جدّة التي نعشقها: (جدّة غير)!

عروس البحر.. مدينة تحتضر

جدة التي نعشقها.. التي تغنى بها الشعراء في زهرة شبابها قبل خمسين عاماً من الآن.. (أم الرخاء والشدة).. والمتنفس الوحيد الرائع البريء لسكان المملكة.. بوابة الحرمين الشريفين.. والصورة الأولى التي نطبعها في ذهن كل زائر عن مدننا. جدة التي يسكنها قرابة الثلاثة ملايين إنسان.. المدينة الثانية في وطننا العزيز.. (عروس البحر الأحمر).. أصبحت لا تطاق، أصبحت لا تطاق للأسف!

بحيرة المجاري (المسك!) بجدّة

فعروس البحر أضحت عجوزاً شمطاء تحاول جاهدة إخفاء آثار السنين على وجهها المتهالك بطبقة سميكة وبغيضة وصارخة من الماكياج المقزز، وترتدي فستانها ذاك الذي ارتدته قبل خمسين عاماً حين كانت عروساً على جسد مترهل وأديم قديم. وقبل أن تكمل ارتداءه، تشقق عن عورة الشيخوخة وتجاعيد الزمان، فلطم كل العيون الطامحة إلى الجمال بأقبح منظر! جدة التي ما زالت تضع في يديها المتيبستين بقايا أساور من نحاس صدئٍ وخواتم من حديد أسود ما زالت تتباهى بكل هوان أمام العرائس من المدائن الحديثة المقابلة لها على ساحل الخليج، ولم تدرك بعد أن قرنيها قد شابا وتهشما وأصبحا تراباً ذرته رياح الخيانة والخذلان، بعد أن نهب أبناؤها جسدها وكسوتها وشبابها وبراءتها وجمالها وتركوها تواجه مصير العجائز من مدائن الفقر في بلد الغنى والخير. لقد شابت جدة مبكراً على غير عادة المدن التي كلما تقادم بها الزمان اشتد عودها وازدادت جمالاً وبهاءً.

1. الشوارع الرئيسية والفرعية

(حُفَرٌ) يصل عمقها إلى نصف متر أحياناً، وغالباً ما تكون الحفر بعمق ربع متر وفي معظم الشوارع، ثم تغطى بطلاء رقيق من الإسفلت لمدة يومين، وبعدها تتشكل الحفر بأسلوب آخر، بأسلوب ينبئ عن انعدام الضمير لدى المقاول والذي تقاول معه. وشركات من نوعيات (أمسك لي وأقطع لك) تقوم بخيانة جدة كل يوم (وشارع المكرونة من أدناه إلى أقصاه خير دليل على فساد الضمير).

(مطبّات) تقصم ظهور الرجال والنساء والأطفال والسيارات، بل وحتى الحمير والبغال والجمال التي تورطت حين غادرت أخفافها نعومة الرمال لتنتعل حرارة الإسفلت ومقالب الطريق.

(الأرصفة) المهشمة المكسرة طولاً وعرضاً (فوق وتحت) وبطريقة عبثية وهمجية، وتلك المرتفعة والمنخفضة والتي أصبحت دون مستوى الشارع، والتي أصبحت في وسط الشارع، والتي أكبر من الشارع (رصيف شارع الستين أمام عرفان) وكأن الناظر ينظر إلى مشط خشبي قديم فقد معظم أسنانه ومازال الشعر عالقاً به، وليس إلى رصيف في مدينة في القرن الحادي والعشرين.

(الإنارة) (ويا عيني على الإنارة) عمود بدون إضاءة، وعمود يكاد يلتصق بالأرض، وعمود خرجت أحشاؤه من بطنه، وعمود أصابه الحول فأرسل إضاءته إلى الجهة الأخرى من الشارع، وعمود مصاب بـ(الالتهاب الكهربائي)! وعمود مصاب بـ (حمى الضنك) التي تصيب كل شيء في جدة!

(التشجير) يقولون: إن الأشجار تكبر مثل الإنسان، وإنها إذا لم تشرب الماء تموت، وإنها إذا سقطت لا تستطيع القيام بمفردها، وإنها إذا ماتت فلن تعود، وإنها تهلهلت وتكسرت وكسرت السيارات والبيوت والأرصفة، وإن بعضها لم تعد تقوى على حمل الأوراق أو تحمّل نسمة هواء تهب بها فضلاً عن إعصار، وإنها أصبحت خشباً مسندة، وإن المسئولين عن التشجير لم يدركوا هذه الحقائق حتى الآن وكأنهم هم الخشب المسندة وليست أشجار جدة!

