من هو المعتدل؟

الدعم السري الأمريكي السعودي التركي لداعش والنصرة

سعدالدين منصوري

نشر الصحفي الاميركي المعروف سيمور هيرش مقالة تحقيقية مطولة في مجلة (لندن ريفيو أوف بوكس) في 7 يناير الماضي وحملت عنوان «جيش لجيش»، والتي قال فيها أن اصرار الرئيس الاميركي باراك أوباما على مغادرة الرئيس السوري بشار الاسد السلطة – وعلى ان هناك جماعات معارضة معتدلة في سوريا قادرة على هزيمته – انما خلق معارضة علنية حتى لدى بعض الضباط الكبار في هيئة الاركان المشتركة في البنتاغون.

 
سيمون هيرش

وقال هيرش أن الانتقادات تركزت على ما يعتبره هؤلاء (المنتقدون) بهوس الادارة الاميركية بالرئيس الروسي فلادمير بوتين. حيث أوضح ان برأي هؤلاء، فإن أوباما هو أسير لفكر الحرب الباردة تجاه روسيا والصين ولم يغيّر هذا الموقف في سوريا على أساس أن كلا البلدين يتشارك مع واشنطن الخوف من انتشار الارهاب داخل سوريا وخارجها، ما يجعل كلاهما (كل من الصين وروسيا) يرى ان من الواجب ايقاف داعش.

الكاتب كشف ان معارضة المؤسسة العسكرية الاميركية تعود الى صيف عام 2013، عندما توقع تقرير سري للغاية قامت باعداده وكالة الاستخبارات الدفاعية وهيئة الاركان المشتركة بالجيش الاميركي تحت قيادة الجنرال «مارتن دمبسي» آنذاك، أن يؤدي سقوط نظام الاسد الى الفوضى وربما سيطرة الجهاديين على سوريا، كما كان يحصل في ليبيا. ونقل الكاتب عن مستشار رفيع سابق في هيئة الاركان المشتركة أن الوثيقة استندت على المعلومات تمّ جمعها من الاقمار الصناعية والعناصر الاستخبارتية على الارض، وأنها كانت متشائمة ازاء إصرار ادارة اوباما على مواصلة تمويل ما يسمى بجماعات المعارضة المعتدلة.

وقال انه في تلك المرحلة، كانت وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية تتعاون لأكثر من عام مع المملكة المتحدة والسعودية وقطر من أجل نقل الاسلحة والعتاد من ليبيا الى سوريا عبر تركيا، وذلك بغية الاطاحة بالاسد.

كما أفاد ان الوثيقة وصفت تركيا بالتحديد بالعقبة الرئيسية لسياسة اوباما حيال سوريا، حيث نقل عن المستشار السابق في هيئة الاركان المشتركة ان «تركيا استمالت البرنامج الاميركي السري لتسليح ودعم المتمردين المعتدلين الذين كانوا يقاتلون الاسد» وبالتالي تحول البرنامج هذا الى برنامج ينقل التقنيات والسلاح واللوجستيات الى جميع قوى المعارضة في سوريا، بما في ذلك جبهة النصرة وداعش. وتحدّث عن تلاشي ما يسمى المعتدلين، حيث جاء التقييم بانه لا توجد معارضة معتدلة قابلة للحياة وان الولايات المتحدة بالتالي تسلّح المتطرفين.

ونقل هيرش عن المدير السابق لوكالة الاستخبارات الدفاعية مايكل فلين، الذي ترأس الوكالة بين عامي 2012 و2014، تأكيده بأن الوكالة التي كان يديرها بعثت سلسلة من التحذيرات السرية الى القيادة المدنية حذّرت فيها من العواقب الوخيمة للاطاحة بالاسد، حيث حذّر الاخير بحسب الكاتب من أن الجهاديين هم الذين يسيطرون على المعارضة، كما نبّه الى أن تركيا لا تقوم بما يلزم لوقف تهريب المقاتلين الاجانب والأسلحة عبر الحدود.

