لائحة الإعتراض على تبرئة القتلة من أعضاء (الهيئات)

القضاة جهلة ومتحيّزون ورفضوا كل أدلّة الإدانة للمجرمين

إعداد: محمد السباعي

بناء على الحكم الذي أسقط الدعوى ضد مجرمي رجال الهيئة وإطلاق سراحهم، تقدّم المدافعون عن الضحية سلمان حريصي باعتراض الى محكمة التمييز، استغرق 33 صفحة، بين فيه تحيّز القضاء ومناكفته لأسباب العدالة وخروجه عن المألوف في التعاطي مع الأمور، وإغفاله الحقائق وعدم البناء عليها، وغير ذلك. ولأن بيان الإعتراض طويل، آثرنا التركيز على بعض مقاطعه الأساسية. لقد حدد بيان الإعتراض مخالفة حكم القاضي بإسقاط الدعوى وبالتالي تبرئة المجرمين في أربع قضايا نأتي اليها تباعاً.

أولاً: مخالفة الصك لما جاء في وقائع الجلسات

جاء في الصك ما نصه: (ففي اليوم الثلاثاء الموافق 25/10/ 1428 هــ، افتتحت الجلسة 12:42 وفيها حضر...) فيخال لمن يقرأ هذا الصك، أن هذه الجلسة هي أولى جلسات المحاكمة، والحق أنها بهذا التاريخ تُعد الثانية وليست الأولى، فالأولى قد سبقتها بأسبوع كامل حيث كانت في يوم الثلاثاء الموافق 18/10/ 1428 هــ، تم فيها تقديمي لصحيفة الدعوى، حيث أنني تلوتها وسلمتها بحضور القضاة جميعهم وحضور المتهمين ووكيلهم.

لماذا تم إسقاط جلسة 18/10/، من ديباجة الصك؟

وفي (صك الحكم جاء) ( وفي يوم الثلاثاء 10/11/ 1428 هــ فتحت الجلسة وقد جرى تأمل أوراق المعاملة... ورفعت الجلسة للدراسة، وفي نفس اليوم فتحت الجلسة وفيها حضر....الخ) والحق أن الجلسة بهذه الصياغة لم ترفع للدراسة ولم تفتح في نفس يوم الثلاثاء 10/11/ 1428 هــ، ولم يتم إشعارنا برفع الجلسة ولا باستئنافها... لم يكن هناك إشارة إلى الوقت كما كان عليه جلسة 25/10/ 1428 هــ... يتخلل تلك الجلستين جلسة أخرى بتاريخ 3/11/ 1428 هــ، حالها كحال الجلسة الأولى، تم إسقاطها من ديباجة الصك.

المطلع لصك الحكم لا يجد إشارة لصحيفة الدعوى بل كل ما هناك عبارات قوليه (ادعى الوكيل الشرعي على الحاضرين معه قائلاً، وأطلب، ونحوهما) وكأن الطلبات والدفوع بالمخاصمة لم تقدم مكتوبة، وهي أحق بأن تدرس ويتأمل فيها وأن يُشار إليها، بل أبعد من ذلك هي أحق أن يرد عليها بتفاصيلها من قبل الخصوم ومن قبل القضاة، وهذا الذي لم يحدث.

عند استعراضنا لتواريخ جلسات المحاكمة الفعلية (نجدها) على النحو التالي:

الجلسة الأولى كانت بتاريخ 18/10/ 1428 هـ، وقد حضر فيها جميع أصحاب الفضيلة القضاة، أما الجلسة الثانية فقد كانت بتاريخ 25/10/ 1428 هـ، والذي حضر فيها هو فضيلة الشيخ رئيس الجلسة سعد بن محمد الهزاني فقط، مع أن هذا مخالف لنص المادة السابعة [والمادة 129 من نظام الإجراءات الجزائية.

أما الجلسة الثالثة فكانت بتاريخ 3/11/ 1428 هـ، وتم فيها تأجيل جلسة المحاكمة، الى الجلسة الرابعة وهي التي كانت بتاريخ 10/11/ 1428 هـ، وفيها تم تأمل أوراق القضية، حتى رفعت إلى الجلسة الخامسة والتي كانت بتاريخ 17/11/ 1428 هـ، وهي الجلسة التي سبقت جلسة النطق بالحكم، وهي الجلسة السادسة والتي كانت بتاريخ 18/11/ 1428 هـ.

ثانياً: إغفال مصدّري الحكم (القضاة)الدفوع الموضوعية المنتجة آثارها في الدعوى

تقدمت بصحيفة دعوى تتضمن طلبات، ودفوعاً موضوعية، إلا أن هذه الصحيفة قد تم إغفال ما جاء فيها من قبل أصحاب الفضيلة، وعلى وجه الخصوص الدفوع إذ أنها محور هام ترتكز عليها شرعية المداهمة والتي نتج عنها مقتل مورث موكلي. إن موت المجني عليه سلمان، لم يكن نتيجة حادث سير ولا مرض عُضال، وإنما كان مقتله ظلماً وعدواناً بفعل جناة يعيشون في محيطنا ومؤتمنون على أعراضنا ودمائنا.


