سوق الأسهم ينهب أموال الناس، وسلطان ينهب أموال الدولة

رشاوى اليمامة: سلطان والأربعون حرامي

عادت قضية الفساد في صفقة اليمامة بين السعودية وبريطانيا التي تم التوقيع عليها العام 1985 الى الواجهة الإعلامية مجدداً بعد أن قرر مكتب التحقيق في الغش التجاري الخطير في لندن متابعة القضية وملاحقة ذيولها في الخارج. الصحافة البريطانية كشفت العام 1992 عن بعض أسرار العمولات التي حصل عليها الأمير سلطان وأبناؤه وعملاء يعملون لحسابه مثل وفيق سعيد. وكانت القناة التلفزيونية الرابعة في بريطانيا عرضت في الخامس والعشرين من نوفمبر 1992 تقريراً حول مارك ثاتشر ابن رئيسة وزراء بريطانيا السابقة، ودوره في صفقة اليمامة وعلاقاته بوفيق سعيد، الرجل المقرّب من ولي العهد ووزير الدفاع السعودي الأمير سلطان وإبنيه خالد وبندر، وقد سلّط التقرير آنذاك الضوء على حجم العمولات التي دفعتها شركات أميركية وبريطانية الى أمراء سعوديين للفوز بعقود عسكرية في السعودية.

من جهة ثانية، كان جنرال أميركي يدعى ثوماس دولي قد تقدّم بدعوى قضائية لمحكمة كولومبيا الاميركية في منتصف 1992 بشأن الأضرار المالية التي لحقت به إثر كشفه عن أسرار صفقات عسكرية بين شركات أميركية وبريطانية وبين السعودية، وتدور هذه الأسرار تحديداً حول العمولات والرشاوى التي حصل عليها أمراء من العائلة المالكة في السعودية وخصوصاً أبناء الأمير سلطان. وبتخطيط وتنفيذ من قبل مسؤولين عسكريين وتجاريين سعوديين وأجانب، تم فصل الجنرال الأميركي دولي من وظيفته وحرمانه من المستحقات المالية المترتبة على الشركة طيلة سنوات الخدمة، وقد دفعه ذلك الى تقديم شكوى قضائية ضد المتورطين في الأضرار المالية التي لحقت به.

في العام 1992 وجد المرتشون أنفسهم أمام (فضيحة) مالية وأخلاقية بفعل التقارير المتواصلة التي نشرتها وسائل الإعلام البريطانية، الأمر الذي فتح باب القدر أمام باريس وواشنطن للدخول على الخط وتقديم عروض مغرية للرياض من أجل كسب صفقات عسكرية. وفيما كان عشرات الآلاف من الوظائف في بريطانيا عرضة للزوال فيما قال مصدر في الصناعات العسكرية الجوية في شركة بريتيش أيروسبيس وقتها بأن السعوديين ينظرون الى بريطانيا بأنها على حافة إنهيار اقتصادي وسياسي.

سلطان

وفي 29 نوفمبر 1992 كتبت صحيفة الأوبزرفر مقالاً حول ملف العمولات مطالبة قاضي العدل البريطاني بالنظر في تورطات مارك ثاتشر. وتحدثت الصحيفة عن جوناثان إيتكن وزير الدفاع الأسبق بأنه أحد المتورطين في قضية العمولات وكان على علاقة وثيقة بأعضاء في العائلة المالكة السعودية، وذكرت الصحيفة (لقد صنع ـ إيتكن ـ ثروة كبيرة عبر علاقاته الوثيقة مع أعضاء في العائلة المالكة حتى استقالته ليصبح وزيراً. وإيتكن هو نائب رئيس إيتكن هيوم والتي تعود في جزء منها الى ملكية وفيق سعيد أحد رجال الأعمال الأثرياء في العالم، وهو أحد مفاتيح السمسرة في صفقة اليمامة).

