكذلك مراقبة بعض الأعمال المتعلقة بالإنتاج والتسويق.

في الموضوع الأول، أي تأسيس معهد علمي، وافق فيصل على ذلك، فأنشئت الكلية التي رفض فيصل أن تسمّى باسمه، ثم لما اتسعت لتشمل كليات هندسة وعلوم وغيرها، صار اسمها جامعة. بالطبع، فإن نجاح الشيخ يماني في تأسيس هذا الصرح العلمي، يراد له أن يطوى من التاريخ، فلا يبقى سوى إسم آل سعود، حتى إن اسم الشيخ يماني حذف من كل الوثائق الحكومية التي تدل على أنه كان المؤسس الفعلي لذلك الصرح حتى من اللوحة التذكارية.

استشعرت أرامكو الخطر، فوقفت ضد تأسيس المعهد (الكلية ومن ثم الجامعة فيما بعد) لكن فيصل وحسب الشيخ يماني: (لم يتأثر.. بالعكس ساعدني وأعطاني كل الدعم الممكن بالنسبة للجامعة، لكن بالنسبة لبترومين يعني كان هناك شخص محل احترام وتقدير من الأمير فيصل نصحنا بعدم إنشاء الشركة الوطنية).

فيصل: هل قتله الأميركيون؟

كان لدى المملكة شخصية مبتعثة من البنك الدولي، وهو أحمد زكي سعيد، وقد نصح فيصل بأن تأسيس الشركة (بترومين) قد يؤدي الى هروب رأس المال، والى تقليص النشاط الأميركي في صناعة البترول، الى آخر الإسطوانة التي نسمعها، كما يعلق على ذلك الشيخ يماني رافضاً. وفي الأخير قبل الملك فيصل بتأسيس بترومين لمراقبة نشاط أرامكو.

كانت أرامكو ترقب نشاط الشيخ يماني، وتخشى من فقدان سيطرتها التامة على الوضع النفطي، وكان يماني يدرك من جهته أنه سيصطدم بأرامكو وستجبرها الحكومة السعودية على التنازل، فأرامكو من وجهة نظره مجرد (دولة داخل الدولة، وترفض أن تخضع لأي شيء نحن نشارك فيه قانونا. في إحدى المرات وفّقت إن ننشئ محكمة وأرامكو تخضع لها. كانوا ـ رؤساء أرامكو ـ اشترطوا عليَّ أن تكون هذه المحكمة التي سيخضعون لها تضم رموزاً من رجال الفكر القانوني. هذا كان فوزاً كبيراً ما كنت أحلم به. فذهبت إلى أستاذي السنهوري باشا واقتنع ووافق إنه يكون عضواً في المحكمة، وذهبت إلى عميد كلية الحقوق في جامعة هارفرد ووافق، ووافقت أرامكو ـ على التحاكم لدى المحكمة ـ. لكن بعض المتنفذين في سلك القضاء عندنا ظنّوا أن ذلك خروجاً على الشريعة الإسلامية، وإيجاد قضاء آخر في المملكة. ولم يكن الأمر هكذا، فالأمر يتعلق بعلاقتنا بأرامكو بموضوع البترول فقط. ولكن ماتت الفكرة مع الأسف الشديد بعدما كانت تكاد أن تكون انطلاقة حقيقية نحو السيادة السعودية على أرامكو).

وحين بدأت السعودية بطرح فكرة إعادة بحث موضوع المشاركة والحصص في أرامكو، والحدّ من صلاحيات الشركة، تدخل البيت الأبيض (لمنع الحد من سطوها) بحسب تعبير الشيخ يماني. وهنا أرسل الرئيس نيكسون إلى الملك فيصل رسالة شفوية. يقول الشيخ يماني عن تلك الرسالة والمفاوضات حول الشراكة مع ارامكو التالي:

(الرسالة الشفوية في العرف الدبلوماسي أن يأتي السفير بورقة مكتوبة يتلوها على رئيس الدولة. كانت الرسالة تقول إن أحمد زكي يماني يسعى إلى زعزعة العلاقات بين الولايات المتحدة وبين المملكة ـ واوضح نيكسون أنه ـ ضد فكرة الشراكة. الرسالة سُجِّلت من قبل مَن كان يحضر لأنها تليت بالإنجليزي ثم ترجمت إلى العربية، وناداني الملك فيصل في صباح اليوم الذي سأبدأ فيه في مدينة جدة المفاوضات مع ملاك أرامكو في موضوع الشراكة. طبعا ملاك أرامكو أتوا إلى المملكة وعندهم شعور جازم بأن موضوع الشراكة هذا قُتل. الملك فيصل أعطاني لأقرأ الرسالة الشفوية. قلت له يعني ما رأيك الآن؟ فقال لي: هل أنت تعتقد إن هذا الموضوع مهم جدا لمصلحة المملكة؟ قلت له نعم قطعاً، قال لي إذاً استمر. قلت له الاستمرار الآن ليس له أي مفعول، ولن يؤدي إلى أي نتيجة، قال: وماذا نحتاج؟ قلت له: أن يصدر دعم منك يبين إنك أنت تدعم موضوع المشاركة. قال طيب. اكتب الدعم. فكتبت إن المملكة العربية السعودية تحرص على أواصر الصداقة ـ مع الولايات المتحدة ـ وهذا معلن ومعروف، ـ وأنها حريصة ـ على أواصر الصداقة والتعاون مع شركات البترول، ولكنها تحرص على مصالحها، وإن لم تتعاون شركات البترول لتحقيق مصالحنا الشرعية، فإنها عندئذ ستفاجأ بتغيير سياسة الصداقة. وقال فيصل: أعطوا ـ البيان ـ الى وزارة الإعلام. أخذت ـ الرسالة أو البيان ـ وترجمتها بالإنجليزي وذهبت للاجتماع مع ملاك أرامكو. طبعاً كانت العنجهية والغطرسة بادية على وجوه الجميع، كل شيء مرفوض: لا نوافق على هذا نرفض هذا. قلت لهم إن هناك بياناً من الديوان الملكي سيصدر بعد ساعتين، وأنا لا أحب أن تفاجأوا به. كنت طبعت النسخة العربية وترجمتها حتى لا تتعبوا في الترجمة! فبُهتوا، وأصابهم وجوم وشيء من الإحباط. بعدها سألتهم: هل نتفاوض غداً؟! قالوا لا! لابد أن نعود. لقد كانت التعليمات التي أعطوها لا تعني مفاوضات ورجعوا الى بلادهم. واستمرينا ـ في الضغط ـ بعد هذا في المفاوضات ونجحنا).

النفط سلاح في المعركة

كل العرب تقريباً يؤيدون مقولة ضرورة استخدام سلاح النفط في معركة العرب الرئيسية، أي ضد إسرائيل وضد أميركا والغرب. ولكن هل ذلك ممكن؟ والى أي حدّ؟ وما هي قدرة دولة مثل السعودية على القيام بذلك؟ وماذا عن ردود الفعل الغربية التي تحسب لها الأنظمة العربية ألف ألف حساب. الشارع العربي المحبط والمثقل بالهزائم السياسية والعسكرية يريد حلاً للموضوع الفلسطيني، وموضوع كهذا تسترخص فيه كل القضايا. وحين وقعت حرب 1967 قامت تظاهرات شعبية غاضبة في مدن المنطقة الشرقية السعودية ضد أميركا واسرائيل وطالبت بقطع النفط، بل أن العمال في حقول النفط أضربوا عن العمل، وتوقف التصدير لبرهة من الزمن.

كيسنغر: لم يفهم العرب مراده بدقّة

في تلك الفترة تظاهر طلاب ـ وقيل بمعية أساتذتهم ـ كلية البترول والمعادن في الظهران، وطالبوا بقطع النفط، فاعتقلوا واعتقل مدير الكلية صالح أمبا. يقول الشيخ يماني عن أمبا أنه (رجل عظيم، وله فضل كبير على الجامعة) وأنه (أراد أن يحتوي انفعالات الشباب، فذهب اليهم بغية أن لا تتطور الأمور في المظاهرة..

وكانت هناك أجهزة الكاميرات تصوره من قبل شخص معين كان يرأس الاستخبارات في أرامكو واستطاع أن يقنع الأجهزة السعودية بأن صالح أمبا هو سبب البلاء والمشاكل.. فأُخِذ واعتقل بسبب أرامكو ومن خلفها).