(الحواجز الحديدية والأسمنتية والكباري وغيرها) دقق النظر جيداً في حواجز الكباري والجسور الحديدية والأسمنتية وكذلك الشبك الذي يحيط ببعض الطرق أو الحدائق أو الأراضي في جدة.. ستجدها حتماً مهملة منذ قوم عاد، أو كأنها أسنان طلاب الصف الثاني الابتدائي، وإذا رأيت يوماً ما شاحنة جاثية على (شاصها) فتأكد أن أحد أنياب الكباري قد التهم عجلاتها دون رحمة.. فقد أصبحت شهية هذه الجسور والكباري مفتوحة وتشكل خطراً على السيارات والركاب والمارة، وأكلتها المفضلة المطاط مع القليل من المقصات وقدر لا بأس به من الأذرع! مخلوطة جميعها بدم بشري!

(الشكل الجمالي للشارع) بعد كل تلك العيوب ما ذا سنجد من شكل جمالي في جدة؟!.

2. الشوارع الداخلية

وهي عبارة عن تراب.. تراب يذكرنا بعهد ما قبل اكتشاف البترول، وفي دول الحضارة كانوا يرصفون الشوارع بالحجارة لتغطية التراب والطين حتى قبل اكتشاف البترول الذي تزخر به هذه البلاد ولله الحمد. تراب ما زال يسد أنوفنا، ويعمي عيون أطفالنا، ويتكدس داخل بيوتنا، حتى مكيفاتنا انسدت شرايينها فأصبحت تنفث الغبار بدل الهواء. وجدة هي المدينة الوحيدة في العالم التي ما إن تفتح شباكاً في أحد بيوتها حتى يهجم عليك الغبار من كل جانب، ويغمرك ويغمر بيتك بالتراب حتى من دون إعصار أو نسمة هواء تهب في الأرجاء!

3. الحدائق

أي مدينة في العالم بحجم جدّة، سواء كانت في العالم الثالث أو العاشر أو حتى الحادي عشر، تتباهى بحدائقها إلا جدة، فإنها تطأطئ برأسها وتصيبها الرعشة والخوف والغبن حين يأتي ذكر الحدائق. نتحدّى أن يذكر أحدٌ إسم حديقة في جدة.. إنها أشياء منسية.. الحدائق ليست جزءاً من ثقافة الإنسان في جدة. كانت هناك حديقة إسمها حديقة الأمير ماجد، ولكنها الآن في عداد المفقودين، وأخذت تنقص من أطرافها كالدنيا تماماً، وفي كل يوم نفقد حديقة أو شارعاً في جدة بسبب (الأمانة والأمراء) أو لنجمعهما (أمانة الأمراء)! إسم على غير مسمّى!

4. الكورنيش

وهو عبارة عن أربعين متراً في الشمال ومثلها في الجنوب من الماء الآسن المتسخ كريه الرائحة، ويعود الفضل في ذلك إلى مجاري الفلل والقصور المجاورة في الشمال، والى مجاري القاعدة البحرية والميناء ومجرى الصرف الصحي في الجنوب، وبفضل الأسوار التي أصبحت تحجب رؤية السماء فضلاً عن رؤية البحر. وهناك اقتراح على رجال الأعمال بإنشاء شركات خاصة للطيران تنقل سكان جدة ليتمكنوا من رؤية البحر الأحمر. عشرات الكيلو مترات من الأسوار الارستقراطية العالية والخالية والمحكمة الإغلاق، ومجموعة بحيرات راكدة شرق الأسوار تزخر بالبعوض والذباب وروائع العطور الجداوية المنتنة!

5. المطار

دولة فقيرة مثل (بوركينا فاسو) لديها مطار أجمل من مطار جدة المهترئ القديم جداً جداً. وليس أسوأ منه ولا أقدم إلا أولئك الأشخاص المنحطين والمحنطين الذين يقابلونك فيه بمنتهى الأخلاق المتردية والعنجهية الجاهلية من موظفي الجوازات والجمارك، فيعكسون صورة عن بلدك ما كنت لتتمناها أبداً أبداً وأنت ترى في وجوه الأجانب الذين يساقون كقطيع الأنعام أمارات الاستهجان والاستغراب والقهر من هذه المعاملة اللا إنسانية واللا إسلامية في بلد الإنسانية والإسلام.

