في عهد الخيخة عبدالله

سرقة شوارع جدّة تتواصل!

وصلت السعودية الى الدرك الأسفل في الفساد والفلتان.

نشهد ذلك في تصاعد الجرائم وخوف الناس على أنفسهم وأملاكهم وأعراضهم من القتل والنهب والإختطاف لهم ولأبنائهم.

ونشهده من خلال تزايد عدد الأحياء في جدّة والرياض وغيرهما التي صارت (مغلقة) على روّاد الرذيلة والخارجين عن سلطة الدولة، فلا يدفعون فواتير ماء أو كهرباء أو غير ذلك، ولا تستطيع في بعض الأحيان أن تصل اليها حتى قوى الشرطة، وغالباً ما يستعان بكتيبة من الحرس الوطني لكي تتعامل مع تلك الأحياء التي تنتشر فيها المخدرات والدعارة وكل شيء يخطر على البال.

كما نشهده من خلال هدر المال العام على الأمراء وزبانيتهم، والإستيلاء على شحنات نفط تباع لهذا الأمير أو تلك الأميرة، ومصادرة الأملاك العامة من حدائق وأراضٍ بمساحات شاسعة تصل الى آلاف الكيلومترات المربعة، فضلاً عن مصادرة البر والبحر، حيث يجري دفن مساحات هائلة منه وتحويلها الى أراض يملكها الأمراء. وزاد الطين بلّة أن الأمراء أيّاهم صادروا بيوتاً واراض للمواطنين خاصة في مكة، وحولوا تراثاً معمارياً عمره مئات السنين الى فنادق وشركات استثمار، وفرض عديد من الأمراء أنفسهم على ملاك الشركات فصاروا مساهمين رئيسيين فيها بلا مقابل، فضلاً عن الإستحواذ على الوكالات المشهورة، وعلى المناقصات الحكومية.

زيادة على ذلك، رأينا التلاعب بالمال ونهبه بصورة فاضحة من خلال تخصيص مليارات الدولارات على القضايا الأمنية الغبيّة، مثل تخصيص عشرين مليار ريال لانشاء سور بين العراق والسعودية بطول مئات الكيلومترات، وشراء صفقات أسلحة أزكمت سمسرتها العالم كصفقة اليمامة السابقة، والتايفون الحالية التي يعتقد انها ستنهب من البلاد نحو 40 مليار دولار، سيكون حصة ولي العهد واخوته منها ما يقارب الثلث.

وخلال عهد عبدالله (عهد الخيخة) انحدر وضع الناس الإقتصادي رغم تعافي الإقتصاد بسبب فورة أسعار النفط وزيادة انتاجه، وبدل ان يتقلّص عدد الفقراء زادوا، وانهار سوق الأسهم السعودية ليجرّد نحو نصف المواطنين من مدخراتهم، وليفتح لهم عدداً من المصحات النفسية (الجديدة!) لمن لم يقدم حتى الآن على (الإنتحار) حيث زادت نسبة المنتحرين حسب بعض الإحصاءات الرسمية الى 300%.

لقطة أخرى للشارع المسروق مأخوذة من الطرف الآخر للشارع أي من الشارع الموازي لشارع الكورنيش
صورة للشارع (حاليا) بعد الإنتهاء من عملية الشفط والتخسيس للجزء الأثمن من الشارع وهو المطلّ على شارع الكورنيش

ونظراً لتراخي قبضة الملك الخيخة، انتشرت فئران الأمراء بحثاً عن أراض يستولى عليها، وكثرت تعدياتهم على أملاك المواطنين الخاصة، وتوسّعوا في نهب الأراض الحكومية المخصصة للمدارس والمستشفيات والمرافق العامة، ولا يزال نحو 70% من المدارس الحكومية بيوتاً مستأجرة.

وخلال عهد الخيخة المهيب! وبرغم قلّة الحدائق العامة والمساحات الخضراء في كل البلاد، نهب الأمراء كثيراً منها وحولوها الى أراض تباع بالقطعة على المواطنين الباحثين عن ملجأ يسكنون اليه، ونظراً للإحتكار الأميري زادت أسعار الأراضي في بلد المليونين والربع مليون كيلومتر مربع لتصل الى أرقام جنونية فاقت أسعار أراضي لندن ونيويورك في كثير من الأحيان.

وفي عهد الخيخة برزت الظاهرة الملكية العجيبة، وهي سرقة الشوارع!

أي والله، سرقة الشوارع! وهذا لم يحدث في تاريخ البشر على حد علمنا. وهي ليست حادثة واحدة نافرة، وإنما عدّة حوادث آخذ في التوسع كظاهرة في جدّة، عروس البحر، الظمأى، والغارقة في بحيرات مياه المجاري، والتي شهدت أمراضاً عجيبة هي الأخرى، حتى الأيبولا وصلها مؤخراً!

يا له من إنجاز عظيم من الخيخة، الملك بلا مُلك، والآمر بلا منفذ!