السؤال المهم: هل النفط سلاح في المعركة؟

الشيخ يماني لا يرى ذلك، أو بالأصح يرى أن وقف تصدير النفط وزيادة أسعاره يتحول من معاقبة أميركا الى معاقبة للذات. كيف؟

يعترف الشيخ يماني أولاً أنه لم يكن يؤيد استخدام النفط في حرب 1973 بالطريقة التي جرت، وأن استخدام سلاح النفط بالصورة التي حدثت كان بأمر من الملك فيصل الذي يجزم الشيخ يماني بأنه كان يعلم عن حرب 1973 مسبقاً. والشيخ يماني يفرق بين استخدام النفط كـ (سلاح) وبين استخدامه كـ (أداة) سياسية.. أي للمساومة وليس على طريقة المعاقبة لأنها تحمل عقاباً للذات.

حين وقعت الحرب، اجتمع وزراء النفط العرب وكلّ أبدى رأيه: العراق طالب بتأميم شركات البترول، وليبيا رأت سحب الأرصدة العربية من الغرب كما رأت ليبيا. لكن اليماني وخلال اجتماع فيينا بعيد قيام حرب اكتوبر طور رأياً بالتعاون مع صديقيه: خضر حرز الله ونور الدين فراج، حمله الى الملك فيصل في الرياض، ذلك ان الحرب وقعت والشيخ يماني موجود في جنيف. الرأي يقول ـ حسب الشيخ يماني ـ التالي: (تخفيض إنتاج البترول شهريا بنسبة 5%، وهذا يعني أن الضغوط تزداد، وكان الهدف منها استخدام البترول ليس كسلاح ولكن كأداة سياسية، لإشعار الرأي العام في الغرب أن هناك مشكلة ما بين إسرائيل والعرب). لكن الإتجاه العربي العام قرر مقاطعة شاملة من أول لحظة، بعد انسحاب من انسحب، فكان أن خضع الجميع اليها في مؤتمر الكويت.

وهكذا فالحرب قامت وسلاح النفط لم يستخدم بشكله الصحيح آنذاك، ولا تزال حتى الآن الكتابات كثيرة عن الأخطاء التي ارتكبت. البعض قال لم يكن من الضروري استخدام سلاح النفط لأنه أثر عكسيا، والبعض الآخر يقول لا يعني ما حدث أن الإجراءات التي اتخذت كانت في محلها اليوم. أما تقييم الشيخ يماني فيلخصه في التالي:

(أميركا أذكى منا، وكسينغر أذكى بكثير من العقول العربية. كان الأخير يعلم أن الشارع العربي وحتى المثقفين العرب يريدون أن ترتفع أسعار البترول حتى يحصلوا على أموال أكثر من هذه الدول الإمبريالية في الغرب. هذا أمر كان معروفاً، ولهذا إذا أنت وقفت وقلت إن رفع السعر بشكل فجائي خطير وفي غير المصلحة الاستراتيجية العربية تصبح عميلاً للاستعمار).

وبحسب الشيخ يماني، فإن كيسنغر (وهو قمة في الفكر الاستراتيجي، وجد إنه لكي يتخلص من القوة الاستراتيجية العربية المنبثقة من البترول، فإن عليه أن يرفع سعر البترول بالشكل الذي يمكن شركات البترول الغربية من الحصول على أموال كبيرة تستثمرها في مناطق أخرى خارج الدول العربية. وهذا ما حصل. يعني كانت إيران ضد رفع أسعار البترول، وهذا موجود في أوراق أوبك بعد سنة 1973 وقد انقلب الوضع فصارت إيران تريد رفع أسعار البترول أقنعها أو الشاه اقتنع من قبل كيسنغر من أن رفع السعر يمكنه من الحصول على أموال تزيد من قدرته العسكرية، وأراد كيسنغر أن يخلق من شاه إيران شرطي الخليج العربي، فصارت المشاكل بيننا وبين الإيرانيين بالنسبة لأسعار البترول. الذي حدث هو أن سعر البترول ارتفع، وأن كيسنغر وبلا شك نجح في إيجاد مصادر بديلة للإنتاج كبحر الشمال والمكسيك وجهات أخرى، وأوبك بعدما كانت تنتج 70% من إنتاج العالم، هبط هذا الرقم إلى 30%، حيث هبط انتاجها من 31 مليون برميل في اليوم في نهاية السبعينات صارت تنتج 15 مليون).