قتلوا الضحية لشبهة!:

إن المجني عليه سلمان، ينعم بنعمة الإسلام والأمن في بلاد المسلمين الآمنين، محتفظاً بعصمة ماله وعرضه ودمه، ولكنه انتقل إلى رحمة ربه مقتولاً مظلوما، تاركاً خلفه أبويه وطفله اليتم، على ضعفهما وحاجتهم إليه. لماذا قتل سلمان؟.. من قتله؟ إن الذي قتل سلمان هم أفراد موظفون في جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، (وهم) مقيدون كسائر موظفيّ الدولة بأحكام الشريعة الإسلامية والأنظمة المرعية، ولكنهم جاؤوا بما يخالفهما. أيّ حق دفع هؤلاء الجناة ليقتلوا نفساً حرم الله قتلها؟ الإجابة وردت في أقوال المتهمين (وهي:) شبهة تعاطي الخمور وبيعها؟ فقط مجرد شبهة! ومع أنها لو ثبتت ما كان حلال الدم، فالعقوبة في حال ثبوت تلك الشبهة مختلف.

هل ثبت حقاً أن سلمان يتعاطى الخمور ويبيعها؟ الجواب بكل تأكيد لا، فقد أثبت تقرير السموم خلو دمه من المخدرات والمسكرات، وهذا التقرير محفوظ في أوراق الدعوى وملفات هيئة التحقيق والإدعاء العام. هل ثبت حقاً أنه يبيعها؟ الجواب كسابقه لا، لم يثبت ذلك. إذن لم يثبت ما يوجب قتله شرعاً، وعلى افتراض أنه ثبت ما يوجب قتله، هل أعضاء جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قضاة يصدرون الأحكام؟ أم هل هم منفذون لها إن صدرت؟.. المادة 26 الفقرة 6 من نظام الإجراءات الجزائية، اعتبرتهم من رجال الضبط الجنائي، أي أنهم ليسوا بقضاة ولا منفذين أحكام، ولا يمثلون سلطة اتهام ولا إدعاء.

لقد ابتدأ (الجناة) قتله في بيته، وحملوه معهم إلى دائرة حكومية حتى أجهزوا عليه فيها! أمام إخوته وأهله وأصحابه، وتمّ ذلك بليّ أعناق المشروعية، والقفز على النصوص الشرعية والنظامية، لقد قتلوه بإسم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

الله عز وجل يقول: (يا أيها الذين أمنوا لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها)، وهم يقولون، لا.. بل نتسوّر الجدار ونكسر الأبواب الداخلية ونقتحم المنزل بحرمته وحرمة أهله، ونبطش بمن يعترض طريقنا كل ذلك في سبيل الإنكار وبحجة مقاومة رجال الهيئة؟ لقد احتمى هؤلاء الجناة ببيت العنكبوت، وهم يعللون فعلهم المشين وجريمتهم النكراء، بأن من كان في البيت الذي داهموه واقتحموه، يحملون السواطير ويرمون بالزجاج وسواتر الحديد عليهم، وإنهم بهذا قاموا بمقاومة رجال الهيئة وهم رجال سلطة، وهي أقوال يدفعون بها عن أنفسهم.

لم يتورع الجناة عن تهويل الحدث زوراً وبهتانا.. فهذا الجاني عدنان بن يوسف.. يقول: (وكان أهل الحيّ تجمهروا، وقاموا برميّ الحجارة على أهل المنزل بسبب ما يلحقهم من أذى). سبحانك ربيّ هذا بهتان عظيم.. هل كان هذا الأذى حالاً في اللحظة الذي تمت بها المداهمة، أم أنه أذى قديم؟ كيف عرف أن الأذى قد طالهم، وهو في قلب المداهمة؟.. ألا توجد قنوات رسمية تدفع الأذى عنهم بدلاً من الرمي بالحجارة والذي لم يأت إلا بمجيئكم!.. لفق الجاني عدنان بن يوسف قوله السابق لكي يجعل له ولبقية الجناة مخرجاً يعلل فيه دخولهم للمنزل (عبر) تسوّر للجدار وخلع وكسر للأبواب الداخلية. وأُقحم أهل حيّ بكامله مع حجارتهم في قضية لا ناقة لهم فيها ولا جمل، حتى يسمحوا لأنفسهم بالدخول.


أ- بطلان قواعد التفتيش ويتمثل في:

1 - لا بد أن يتم التفتيش بطريقة تحفظ كرامة الإنسان ولا تلحق به أذى بدنياً أو معنوياً (حسب المادة 41/1 والمادة 34/2).. والملاحظ على ما قام به الجناة هو عدم مراعاتهم لهذه القاعدة النظامية.. فقتل المجني عليه عمداً وعدوانا من الجناة الأصليين، والمشتركين بالتسبب في قتله، يتنافى مع (ذلك).

2 - يجب أن يراعي التفتيش الآداب الشرعية دون تجاوز للحدود أو مخالفة الأنظمة وأن يكون دخول المنازل من أبوابها (المادة 41/10من نظام الاجراءات الجزائية والمادة 37 من النظام الأساسي...) وهذا ما تم خرقه من قبل الجناة، إذا تم تسور المنزل وخلع الأبواب الداخلية، والدخول في الصالة العلوية للمنزل، والابتداء في قتل المجني عليه بدون أدنى شفقة ولا رحمة.

3 - يجب اصطحاب امرأة عند تفتيش منزل به نساء (المادة 53، والمادة 26)... وهذه القاعدة كسابقتها، تم خرقها من قبل الجناة، إذا أن منزل المجني عليه، كان به نساء من محارم المجني عليه وقت التفتيش، الأمر الذي سبب الرعب في نفوس النساء والأطفال وهتك الحرمة.. بل لم يمكّنّ النساء محارم المجني عليه من مغادرة المنزل.

4 - يجب أن يكون تفتيش المساكن من بعد شروق الشمس وقبل غروبها (المادة 51)... وهذه القاعدة كان نصيبها الخرق كسابقاتها، فقد تمت مداهمة منزل المجني عليه في تمام الساعة الثامنة من مساء يوم الأربعاء تاريخ 6/5/ 1428 هـ.