نعود للمطار الذي يقع في وسط جدة تماماً تماماً بكل ضجيجه وآثاره البيئية، بينما مدينة الملك عبدالله الاقتصادية في رابغ والقريبة جداً تحتاج إلى مطار، ومطار رابغ الحالي لا يفي بالغرض، وهناك إمكانية بناء مطار دولي كبير شمال جدة وجنوب المدينة الجديدة يخدم المدينتين بدلاً من إنشاء مطار جديد أو تحديث الحالي. طبعاً إذا حدث التخلّي عن المطار القديم، فستشترى أرض المطار الجديد من أمير كبير مثل سلطان أو سلمان أو نايف. لا تنسى ان سلمان بالذات اهتبل الحصّة الأكبر لمطار الرياض القديم وحوله الى قطع اراض بيعت على المواطنين، وسيكون مصير مطار جدّة نهباً للأمراء لا غير.

6. الميناء: ثامنة العجائب

لا يزال ميناء جدة الإسلامي يعكس الصورة البهية لمدى التقدم الذي وصلنا إليه ولكن قبل خمسين عاماً من الآن. إن أذى الميناء يدركه كل من يشم روائح جدة بمجرد دخوله إليها من جهة مكة المكرمة. فالميناء وسوق السمك والبحيرات الراكدة من المياه النتنة مياه المجاري، في تلك المنطقة، ومنها بحيرة الأربعين وبحيرة قصر السلام، كلها أسهمت في طبع رائحة كريهة لجدة في أنوف السكان والزائرين. كما لا ننسى أبخرة المنطقة الصناعية التي تعتبر اليوم داخل جدة. لا نفهم الحكمة من بناء ميناء عالمي الآن في مدينة الملك عبد الله الاقتصادية وهو قريب جداً لميناء جدة ولم يفكر أحد في الانتقال إليه وإلغاء هذا الميناء القديم؟! هل يعود السبب إلى كون رائحة ميناء جدة أصبحت تراثاً إنسانياً وثامنة العجائب؟! أم أن هناك سبباً آخر؟! حيث يقال: إن البحارة لا يحتاجون أبداً إلى الأقمار الصناعية أو الأجهزة الحديثة لتحديد موقع جدة، إذ يستطيعون الاهتداء إليها من خلال رائحة مينائها التي تشم من أبعد مكان، فهل يعقل أن يكون هذا هو السبب؟!

7. الأحياء

بإمكاننا إعادة تسمية أحياء جدة إلى: حي مومباسا.. حي تعز.. حي كشمير.. تلك بعض من أسماء الأحياء في جدة التي تميزت عن غيرها من مدن خلق الله بالتجمعات السكانية المخيفة لجنسيات محددة بعينها أو متقاربة، تمارس فيها كل أنواع الرذيلة والإرهاب جهاراً نهاراً (في عز الظهيرة). وتلك الأحياء عبارة عن مجموعة جمهوريات داخل مدينة في دولة (ملكية).. فهناك جمهورية اليمن في البغدادية والسبيل وما جاورهما، وهناك جمهورية النيجر في الكرنتينة وغليل وما جاورهما، وجمهورية باكستان الإسلامية في بني مالك، وجمهورية الصومال في البوادي، وجمهورية الهند وبنجلاديش ونيبال والواق الواق وغيرها كثير. وتشترك هذه الجمهوريات جميعاً في كون منازلها شعبية ومتهالكة، وشوارعها ترابية مفخخة بالنفايات وكل ما يطرأ على بالك من مظاهر التخلف والفقر والوساخة، ولوحات محلاتها التجارية تكتب بلغات ساكنيها وليس بلغة العرب في ديار العرب!

8. الأراضي

تبني منزلك في حي جديد فتحتاج إلى شق الشارع ودفنه عشر مرات: مرة للكهرباء، ومرة للماء، ومرة للهاتف، ومرة للصرف الصحي، ومرة لعمود الإنارة، ومرة من أجل عيون مقاول البلدية فقط. وبعد أن تكمل عمارتك وتهم بالراحة أنت وأسرتك يأتي جارك العزيز ليبني بجانبك، فيدفن منزلك الجديد بالتراب، ويصم أذنيك وآذان أطفالك وأبيك وجدك بالحدادين والنجارين. أما جارك الآخر فهو مستثمر مشهور في قطاع الأراضي، وقد ترك أرضه خالية ولم يقم بتسويرها كعادته مع بقية أراضيه، فتصبح مكباً للقمامة، ومصدراً للحشرات والغبار، أو ملعباً للأطفال الذين يشوهون سيارتك خلال يومين، والبلدية لم ولن تطلب منه تسوير أرضه تلك المحتكرة من عشرات السنين. وهناك أراضٍ كبيرة هي بمثابة مدينة كاملة ما زالت تتربع داخل المدينة الأم، لأن صاحبها لا يترتب عليه أي مبالغ مالية تذكر ولا يقوم بدفع أي شيء مقابل احتكاره لها، ولا يمكن أن يسورها حتى ولو بشبك غنم! طالما أن البلدية لم (تخترع) إلى الآن نظاماً ينظم وضع الأراضي الخالية المملوكة للمواطنين أو الدولة حتى!.