وملخص القول أن محاولة عام 1973 لم تعط ثمرتها: (وأجهز على محاولة استخدام البترول كأداة سياسية، حين تم رفع السعر، وكانت النتيجة أنه فقدت أوبك قوتها).

لماذا أراد إنهاء المقاطعة النفطية؟

مفاجأة السادات

الرأي الذي يعبر عنه الشيخ يماني ليس مفاجئاً للكثيرين، فرؤيته المختلفة تعبّر عن نفسها بلا تحفّظ، رغم مرور السنوات الطويلة على حرب اكتوبر 1973. بل برغم تلك السنوات يبدو أن الوزير الأسبق قد ازداد قناعة برؤاه الماضية من خلال التجارب التي مرّت بها المنطقة. لكن المفاجأة الحقيقية تتعلّق بموقف السادات. وهو موقف غير قابل للفهم حتى الآن إلا أن يكون متواطئاً مع الأميركيين، أو مخططاً لإضعاف مكانته السياسية بغية العمل على جبهة الدبلوماسية والتي أدّت فيما بعد الى توسيع ثغرة الدفرسوار ومن ثم المفاوضات فلاحقاً زيارة القدس وبعدها توقيع اتفاق كامب ديفيد.

الملك فيصل، الذي يعتقد الكثيرون أنه دفع حياته ثمناً لموقفه من استخدام النفط كسلاح، ليس فقط أصرّ على استخدام سلاح النفط ضمن الحدود القصوى: (القطع الشامل).. بل والإستمرار في سياسة وقف تصدير النفط حتى تؤتي المقاطعة مفعولها الزمني ويجبر الغرب وخاصة اميركا على حلّ التسليم بالحقوق الدنيا للعرب. هنا يأتي السادات، وموقفه المشوب بالتآمر ربما، فهو أصرّ على ايقاف الحرب دون التفاهم مع زميله السوري، الأمر الذي زاد من الضغط العسكري على دمشق حين أوقفت مصر عملها الحربي، واضطرت سوريا الى التسليم وخسارة الكثير من مواقعها العسكرية وربما السياسية. زاد السادات على ذلك، أنه كان يلحّ على فيصل ـ ودون مبرر سياسي وجيه ـ خاصة وأن السادات لازال في مرحلة المفاوضات الأولية، كان يلح على إيقاف المقاطعة النفطية التي هي ما تبقى من سلاح لديه في مفاوضات فض الإشتباك وما يمكن أن يليها. في حين كان فيصل، المتضرّر الأكبر يلحّ على الإستمرار، وعينه ـ كما كان يردد دائماً ـ على القدس والأقصى الذي يريد الصلاة فيه.

لماذا هذا الموقف، الذي يكشف عنه ربما للمرة الأولى الشيخ يماني؟ الجواب غير معلوم. ولكن التفاصيل التي يطرحها في إعداد فيصل لمعركة النفط جديرة بالإيراد هنا.

السادات كان يعلم بأن النفط سيستخدم كسلاح في المعركة كما يقول الشيخ يماني، وبالضرورة كان الملك فيصل يعلم بأن هناك معركة قادمة، ولا بد أن يكون هو ثالث ثلاثة خاضوا حرب أكتوبر: فيصل والأسد والسادات، وأما الرابع: الملك حسين، فحسب الإستخبارات الإسرائيلية فقد وصلته بعض المعلومات استنتج منها ان العرب يخططون لمعركة وأبلغ غولدا مائير بها قبل يوم من وقوع الحرب، كما يقول رئيس الإستخبارات العسكرية الإسرائيلية آنئذ.

