حوار تديره الوهابية فاشل!

لماذا لا ينجح الحوار في السعودية؟

محمد السباعي

يشعر كثيرون بالأسى لجهود الملك عبد الله الذي يسعى جهده للوصول الى أصدقائه الغربيين بإبلاغهم رسالة واضحة بأنه ليس ضد التقدّم والإصلاح، وكأنه يريد منهم أن يقفوا معه وانتظار ما يقوم به من مبادرات في هذا الصعيد. فالرئيس الأميركي جورج بوش قرر أن ينهي عهده غير المأسوف عليه بتسجيل موقف من حلفائه المعتدلين حين طالبهم من شرم الشيخ في مايو الماضي بإدخال إصلاحات جوهرية في أنظمة الحكم. لم يعكس المطلب ارتياحاً لدى حلفائه، وإن تلقاه البعض منهم على الأقل باعتباره إشارة واضحة على أن ثمة سخطاً مازال يلبّد العلاقات مع الغرب، ما يتطلب عملاً إضافياً من أجل تبديل الصورة السائدة عن دول محكومة بنمط في الحكم غير متطابق مع التحوّلات العالمية ولا حتى مع القيم الليبرالية، وهو ما يتسبب في إحراج قادة الغرب على الدوام، في ظل تدهوّر متواصل في أوضاع حقوق الإنسان وفي مسيرة الإصلاح السياسي. إلا أن السعودية تبدو مرتاحة هذه الأيام في علاقتها مع واشنطن بعد أن أعادت بناء تحالف إستراتيجي تتصاغر التحالفات السابقة أمامه.

يشعر كثيرون بالأسى لجهود الملك عبد الله الذي يسعى جهده للوصول الى أصدقائه الغربيين بإبلاغهم رسالة واضحة بأنه ليس ضد التقدّم والإصلاح، وكأنه يريد منهم أن يقفوا معه وانتظار ما يقوم به من مبادرات في هذا الصعيد. فالرئيس الأميركي جورج بوش قرر أن ينهي عهده غير المأسوف عليه بتسجيل موقف من حلفائه المعتدلين حين طالبهم من شرم الشيخ في مايو الماضي بإدخال إصلاحات جوهرية في أنظمة الحكم. لم يعكس المطلب ارتياحاً لدى حلفائه، وإن تلقاه البعض منهم على الأقل باعتباره إشارة واضحة على أن ثمة سخطاً مازال يلبّد العلاقات مع الغرب، ما يتطلب عملاً إضافياً من أجل تبديل الصورة السائدة عن دول محكومة بنمط في الحكم غير متطابق مع التحوّلات العالمية ولا حتى مع القيم الليبرالية، وهو ما يتسبب في إحراج قادة الغرب على الدوام، في ظل تدهوّر متواصل في أوضاع حقوق الإنسان وفي مسيرة الإصلاح السياسي. إلا أن السعودية تبدو مرتاحة هذه الأيام في علاقتها مع واشنطن بعد أن أعادت بناء تحالف إستراتيجي تتصاغر التحالفات السابقة أمامه.

مؤتمر حوار المذاهب في مكة

سيواجه الملك عبد الله في سياق إحتفاليته الحوارية نقداً قاسياً من المتضررين، فالحرية الدينية وإضطهاد الأقليات المسيحية في بلدان ذات غالبية مسلمة تعتبر موضوعاً ملتهباً أمام الفاتيكان، حيث لم يساعد في إقناع البابا، الذي زاره الملك عبد الله ذات مرة في نوفمبر الماضي، بأن الأمور تسير للأمام وليس للوراء.

فالمسيحيون كانوا دائماً في حالة قلق بأن المسلمين مصمّمون على السيطرة على العالم وهو ما ألمح إليه المفتي العام للمملكة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ في كلمته في اليوم الإفتتاحي لاجتماع العلماء المسلمين في مكة الشهر الماضي.

كان يفترض في المؤتمر أن يعكس وجهة نظر الإسلام في كيفية التعايش بين أتباع الأديان المختلفة مع بعضهم دون إكراه أحدهم الآخر، سواء بسبب حكومتهم أو لأن قيادتهم الروحية قالت لهم بذلك. وإذا كان المفتي العام، أعلى سلطة دينية في البلاد، يدعم برنامج التقارب الذي يقوده الملك عبد الله وذلك مؤشر إيجابي، إلا أن ثمة معوّقات خطيرة في طريق هذا البلد.

لم يعلن الملك على الملأ أياً من العلماء يدعم مبادرته في الحوار بين الأديان، وإن وجود رئيس تشخيص مصلحة النظام الشيخ رفسنجاني على نفس المركب فإن ذلك لن يخدم قضيته في بيئة خصامية مع الشيعة، فهناك علماء كثر في الوسط الوهابي يكرهون الشيعة، وخصوصاً النموذج الشيعي الإيراني.

فإلى من يمكن الملك أن يرجع من العلماء لدعم مبادرته الحوارية، باستثناء الظهور الإحتفالي للمفتي العام واللغة المفتوحة على تفسيرات عدة غير مؤطّرة بمعانٍ محددة فضلاً عن دلالات قانونية يمكن أن تحملها خطابات دينية سواء كانت من المفتي أو الشيخ سلمان العودة الذي ألقى ورقة عن التعايش بين المعتقدات، بما حملته من دلالات غير خافية على أن التعايش ليس أكثر من وقف إطلاق نار بين المعتقدات، وليس إقراراً بحق المعتقدات على البقاء والممارسة من الأتباع.

وفيما يبدو، فإن تعايشاً بين الأديان أو الحوار فيما بينها يبدو مرحلة متقدّمة جداً في مسار سعودي طويل لا يبدو أن قطعه سهلاً في بلد تفتقر الى بنية ثقافية تحتية تسمح بالاضطلاع بأدوار متقدّمة من هذا القبيل. وبالتالي، ليس هناك حوار في هذا البلد غير المتسامح، والدوغمائي وغير المرن، طالما أنه يمارس على الأرض أضداد الحرية. إذ كيف يمكن القبول بالإختلاف، وفي الوقت نفسه يصبح سبباً للإضطهاد الديني، والكراهية، والقمع، والحرمان.

الصفحة السابقة