5 - (المادة 80) تؤكد على أن الغاية من التفتيش هو ضبط ما يحوزه المتهم من أشياء تفيد في كشف الحقيقة، هذا إذا سلمنا جدلاً بصحة المداهمة رغم بطلانها شرعاً ونظاماً أو أن المجني عليه كان متهماً.. وليست إزهاق روح المجني عليه، والتي تمت بالفعل نتيجة لهذا التفتيش والمداهمة برمتها.

إن عدم احترام ومراعاة أحكام التفتيش يترتب عليه بطلانه.


ب - بطلان إجراء التفتيش لعدم الاختصاص ويتمثل في الأتي:

(يشترط) أن يصدر أمر التفتيش من قبل هيئة الادعاء والتحقيق العام باعتبارها صاحبة الاختصاص الأصيل (المواد 41، 80، من نظام الإجراءات الجزائية، والمادة 41/1 من مشروع اللائحة التنفيذية لنظام الإجراءات الجزائية). هذا القيد النظامي قد تمت مخالفته من قبل الجناة، فهم لا يحملون إذناً صادراً من هيئة التحقيق والإدعاء العام، ولا يملكون حجّة شرعية ونظامية في مداهمتهم لمنزل المجني عليه تسوغ لهم تلك المداهمة، وإنما يحتجون بإذن صادر من أمارة منطقة الرياض، وهذا الإذن لم نره في جلسات المحاكمة، ولم يرونه لأصحاب البيت المداهم، وإن صح وجوده فهو يخالف نظام الإجراءات الجزائية، وبالتالي فهو في حكم الباطل نظاماً، فأمارة منطقة الرياض لا تملك المسوّغ نظاماً بإصدار أوامر تفتيش وإنما صاحبة الاختصاص الأصيل هي هيئة التحقيق والإدعاء العام بحسب النصوص النظامية السابق ذكرها.

ثالثاً: الطعن في تسبيب الحكم شكلاً وموضوعاً

حفل حكم المحكمة بالعديد من المخالفات النظامية والتي تتمثل في الشكل الواجب إتباعه بحسب ما ورد في الأنظمة ذات العلاقة من نصوص.


أ ـ بطلان الحكم شكلاً:

1 ـ الدفع ببطلان الحكم بعدم الاختصاص في الإدعاء على بقية المتهمين المذكورين في صحيفة الدعوى، وذلك لمخالفته لصريح المادة 133 من نظام الإجراءات الجزائية.. والحق أن اشتراكهم في جريمة القتل تسبباً هو من المسائل التي يقف عليها الحكم بالدعوى، ومع هذا كله لم يتم استدعاء بقية الجناة ولم يخضعوا للمحاكمة... ولأن وحدة الجريمة هي الرابط المشترك بينهم، فإنه يثبت اختصاص المحكمة العامة الموضوعي في حقهم، كون موضوع الدعوى هو القتل العمد (المادة 129).

2 ـ بطلان الحكم لمخالفته ما جاء في تنظيم جلسات المحاكمة (المادة 156).. إذ تم إسقاط جلسات فعلية للمحاكمة.

3 ـ بطلان الحكم لمخالفته، ما جاء في نص المادة السابعة والتي أكدت على حضور القضاة لجميع جلسات المحاكم، وهذا لم يحدث في بعض جلسات المحاكم.

4 ـ بطلان الحكم لمخالفته، ما جاء في نص المادة 157 والتي تنص على وجوب حضور المدعي العام في جلسات المحكمة في الجرائم الكبيرة وهو قيد وجوبي، وبالتالي انعدام هذا القيد يترتب عليه بطلان المحاكمة.. فطوال مدة المحاكمة وبجلساتها المتعاقبة لم نجد للمدعي العام أي حضور، بل لم نشاهده إطلاقاً.

5 ـ بطلان الحكم لمخالفته، ما جاء في نص المادة 182، إذ أن الحكم صدر دونما إشارة إلى صدوره بأغلبية القضاة أم بإجماعهم؟، علاوة على أن النطق بالحكم لم يكن في جلسة علنية، كما نصت على ذلك المادة سالفة الذكر.


ب ـ بطلان الحكم موضوعاً:

جاء في الأسباب التي بني عليها الحكم، وتم بموجبها صرف النظر عن الدعوى المقامة على المتهمين، جملة من الأسباب الباطلة بطلاناً مطلقاً لمخالفتها صريح القرآن والسنّة وإجماع العلماء، فضلاً عن المخالفات النظامية:

التسبيب الأول: يرى أصحاب الفضيلة مصدريّ الحكم أن شهادة أعضاء الهيئة على بعضهم غير موصولة لأسباب خمسة هي:

