(إم بي سي) الفارسية.. أميركية

تحت عنوان: (إم بي سي الفارسية.. الرسالة والمرسل إليه؟!) كتب عريب الرنتاوي، مدير مركز القدس للدراسات السياسية في عمان، مقالاً في السابع عشر من يوليو الماضي جاء فيه: أن تقوم قناة تلفزيونية عربية بالبث باللغة الفارسية، فهذا أمر مهم ومفهوم ومطلوب، لكن شريطة أن تكون المادة المبثوثة عربية، تعكس ثقافتنا وتنقل رسالتنا ـ إن وجدت ـ إلى شعب صديق أو شقيق أو جار، أما أن تكون المادة المبثوثة أمريكية من الألف إلى الياء، فإن المرء يتساءل عن السر الكامن وراء هذه الوجهة، والأسباب القابعة وراء هذا التوجه، فهل باتت وظيفتنا كعرب أن نروج للثقافة الأمريكية وأن نعمل على ترويجها، وبكل اللغات المتاحة، هل أصبحت وظيفتنا كعرب أن نجعل من قنواتنا الفضائية نسخاً ممسوخة عن (إذاعة أوروبا الحرة) التي اشتهرت ببرامجها المعادية للسوفييت والشيوعية زمن الحرب الباردة والصراع ضد (الخطر الشيوعي)، وهل ستصبح وظيفة MBC الفارسية، شبيهة بوظائف أوروبا الحرة، ولكن ضد (الخطر الشيعي) هذه المرة؟!.

لست أحسب أن دوافع ربحية وتجارية تقف وراء القناة الجديدة (الفارسية) لمحطة MBC، ولا أنظر لخطوة كهذه إلا بوصفها الوجه الآخر لصفقات التسلح السعودي – الروسي، والتي يتضح أن لها وظائف سياسية تتعلق بعزل إيران وتطويقها، وليس بزيادة القدرات الدفاعية للمملكة، وفي ظني أن كلا التطورين لا يمكن فهمه وقراءته من دون تتبع بعض ما يقال ويكتب وينشر في بعض وسائل الإعلام السعودية، المهاجرة منها على وجه الخصوص، وفيما تفيض به بعض الأقلام العربية (من حيث الجنسية والإقامة) والسعودية من حيث الولاء والتمويل والرواتب والأعطيات.

والحقيقة أنه لم يعد خافيا على أحد، أن الصراع السعودي – الإيراني بلغ حداً مكشوفاً وصريحاً، ويتخذ من بعض الأزمات، ساحات لتفجره وتفاقمه، ولعل ما جرى ويجري في لبنان هو خير مثال على المستوى الذي بلغه التدهور في العلاقات الثنائية بين البلدين، إذ في الوقت الذي ترفض فيه السعودية إستقبال نبيه بري غداة اتفاق الدوحة، نراها تفتح ذارعيها لأحمد الأسعد، نجل كامل الأسعد، أحد أبرز ممثلي الإقطاع الشيعي الجنوبي الذين أطاحت بنفوذه وإقطاعياته، حركة أمل والمحرومين وحزب الله، وفي خطوة لا تخفى دلالاتها على أحد.

ومثلما هو الحال في لبنان، أصبح العراق وفلسطين كذلك، ساحتان مفتوحتان لمواجهات سياسية من هذا النوع، لم تقلل من شأنها الزيارات المتبادلة بين البلدين، ولا محاولاتهما (عقلنة) الصراع المحتدم الدائر بينهما واحتواء الفلتان المذهبي الذي يكاد يخرج عن السيطرة في غير بلد وعلى أكثر من صعيد.

والراهن أن السعودية تخرج يوماً إثر آخر عن (حذرها) التقليدي، وتدخل المواجهة مع إيران، من أوسع أبوابها، وبالإسم الصريح، وبكل الوسائل والأسلحة، من المال إلى النفط والسلاح مروراً بالإعلام الذي تسيطر المملكة على أكثر من ثمانين بالمائة من وسائله وأدواته الناطقة بالعربية.

الصفحة السابقة