صورة وطن

اكثر من 400 قرية هجّر سكانها من جيزان ظلماً وعدواناً! بحجة الحرب مع الحوثيين!

لم يقتل مدني واحد سعودي على يد الحوثيين، ومع هذا كان التهجير واحداً من أهم أهداف الحرب السعودية الجديدة.

عشرات الألوف من البشر اقتلعوا من مقار سكناهم ومثوى آبائهم وأجدادهم وموطن ذاكرتهم التاريخية، الى حيث الخيام!

لن يعودوا الى قراهم!

وسيتاجر بهم من قبل الأمراء سماسرة الحروب!

الملك يأمر ببناء عشرة آلاف وحدة سكنية في عام واحد لإيوائهم!!

لا يراد لهم العودة، فهناك تجار سيستفيدون وهم الأمراء.

لا يراد لهم العودة، والسنة قد تصبح سنوات.

حربٌ لم يتفاعل معها إلا القلة من المواطنين.

حرب لا مبرر لها، ولا هدف لها سوى الجشع والاستعلاء السعودي على الآخرين.

حربٌ ضحاياها مفتعلون.. مواطنون عاديون يراد لهم ان يكونوا ضحايا بحجّة الحرب مع الحوثيين!

عائلة مالكة تخوض حرباً لم يهتم بها أكثرية الشعب.

وطن يهجّر عشرات الألوف من سكانه، وينتظر الصدقات من أمرائه.

وطنٌ يعامل مهجّروه بأحطّ المعاملة!

الصورة أعلاه كافية!

نشرتها صحيفة الرياض في 15/11 الماضي.

شيخٌ وهّابي نجدي يمثل مؤسسة الاميرة العنود!!! للأعمال الخيرية، يقدم بعض المال لمواطن من الجنوب يعيش في مكان أدنى من الخيمة!

أراد الشيخ الوهابي أن يصوّر المشهد كدلالة على كرم العائلة المالكة!

وأراد أن تظهر صورته وهو يلبس النظارة الشمسية كيف أنه يفعل الخير!!

صورة تحمل من المهانة والإحتقار الكثير.

هل هذا هو الوطن، وهل هذا هو المواطن، وهل هذا هو الدين، وهل هذه هي التنمية التي يتغنّى بها آل سعود؟!

وهابي ملتح ينتظر مصوّر الصحيفة ليلتقط صورة لرجل طاعن في السن يقبّل ظرفاً يحوي مساعدة مالية!

يا لإذلالكم للمواطنين!

ويا لغيرتكم الوطنية!

ويا لشيمكم العربية العالية!

النجدي مواطن درجة أولى أو (01)! كما هو فتح خط الهاتف!

والجيزاني مجرد (07)!

أي في أدنى السلّم الاجتماعي في مهلكة آل سعود!

هذا ورجال الجنوب هم الذين يقتلون ويهجّرون من أرض آبائهم وأجدادهم ومهد ذاكرتهم التاريخية والجماعية.

هم أكثرهم من يقتل، فهم الجنود العاديون، والضباط الكبار هم النجديون!

في كل مكان في العالم يعتبر دخول الجيش والتجنيد الإجباري واحداً من أدوات صناعة الهوية الوطنية!

السواسية في الجيش، الدفاع عن الدولة لا عن الأشخاص، تقوية فكرة المواطنة، وتأكيد الدفاع عن التراب!

الجيش السعودي يختلف عن كل الدنيا.

هو جيش لا يشارك فيه إلا فئتان: فئة الدماء الزرقاء الوهابية النجدية التي تستحوذ على معظم إن لم يكن كل المواقع العليا بعد طرد الحجازيين منها، اي انها طبقة القيادة.. والفئة الثانية هي التي تمثل مادة الجيش من الجنود العاديين وهؤلاء معظمهم جاء من فقراء الجنوب المعدمين الذين لم تصلهم حتى الشوارع! وصاروا مشهورين بحمّى الوادي المتصدّع والضنك والتدويد وغيرها!

جيشٌ هكذا فكره وأيديولوجيته الاستعلائية كيف سينتصر؟

لهذا أطلق عليه صفات جيش الكبسة وجيش المثلوثة وجيش الفراخ!

جيشٌ لا يستطيع ولا يتحمس للقتال أصلاً!

افراده دخلوا الجيش من اجل المنفعة!

السعودية في حرب مع نفسها قبل ان تكون في حرب مع الآخر الخارجي!

السعودية مليئة بالتناقضات التي يشيب لهولها الولدان، تناقضات مؤسسة طائفيا وعنصريا ومناطقياً.

لم يكن ذلك ليحصل لولا ان السعودية لم تصبح دولة بعد!

هي مزرعة لآل سعود ونجديتها ووهابيتها المقيتة.

هذه صورة الوطن المسعود!

الصفحة السابقة