1- أن (هؤلاء الأعضاء متهمون في القضية فهم بشهادتهم يدفعون عن أنفسهم). واضح من عبارة (يدفعون عن أنفسهم) أنها مؤسسة على قاعدة ( دفع الضر وجلب النفع) في الشهادة، وهذه القاعدة لا تصلح أن تكون قادحاً في شهادة المتهمين على بعضهم البعض.. والضابط في ذلك هو (وحدة الجريمة)، فجميعهم شركاء فيها... لأنهم إن قالوا: لم نشاهد المتهمين يضربون المجني عليه، كان من صالحنا كمدعين وفقاً لهذه القاعدة: أن نقدح في شهادة نفيهم للجريمة ونؤسسها على أنهم بهذه الشهادة إنما يدفعون عن أنفسهم جميعاً لأننا نملك أدلة قطعية تعضد الشهادة وتسندها، وإن قالوا شهدنا على المتهمين بأنهم ضربوا المجني عليه حتى مات، قلنا ذلك اعتراف منهم على بعضهم البعض، والقول بخلاف ذلك ينافي ما هو مقرر لدى فقهاء الشريعة، وينافي المنطق والعقل، فالشهادة التي ترد منهم ويقدح فيها هي ما تجلب لهم النفع وترد عنهم الضر، فهم جميعاً شركاء في فرقة المداهمة، فشهادة أحدهم للآخر فكأنما يشهد لنفسه ويدفع عنها، ولكن شهادة بعضهم على البعض بارتكاب الجريمة هي بمثابة الإقرار، ولو قلنا بما يقوله مصدري الحكم بأن الشركاء في الجريمة إذا شهد بعضهم على بعض فأنهم يدفعون عن أنفسهم، لما أقيم لله ولا لعباده حق، فمثلاً لو أن هناك جريمة وقعت من خمسة أشخاص، شهد فيها ثلاثة على اثنين بأنهم من باشر الركن المادي للجريمة، هل نقول هذه الشهادة باطلة لأن الثلاثة إنما يدفعون عن أنفسهم ضرر إيقاع العقوبة عليهم؟

2 ـ أنهم تناقضوا في شهادتهم. المتأمل في صك الحكم يجد أن مصدريه قد استخدموا عبارة (إعادة التحقيق) ست مرات.. هل في ذلك إشارة لنا كمدعين أو لمحكمة التمييز، بأن هؤلاء المتهمين قد وقعوا في إكراه، مما غيّر أقوالهم فأصبحت متناقضة؟. وما الضير أن يعاد التحقيق معهم لأكثر من مرة؟ هل يوجد في النظام ما يمنع ذلك؟، بل على العكس أكدت المادة 101/6 على أن للمحقق تكرار استجواب المتهم إذا اقتضى التحقيق ذلك. كما أنه لا يتفق عقلاً أن يعترف المتهم في أول استجواب له؟!.. الجناة في بداية التحقيق أنكروا، وبعد ما تمت مواجهتهم بالأدلة الجوهرية ـ التي تجاهلتها المحكمة ـ أقرّوا واعترف بعضهم على بعض.

3 ـ (إن المدعي اعتبرهم خصوماً له حسب ما جاء في دعواه وطلبه تعزيرهم).. نقول: وما الضير في هذا، نعم هم خصوم، وطالبنا ولا زلنا نطالب بتطبيق العقوبة المقررة عليهم شرعاً، وهل لأنهم خصوم لنا ترد شهادتهم؟ وعلى افتراض أن بيننا وبين هؤلاء خصومة أو عداوة، فشهادة العدو لعدوه تقبل ولا ترد ويعمل بها كما هو مقرر لدى فقهاء الشريعة الإسلامية وهي مسألة أشهر من أن تعرف.

4 ـ أن (ذوي القتيل شهدوا على هؤلاء الأعضاء أنهم شاهدوهم وهم يضربون المتوفى).. نقول: (هل) لأنّ ذوي القتيل الحاضرين شهدوا الجريمة والجناة متلبسين بها، أصبحت شهادتهم على أولئك الأعضاء مانعاً يقدح به في صحة أقوال الجناة واعتراف بعضهم على بعض، بدلاً من أن تكون شهادة على واقعة يعضد بها شهادة الجناة أنفسهم على بعضهم البعض، (وبالتالي) أصبحت مخرجاً لبراءة الجناة؟ ... أتعلمون لماذا وقع مصدرو الحكم في هذه التناقضات وهذا الجهل؟ لسبب واحد، أنهم تركوا وأغفلوا وتجاهلوا البينة الموصولة والقرائن القطعية التي تدل على ارتكاب الجناة لجريمتهم، وتفرّغوا في البحث عن قوادح الشهادة، بهدف أن يعضدوا حكمهم.

5 ـ أنه (لم يرد في شهادتهم تحديد موقع الضرب الذي أدى إلى الوفاة).. كيف عرف أصحاب الفضيلة بأن المتهمين في اعترافاتهم لم يحددوا موقع الضرب؟ هل شهدوا أمامهم في مجلس الحكم وفي مواجهتنا كخصوم، إن كانوا قد شهدوا أمامهم، فأين شهادتهم في الصك وفي أي جلسة كانت تلك الشهادة التي سمعوها ودونوها؟ وإن لم يكن حضروا فكيف عرفوا بتلك الشهادة؟ بكل تأكيد سوف يكون عن طريق ملف التحقيق. إن كان (كذلك) لماذا يُغض الطرف عن أقوال المتهمين: عبدالرحمن العيسى، وفهد السحيم، وعبد الحميد الشثري، وبندر العثيمين وخالد الشهري، وتميم الكليفيخ، وفلاج الفلاج، الواردة في ملفات التحقيق والتي توافقت بجملتها على أن الجناة محمد بن موسى وعدنان بن يوسف قد تناوبا على المجني عليه بالضرب في مناطق متفرقة من جسمه ورأسه بقدميهما وأيديهما، بضربات متوالية وعنيفة تنم عن قصد جنائي، وأين هم عن التقرير الطبي الشرعي والذي اثبت سبب الوفاة بأدلة علمية منطقية تتفق مع تلك الأقوال والمشاهدات، أم أن الأقوال في ملفات التحقيق والتي انشغل القضاة بخلق قوادح لها قد تمت بانتقائية مريبة.