فيصل، وحسب يماني، لم يكن يريد الأخير بعيداً عنه، لأنه يتوقع أن تقوم الحرب بين لحظة وأخرى، وقبل الحرب طلب من يماني أن يوصل رسائل واضحة بهذا المعنى لأميركا وشركات النفط. في أبريل 1973، اي قبل ستة أشهر من وقوع الحرب أرسل فيصل الشيخ يماني ليقول لهم: (لا تعتمدوا على تصرفات الصداقة في شؤون البترول إلا إذا حلّت قضية الشرق الأوسط وأزيح الإحتلال عن الأراضي المحتلة). هناك في واشنطن التقى الشيخ يماني بجيمس شلسنجر وزير الدفاع، وروجرز وزير الخارجية، كما التقى بشولتز وزير الخزانة، إضافة الى مستشار الأمن القومي هنري كيسنغر الذي انزعج من رسالة فيصل، وطلب من الشيخ يماني أن لا يبلغها لأحد آخر من المسؤولين، ربما للتكتم عليها وعدم إبلاغها الرئيس نيكسون، ولكن الشيخ يماني فضح الأمر بصورة أكثر علانية: (رغم إن التعليمات التي أعطيت لي أن هذا الأمر يتم في صمت وسكون، ذهبت وأخبرت صديق لي أخبر الواشنطن بوست، فنشرت أن يماني جاء لكي ينقل رسالة من الحكومة السعودية مؤداها إن لم تنشط الحكومة الأميركية في فرض إزالة الاحتلال عن الأراضي المحتلة فهناك تصرفات غير ودية ستتم. الملك فيصل الله يرحمه قال لي: ليش هذا أذيع؟ فقلت له السبب. فوافق ـ على تصرفي ـ وهو إذا وجد السبب واقتنع به يصبح مقبولاً).

بعد أن قامت حرب اكتوبر واجتمع وزراء النفط وقرروا اتخاذ عقوبات نفطية، انفعل كيسنغر وهدد الدول الخليجية علناً، وقرر الأميركيون سراً احتلال السعودية والكويت والإمارات، وتألفت لجنة لذلك الغرب (وأنا ـ يماني ـ أعرف أسماء اللجنة). كيسنغر هدد بدون ان يذكر استخدام اجراءات عسكرية: (وأنا رديت على التهديد، وكنت في الدنمارك، وكل هذه منشور: لا تلعبوا بالنار! وكان شليسنجر قد سرب معلومة احتلال منابع النفط إلى الحكومة البريطانية فثار نيكسون عليه وعاتبه على تسريب خطط سرية).

اما النهاية المأساوية لاستخدام النفط كسلاح، او ما سمي بالإجراءات البترولية، فيرويها الشيخ يماني على النحو التالي: (الواقع كان الرئيس السادات على إيقافها، وكان الملك فيصل يرسلني مرات عديدة أقابله لكن موقفه كان متشدداً في هذا الأمر، ثم أراد السادات أن يدعو لمؤتمر في القاهرة لبحث الموضوع تحضره سوريا ومصر والجزائر والسعودية، وقد رفض الملك فيصل ذلك. فقال له السادات: طيب نخلي الاجتماع في الرياض، ورفض الملك فيصل. كان رأيان متضاربان، فاتفق أخيراً أن يكون الاجتماع في الجزائر، وسافر الملك فيصل وكنت بصحبته، ولم أرَ الملك فيصل في حياتي في حالة وجوم وسكوت مثل تلك المرة. لا أعرف إيش الذي تم. أنا أتمنى لو أعرف. ولكن فيصل نظر إلي وقال: راح ترفعوا الإجراءات البترولية! هكذا بألم. ورفعنا الإجراءات البترولية).

من الواضح من هذه الحادثة أن الملك فيصل أُجبر على اتخاذ خطوة لم يكن يريدها، وأن السادات وحده هو من كان ضد الإستمرار في المقاطعة النفطية، التي انتهت ببداية 1974م. يبدو ان السادات كان ينسق مع الأميركيين، وما لم يستطع الأميركيون فعله مع فيصل مباشرة عبر السياسة والتهديد، نجح السادات في تحصيله بالضغط على فيصل وبومدين وحافظ الأسد.

هل قتل الأميركيون فيصل؟

لقد قتل فيصل والشيخ يماني الى جانبه في مكتبه وبمعيته وزير النفط الكويتي عبدالمطلب الكاظمي. وبحكم علاقة فيصل بالشيخ يماني الوثيقة، وبحكم أن موضوع النفط كان ـ كما يقال ـ واحداً من أسباب مقتله، إضافة الى موضوع فك الإشتباك بين اسرائيل من جهة ومصر وسوريا من جهة ثانية.. فإن المتوقع أن لدى الشيخ يماني معلومات كثيرة جداً، هي أكثر بكثيرمن الإشارات التي قدمها في لقائه مع سامي كليب في قناة الجزيرة.