ونقلت الصحيفة بأن أحد الشهود في جلسة الإستماع الابتدائية في المحكمة السيد جيرالد جيمس الرئيس السابق في شركة الأسلحة أسترا القابضة، أخبر المحكمة واصفاً صفقة اليمامة: بأنها صفقة غير اعتيادية على الاطلاق. واتهم جيرالد جيمس شركة بريتيش إيروسبيس بأنها كانت تقاضي السعوديين سعراً مقداره 40 مليون جنيهاً إسترلينياً لكل طائرة تورنيدو، رغم أن السعر المدفوع لطائرات ذات مواصفات مطابقة تماماً بيعت لسلاح الجو الملكي البريطاني كان 20 ـ 23 مليون جنيه استرليني). ويخلص جيمس للقول (أن فارق السعر أُحتسب كعمولات).

في نفس الفترة، وقّع سلطان صفقة عسكرية مع شركة الدفاع الأميركية بقيمة 9 مليارات دولار، كان منها 4 مليارات دولار عمولات اقتطعها الأمير سلطان وأبناؤه لحسابهم الخاص، الأمر الذي يؤكد ما ورد في الوثائق المفرج عنها مؤخراً بشأن صفقة اليمامة، بأن للأمير سلطان (مصالح فاسدة في كل العقود).

يعيد التاريخ نفسه هذه المرة، والفضائح المالية مازالت مستمرة. وفيما يواصل مكتب التحقيق في الغش التجاري الخطير في لندن ملاحقة قضية العمولات (الرشاوى) في صفقة اليمامة، بدأ المرتشون (سلطان وأبناؤه وغيرهم) بممارسة الضغط على الحكومة البريطانية من أجل وقف التحقيقات، وهددوا بوقف الترتيبات الخاصة بصفقة عسكرية جديدة بقيمة عشر مليارات جنيه إسترليني، في مرحلة أولى قابلة لأن تصل الى ما يقرب من 70 مليار جنيه إسترليني. ونواصل هنا متابعة تداعيات قضية العمولات والتفاصيل الجديدة التي كشف عنها مكتب التحقيق في الغش التجاري الخطير.

فقد كتبت صحيفة الجارديان في العشرين من نوفمبر الماضي بأن المكتب على وشك الحصول على معلومات من بنوك سويسرية والتي قد تؤكد علاقة العائلة المالكة السعودية برشاوى سرية في صفقات الأسلحة والتي تصل الى أكثر من 100 مليون جنيه إسترليني، كما أكّدت ذلك مصادر مقرّبة من مكتب الإدعاء العام. وكان مكتب التحقيق في الغش التجاري الخطير قد بدأ التحقيق خلال السنوات الثلاث الماضية، في دعاوى بخصوص فساد منظّم في صفقات دولية تم ترتيبها من قبل أكبر شركة للسلاح في بريطانيا، بي أيه إي سيستمز.

في هذا الخريف أصبح السعوديون الى جانب مدراء بي أيه إي ومسؤولين في إدارة بيع الأسلحة التابعة لوزارة الدفاع، دي إي إس أو، يدركون مدى التقدّم الذي أحرزه مكتب التحقيق في الغش التجاري الخطير. مصادر مقرّبة من السويسريين يقولون بأن السلطات هناك قامت بالتحقق من حسابات بنكية لوسيطين.

أحدهم يُعتقَد بأنه سياسي لبناني بارز (محمد الصفدي، وزير النقل والاشغال العامة في حكومة فؤاد السنيورة) والأخر ثري سوري (وفيق سعيد)، تقدّما بطلب إستئناف في جنيف. وقالت مصادر قضائية بأن السويسريين يمنحون عادة حق الاستئناف الابتدائي في قضايا جنائية كهذه بحق الحسابات البنكية المراد تفتيشها. وهذا سيمكّن مكتب التحقيق في الغش التجاري الخطير متابعة أي عمولات لحسابات خاصة بالأمراء السعوديين.

ومنذ كشف السويسريون عن أصحاب تلك الحسابات البنكية، فإن المحقق العام في لندن واجه ضغطاً سياسياً من قبل شركة بي أيه إي لبيع الأسلحة من أجل وقف تمدد تحقيق المكتب.