وقد تناولت منتديات الإنترنت بعضاً من قصص استيلاء أمراء آل سعود على الشوارع موثّقة بالصور والتعليقات. من بين ذلك:

* سرقة شارع يؤدي إلى طريق الكورنيش في جدة، ويصل بينه وبين الشارع الموازي له، وقد قررت ابنة أحد المسؤولين من الأمراء الكبار أن تتقاسم مع الناس الشارع، فتستولي هي على نصفه بالتمام والكمال لتتمكن من توسيع ساحات قصرها المطل على طريق الكورنيش، وتترك ـ لا جزاها الله خيراً ـ النصف الآخر من الشارع للناس، وقد تنازلت سموها عن نصف الشارع حتى لا يقال أن الشارع اختفى من الخريطة. كلا! فالشارع موجود، وكل ما في الأمر أنه (كش شوي) فضاق بمعدل النصف!، ربما بسبب الغسيل وكثرة النظافة وفرط الامانة! بئس الأمانة والأمناء أصحاب المخازي!

ومن خلال الصور المنشورة يمكن ملاحظة الحفرة التي كانت صاحبة السمو تريد تمديد قصرها اليها، بحيث تكون الحفرة نقطة زاوية السور للقصر، وكانت رغبة سموها فيما يبدو التوسع والزحف شمالا وغربا وأن يتم الإستيلاء على جزء من طريق الكورنيش أيضا! ولكن مندوب البلدية (الأمانة) رأى أن الأمر لا يمكن تحمّل صفاقته، فتوسل إلى سموها على ما يبدو بأن ترفع يدها عن طريق الكورنيش مؤقتاً، وتكتفي حالياً بسرقة نصف الشارع الشمالي، الى أن تحين فرصة أخرى!

الحديقة التي يراد بيعها، أو هي بيعت فعلاً

هناك سرقتان على الأقل في حي الشاطئ بجدة في شارعين ليسا بعيدين عن بعضهما.. وأن ما يحدث في جدّة وصل حداً لا مثيل له في أي بلد آخر، فاطربوا وغنوا للبلد أغنية: (ما مثلك بلد) و(جدّة غير) فعلاً. المهم أن أحد المواطنين رفع دعوى على أمانة جدة لدى ديوان المظالم، كما بعث ببرقية الى الملك الخيخة، ولكن شيئاً لم يتغيّر، ولا يبدو أن أحداً قادر على إيقاف الأمراء اللصوص عند حدّهم، ما لم يكن هناك تحرّك شعبي واسع ضد العائلة الفاسدة المفسدة.

* ومن المواقع التي تمّ تداول سرقتها ما جرى لإحدى الحدائق العامّة بجدّة (نقول حديقة تجاوزاً فليست هناك حدائق!)، وهي سرقة تدعو للضحك أكثر من البكاء على حال البلاد وما وصلت اليه. فالأمير الحرامي مستعجل هنا، وهو في سباق مع مقاول مكلف بتحسين وتجميل حدائق (جدة غير) كان قد وضع لوحته التي تفيد بأنه مكلف بالعمل على تحسين وضع الحديقة، فيأتي الأمير الحرامي المستعجل ويضع لوحة أعلى وأوضح من لوحة المقاول، معلنا عن رغبته في بيع الحديقة، والسعر معقول 4100 ريال للمتر المربع، أي بقيمة إجمالية للحديقة قدرها ملايين الدولارات حسب سمسار بيع أرض الحديقة الذي وضع اسمه على اللوحة.

كل البلاد أملاك أميرية خاصة وليست فقط هذه الحديقة
صورة لما تبقى من الحديقة في حي الشاطئ بـ (جدّة غير)

لقد أصاب الأمير الحرامي المستعجل القلق من استمرار المقاول بتنفيذ العمل، فأحضر لوحة أخرى تحمل هذه المرة (سيفين ونخلة) ليفهم المقاول والمواطنين جميعاً أن المسألة ليست (لعب عيال) بل (شغل رجال) رجال عصابات منظمة!، ومافيا مسيطرة محمية بـ(السيفين والنخلة) أخذت تعلن أن الحديقة صارت من (الأملاك الخاصة) والسيفين والنخلة والأملاك الخاصة كلّها تؤكد على أن أميراً كبيراً قرّر الإستيلاء على الحديقة، وكل ذلك يجري في عهد (الإصلاح السعودي!) ووجود مجلس شورى نائم أو متواطئ أو جبان، ومع وجود (صحافة سعودية حرّة)!

* ومن الطريف أيضا في هذا السرقة أن هذه الحديقة كان بجوارها مواقف للسيارات شاسعة، وقبل أكثر من سنة أتت الجرافات والمعدات بعد دوام يوم أربعاء (وما بعد الأربعاء عطلة الأسبوع) وبدأت تكسر وتجرف في المواقف، وأزالت الإسفلت، وحولت المواقف إلى أرض ترابية، ثم تم تسوير الأرض واعلن تملكها لأمير.. كل ذلك جرى بسرعة لا نحلم بنظيرها للمشاريع العادية التي تنفذها الأمانة، وزيادة في المكر واستهبال الناس، وخبث الحرامية، تم على وجه السرعة فتح شارع بين الأرض المستولى عليها والتي كانت مواقف سيارات وبين الحديقة التي تم الإستيلاء عليها هي الأخرى وذلك للتمويه بأن لا صلة بين السرقتين (انظر الصورة).

هذا ما حدث لحي واحد من أحياء (جدة غير) والذي لا يمثل شيئاً ذا بال بالنسبة للشوارع والأحياء الأخرى، فهناك ميادين تم الإستيلاء عليها، وهناك مجسّمات جمالية في تلك الشوارع والميادين نقلت الى مواقع أخرى (يا لها من أمانة!) باعتبارها ملكاً للمجتمع المسعود!



الصفحة السابقة