من الواضح أن الشيخ يماني لم يقل ما عنده في هذا الموضوع. قال أشياءً تعطي ملامح لرأيه. فهو يعتقد أن هناك أيدٍ خفيه، وصفها بأنها أجهزة استخبارات أميركية واسرائيلية قد تكون وراء مقتله، لكنه استدرك بأنه (يصعب أن تبدي رأياً ليس مبنياً على حقائق)!

فما هي الحقائق الغائبة؟ هناك ربط ما بين الحادثة وأجهزة استخبارات خارجية، وربما قوى محلية لا يريد الشيخ يماني الإفصاح عنها. هناك ابن الملك فيصل محمد، الذي يعتقد بأن والده تم قتله بالتآمر بين فهد والسديريين السبعة من جهة وبين القاتل الأمير فيصل بن مساعد، والشيخ يماني لم يقل شيئاً بشأن هذا. لكنه في المقابل أوضح أن الذي قتل فيصل (حصل له غسيل مخ في الغالب، وكانت له صديقة يهودية اسمها سارة في أميركا. وقد اخبرني كارلوس عن سارة وأنه هاجمها بالقول: كيف تقبلين إنك تكوني صديقة لإقطاعي؟ قالت له: هذا الذي تقول أنه إقطاعي، انتظر بعض الوقت، وسيقوم بعمل بطولي يهزّ منطقة الشرق الأوسط. هذا كلام كارلوس لي).

وقتل فيصل، وشعر الشيخ يماني بأسى، وقال بأنه يتمنى أن يكتب كتاباً عنه، لا يمنعه من ذلك سوى (الوقت) والخشية (إني إذا مدحت هذا الرجل العظيم يقال إن هذا المدح يقصد به ذم لآخر، وهذا ليس هدفي).

بومدين لكارلوس: ان قتلت اليماني قتلتك

إختطاف الشيخ يماني ووزراء أوبك

وقصة الإختطاف عام 1975، والتي حدثت في فيينا على يد كارلوس المسجون حالياً في فرنسا، مهمّة للرواية من أحد ضحايا أو أبطالها، أياً كان الموقع. يرويها الشيخ يماني على النحو التالي:

(قضينا 47 ساعة في ضيافة كارلوس، الذي أخبرني منذ اليوم الأول إنه في نهاية المطاف سيقوم بقتلي. لقد اقتحم المختطفون غرفة الاجتماعات وكان المؤتمر الوزاري منعقداً وبدأوا في إطلاق النار وطلبوا من الجميع أن ينزلوا تحت الطاولة. في بداية الأمر لم أشعر بالخوف، لكن حين عرفت إنه الذي يقود المعركة هو كارلوس ـ وأنا عرفت إن كارلوس من بعض أوراق قديمة أني هدف من أهدافه ـ عندئذ أحسست بأنه يعني أنا الآن في قبضة مَن يريد القضاء عليّ. لكن ما كان هناك خوف. يعني شيء عجيب النفس البشرية يا أخي تمر ببعض الظروف ويكتشف الإنسان في نفسه شيئاً لا يتوقعه).

ويضيف: (قسمنا المختطفون، فكنت أنا والوزير الإيراني، ووضعوا القنابل تحتنا ومعنا طبعاً أعضاء الوفدين والأصدقاء وهؤلاء في مكان ثان والمحايدين في مكان ثالث. وكان هناك بين الخاطفين شاب فلسطيني عنده لوثة كما يظهر، وفي يده سلكان لو التقيا تنفجر القنابل من تحتنا. قلت لكارلوس انظر لهذا! قال لي: هل انت خائف؟ قلت له: لا، أنا خائف عليك، إذا انفجرت القنابل، فكل من في الحجرة سينتهي إلى الموت بمن فيهم أنت! فضحك وراح وأخذ الأسلاك من ذلك الشاب).