وقد استأجرت الشركة مؤسسة ألين وأوفري، من أجل حماية موقع الشركة لدى مكتب التحقيق في الغش التجاري الخطير. وقد نفت بي أيه إي أن تكون إرتكبت أعمالاً خاطئة وقالت بأنها تتعاون مع التحقيق. ونقل عن المحقق العام اللورد جولدسميث رفضه التدخل، وأن النواب البرلمانيين قالوا بأن أي خطوة من قبله في هذا الصدد ستثير زوبعة في ويستمنستر. ينفي السعوديون أيضاً أية أعمال خاطئة.

مسؤولون سعوديون التقوا رئيس طاقم رئيس الوزراء توني بلير، جوناثان بول، لمناقشة مصير (اليمامة 3)، وهي القسط الأخير بعدة ملايين من الجنيهات لقاء بيع طائرات حربية من بي أيه إي الى السعوديين، وسط مخاوف إزاء الصفقة فيما لو لم يتم وقف التحقيق السويسري.

لدى عائلة بول معرفة دقيقة حول تاريخ الصفقات. وكان إسم شقيق باول، شارلز ـ لورد باول، على قائمة الرواتب التي تدفعها بي أيه إي بصفته مستشاراً، وأن إبنه، هيج، يرأس إدارة السياسة الأمنية في وزارة الخارجية، وهي على علاقة بشركة بي أيه إي. ولكن ليس هناك سبب للإعتقاد بتهديدات ستقع خارج سياق رد فعل صحيح بالكامل في شارع داوننج، حيث الحكومة.

خالد بن سلطان

تهديدات مؤكدة من قبل السعوديين لقطع الروابط الدبلوماسية ووقف التعاون الاستخباري حول شبكة القاعدة قد تم التقليل من شأنه في ويستمنستر.

وبناء على وثائق مكتب الحكومة الداخلي والتي إطّلعت عليها صحيفة الجارديان، فإن العائلة المالكة السعودية تعتمد على التدفق الاستخباري لجهاز إم آي 6 من بريطانيا حول النظام الاسلامي الشيعي الجار في ايران. الأمراء، السنة، هم أيضاً هدف للقاعدة، ويتّهمون بالإستبداد والفساد. وفي حال قطعوا الروابط الاستخبارية مع بريطانيا فإن ذلك سيؤدي الى إضعاف موقعهم.

التحقيق، وهو واحد من أكبر وأعقد التحقيقات التي يقوم بها مكتب التحقيق في الغش التجاري، بدأ حين حصلت ونشرت الجارديان دعاوى قبل ثلاث سنوات بأن بي أيه إي تدير مؤسسة مالية مشبوهة للسعوديين، وكانت تستعمل، بصورة مستقلة، كوسيلة خارج بريطانيا، الجوهرة الحمراء من أجل القيام بعمولات سرية عبر العالم.

مصادر بنكية تقول بأن الحقيقة هي أن مكتب التحقيق في الغش التجاري الخطير أوصل للبنوك السويسرية معلومات حول حسابات محدّدة، وتفيد بأن تم إستعمالها بنجاح بموجب سلطاتهم الواسعة من أجل طلب الإغلاق من قبل بنوك بريطانية وكذلك بي أيه إي نفسها.

في العام الماضي، توسّع تحقيق مكتب الغش التجاري الخطير بصورة دراماتيكية، محدداً عملاء مزعومين لشركة بي أيه إي في تشيلي، رومانيا، جمهورية التشيك، جنوب أفريقيا، ومؤخراً في تنزانيا. وفي القضية الأخيرة، دفع توني بلير في سنة 2001 الى حكومته صفقة رادارات بقيمة 28 مليون جنيه إسترليني الى واحدة من أفقر البلدان الأفريقية ضد المعارضة الحامية من قبل وزير التنمية الدولية كلير شورت. ولكن رئيس الوزراء وبي أيه إي طمأنوا النقاد في ذلك الوقت بأن صفقة البيع كانت غير مدرجة على الطاولة.