وفي هذا الاطار نقل الكاتب عن فلين قوله انه «لو رأى المجتمع الاميركي المعلومات الاستخبارتية التي كنا ننتجها يومياً لكان اصيب بالهلع». واضاففلين وفقاً للكاتب: «كنّا نفهم استراتيجية داعش على المدى الطويل ومخططاتها، وبحثنا أيضاً غض طرف تركيا عن نمو داعش في سوريا». الاّ أنه أشار الى رفض ادارة أوباما هذا الكلام، حيث قال انه «شعر بأنهم لم يكن يريدون الاستماع الى الحقيقة».

وعاد هيرش ليستشهد بالمستشار السابق في هيئة الاركان المشتركة حيث نقل عنه قوله بأن سياسة تسليح معارضي الاسد كانت غير ناجحة وكان لها «تأثير سلبي». كما نقل عن هذا المصدر بأن «هيئة الاركان المشتركة كانت تعتقد أنه يجب عدم استبدال الاسد بالاصوليين، وبأن سياسة الادارة الاميركية كانت متناقضة، حيث ارادت رحيل الاسد لكن في الوقت نفسه كان المتطرفون يهيمنون على المعارضة. واضاف أن هيئة الاركان المشتركة شعرت انه لا يمكن تحدي سياسة اوباما بشكل مباشر، ما جعلها تقرر في خريف عام 2013 اتخاذ خطوات ضد المتطرفين دون المرور عبر القنوات السياسية، وذلك من خلال تقديم المعلومات الاستخبارتية الاميركية الى جيوش دول أخرى بناء على الفهم بأنه سيتم تمرير هذه المعلومات الى الجيش السوري ويتم استخدامها ضد العدو المشترك المتمثل بجبهة النصرة وداعش.

 
اردوغان دعم النصرة من البداية ثم داعش

وأكمل الكاتب ليكشف أنه تمّ مشاركة المعلومات الاستخبارتية الاميركية مع المانيا وروسيا اللتين كانتا على اتصال آنذاك بالجيش السوري، وقال أن موسكو وبرلين استطاعتا التأثير على بعض قرارات الاسد. كما تحدث عن حاجة الاسد الى استخبارات تكتيكية أفضل واستشارة عملانية، وكشف عن استنتاج توصّلت اليه هيئة الاركان المشتركة بأنه وفيما لو تمت تلبية هذه الاحتياجات يمكن تعزيز الحرب على داعش. كذلك كشف ان اوباما لم يكن على علم بذلك، وهو ما ينطبق على العديد من الرؤساء الاميركيين الذين لا يعرفون عادة عن هذه التفاصيل.

وكشف هيرش عن أنه ومع بدء تدفق المعلومات الاستخبارتية الاميركية، بدأت المانيا وروسيا بنقل المعلومات حول أماكن تواجد ونوايا الجماعات الجهادية الراديكالية الى الجيش السوري، وان سوريا قامت في المقابل باعطاء المعلومات حول قدراتها ونواياها. واكد في هذا السياق عدم حصول اي اتصالات مباشرة بين الولايات المتحدة والجيش السوري، حيث نقل عن المستشار السابق في هيئة الاركان المشتركة انه تمّ تقديم المعلومات ـ «بما في ذلك تحاليل مطولة عن مستقبل سوريا قام باعدادها متعهدون أو احدى المعاهد الحربية» – وأن هذه الدول كان بمقدورها ان تتصرف كما تشاء بهذه التحاليل، مثل مشاركتها مع الاسد.

وأضاف الكاتب أن هيئة الاركان المشتركة أشارت الى أن الولايات المتحدة كانت تريد مقابل هذا «التعاون الاستخباراتي غير المباشر» أربعة أشياء: ان يمنع الاسد حزب الله من مهاجمة اسرائيل، ان يعود الى المفاوضات مع اسرائيل بغية التوصل الى تسوية في ملف الجولان، وأن يوافق على ارسال مستشارين روس وغيرهم من الاجانب الى سوريا، وأن يلتزم باجراء انتخابات مفتوحة بعد الحرب يشارك فيها طيف واسع من الفصائل.