وتابع: (جاء لي كارلوس وقال لي اعطني مذكرة سياسية للحكومة النمساوية كي تذيعها، فإذا لم تذعها في الساعة الرابعة، سنقوم بإعدامك ورمي جثتك على الشارع الساعة الرابعة والنصف. صارت الساعة الرابعة ولم تذع المذكرة، فجاء كارلوس وقال لي: لديك نصف ساعة وستقتل. فطلبت منه أن أكتب وصيتي. قال: لا مانع. أعطوني ورقاً، وكان صديقي هذا خضر حرز الله ـ الله يحفظه ـ بجانبي ووعدني أن يأخذ الوصية ويعطيها لأهلي. لم أفكر حينها في الموت، كنت أفكر في والدتي، في زوجتي، كنت أفكر في أولادي، كنت أفكر في الأمور التي أردت أن أقوم بها ولم أقم بها.. كل هذه الأمور كانت تشغل بالي وأنا أكتب وصيتي. في الساعة الرابعة وثلث، جاء كارلوس إليّ ونظرت الى ساعتي وقلت له: لازال لدي عشر دقائق إضافية. قال لي: لا، لك مدة أطول، لأن الإذاعة النمساوية أذاعت ما نريده).

واضاف الشيخ يماني: (عدنا من ليبيا حين أقفلت أبواب مطاراتها الى الجزائر، وانزعج كارلوس. في الجزائر اتخذ المختطفون قراراً عند مدخل الطائرة عند القيادة بأن يقوموا بإعدام الوزيرين السعودي والإيراني على أن يطلقوا سراح الآخرين. كانت هناك أجهزة تنصت، فالجزائريين سمعوا بهذا وسمعنا صوت أحمد هداية رئيس الأمن الخاص عن الاستخبارات يطلب كارلوس أن ينزل فنزل كارلوس والتقاه، فأخبره هداية بأن الرئيس بومدين يقول لك: إذا قتلت يماني، فإنه سيقتلك. قال كارلوس: هذا مستحيل! أن تقتلوا شخصاً ثورياً مثلي بإقطاعي مثل يماني. وأضاف بأنه لا يصدق ما نُقل له. وحسب أخبار الجزائر فإنهم اتصلوا بالرئيس بومدين الذي أكد لكارلوس التهديد مباشرة، فعرف كارلوس أن حياته مهددة، وهو لا يحب أن يموت، فرجع وأخذ يناقش المجموعة المختطفة، وكنا نراهم في حالة من البلبلة والاضطراب والاختلاف في الرأي. وأخيراً بدا أنهم وافقوا ولأول مرة ـ على العرض الجزائري).

حين عاد كارلوس الى الطائرة جاء برشاشه وصرخ في وجه الشيخ يماني، وطلب منه الوقوف، وأخذ في شتمه، وأقسم بشرفه بأنه سيقتله بأسرع مما أتصور: (كانت نظراتي موجهة لفوهة الرشاش، فقال لي: لا تنظر للرشاش، لن أقتلك الآن، لكن قريبا جدا ستقتل. بعدها نزل كارلوس والخاطفون جميعاً، فيما تم إطلاق سراحنا، وحين نزلنا من الطائرة وجدنا الرئيس بوتفليقة وهو قادم من المطار وأخذنا إلى قاعة كبيرة، ثم جلس في الوسط وأنا على يمينه والوزير الإيراني على يساره، وبعد قليل جاء أنيس نقاش، وكان اسمه الحركي خالد، وكان هدفه القيام بالواجب، فكان يتكلم وينظر باتجاهي، وأخذ يشتمني بألفاظ سيئة، ويقول بأني مجرم وإني كذا وكذا، وكانت يده تتحرك ـ تحت ملابسه ـ وأحس الرئيس بوتفليقة أن الرجل يريد القيام بشيء ما. فطلب له عصيراً، وقال له يا خالد: اشرب، أخذ خالد العصير، وأحسّ بأن أمره مفضوح، فوضع العصير وتركنا ومشي. ثم رأيت جزائريين إثنين يقبضون عليه ويستخرجون مسدساً كان داخل ملابسه).