وكانت صحيفة الجارديان قد كشفت في أكتوبر الماضي وثائق تم الافراج عنها بطريق الصدفة وتكشف عن سعر طائرات تورنادو في عقد اليمامة الأصلي مع السعودية والذي تضّخم بنسبة 32 بالمئة. ونقلت وثيقة أخرى في الأرشيف برقية من السفير البريطاني يقول فيها بأن ولي العهد الأمير سلطان (لديه مصالح فاسدة في كل العقود).

وكتبت صحيفة (صنداي تايمز) في الحادي والعشرين من نوفمبر الماضي مقالة بعنوان (السعودية تهدد بقطع علاقتها مع بريطانيا بسبب تحقيقها في فضيحة عمولات اسلحة) وذكرت بأن الحكومة السعودية هددت بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع بريطانيا في حالة مواصلة التحقيقات في تجاوزات مالية ورشاوي دفعتها شركة بريطانية متخصصه بأنظمة الدفاع، ولها علاقة بصفقة اليمامة التي تعتبر من أكبر العقود العسكرية بين البلدين. ويتركز الاتهام حول 60 مليون جنيه إسترليني خصّصتها شركة بي أيه إي سيستمز كرشاوى لأفراد من العائلة المالكة في السعودية لتأمين توقيع العقد.

وقالت الصحيفة أن دبلوماسيا سعوديا بارزاً قام بتسليم مكتب الحكومة إنذاراً نهائياً حذّر فيه من مواصلة التحقيق وإنه إذا لم يتوقف فان الحكومة السعودية ستقوم بقطع علاقتها مع بريطانيا وتوقّف كل أشكال التعاون في مجال مكافحة الارهاب.

وقالت الصحيفة أن السعوديين كرروا تهديداتهم بإيقاف كل الاموال التي لها علاقة بصفقات الدفاع والتي تصل الي 40 مليار جنيه إسترليني، مما سيهدد قطاع التسّلح العسكري البريطاني حيث يعمل في مشاريع الصفقات السعودية أكثر من 10 آلاف موظف وخبير.

وعبّر السعوديون عن إستيائهم من قيام مكتب التحقيقات الجنائية في قضايا الإحتيال والتزييف، بالتحقيق في إتهامات تتحدث عن قيام (بي أيه إي سيستمز) أكبر شركات صناعة الأسلحة في بريطانيا والتي قامت بتخصيص ميزانية أو صندوق للإنفاق على رشاوى وتغطية حياة ومعيشة أمراء سعوديين قادوا حياة ترف، ولدفع تكاليف مشترياتهم التي كانت بغير حساب خلال عطلهم وعدد كبير من السيارات الفارهة التي يستخدمونها ومن بينها سيارة رولز رويس ذهبية والشقق الفخمة التي يستأجرونها لهم ولحاشيتهم.

وبررت الشركة هذا الإجراء خوفاً من أن يضيع عقد اليمامة من البريطانيين ويذهب لدولة أخرى، خاصة أن العقد يؤمّن العمل للدفاع البريطاني لمدة عشرين عاماً. وكانت الشرطة البريطانية قد حقّقت واعتقلت خمسة أشخاص على الأقل على ذمة التحقيق من بينهم بيتر ويلسون مدير البرامج الدولية في بي أيه إي وتوني وينشيب المسؤول السابق في الشركة والذي أشرف على شركتين للسفر والخدمات زعم أنهما أستُخدمتا كقناة لتمرير أموال الرشاوى. واشارت الى أن التهديد السعودي حدث في شهر أيلول (سبتمبر) الماضي، بعد أن تطور ملف التحقيق في القضية. ونقلت عن مصادر مقربة أن السعوديين طار عقلهم عندما قام مكتب التحقيقات الجنائي بإقناع مكتب قضائي سويسري لكي يكشف عن حسابات بنكية سرية.

وقال المصدر أن السعوديين عرفوا عن الأمر عندما اتصلوا بالبنك السويسري، والحسابات المصرفية تتعلق بعمولات ضخمة بين فريق ثالث من شركات الأوفشور قد تكون تلقت مبالغ ضخمة على شكل عمولات سابقة سرية.

