واقع العواصم الغربية يؤكد عنصر المنفعة

(حقوق الإنسان) في السعودية ليست مهمّة

بيتر سينثيلر

كتب بيتر سينثيلر، مقالاً في سويسانفو. تش في 14 مايو الجاري وناقش فيه جدلية العلاقة بين العلاقات التجارية وملف حقوق الانسان، حيث يبدو أن الحكومات الغربية تعمل وفق مصالحها وليس وفق مبادىء تعتنقها أو تدافع عنها أو حتى تروّج لها إن أمكن. هذا ما يقول الكاتب:

السعودية، كلاعب رئيسي في النزاع في سوريا، هي شريك تجاري هام لسويسرا ولكنها تحتل العناوين الرئيسية في الصحف بسبب انتهاكات حقوق الانسان. فهل إبرام عقود التجارة مع الدولة الصحراوية معقد، أم يمكن أن يفضي الى التغيير؟

ذكرت الصحافية نيو زيورخر زيتنج الزيورخية في مارس الماضي (في السعودية حكم على مدافعين عن حقوق الانسان بأحكام سجن قاسية.. السبب الرئيسي لهذه العقوبة العالية هي أن الإصلاحيين أفصحوا عن رغبتهم في التغيير بإسم السجناء السياسيين).

(عالم دين إغتصب طفلته البالغة خمس سنوات وضربها حتى الموت). وبالرغم من اعترافه بجريمته بقي الرجل حرّاً في السعودية، كما ذكرت الصحيفة الحرّة 20 دقيقة في فبراير الماضي.

(خادمة سيرلانكية شابة في السعودية تم قطع رأسها عقب اتهامها بقتل طفل موظفها)، بحسب وكالات أنباء في يناير الماضي. وقد وصفت هيومان رايتس ووتش الاعدام بأنه ( ازدراء بلا إحساس للإنسانية والالتزامات الدولية).

المنظمات الحقوقية الدولية أدانت مراراً السعودية على أساس الانتهاكات الفاضحة لحقوق الانسان. وأفردت انتقادات منظمة العفو الدولية، من بين أشياء أخرى، (الاعتقال بدون تهمة أو محاكمة»، (السجن للخصوم السياسيين السلميين)، و(قمع حرية التعبير والاعتقاد).

المصالح الاقتصادية والاستراتيجية

بالرغم من ذلك، فإن ممثلي الحكومة والصناعة من أرجاء العالم، وكثير منهم من سويسرا، يواصلون تجارتهم مع السعودية. وبحسب جان اتليسندار من اتحاد التجارة السويسري إيكونوميسوس (التجارة ليست تواطؤاً طالما أنها تتبع الخطوط العامة لمنظمة التنمية والتعاون الاقتصادي أو المبادىء الإرشادية لجون روغي.

وحتى عام 2011، روغي كان الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في عناوين «المسؤوليات والشركات فوق القومية»، وكان لعمله أثر في تعريف وتحديد قسم أدوار الدول والشركات.

وبحسب ممثل إيكونوميسوس (بالتجارة والاستثمار يفتح أي بلد نفسه ليس اقتصادياً فحسب، ولكن على مستويات أخرى أيضاً). تبادل الأفكار والنظام القيمي يمكن أن يخلق رؤى جديدة محلياً ولماذا الديكتاتوريات المعزولة مثل كوريا الشمالية تعاني اقتصادياً.

وحين الحديث عن انتهاكات حقوق الانسان المذكورة أعلاه، فإن اتيسلاندر يحيل الى مادة صحيفة شبيغل أون لاين.

مجلة الاخبار الالمانية ذكرت بأنه (على الضد من مقاومة المحافظين، فإن العائلة المالكة اتخذت خطوات قليلة باتجاه إعطاء النساء المزيد من الحقوق. في الرياض، وتحت قيادة النظام الملكي، فإن أول حملة ضد العنف المنزلي قد تم الإعلان عنها).

وبحسب اتيسلاندر، تلعب السعودية أيضاً دوراً استراتيجياً هاماً في الشرق الأوسط. ويضيف (مهما يكن هؤلاء حذرين، فإن البلاد أقرّت إصلاحات أعوام قليلة مضت. السعودية فاعلة أيضاً في البحث عن حل للنزاعات في سوريا وتقدّم مساعدات إنسانية كبيرة. وهي عامل استقرار في الخطة الجيوبوليتيكية في المنطقة).

ولكن أي شخص يتاجر مع السعودية دون أن يبدأ حواراً حول حقوق الانسان قد يعتبر متواطؤاً أو شريكاً في المؤامرة كما يعتقد جيري مولر، وهو عضو برلماني من الحزب الأخضر ويعمل في لجنة الشؤون الخارجية في المجلس. هذا الحوار نادراً ما يتم، حسب اعتقاده، ويضيف (في هذه الأيام، لم تسعى سويسرا حتى).

قسم الشؤون الاقتصادية في وزارة الخارجية ليس لديه موقف رسمي إزاء مثل هذه المشكلات، تاركة إياها لوزارة الخارجية، والتي تقول ببساطة بأنها (تثير بانتظام موضوع حقوق الانسان في السعودية حين يتم التواصل مع الحكومة السعودية)، ومؤخراً في سياق (النقاشات السياسية) التي جرت في مارس الماضي في بيرن.

شروط وهمية

وطالما أن الولايات المتحدة وأوروبا متحالفة مع السعودية وملكيات إقليمية أخرى لأسباب اقتصادية (النفط) واستراتيجية (محاصرة ايران)، فإن سويسرا لن تطالب وحدها بحوار حول حقوق الإنسان، كما يقول مولر. (المملكة، والتي لا تعتمد على سويسرا، قد تلغي العلاقات الاقتصادية) حسب قوله. (أو قد تستغل الحوار مع سويسرا كحجة لمراقبة أوضاع حقوق الانسان بدون أن يتغيّر أي شيء في النظام القضائي. وهذا هو الجزء الأساسي من المجتمع السعودي).

وبالمقارنة مع الغرب، فإن السعودية تود تقديم نفسها كدولة حديثة. ومن الناحية الاقتصادية، فإن البلاد قد تتعامل مع الدول الغربية القيادية.

ولكن القليل يتغير على االمستوى الاجتماعي ـ السياسي. علماء الدين الوهابيين لا يزالون وحدهم من يحدّد ماهو حلال وما هو حرام.

معهد (فريدوم هاوس)، الذي يقيس درجة الديمقراطية والحرية في أي بلد، صنّف الدولة السعودية في أدنى مرتبة (ليست حرة)، في خانة الحقوق السياسية.

حديثة زعماً

تقرّ السعودية بتمويلها للمعارضة السورية. ولكن دورها السياسي والاستراتيجي مثير للجدل بين محللي الشرق الأوسط، حيث يشك كثيرون بأن العائلة المالكة مهتمة بتطوير مزيد من البنى الديمقراطية.

يلحظ مولر أيضاً التقابل الحاد بين المظهر الخارجي الحديث للسعودية وبناها الاجتماعية المتخلفة. يشكك مولر بأن التجارة مع الغرب سوف تساهم في في تطوير حكم القانون.

يشير مولر الى (عقود خلت، كانت نبالة السعودية على المحك في العالم الغربي، وكانوا يألفون عاداتنا وأخلاقنا)



الصفحة السابقة