كما نقل هيرش عن المستشار السابق في هيئة الاركان المشتركة انه وخلال المراحل الاولية من المحادثات، حاولت هيئة الاركان المشتركة تحديد ما يحتاجه الاسد كمؤشر لإثبات حسن النوايا الاميركية. وأضاف أن الرد جاء عبر احد اصدقاء الاسد الذي قال: «آتوني برأس الامير بندر»، وهو ما لم تستجب له هيئة الاركان المشتركة.

وفي شهر يوليو عام 2013 يقول هيرش، وجدت هيئة الاركان المشتركة وسيلة مباشرة أكثر لتظهر للاسد مدى جديتها في مساعدته. ففي تلك الفترة كان البرنامج السري بإرسال السلاح من ليبيا الى سوريا عبر تركيا، والذي كانت تديره وكالة الاستخبارات المركزية، كان مستمراً لمدة ما يزيد عن عام. فأشار الى ان البرنامج هذا كان يدار من مبنى سري تابع «للسي آي اي» في بنغازي، والى مقتل السفير الاميركي السابق لدى ليبيا «كريستوفر ستيفنز» بالحادي عشر من سبتمبر عام 2012. كما لفت الى ان صحفيين يعملون لصحيفة واشنطن بوست قد عثروا على نسخ لجدول اجتماعات السفير تحت ركام المبنى حيث قتل، والى أن جدول الاجتماعات كشف بأن «ستيفنز» قد اجتمع بضابط «السي آي اي» المسؤول عن برنامج نقل الاسلحة الى سوريا. كما كشفت الوثائق أن «ستيفنز» اجتمع في اليوم التالي قبل ساعات من وفاته مع ممثل شركة المرفأ للشحن والخدمات الملاحية، وهي شركة مقرّها العاصمة الليبية طرابلس، حيث اكّد المستشار السابق في هيئة الأركان المشتركة أن الجهة التي كان يعمل لها كانت تدرك أن هذه الشركة تولذت دور شحن هذه الاسلحة عبر البحر.

الكاتب اشار الى انه ومع حلول صيف عام 2013، كان قد تمّ توزيع تقرير وكالة الاستخبارات الدفاعية على نطاق واسع، لكن على الرغم من ادراك العديد في المجتمع الاستخبارتي الاميركي بأن المتطرفين يهيمنون على المعارضة السورية، فإن تدفق الاسلحة من ليبيا تواصل، ما شكل مشكلة مستمرة لجيش الاسد. ونقل عن المستشار السابق في هيئة الاركان المشتركة قوله بأنه «لم تكن هناك أي وسيلة لوقف شحنات السلاح التي فوّضها الرئيس»، وأن الحل بالتالي تركز على التوفير المالي. وينقل هيرش ان ممثلاً عن هيئة الاركان المشتركة توجه الى «السي آي اي» حامل معه طرحاً يتمثل في التالي: أن هناك أسلحة أقل كلفة بكثير موجودة بالترسانات التركية يمكن أن تصل الى المتمردين السوريين في غضون ايام، ومن دون القيام برحلة بحرية». كذلك أضاف هذا المصدر للكاتب أنه تمّ العمل مع «الاتراك الذين كنا نثق بأنهم ليسوا موالين لاردوغان وجعلناهم يقومون بنقل جميع الاسلحة القديمة الموجودة بالترسانة»، حيث أشار أيضاً الى أن بعض هذه الاسلحة لم تستخدم منذ الحرب الكورية. وبحسب المستشار السابق كان المراد توجيه رسالة الى الاسد مفادها ان هناك قدرة على تعطيل سياسة رئاسية.

