مجلة إنتليجنس الفرنسية:

من يرث العرش من أمراء الجيل الثالث؟

فريد أيهم

نشرت مجلة (إنتليجنس) الفرنسية في أغسطس الماضي تقريراً حول أزمة الخلافة في السعودية، ومن سيخلف الملك عبد الله، الذي يبلغ من العمر 83 عاماً، فيما يبلغ ولي عهده الأمير سلطان بن عبد العزيز 81 عاماً. هذا السؤال الكبير الذي رافق عهد الملك عبد الله منذ اليوم الأول لإعتلائه العرش في 31 أغسطس 2005، ولم يجرؤ أحد داخل العائلة المالكة على القيام بخطوة حاسمة يضع نهاية تامة للجدل المنبعث حول منصب النائب الثاني للملك، ثم ما لبث أن فتح الباب على من هم الأمراء المرشحون للدخول الى حلبة التنافس على العرش في ظل وصول أعضاء الجيل الثاني من حدود النهايات الطبيعية لعمر الإنسان.

بندر بن سلطان، محمد بن نايف، متعب بن عبدالله

أزمة الخلافة تحوم حالياً حول القطبين الكبيرين في الدولة، فكلاهما، كما تقول المجلة، تلقى العلاج في مستشفى (جينوليه كلينيك) في جنيف بسويسرا. ربما كان ذلك لفحص طبي عادي مثل الذي يقوم به كل زعماء العالم حتي وهم في كامل لياقتهم الصحيّة، إلا أنه كان مدخلاُ للمجلة، كيما تطرح سؤالا عن مستقبل السعودية، أو بعبارة أخرى عن القواعد التي تحكم عملية إنتقال السلطة، أم أن الأمر غير ذلك، إذ تكون البلاد على شفا أزمة حكم سياسية لو لم يتم حسمها مبكرا بالشكل الصحيح؟.

في نهاية العام الماضي، حسب المجلة، تم تشكيل (هيئة البيعة) وهي لجنة عائلية من قلب بيت آل سعود ترأسها الأمير مشعل بن عبد العزيز، عمره 82 عاما، وهو الأخ غير الشقيق للملك عبدالله، وكانت مهمة اللجنة تتمثل في اختيار ولي عهد جديد للسعودية. لكن تركت اللجنة الباب مفتوحاً لمزيد من الأسئلة.. خاصة وأن السعودية ستجد نفسها مضطرّة لاختيار واحد من أبناء الجيل الثالث من الأمراء لو أرادت تجديد دمائها. بعبارة أخري فإنها ستختار ملكها القادم من بين أبناء الأمراء الذين يحكمون المملكة حالياً.

يتردد أن الملك عبدالله، يسعى إلى أن تميل الكفة لصالح إبنه الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز الذي يشغل منصب نائب رئيس الحرس الوطني المساعد للشئون العسكرية، وهو ثالث أبناء الملك الذي ولد بعد الأمير متعب الأول (الذي توفي صغيراً) والأمير خالد.

أما الأمير سلطان ولي العهد الحالي، فلديه مرشحان هما ولداه الأمير بندر بن سلطان، والأمير خالد بن سلطان. فالأمير بندر بن سلطان هو الأمين العام لمجلس الأمن الوطني السعودي، وقضى 22 عاماً من حياته في السلك الدبلوماسي، وعمل سفيراً لبلاده في واشنطن في الفترة بين عامي 1983 وحتي 2005، وكان هو السفير الوحيد بواشنطن الذي تخصص له حراسة دائمة من الحرس الرئاسي الأمريكي وكان له دور شديد الأهمية في إنهاء الحرب الأهلية اللبنانية، وكذلك في إنهاء أزمة لوكيربي الليبية.

أما أخوه غير الشقيق، الأمير خالد بن سلطان فهو مساعد وزير الدفاع والطيران المساعد للشئون العسكرية، وإذا كان الأمير بندر يتمتع بسجل دبلوماسي حافل، فالأمير خالد سلطان يتمتع بسجل عسكري أكثر امتداداً فهو حاصل علي الماجستير في العلوم العسكرية من كلية القيادة والأركان العامة من فورت ليفنورت الأمريكية وحصل على دورة الحرب من كلية الحرب الجوية في ماكسويل، ودورة إدارة الشئون الدفاعية من معهد الدراسات البحرية في مونتري، وكلها معاهد وكليات أمريكية.

تولى الأمير خالد مناصب شديدة الأهمية في الجيش السعودي مثل منصب مدير إدارة مشاريع الدفاع الجوي، ومساعد ونائب قائد قوات الدفاع الجوي: ثم منصبه الأهم والأكثر شهرة: قائد القوات المشتركة ومسرح العمليات في حرب تحرير الكويت، والذي ألف عنها كتابه المعروف (مقاتل من الصحراء). وهو حاليا عضو جمعية العلوم السياسية الوطنية، وجمعية العلوم الفلسفية، وجمعية القيادة بأمريكا، وعضو الأكاديمية الدولية المعلوماتية بروسيا الاتحادية.

المرشح الرابع لولاية العهد من بيت آل سعود هو مرشح وزير الداخلية القوي، الأمير نايف بن عبدالعزيز، يدعم إبنه ومساعده للشئون الأمنية الأمير محمد بن نايف الذي لفت الإنتباه إليه بعد دوره في إحباط العديد من العمليات الإرهابية في منصبه غير الرسمي، وهو قائد الحملة ضد الإرهاب في السعودية.

أما المرشح الخامس والأخير، وهو صاحب قدر كبير من الحظ في مسألة ولاية العهد، هو الأمير محمد بن فهد، وهو إبن الملك فهد.. عمره حاليا 58 عاما، وهو حاكم المنطقة الشرقية في السعودية، ويملك نفوذاً واسعاً، بفعل هيمنته على أهم منطقة في المملكة من الناحية الإقتصادية.

والمنطقة الشرقية هي أحد أهم الأعصاب في المملكة.. ففيها تتركز آبار البترول، السلاح الاستراتيجي السعودي الأول في علاقتها مع العالم وفيها أيضا، تتركز غالبية الشيعة المقيمين في السعودية، وهم قوة لا يستهان بها.. ويمكن أن يتحولوا في أي لحظة إلى صداع عنيف في رأس الحاكم السعودي، لو لم يحسن فهمهم.. والتعامل معهم.. والسيطرة عليهم في كثير من الأحيان.

لفت الأمير محمد بن فهد الانتباه إليه بقدرته علي فهم منطقته، والتعامل مع مختلف الطوائف التي تحيا فيها.. علي تعدد أهوائها وميولها ومصالحها.. إن الشيعة يحسبون له ألف حساب بينما يمنحه البدو احترامهم وولاءهم.. خاصة أنه يحظي بشعبية كبيرة بين أهم قبائل البدو الموجودة في المنطقة الشرقية.

وتظل الورقة الرابحة في يد الأمير محمد بن فهد، هي علاقته القوية بالسلطات الدينية في السعودية. وهي السلطات التي لا يمكن اختيار الملك القادم دون موافقتها ودعمها، ومباركتها، منذ ذلك التحالف الذي قام بإنشاء المملكة العربية السعودية.. بسياسة ونيران بيت آل سعود.. وفكر وعقيدة الوهابيين. أمام ملك السعودية القادم تحديات لايقدر عليها إلا أشد الرجال.. وأحكم الملوك.

الصفحة السابقة