ينبغي التذكير أن معظم أراضي جدّة هي أراض (رحمانية) أي أملاك دولة.. لم توزّع على الناس رحمة بهم، بل وزّعت على الأمراء ليبيعوها لك بأغلى الأثمان لكي تترحّم على أبيك وجدّك وتتمنّى لو أن قبراً يضمّك معهما.

9. محاضن الاستهلاك

في جدة.. ما بين كل سوقٍ وسوقٍ يتم إنشاء سوقٍ جديدة. إنها تتكاثر كالذباب، وكلها محاضن لاستهلاك منتجات الدول الأخرى. إغراءات تجعل جيوبنا تنزف باستمرار، ودخلنا يطير إلى جيوب الشركات الغربية والشرقية بأجنحة سعودية. إنها مؤامرة .. فبدلاً من توجيه الأموال إلى بناء المصانع والمعامل المنتجة والمفيدة للوطن بشكل عام، يخرج التصريح تلو التصريح دون عناء لإنشاء أسواق نستهلك فيها منتجات الشعوب الحيَّة، بينما تموت فوق الأرفف وتختبئ بين المكاتب وتضيع في تعقيدات البيروقراطية كل المعاملات التي تطلب التصاريح لإنشاء المشاريع المثمرة. ولا نستغرب أبداً أن يقسم رجل أعمال سعودي رأس ماله إلى نصفين: نصف يبني به مصنعاً في دبي، والنصف الآخر يبني به سوقاً في جدة ليسوق فيه منتجات مصنعه ذاك!

10. الزحام في جدة

إذا كان مشوارك يستغرق عشر دقائق في مدينة أخرى، فإنه سيستغرق بالتأكيد ساعة على الأقل في مدينة جدة. وأظن ـ والله أعلم ـ أننا لو قمنا بإحصائية (من نوع أكثر وأكبر وأفضل التي نحبها وتتعلق صحافتنا بها كثيراً) عن أكثر المدن في عدد الإشارات في العالم لوجدناها جدة وبدون منازع. ومن زار منكم مدينة القاهرة المصرية مؤخراً ـ والتي يتجاوز عدد سكانها سكان المدن الرئيسية عندنا بما فيها جدة ـ سيلاحظ فرقاً من النوع المبكي: فقاهرة المعزِّ ذات الاثني عشر مليوناً لا تعاني ربع ما تعانيه مدينة جدة من الزحام، فقد تم إنشاء الطرق الدائرية السريعة حول المدينة، والكباري والجسور، وقبل ذلك (مترو الأنفاق) وأصبح بإمكانك التحرك في تلك المدينة الضخمة من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب بمنتهى السهولة والسرعة.

بينما في جدة ذات الثلاثة ملايين إنسان فقط، يصل انتظار أحدنا في إحدى (الزحامات) في يوم من الأيام إلى ثلاث ساعات. ولعل طريق المدينة هو أكثر الطرق ازدحاماً، فلو عطست سيارةٌ ما في ذلك الطريق، أو دُهستْ قطةٌ لتعطل الطريق كله. وحتى المرور لا يستطيع الوصول إلى موقع القطة الميتة إلا بعد أن يبعثها الله من جديد وتغادر هي بنفسها الطريق: ثلاث مسارات من السيارات المنظومة كخرز المسبحة مسجونة بحاجزين إسمنتيين من اليسار واليمين. وحتى لو اقترحنا على المرور استخدام الطوافات لفك اختناق طريق المدينة لما استطاع، لأن الهليوكوبتر لن تجد لها موطئ قدم هناك. يضاف إلى طريق المدينة كل الشوارع العرضية والطولية الصغيرة والكبيرة التي تزخر بالإشارات الضوئية المتجاورة، وبعض الشوارع لا يفصل بين الإشارة والأخرى أكثر من عشرة أمتار. ويبدو لي أن مسئولي الشوارع في جدة يريدون أن يخصصوا إشارة لكل مواطن (وما فيه أحد أحسن من أحد) ولكن الأسئلة التي تحتاج إلى إجابة هي: كم تبلغ عقود تركيب وتشغيل تلك الإشارات وصيانتها؟! ومن يمتلك الشركات المنفذة؟! وكم مبلغ العمولات التي يقبضها المعنيون بالأمر؟!