وعليه فإن تدفق المعلومات الاستخبارتية الى الجيش السوري، وتقليل نوعية الاسلحة التي كان يتم تزويد المتمردين بها جاء في مرحلة حاسمة. فالجيش السوري يقول الكاتب، تلقى خسائر كبيرة في ربيع عام 2013 ضد جبهة النصرة وجماعات متطرفة أخرى. كما اضاف انه وبينما كان يستعيد فيه الجيش السوري القوة مع مساعدة هيئة الاركان المشتركة، قامت السعودية وقطر وتركيا بتعزيز تمويلهم وتسليحهم للنصرة وداعش، ما أدى الى تحقيق تقدّم ميداني كبير لهذه الجماعات على ضفتي الحدود العراقية السورية. وأشار الى ان ما تبقى من المتمردين غير الاصوليين وجدوا أنفسهم يحاربون ويخسرون المعارك ضد المتطرفين.

كذلك لفت الكاتب الى فشل مساعي «السي آي اي» بتدريب قوات «المعارضة المعتدلة»، ونقل في هذا السياق عن المستشار السابق بأن «معسكر التدريب الذي كانت تديره وكالة الاستخابارات المركزية كان في الاردن، وتسيطر عليه مجموعة قبلية سورية».

 
بندر بن سلطان: تمويل بلا حدود، ورأسه مطلوب سوريا

أضاف هيرش أنه في شهر كانون الثاني يناير مطلع عام 2014 الماضي استدعى مدير «السي آي اي» «جون برنان» الرؤساء الاستخبارتيين لدى «الدول السنية العربية» في الشرق الاوسط لعقد اجتماع سري في واشنطن، وذلك بهدف اقناع السعودية بوقف دعمها للمتطرفين في سوريا. ونقل عن المستشار السابق بأن «الجميع جلس في واشنطن ليستمعوا الى برنان وهو يقول أنه عليهم الانضمام الى مساعي تقوية ما يسمى المعارضين المعتدلين». كما أضاف المصدر وفقاً للكاتب ان رسالة برنان كان مفادها انه فيما لو توقف الجميع في المنطقة عن دعم النصرة وداعش، فان ذخيرة واسلحة هؤلاء ستستنزف وسينتصر المعتدلون. بحسب المصدر ذاته يقول هيرش، تمّ تجاهل رسالة برنان من قبل السعوديين الذين عادوا و»كثفوا جهودههم مع المتطرفين وطلبوا منا المزيد من المساعدة التقنية. وقلنا حسناً، وبالتالي تبين في نهاية المطاف اننا نقوم بدعم المتطرفين».

غير ان الكاتب شدّد على ان السعوديين لم يشكلوا المشلكة الوحيدة على الاطلاق: فالاستخبارات الاميركية جمعت المعلومات التي تثبت بأن حكومة اردوغان دعمت جبهة النصرة لسنوات، وأنها أصبحت تقوم بالشيء نفسه مع داعش. حيث قال المصدر للكاتب ان هيئة الاركان المشتركة كانت تريد من اردوغان اغلاق خط عبور الجهاديين الاجانب الى تركيا، الا أن الأخير كان يحلم بإعادة الامبراطورية العثمانية ولم يدرك مدى امكانية تحقيق النجاح في ذلك.

الكاتب تحدّث ايضاً عن اتصالات جرت بين هيئة الاركان المشتركة الاميركية والروسية طوال فترة الحرب السورية. حيث لفت في هذا السياق الى ما قاله رئيس هيئة الاركان المشتركة السابق «مارتن دمبسي» قبل اسابيع قليلة فقط من مغادرة منصبه، حيث أكد امام عدد من الحاضرين في العاصمة الايرلندية دبلن انه بقي على اتصال برئيس الاركان العامة الروسية الجنرال فاليري غيراسيموف خلال فترة توليه لمنصبه.