6 ـ (جاء) في الصفحة السادسة من الصك (وأما ما جاء في شهادة الشاهد خالد الكعبي فهي غير موصلة لأن المذكور ممن ادعى تعرضه للضرب، لأنه سبق أن نفى وجود المدعى عليه محمد بن موسى حسب محضر التعرف المشار إليه سابقاً كما أنه لم يحدد موقع الضرب الذي أدى إلى الوفاة، مع أن المذكور متهم في القضية، وقد أقيمت عليه دعوى بالتستر على التصنيع وتعاطي الخمر وهذا مسقط لشهادته)، وأمام هذا الجزئية من الحكم نسوق لكم الأدلة على بطلانها كحال الحكم برمته في النحو التالي:

1- لا يعد الضرب من الموانع الشرعية والقوادح في الشهادة، وبالتالي هي شهادة موصولة ولا ترد.. ليأتوا لنا بسند واحد على صحة ما ذكروه، فلا دليل شرعي على ذلك ولا نظاميّ.

2- محضر التعرف على المتهمين، ليس من الأدلة، وإنما هو من الدلائل، فلا يصلح دليلاً أساسيا على نفي التهمة وإنما يمكن به تعزيز أدلة الثبوت وهذا من المسلمات في الأدلة الجنائية، فالدلائل لا ترتقي إلى مرتبة الدليل، والسبب أن الاستنتاج في الدلائل يكون على سبيل الاحتمال فتقبل الواقعة أكثر من تفسير، وخصوصاً أن المتهم محمد بن موسى كان ملثماً كما ذكر ذلك زملائه في شهادتهم عليه. بينما الدليل يستنتج على سبيل اليقين والجزم.. كل حكم بنفي التهمة بني على الدلائل وحدها هو حكم باطل لأن اقتناع القاضي في هذه الحالة بني على الاحتمال لا على اليقين. لماذا يغفل القضاة الأدلة ويلتفتون للدلائل؟ (هناك) تغييب مطلق لأدلة قاطعة لعل من أهمها علاوة على شهادة الشهود، تقرير الأدلة الجنائية رقم 783-11 لعام 1428 والذي تضمن تطابق الأنماط الوراثية لعينة الدم لمحمد بن موسى مع الأنماط الوراثية للعينة المأخوذة من مغسلة في الدور العلوي من منزل المجني عليه، والذي فيه إثبات تام وقرينة قاطعة على تواجد الجاني محمد بن موسى في وقت المداهمة ومباشرته لقتل المجني عليه ظلماً وعدواناً بمشاركة زميله الجاني عدنان بن يوسف؟ والذي يعضد ويؤكد صحة شهادة بقية الأعضاء المشاركين على قيامهم بمباشرة الركن المادي للجريمة؟ ومع ذلك كله لا نجد لهذه الأدلة الواضحة أي اعتبار، وإنما نجد مصدري الحكم يستندون على الإحتمالات والظن دونما اليقين والجزم، ولا شك أن في هذا كله مساس بمبدأ الحياد، والذي يُعد مبدأ أصيلا في التقاضي.

3- أما بخصوص القول بأن الشاهد خالد الكعبي، متهماً في القضية، وقد أقيمت عليه دعوى بالتستر على التصنيع وتعاطيّ الخمر وأن هذا مسقط لشهادته، فنقول رداً على ذلك، أن هذا التسبيب باطل بطلاناً مطلقاً، كحال الحكم برمته، وهو كالقول باتهام المجني عليه والذي راح ضحية هذا الاتهام، ولكنها أقوال، تطلق جزافاً.. نقول لأصحاب الفضيلة القضاة مصدري الحكم: إلينا بالبينة على أن الشاهد خالد الكعبي متهم؟ أين سند الاتهام؟ لا يوجد. أين الدعوى التي أقيمت على الشاهد خالد الكعبي؟ في أي محكمة أقيمت؟ هل صدر بها حكم أم لا؟ إن صدر بها حكم، هل الحكم كان ببراءته من دعوى التستر على التصنيع وتعاطي الخمر؟ أم بإدانته؟ (إنها) تناقضات وحجج وأقوال يصعب علينا أن ندخلها في قائمة الأحكام، وإنما ندخلها في قائمة الادعاءات، وكأننا لسنا أمام حكم صادر من قضاة يفترض فيهم أن يأخذوا الموقف السلبي والمحايد بين أطراف القضية، حتى نُذهل ونكون في حيرة من أمرنا ويُخال لنا كمدعين أننا لا نرد على حكم محكمة، وإنما نرد على لائحة جوابية تقدم بها إلينا محامي المتهمين.

ثالثاً: لا توجد قضية، إتُّهم بها الشاهد خالد الكعبي ولا حكم صادر من المحكمة، وإنما هذا القول قد سمعناه من محامي المتهمين في الجلسة، إذ قال أن الشاهد خالد الكعبي متهم بقضية وحكم فيها، رغم نفي الأخير لها، وهذا ما سمعه القضاة وحكموا على أساسه ودونوه في صك حكمهم.

التسبيب الثاني: يرى أصحاب الفضيلة مصدرو الحكم، أن ما جاء في نتيجة التحقيق من إدانة المدعى عليهما بالقتل العمد والعدوان لا دليل عليه لما يلي:

1- (يقولون أن) الثابت من خلال التقرير الطبي أن وفاة المتوفى سلمان كانت بسبب الضربة التي وقعت على عينه، وهي ضربة واحدة، فكيف ينسب القتل العمد العدوان لأثنين؟! نقول رداً على ذلك، لم يرد في التقرير الطبي ما نصه أن سبب الوفاة يعود إلى ضربة وقعت على عين المجني عليه سواء كانت واحدة أو مئة ضربة، ويجب على أصحاب الفضيلة مصدري الحكم أن يعودوا مرة أخرى إلى ما ورد في التقرير الطبيّ حتى يتثبتوا من سبب الوفاة جيداً قبل أن يصدروا أحكامهم.

