يا أمّة ضحكت من جهلها الأمم..

ممارسة البنات للرياضة حرام.. وربما حلال!

محمد السباعي

ليس هناك خاص وعام في رياضة البنات، فكل الرياضة عليهن حرام شرعاً، ولا يجوز لهن أن يتلقين دروساً في التربية البدنية، هذا هو مضمون فتوى عضو (هيئة كبار العلماء)، وفتوى عضو اللجنة الدائمة للإفتاء في السعودية الشيخ عبد الكريم بن عبد الله الخضير، كما نشرت في وسائل الإعلام الرسمية وشبه الرسمية في 23 مايو الماضي.

حيثية فتوى الخضير تستند على علّة الفساد، الحجّة التي يجري استعمالها بصورة مفرطة في الموضوعات المرتبطة بالمرأة، فقد اعتبر الخضير ممارسة البنات للرياضة في المدارس بأنها تجرُّ (مفاسد لا تخفى على ذي لب)، وشدّد من باب الفتوى الشرعية (لا تجوز المطالبة بممارسة البنات للرياضة في المدارس فضلاً عن إقرارها)، واعتبر السماح بالرياضة بأنه (إتِّباع لخطوات الشيطان الذي أمرنا الله باتخاذه عدواً).

جاء ذلك في رد على سؤال وجّه للشيخ الخضير، الذي تمّ تعيينه قبل أيام من صدور الفتوى عضواً باللجنة الدائمة للإفتاء بمرسوم ملكي، حول ما يجري تداوله منذ فترة حول اقتراحات بإدخال مادة التربية البدنية الى مدارس تعليم البنات بما لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية. فأجاب الشيخ الخضير بما نصّه (إن المطالبة بدراسة إدخال التربية البدنية في مدارس البنات، إتّباع لخطوات الشيطان الذي نهينا عنه) واستدّل بطائفة من الآيات القرآنية تدور حول (إتِّباع خطوات الشيطان)، وعلّق الخضير قائلاً: (قد بيّن الله لنا أتمَّ بيان أن الشيطان لنا عدو وأمرنا أن نتخذه عدواً، والشيطان حريص على إضلال بني آدم، كما أقسم بعزة الله جل وعلا قائلاً كما ذكره الله عنه (فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ)(ص: من الآية82). واضاف قائلا: (إذا رأينا ما فعله الشيطان بالنسبة لهذه الرياضة المزعومة، من إيقاع العداوة والبغضاء، والصد عن ذكر الله مما لا يخفى على أحد، ويكفينا ما مرّت به الدول المجاورة، لما تجاوزوا أمر الله عز وجل واتبعوا خطوات الشيطان). وقال بأن الخطوة الأولى لإتباع طريق الشيطان في الدول المجاورة (أن تلعب الرياضة مع الحشمة وفي محيط النساء، ثم تنازلوا عن هذه الشروط شيئاً فشيئاً، إلى أن وصل الحد إلى وضع لا يرضاه مسلم عاقل غيور فضلاً عن متدين). وقال (إذا كان الذكور مطالبين بالإعداد والاستعداد، فالنساء وظيفتهن القرار في البيوت وتربية الأجيال على التدين والخلق والفضائل والآداب الإسلامية). وخلص في فتواه للقول (الذي لا أشك فيه أن ممارسة الرياضة في المدارس بالنسبة للبنات حرام؛ نظراً لما تجر إليه من مفاسد لا تخفى على ذي لب، ولا تجوز المطالبة بها فضلاً عن إقرارها).

في تعضيد لفتوى الخضير، قال المستشار بالديوان الملكي، وعضو هيئة كبار العلماء الشيخ عبد الله المنيع بأن (رياضة النساء تعد خطراً عليهن وعلى عفافهن، وذلك في مسألة القفزات التي من شأنها أن تكون سبباً من أسباب ذهاب بكارتهن). وتساءل المنيع:( لماذا الآن وجدت هذه الأحكام على حماية المرأة مثل غطاء الوجه والاجتماع بأجنبي؟ لماذا؟ لأن كل هذا خوف من أن يصل الأمر إلى جريمة وإلى فاحشة، فهذه تعد ذرائع، فنقول كذلك إذا كانت رياضة النساء من شأنها أنها قد يترتب على الفتاة قفزة تذهب بكارتها فنادراً من يصدق بأن هذا نتيجة قفزة وإنما يقولون هذه نتيجة فاحشة ويساء إليها، فهل هذا سبب أم لا؟ فدائماً الذرائع الموصولة إلى غالب التحريم والشك ينبغي الإبتعاد عنها، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (الحلال بيّن والحرام بيّن وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتّقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه).

ولكّن المنيع خفّف من الحكم الشرعي، طالما لم تتضمن الرياضة ما يتطلب القفز أو يخدش السمعة وقال (وكون الفتاه تمارس رياضة المشي أو شيئاً من الأشياء التي لا تؤثّر فيها وفي عفافها ولا الإساءة إليها بسوء الظن فهذه من الأمور التي لا شيء فيها، أما الأمور العنيفة كالقفز والأشياء التي تخشى الفتاة أن تؤثر فيها ينبغي للمرأة تجنبها حفاظاً على سمعتها).

على العكس من ذلك، أبدى الشيخ محمد النجيمي، حسبما جاء في رأي شرعي نشر في 24 مايو الماضي، تأييده (لفكرة إطلاقَ أول فريق تزلج نسائي في المملكة، شريطةَ محافظة اللاعبات على ارتداء الحجاب والزي الإسلامي)، وأضاف (أن الفتاة يمكنها أن تمارس تلك الرياضة على الرصيف شريطةَ أن تلتزم بالحجاب والزي الشرعي، أما إذا خرجت دون حجابها وجلبابها الشرعي تلاحقها عيون الشباب فهذا الأمر غير جائز شرعاً).

جاءت فتوى النجيمي في سياق مبادرة إطلاق أول فريق نسائي سعودي للتزلج على هامش فعاليات مُلتقى (إبداع) النسائي الذي حضرته نحو 300 سيدة بهدف مساعدة النساء على ممارسة الرياضة، وتكوين فريق نسائي قادر على تحقيق الشهرة والتحدّي، وفقاً لما ذكرته رحمة نبيل والتى أوضحت أن الفكرة طُرحت بدايةً في الإطار الضيق قبل الخروج بها إلى العلن، مضيفة أنها وجدت صدى وحماساً كبيراً من الفتيات، إلا أن المشكلة التي واجهتهن كانت في توفير أماكن اللعب المناسبة، وأكدت بإنها وفاطمة باجبع، ووفاء جبران، أخذن على عاتقهن ترسيخَ ثقافة جديدة في المجتمع السعودي، تُساعد المرأة على قضاء وقت فراغها، وممارسة رياضة كانت مقتصرة على الذكور فقط.

الصفحة السابقة