وأشار الكاتب الى مجالات تعاون كثيرة بين روسيا والولايات المتحدة بمحاربة داعش، حيث تطرّق الى العديد من قيادات داعش الذين قاتلوا لأكثر من عقد من الزمن ضد روسيا في الحروب الشيشانية. ونقل عن المستشار السابق قوله بأن «روسيا تعرف قيادة داعش ولديها معرفة بأساليبها العملاتية والكثير من المعلومات الاستخبارتية لتتشاركها».

ونقل الكاتب عن مستشار لشؤون الشرق الاوسط في الكرملين أن الجولة الاولى من الضربات الجوية الروسية كانت تهدف الى تعزيز الامن في محيط قاعدة جوية روسية في اللاذقية، بغية إنشاء ممر خال من الجهاديين يصل من دمشق الى اللاذقية مروراً بالقاعدة البحرية الروسية في طرطوس، ومن ثمّ التركيز بشكل تدريجي على قصف المناطق الجنوبية والشرقية، مع تكثيف العمليات فوق الاراضي التي تسيطر عليها داعش. وتحدث الكاتب في هذا الاطار عن التقارير التي أفادت بأن روسيا بدأت باستهداف داعش قرب الرقة اوائل اكتوبر الماضي، وأنها شنّت المزيد من الضربات على المواقع التابعة لداعش قرب مدينة تدمر ومحافظة ادلب.

الكاتب قال ان العناصر الاربعة الاساسية لسياسة اوباما حيال سوريا تبقى اليوم كما كانت: اصرار على وجوب رحيل الاسد، رفض التحالف مع روسيا ضد داعش، اعتبار تركيا حليف ثابت في الحرب ضد الارهاب، والاعتقاد بان هناك قوات معارضة معتدلة لها وزنها يمكن ان تدعمها الولايات المتحدة.

 
برينان، مدير السي آي أيه

كذلك نقل هيرش عن السفير السوري لدى الصين عماد مصطفى، الذي شغل سابقاً منصب السفير السوري لدى واشنطن ، نقل عنه بأن الصين أيضاً متخوفة من داعش. فقال مصطفى بحسب هيرش أن الصين تنظر الى الازمة السورية من ثلاثة جوانب: القانون والشرعية الدولية، التموضع الاستراتيجي العالمي، ونشاطات الجهاديين الايغوريين من محافظة شينجيانغ في غرب الصين. وهنا تحدّث الكاتب عن وجود الكثير من المقاتلين الاوغاريين في سوريا المنتمين الى حركة تركستان الشرقية الاسلامية – وهي منظمة انفصالية تسعى الى اقامة دولة اسلامية اوغارية في شينجيانغ. كما نقل الكاتب عن مصطفى بهذا الاطار ان تقديم الاستخبارات التركية المساعدة للاوغاريين على الانتقال من الصين الى سوريا عبر تركيا قد تسبب بتوتر كبير جداً بين الاستخبارات الصينية والتركية. وأضاف مصطفى في حوار مع هيرش أن «الصين متخوّفة من ان الدور التركي بدعم المقاتلين الاوغاريين في سوريا قد يمتد في المستقبل لدعم اجندة تركيا في شيانجيانغ». كما قال مصطفى أن سوريا «تقدّم للاستخبارات الصينية المعلومات المتعلقة بهؤلاء الارهابيين والمسارات التي سلكوها خلال توجههم الى سوريا».