وهناك فرق بين حجاج العين وبين العين، لأن الحجاج فوق العين، وليس هو العين، فكيف يوعز مصدرو الحكم الضربة إلى العين؟ كما أن التقرير الطبي يثبت لنا موالاة الضربات وفحشها حتى أن أيديهم وأرجلهم قد وصلت إلى قاع المخ، أي أنها قد تجاوزت مرحلة أن تكون جرحاً بسيطاً خارجياً يكون على حاجب العين، إلى جرح عميق أصاب المجني عليه في مقتل، ولا شك أن في ذلك تأكيد على العمدية والقصد.

أما فيما يخص كيف ينسب القتل العمد العدوان لأثنين؟ فعلاوة على أن القضاة في أحكامهم يجب أن لا تبنى على التساؤلات بل على الجزم واليقين، وهذه من المبادئ والمسلمات في القضاء... ورد في التقرير الطبي سالف الذكر... أن عدد السجحات سبعة عشرة، بالإضافة إلى كدمات لم يحصها التقرير، وهذا الكدمات كانت متفرقة ومتداخلة وما يؤكد على كثرتها كونها قد شكلت ما يشبه كيس الصفن بمنطقة العجان، كما أن هذه الكدمات امتدت أيضا إلى ما تحت اليد اليمنى للمجني عليه، وهذا يعطينا إشارة إلى موالاة الضربات وتعددها، وتتفق عقلاً ومنطقاً مع أقوال الشهود على أن المباشر لهذه الأفعال لم يكن شخصاً واحداً بل اثنين.

كما أن هذا يتوافق مع اتفاق الأئمة رحمهم الله (حيث اتفقوا على أنه إذا قام جماعة بقتل شخص واحد في فور واحد بأن توافقت إرادتهم على القتل في وقت الحادث ـ حتى وإن لم يكن هناك اتفاق سابق بينهما على قتله ـ فإن كلاً منهم يعتبر قاتلاً عمداً له، وليس هناك عبرة بالتفاوت بين الجناة في عدد الجراح وفحشها، فإذا أحدث أحدهم جرحاً، والآخر عشرة أو أقل أو أكثر فحشاً فكل منهم مسئول عن القتل العمد مادام قد أحدث جرحاً له دخل في إحداث الوفاة).

2- (قال القضاة) أنه لم يذكر لا من خلال التحقيق ولا من خلال أقوال أطراف القضية استعمال آلة في ضرب المتوفى بل الذي انتهى إليه التحقيق أن المتوفى تعرض للضرب على رأسه بالقدم فلا آله قاتلة ولا الموضع مقتل، فالرأس ليس من المقاتل إذا كان الضرب بلا آلة (كما قال ابن تيمية).

من المسلمات عند أهل العلم، إن أجماع العلماء هو بمثابة الدليل القطعي على الحكم... إن ولي الأمر نص على وجوب إتباع الإجماع، واعتبر أي حكم يخالف ما جاء به الإجماع باطل بطلاناً مطلقاً ويستحق النقض (المادة 201). أجمع الأئمة رحمهم الله على أن الضرب بالقدم من الآلات القاتلة في أي موضع كان من جسم الإنسان طالما نتج عنه موته، ومفاد هذا الإجماع يتمثل في أن يكون القتل بفعل الجاني أو الجناة في حالة التعدد، وأن يكون من شأن هذا الفعل إحداث الموت، ولا يشترط أن يكون الفعل من نوع معين لاعتباره قتلاً، فيصح أن يكون ضرباً أو جرحاً أو ذبحاً أو حرقاً أو خنقاً أو تسميماً أو غير ذلك، كما أنه يصح أن يقع الفعل من الجاني مرة واحدة أو يقع على التوالي في مدة طالت أو قصرت.

هل يعقل في زمننا هذا أن لا يكون القدم من الآلات القاتلة أو لا يكون رأس الإنسان موضع مقتل، وقد انتشرت رياضة الدفاع عن النفس بكافة أنواعها كالجودو والكاراتيه وغيرها، إذ نجد أن ممارسيّ هذه الرياضة يستطيع الواحد منهم بضربة واحدة بقدمه أو قبضته أن يحول ساتراً إسمنتياً إلى فُتات، وهب أن أحد هؤلاء قام وضرب أحد الأشخاص بقدمه ضربة واحدة فتهشم منها رأسه وقضى نحبه، ورفعت دعوى القتل العمد إلى احد القضاة، لا بل إلى أصحاب الفضيلة ناظريّ قضيتنا ومصدريّ حكمها، هل إذا احتج القاتل برأي شيخ الإسلام، سيذهب دم المقتول سدى؟

3- (يقول القضاة) وعلى فرض ثبوت قيام أحد المدعى عليهم بضرب المتوفى بقدمه على رأسه فلا يعني ذلك أنه عمد إلى قتله، لأن العمدية يستدل عليها إما بالآلة، وإما بموضع القتل وكلاهما منعدم في هذه القضية.