وأشارت الى أن مكتب التحقيق في الغش التجاري الخطير يسعى الآن للحصول على وثائق أخرى للتعرف على الجهات التي انتفعت من الحسابات المصرفية السرية في سويسرا والتي تردد بأنها تقود إلى العاصمة السعودية الرياض. وبناء عليه طلبت الحكومة السعودية من أحد دبلوماسييها البارزين في سفارتها بلندن، يعتقد أنه السفير نفسه، الأمير محمد بن نواف بن عبد العزيز، زيارة مكتب الحكومة في (10 داونينغ ستريت).

ونسبت الى مصادرها قائلة أن المسؤول السعودي قابل جوناثان باول مدير السياسات في مكتب رئيس الوزراء توني بلير، حيث سلّمه رسالة من 12 صفحة كتبتها شركة محاماة سعودية تطالب بشرح تفصيلي لأسباب إستمرار التحقيق حول صفقة اليمامة بعد حصول السعوديين على تأكيد خلال لقاء مع بلير في تموز (يوليو) من العام الماضي بوقف التحقيق.

ويقول مصدر زعم أنه اطّلع على الرسالة أن السعوديين إتهموا الحكومة البريطانية بخرق وعودها وتعهداتها فيما يتعلق بصفقة اليمامة والحفاظ على سرية الصفقة. وبحسب التقرير فالسعوديون علّقوا مؤقتاً تسديد أموال صفقة تسلحية تم إبرامها في آب (أغسطس) الماضي لبيع الرياض 24 من أصل 72 مقاتلة من طراز (تايفون) والتي تعرف الآن باسم (يوروفايتر) بلغت قيمتها 11 مليار جنيه إسترليني، وسعى داوننغ ستريت إلى إقناعهم بإبطال قرارهم غير أنهم أصرّوا على أنهم سينفّذون تهديداتهم ما لم تتم الإستجابة إلى المطالب المدوّنة في رسالتهم.

بندر

ووقّعت السعودية وبريطانيا صفقة اليمامة عام 1985 تقوم بمقتضاها لندن ببيع الرياض 72 مقاتلة من طراز تورنادو و30 مقاتلة من طراز هوك وجرى تجديدها العام 1993 حين طلب السعوديون بيعهم 48 مقاتلة أخرى من طراز تورنادو، كما اتفق البلدان في المرحلة الثالثة من الصفقة التي تم توقيعها العام الماضي على قيام بريطانيا ببيع السعودية 72 مقاتلة أخرى من طراز يوروفايتر.

وكانت الحكومة البريطانية وجدت نفسها في موقف حرج الشهر الماضي عندما تم نشر وثيقة عرضت في الأرشيف الوطني بالخطأ تكشف عن أن سعر الطائرات التي باعتها بريطانيا للسعودية من نوع تورنادو تم تضخيمه بشكل كبير وبقيمة 600 مليون جنيه استرليني، وذلك ضمن صفقة اليمامة التي وقّعت العام 1985. وكانت الوثيقة التي أعدَّها مسؤول وحدة المبيعات في وزارة الدفاع سير كولن تشاندلر وأرسلت من الرياض حيث كان موجوداً لكي يرتّب بيع 72 طائرة تورنادو و 30 طائرة من نوع هوك وذلك نيابة عن شركة أنظمة الدفاع البريطانية بي أيه إي ، وتظهر الوثيقة أن سعر الطائرات تم تضخيمه بنسبة الثلث وذلك من قبل الأمير سلطان. وأظهرت رسالة للسفير البريطاني في الرياض ويلي موريس أن هذا الأمير سلطان لديه إهتمامات فساد في كل العقود.

وكان مكتب الفساد والجريمة قد بدأ تحقيقا في عقود اليمامة ضد مسؤولين في شركة أنظمة الدفاع بي أيه إي، وتشير الأرقام أن كل طائرة تورنادو تم المبالغة في سعرها بنسبة 23 بالمئة من 16 مليون جنيه الي 21 مليونا، مما يعني رقم 600 مليون جنيه حسبما نشر في مطبوعة عربية تحدثت عن قيمة العمولات التي حصل عليها المسؤولون السعوديون ووسطاؤهم في لندن والرياض.