ولكن من هو الذي موّل ودفع بعملية الإختطاف الى الأمام؟ هل هي ليبيا القذافي أم عراق صدام حسين؟ لا يوجد متهم ثالث فيما يبدو. وحين سئل الشيخ يماني عن الجهة التي تقف وراء الإختطاف والقتل، لم يرد الإجابة، وقال إن الجهة معروفة عند الإيطاليين من خلال الإرهابي الألماني الذي ضرب بالرصاص في بطنه، حيث تسربت معلومات عن الجهة الفاعلة الى مجلة ألمانية. واضاف الشيخ يماني بأن مجلة الوسط تعلم الحقيقة من خلال رسائل كارلوس، حيث اشار الأخير الى دولتين عربيتين وأن رئيس إحداهما انزعج من كارلوس وعاتبه: لماذا لم تقتل اليماني؟

فهل كان ذلك الرئيس هو صدام حسين؟ قال اليماني: اسأل جماعة مجلة الوسط! وقال الشيخ يماني أنه إن كان الفاعل صدام حسين فهو يحاكم الآن (وما فيه داعي لزيادة الأمور، وإذا كان فيه غيره الله يغفر. أنا الآن أعيش وأتكلم معك).

عرفات: معسكر فلسطيني في تبوك!

عرفات وفيصل: النضال من تبوك!

الشيخ أحمد زكي يماني هو بالفعل الذي كان قدم ياسر عرفات إلى الملك فيصل. كان الرئيس الفلسطيني الراحل لا يزال في مقتبل العمر وفي بواكير النضال وبحاجة للمال والسلاح. قصد السعودية وكان أحمد زكي يماني هو الوسيط، وتقدم عرفات آنذاك ببعض المطالب التي يبدو أنها لاقت تجاوبا سريعا من الملك السعودي. يقول الشيخ يماني: (بوساطات واتصالات معينة لا داعي لذكرها الآن، عرضت على الملك فيصل أن نأتي بعرفات الى الرياض. فوافق وجاءنا إلى الرياض واجتمع مع الملك فيصل ما يزيد على ثلاث ساعات. والملك فيصل بطبيعته كان ساكتاً يسمع منه، وبعدما انتهت المقابلة، أخذت عرفات إلى الفندق، وفي الصباح الباكر أعطاني ورقة الطلبات، وهي أرض في تبوك كي يتم فيها تدريب الفلسطينيين، وأسلحة بأنواعها، وتمويل. الملك فيصل قال لي اذهب الى النويصر وخذ منه مائة ألف ريال. أخذت المبلغ كي أوصله له، وكان هناك صديق مشترك لنا اسمه دكتور توفيق الشاوي، فقلت له: أوصل أنت المبلغ، فأخذ المبلغ وسافر إلى بيروت، وجاء شخص من الشام إلى بيروت واستلم المبلغ، وكانت النتيجة أنه هذا الشخص الذي سلّم أبو عمار المبلغ قبض عليه في سوريا ووضع في السجن).

زعيم الحجاز

تبقى مكة في قلب ووجدان الشيخ أحمد زكي يماني وهو يعد حاليا موسوعة عنها وعن المدينة المنورة وقيل لي أن الموسوعة بدأت تقلق بعض من في السلطة في السعودية ويبدو أن الموسوعة ليست وحدها التي تقلق، فيماني ماض في الدعوة للانفتاح وللعودة الى المقاصد الحقيقية في الفكر والشريعة. وقد تعرض الشيخ يماني لحملات منظمة من الحكومة وأتباعها رأت تكفيره وخروجه عن الدينن واستعانت بخطباء وكتاب من بلدان عربية يقول يماني عنهم: (حتى بعض خطباء المساجد في مصر كانوا يدعون الله أن يحمي الإسلام من شروري. مساكين، يعني خلي الناس يسترزقوا). الخوف السعودي من الشيخ يماني أنه يمثل رأس الحربة في تعزيز الثقافة والهوية الحجازية، وال سعود يرون الأمر من بعده السياسي، ويروجون لمقولة أن الشيخ يماني يريد أن يصنع من نفسه زعيماً للحجاز القادم المنفصل عن سلطة نجد. اما الشيخ يماني فيرد على ذلك بالقول: (هذا أبعد ما يكون عني. أنا بلغت من السن ما يجعلني أعزف فيه عن أي طموح سياسي، وأنا لستُ زعيماً. أنا إنسان. وإذا تحدثت عن الحجاز أو عن مكة، فأتحدث عن الجوانب الثقافية. يعني عمري ما تطرقت إلى أمور سياسية).

الصفحة السابقة