وماذا بعد؟

لا تنتهي الكتابة عن هموم جدة وساكنيها، فما زالت هناك مشاكل لا يمكن إحصاؤها، ومنها: النظافة، وحمى الضنك التي تنتشر في ظل المكافحة المزعومة أكثر من انتشارها بدون مكافحة، وبحيرة (المسك!) التي أصبحت خطراً على البيئة والإنسان والحيوان، إضافة الى الفساد الإداري والمالي الذي ينخر جسد البلديات والجهات الرقابية، وانهيار الخدمات الصحية، والمدارس المستأجرة، والمرور الحاضر الغائب، والشرطة وفعاليتها في مكافحة الجريمة.. إلخ.

ولكنني ركزت على أبرز المشاكل في نظري .. وقد لاحظت أن معظم مشاكل جدة متعلقة بالأمانة والبلديات .. والسؤال الذي أريد طرحه :

أين مسؤولو الأمانة والبلديات وماذا يفعلون؟ أين الأموال التي خصصت لهذا القطاع؟ ولماذا حكموا على جدة بالإعدام؟! أين أمير المنطقة الذي يعتبر كبير اللصوص؟! لقد غاب عن المملكة لأكثر من عام مريضاً يتشافى في الخارج دون تعيين أحد مكانه، وحين عاد بقي في الرياض وينوي إدارة جدّة بالشنط الغادية والشنطة الرائحة!

من المعيب أن يكتشف مئات الآلاف من الحجاج والمعتمرين والزائرين مدى الانحدار الذي وصلنا إليه. إن جدة تحتضر.. جدة تستغيث.. جدة لم تعد تنفع معها عمليات التجميل والترقيع والماكياج. نتمنى أن تسلّط صحافتنا التي حققت المركز الأول من الأخير! الضوء على (موت مدينة)، أو أن يتولّى أحدهم إنتاج فيلم عن إعدامها لا يكتبه المطبّلون المنافقون النافقون فكراً وأعماراً!

أصبح المواطن يمدّ لسانه استهزاءً بكل أمير حرامي، وكل مسئول في أمانة وبلديات مدينة جدة يتآمر مع الأمراء على مدينته، حتى أنه صدر حكم شعبي على كل الأمناء المتعاقبين على هذه المدينة بأنهم لصوص يسرقون لأنفسهم أو لبعضهم البعض ومن ورائهم أميرٌ كبير ينهب حصة الـ 90% من المسروقات. صار المواطن يكره كل عبارات التسويف التي يسمعها، ويحتقر كل أفعال المضارع المسبوقة بالسين من هؤلاء المسئولين: سوف نعمل، وسنقوم وسنقعد، وسنطور وسننظر. قتلت المواطنين كلمة (بصدد) وكلمة (تشكيل لجنة). فنحن (بصدد) إنشاء وبناء الأوهام منذ أربعين سنة، ونحن (بصدد) إزالة أحلام الناس في التطوير.. فيما المواطن (بصدد) البكاء.. وقد (تم تشكيل لجنة) لدراسة الجوانب الفنية والتقنية ومستلزمات تأخيرنا قرنين إلى الوراء، كما (تم تشكيل لجنة) أخرى لـ(لهف) كم بند من الميزانية! واللجنة تنبثق عنها لجان: (اللجنة العليا، اللجنة السفلى، لجنة المستشارين والخبراء، اللجنة التنفيذية، ولا ننسى لجنة العم حسين بائع المنتو، واللجنة المشتركة، ولجنة التطبيل والتضليل والإعلام)!

ثم نكتشف أن البنود الأخرى المتبقية لا تكفي لبناء المشروع، ولذلك سيتم إلغاؤه، وسيتم تفريق بقية البنود على (الحبايب) الذين تعبوا في اللجان. كما (تم تشكيل لجنة) للنظر في سبب بكاء المواطن (غير المبرر!) ودراسة سبب كرهه لموظفي الأمانة والبلدية، وما إذا كان هذا الكره يعود (لأسباب سياسية) وبالتالي (خروجاً على ولي الأمر) المشغول (حتى الأذقان) في تطبيق (الإسلام)!

الصفحة السابقة