واشارت ان مكتب التحقيقات هذا يتعرض لضغوط من الشركة لإغلاق ملف التحقيق، خاصة بعد الكشف عن الحسابات المصرفية هذه في سويسرا. وقالت ان الشركة قامت باستشارة كبرى شركات المحاماة في لندن ألين أند أوفري من أجل حماية موقفها والدفاع عنه أمام تحقيق مكتب التحقيق في قضايا الإحتيال والتزييف. وتنفي الشركة البريطانية إرتكابها أية تجاوزات وتقول أنها تتعاون بالكامل مع المحققين. ويعتقد أن النائب العام لورد غولد سميث رفض التدخل في الموضوع، ويقول نواب في البرلمان أن أي تحرك قد يقوم به سيؤدي لجدل داخل البرلمان. وينفي السعوديون ارتكاب مخالفات.

ويعتقد أن مسؤولين سعوديين قاموا بمقابلة كبير مستشاري رئيس الوزراء توني بلير، جوناثان باول وسلّموه رسالة من 12 صفحة في ايلول (سبتمبر) حيث حملت الرسالة تهديداً بقطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين وإيقاف التعاون في مجال مكافحة الإرهاب. كما أن ما يعتقد انه خلاف سعودي ـ بريطاني له علاقة بالتحقيق قد يؤثر على التفاوض على المرحلة الثالثة في صفقة اليمامة 3 التي تعتبر المرحلة الأخيرة من صفقة الأسلحة والتي تتضمن تسليم طائرات حربية وقد تتأثر بالكشف السويسري هذا.

وتحدثت الصحيفة عن علاقة باول مستشار بلير وعلاقته بالصفقة، حيث أن شقيقه تشارلس يعرف تاريخ الصفقة وتفاصيلها الدقيقة، كما أن نجله هيو، يترأس وحدة الأمن وسياساتها في الخارجية البريطانية.

وقلل المسؤولون البريطانيون من أهمية تهديدات السعودية، بقطع العلاقات الدبلوماسية أو إيقاف التعاون في مكافحة الإرهاب، حيث قالوا أن الحكومة السعودية تعتمد علي تدفق التقارير الاستخباراتية من ام اي 6 وحدة المخابرات الخارجية فيما يتعلق بايران. وقالوا أن قطع التعاون في المجال الأمني قد يؤثر على حرب السعودية ضد ناشطي القاعدة فيها.

وكانت الغارديان قد كشفت قبل ثلاثة اعوام عن وجود صندوق للصرف المالي الاضافي من اجل الترفيه ورشوة اعضاء في العائلة المالكة لهم علاقة بالصفقة حيث قامت بتسديد فواتير سفرهم، واستخدمت شركة الدفاع شركة واجهة اسمها ريد دايموند من أجل تأمين الدفعات السرية خارج بريطانيا. ويقول مصرفيون ان نجاح مكتب التحقيقات الجنائية في الاحتيالات الحصول على معلومات من المصارف السويسرية يعني أنه نجح في الحصول على معلومات عن حسابات داخل البنوك البريطانية وحسابات الشركة نفسها.

وتوسع التحقيق في العام الماضي ليشمل عملاء في دولة التشيك ورومانيا والتشيلي وتنزانيا وجنوب افريقيا.

وكانت صحيفة صندي تايمز كشفت في الثالث من ديسمبر عن أن السعودية هددت بقطع العلاقات الدبلوماسية مع بريطانيا ما لم تتدخل حكومة بلير لمنع تحقيق حول مزاعم رشاوى دفعتها شركة بريطانية لصناعة الأسلحة إلى أمراء سعوديين. ويعتقد أن الدبلوماسي الذي زار مقر الحكومة ربما كان السفير السعودي نفسه الأمير محمد بن نواف بن عبد العزيز.

الصفحة السابقة