من المسلمات لا بل من الأبجديات التي يعرفها كل من درس القضاء.. أن الأحكام لا تبنى على الفرضيات، وأن أي حكم يبنى على فرضية أو احتمال هو حكمُ باطل بإجماع أهل العلم وهذا ما أكدت عليه أيضا الأنظمة القضائية والعدلية في بلادنا، ومع ذلك كله نصطدم في أكثر من موضع في الحكم المتعلق بقضيتنا، أنه في الغالب الأعم منه بني على الظن والاحتمال لا على اليقين والجزم، فهاهم القضاة قد ابتدؤوها بمصطلح (وعلى فرض ثبوت) ومصطلح الفرضيات والاحتمالات قد يذكرها وكلاء الدفاع أو المدعون بالحق الخاص، أما أن يذكرها قضاة فإنهم بذكرها قد تحولوا من ساحة القضاء إلى ساحة الدفاع، وهذا بلا شك فيه مساس بأصل ثابت من أصول التقاضي وهو مبدأ الحياد.

وقوف مصدريّ الحكم وحديثهم عن الآلات والعمدية فليس في موضعه الصحيح، لأن الحديث عنها يوحي لنا اعتمادهم على جنس الآلة دونما تفصيل لفهم أهل العلم حول جنس الآلة وموضع القتل، أي نعم أن الآلة هي ما يستدل بها على القصد الجنائي والعمدية، ولكنها ليست على إطلاقها ولم يكن هذا فهم أهل العلم، فليس لديهم فقط أن القتل العمد يستدل به بالمحدد أو المثقل، ودونما النظر إلى الآلات الأخرى كاليد أو القدم.. بل فصلوا في ذلك ولم يتركوها سدى... وإلا كان بالإمكان أن يفلت كثير من الجناة من عقوبة القتل، (و) سيحتج من يثبت خصمه أرضاً ويقوم برفسه وركله... بأن خصمه المجني عليه مات بآلة غير قاتله لأن الفقهاء يقولون القتل العمد على إطلاقه لا بد أن يكون بمحدد – كالسيف أو الرمح أو المسدس - أو يكون بمثقل - كالحجر والخشب – ونحوهما.

4 ـ يقول أصحاب الفضيلة في الجزء الأخير من أسبابهم لرد الدعوى ما نصه (وأما ما يفيد ما ذكر من أدلة التحقيق فلا أثر لها، لأنها ليس بأدلة على مثل هذه الدعوى..الخ). من الملاحظ عند قراءة صك الحكم بتمعن وبعين ثاقبة وفاحصة، ستصدم القارئ المتمعن بجملة من المتناقضات والغموض وخصوصاً في الأسباب التي بنى عليها مصدرو الحكم حكمهم.

ما يختص بالغموض، هو قولهم (ما ذكر من أدلة التحقيق فلا أثر لها)، ما هي هذه الأدلة التي ليس له أثر في دعوى القتل العمد؟ هل يقصد بها شهادة الشهود، أم التقرير الشرعي الطبي أم تقرير الأدلة الجنائية أم ماذا؟ وما هي الأدلة التي تصلح لمثل هذه الدعوى؟ لا نعلم.

ما يختص بالتناقض، أنهم تارة يأخذون بما جاء في ملف التحقيق من أدلة ويفندونها، وتارة لا يلتفتون لها، بل أنهم يرون (أنها لا تصلح كدليل إدانة)، وفي ذات الوقت (يجعلون منها دليل براءة).

إن قول مصدريّ الحكم بأن الأدلة التي تضمنتها ملفات التحقيق، كالتقرير الطبي الشرعي، وتقرير الأدلة الجنائية واعتراف الجناة، لا تصلح أن تكون دليلاً في مثل هذه الدعوى، يفهم منه أن مصدري الحكم وبغموض منهم يرمون بقصدهم إلى الشهادة، أي أن الشهادة هي الدليل الوحيد الذي يصلح في دعوى القتل العمد، وذلك لأنهم اكتفوا بتفنيد الشهادة والطعن فيها بقوادح، ولأن مدار حكمهم في صرف الدعوى كان يدور حول هذه الشهادة التي خلقوا لها موانع وقوادح لا تنسب إليها فقهاً ونظاماً.. يكون ما يخص تقرير الطبيب الشرعي وتقرير الأدلة الجنائية ليس دليلاً يعتد به في إثبات جريمة القتل العمد بزعمهم.

ماذا قدمنا وماذا قدموا من أدلة؟ نحن قدمنا من الأدلة اعترافات الجناة أنفسهم على بعضهم، ودليل التقرير الطبيّ الشرعي الذي يثبت وفاة المجني عليه نتيجة اعتداء عمديّ، ودليل الأدلة الجنائية على أن الجاني محمد بن موسى كان موجوداً في وقت المداهمة وذلك أثر وجود عينه من دمه في مسرح الجريمة، وهذا يعاضد اعتراف زملائه عليه. ماذا قدم الجناة من أدلة تنفي قتلهم للمجني عليه؟ (مجرد) أقوال فقط!، هذه أدلتهم! بادرهم القضاة بالسؤال، ماذا تقولون في الإدعاء المقدم إليكم؟ قالوا نحن براء مما يقولون.. ولنا أن نسأل هل يعقل أن يبنى دليل براءة على مجرد قول؟ وهل هذا من العدالة والإنصاف بشيء، وفي النهاية يأتيك الحكم بالبراءة؟

إن الحكم الصادر في قضيتنا، هو سابقه قضائية في عدم الأخذ بالأدلة الشرعية والمادية، وإن عدم الأخذ بها لا يتفق مع عصرنا هذا، ولم نشهد لها مثيلاً، وبالتالي نخلص إلى بطلان الحكم لاعتماده على أقوال المتهمين دونما بيّنة أو دليل يدحض أدلتنا، بل أن كل الأدلة تدل بما لا يدع للشك مجالاً صدق البينة، وصدق دعوانا وصحتها، ويؤكد في ذات الوقت على بطلان أقوالهم وضعف بينتهم.

