التهريب ليس المصدر الوحيد

شراهة في استهلاك السلاح بين السعوديين

السعودية سوق مشبعة بالسلاح.

وفي مناطق عديدة من المملكة، صار من المعتاد سماع طلقات النار ليلاً، بل ونهاراً أحياناً.

كان امتلاك السلاح جريمة كبرى، ولكنه ليس كذلك اليوم.

حاولت الحكومة تنظيم استخدامه، وطلبت من المواطنين تسجيل ما لديهم، فاستجاب البعض ورفض البعض الآخر، وليس لدى الحكومة من وسيلة لتفتش كل منزل.

هدّدت الداخلية مراراً من امتلاك أسلحة غير مرخّصة، ولكن تهديداتها ذهبت هباءً.

وحاولت الحكومة منع مصادر السلاح الخارجية، فإذا بها تكتشف أن مخازن سلاح الحرس والجيش يباع في الأسواق بأسعار بخسة، حتى قطع غيار السيارات العسكرية (الجيب) تباع في الأسواق بقطع أصلية وبأسعار زهيدة.

خففت الحكومة الأمر بعد أن عجزت بأن قالت أن الأسلحة ليست للإستخدام، وأن امتلاك السلاح هو جزء من شخصية المواطن السعودي!

لكن هذا يخفي تغطية للفشل، وتغطية على أسباب الإقبال على السلاح.

إن الوضع الأمني متدهور للغاية، في بلد يصفه حكامه بأنه (بلد الأمن والأمان).

وبالقطع هو ليس كذلك. فالجرائم بشتى أنواعها تتضاعف سنوياً. جرائم القتل والمخدرات والسرقات المسلحة والإغتصاب وحتى الإنتحار تتعاظم.

إنه الوضع السياسي والإقتصادي والإجتماعي غير المستقر، الذي يُشعر المواطنين بالحاجة الى السلاح.

إنه ضعف الدولة وفشلها الأمني، الذي يدفع المواطن الى حيازة السلاح لحماية نفسه وأبنائه.

قيل أن السلاح أول ما جاء بكميات وافرة إنما جاء بعيد احتلال العراق للكويت فكانت شحنات رشاشات الكلاشنكوف تباع ببضع مئات من الريالات للقطعة الواحدة. بل قيل أن أسلحة متوسطة قد بيعت وامتلكها المواطنون، إضافة الى القنابل اليدوية والألغام والمسدسات.

وفي الحرب العراقية الثانية، اي حرب احتلال اميركا للعراق، جرى أيضاً تهريب السلاح منه بكميات وافرة.

وقيل أن اليمن هو المصدر الأساس للسلاح والمتفجرات.

وقيل ايضاً أن أكثر الأسلحة (من المسدسات بالتحديد) جاءت من مخازن الحرس الوطني، وهو السبب الذي أدى الى تلاسن بين الأمير نايف والأمير عبدالله (الملك الحالي) في مجلس الوزراء وبمحضر الوزراء أنفسهم في عام 2003.

أياً كان مصدر الأسلحة، فإنه مؤشر على خلل داخلي، وإن هذه الأسلحة ليست خطرة على نظام الحكم نفسه فحسب كأن تستخدم من قبل القاعدة، بل قد يستخدمها المواطنون ضد بعضهم البعض، على خلفيات طائفية ومناطقية وقبلية او على أساس مصالح شخصية فردية أو جمعية.

من آخر ما أعلن في مضمار تهريب الأسلحة، ما أعلنته المديرية العامة لحرس الحدود من احباط عمليات تهريب كبرى لأسلحة وذخائر ومواد متفجرة وديناميت كانت في طريقها عبر حدود المملكة المختلفة. وفي اليوم التالي (6/2) اعتمدت صحيفة عكاظ على تقرير إحصائي رسمي، كشف أنه خلال الربع الأخير من العام الهجري الماضي تم احباط تهريب مائة كيلو جرام من المتفجرات، وأربعمائة قطعة سلاح متنوعة، وما يقارب الخمسين الفا من الذخائر، ومائة اصبع ديناميت، وجهازين أحدهما لتحديد المواقع وآخر ناظور مقرب، كما كشفت عن رقم مهول من المتسللين وهو مائة وعشرين ألفاً، بينهم 119 متسللاً عبر الحدود مع العراق. وأشارت عكاظ الى أن الحدود مع اليمن هي أكثر المناطق الحدودية التي تعاني من عمليات التهريب خصوصا الأسلحة والمتفجرات، وأن معظم المتسللين هم يمنيون.

هذا ما تمّ كشفه، ولكن ماذا عما لم يتم كشفه؟.

الصفحة السابقة