ونخلص فيما تقدمه ذكره، أسباب بطلان الحكم موضوعاً في الآتي:

1- بطلان الحكم لمخالفته ما جاء في صريح القرآن والسنة والإجماع والنصوص النظامية، ويتمثل في بطلان إجراءات المداهمة والتي أصبحت دليلاً يعول عليه الجناة في حق المجني عليه، رغم عدم ثبوت الأدلة..

2- بطلان الحكم لمخالفته أبسط قواعد الشهادة في الفقه الإسلامي، إذا أنهم جعلوا من أقوال واعترافات المتهمين شهادة وخلقوا لها قوادح وموانع، اتضح منها، جهل القضاة مصدري الحكم في ذلك...

3- بطلان الحكم لمخالفته الأدلة المستساغة عقلاً، إذ أنهم أغفلوا الأدلة والقرائن التي يعمل بها في مثل هذه القضية، كالتقرير الشرعي وتقرير الأدلة الجنائية والتي كان من الواجب أن يقوم الحكم عليها..

4- بطلان الحكم لمخالفة القضاة القاعدة الشرعية في القضاء ( البينة على المدّعي واليمين على من أنكر) إذا أنهم طلبوا من الوكيل الشرعي قبول يمين الجناة، على الرغم من توافر الأدلة والبينات، ومن المقرر أن اليمين لا تطلب إلا بعد مناقشة الأدلة والقرائن، وهذا الذي لم يحدث..

5- بطلان الحكم لمخالفة القضاة قاعدة ( لا يقضي القاضي بعلمه)... إنهم سمعوا من محامي الجناة أن الشاهد خالد الكعبي محكوم بقضية..

6- بطلان الحكم لمخالفة القضاة مبدأ الحياد..

7- بطلان الحكم لمخالفته إجماع الأئمة رحمهم الله على أن الضرب بالأقدام أو الأيدي بموالاة الضربات وتكرارها ووقوعها في مقتل، هي من الآلات التي يستدل بها على العمدية..

8 - بطلان الحكم لمخالفة القضاة لما جاء في نص المادة 120 من نظام المرافعات الشرعية (تؤدي الشهادة شفوياً ولا يجوز الاستعانة في أدائها بمذكرات مكتوبة) والحق أن أقوال المتهمين... لم تؤدى أمام القضاة في مجلس الحكم شفوياً، وإنما استند القضاة عليها من ملفات التحقيق.

9- بطلان الحكم لمخالفة القضاة لمبدأ أن يبنى الحكم على الجزم واليقين، إذا اتضح لنا أن الحكم قد اشتمل على الفرضيات...

10- بطلان الحكم لمخالفة القضاة لما هو مقرر في القرائن..

11- بطلان الحكم لمخالفته صريح المادة .142. إذ حكمت المحكمة بعدم الاختصاص بالنظر في الدعوى المقامة دونما حضور لهم (الجناة).

12- بطلان الحكم لمخالفته صريح المادة 136 من نظام الإجراءات الجزائية والذي جاء فيها (إذا رفعت دعوى إلى المحكمة فيكلف المتهم بالحضور أمامها) وهذا ما تم مخالفته إذ تقدمنا في صحيفة الدعوى بالإدعاء على بقية الجناة ولم تكلف المحكمة المتهمين بالحضور أمامها.

رابعاً: الطلبات بموجب لائحة الاعتراض

لأن المجني عليه سلمان بن محمد شامي حريصي.. قُتل عمداً وعدواناً.. كان من حق ورثته المطالبة بالقصاص.. وبناء على هذا نتقدم إلى فضيلتكم بالمطالبة بالآتي:

أولا: المطالبة بالقصاص من الجناة، محمد بن موسى وعدنان يوسف.. لقتلهم المجني عليه عمداً وعدواناً، ولأنهما من قام بمباشرة جريمة القتل...

ثانياً: المطالبة بتطبيق العقوبة الشرعية على الجناة التالية أسماؤهم لتسببهم في القتل عمداً وعدواناً لمورثنا المجني عليه وهم: عبدالحميد الشثري، عبدالرحمن العيسى، بندر العثيمين، خالد الشهري، تميم الكليفيخ، فلاج الفلاج، فهد السحيم، ناصر العبدالله، عبدالعزيز الضاحي، (وهؤلاء يعملون جميعاً كموظفين في هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومكان إقامتهم الرياض، ويندرج مع هؤلاء المتعاونون مع مركز الهيئة ممن شاركوا في الجريمة وهم:) عيد المطيري، وعادل عبدالمحسن.. وإذ نطالب بتوقيع العقاب الشرعي عليهم بموجب الأدلة والبراهين التالية: اعترافاتهم في ملفات التحقيق بحضورهم المداهمة والاشتراك فيها إذ شهدوا بتواجدهم في مسرح الجريمة ومشاهدة الجناة الأصليين؛ وإعانتهم للجناة الفاعلين الأصليين.. على القيام بجريمتهم.. وتقويتهم لشكيمتهم .. وذلك بتواجدهم في مسرح الجريمة دونما حق مشروع، وعدم منعهم للجناة من ارتكاب جريمتهم وذلك على مرأى ومسمع منهم على الرغم من قدرتهم على ذلك واستطاعتهم، وهذا يرتب مسؤوليتهم شرعاً عن التسبب في مقتل المجني عليه. (ونطالب) الدفع ببطلان الإجراءات المتخذة في حقهم من قبل هيئة التحقيق والإدعاء العام إذ تم الإفراج عنهم من قبل المحقق.

الصفحة السابقة