وقال الكاتب أن المخاوف التي تحدّث عنها مصطفى كرّرها خبير في واشنطن يراقب عن كثب مرور الجهاديين الى سوريا عبر تركيا. الكاتب نقل عن هذا الخبير الذي عادة ما يستعين به مسؤولون حكوميون كبار في واشنطن، أن «اردوغان يدخل الاوغاريين الى سوريا عبر وسائل نقل خاصة بينما تمارس حكومته التحريض لصالح نضالهم (الاوغاريين) في الصين. الارهابيون الاوغاريون والبورميون المسلمون الذين يفرون الى تايلند يحصلون بطريقة ما على جوازات سفر تركيا ومن ثم يتم نقلهم جوّاً الى تركيا قبل أن يعبرون الى سوريا». كما تحدث الخبير وفقاً لما جاء في مقالة هيرش عن نقل الاوغاريين بأعداد ربما تكون وصلت الى عدة آلاف خلال الاعوام الماضية، من الصين الى كازخستان، قبل أن يرسلوا الى تركيا ومن ثم سوريا. وهنا استشهد الكاتب بمجلة “IHS-Jane’s Defence Weekly” التي اصدرت تقريراً في اكتوبر الماضي قالت فيه ان ما يقرب من 5,000 أوغارياً قد وصلوا الى تركيا منذ عام 2013، حيث ربما انتقل 2,000 منهم الى سوريا. كذلك نقل الكاتب عن عماد مصطفى بان لدى الأخير معلومات تفيد بأن «ما يقرب من 860 مقاتلاً أوغارياً هم متواجدون حالياً في سوريا».

و في نفس السياق نقل الكاتب عن الباحثة “Christina Lin” التي عملت في البنتاغون تحت وزير الحرب الاسبق دونالد رامسفيلد والتي تعتبر من أهم المختصين بالملف الصيني، نقل عنها بأن الصين «شريك محتمل في التحديات العاليمة العدة وخاصة بالشرق الاوسط». وقالت وفقاً للكاتب أن على الولايات المتحدة والصين التعاون في مجال الامن الاقليمي ومكافحة الارهاب، حيث لفتت الى أن الصين والهند، «اللتين كانتا على عداوة خلال الحرب الباردة وتكرهان بعضها أكثر مما تكره الصين والولايات المتحدة بعضهما، أجرتا سلسلة من المناورات في مجال مكافحة الارهاب. واليوم تريد كل من الصين وروسيا التعاون في قضايا الارهاب مع الولايات المتحدة».

وتحدّث هيرش أيضاً عن عضو الكونغرس عن الحزب الديمقراطي Tulsi Gabbard” التي قالت في مقابلة مع قناة «سي ان ان» في شهر أكتوبر الماضي انه على «الولايات المتحدة والسي آي اي وقف هذه الحرب غير القانونية وغير المنتجة الهادفة الى الاطاحة بحكومة الاسد وأن تبقي تركيزها على محاربة الجماعات الاسلامية المتطرفة». وقال الكاتب أن “Gabbard” قد أخبرته فيما بعد ان العديد من اعضاء الكونغرس، سواء كانوا ديمقراطيين أو جمهوريين، قد توجّهوا اليها بالشكر سراً على هذا الكلام العلني. وفي الإطار نفسه، نقل هيرش عن المستشار السابق في هيئة الاركان المشتركة أن الحل في سوريا واضح، فالتهديد الأساس يقول المستشار السابق، «هو داعش، وعلينا جميعاً – الولايات المتحدة وروسيا والصين العمل معاً. بشار سيبقى في منصبه وبعد استقرار الوضع في البلاد ستقام انتخابات. ما من خيار آخر».

ولفت هيرش الى أن مسار التواصل غير المباشر للجيش الاميركي مع الاسد قد اختفى مع مغادرة دمبسي منصبه في شهر سبتمبر الماضي، فبديله كرئيس هيئة الاركان المشتركة الجنرال “Joseph Dunford” قد قال خلال جلسة أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ قبل شهرين من تسلم منصبه انه «اذا أردنا أن نتحدث عن دولة قد تشكل تهديداً وجودياً للولايات المتحدة، فعلي ان اشير الى روسيا». كما اشار هيرش الى ما قاله “Dunford” في شهر اكتوبر الماضي، حيث صرّح أيضاً أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ ان روسيا لا تقاتل داعش في سوريا، وأن على أميركا العمل «مع الشركاء الاتراك من أجل تأمين الحدود الشمالية لسوريا» والقيام بكل ما بوسعها من أجل تمكين المعارضة السورية «المعتدلة» من محاربة المتطرفين.

وخلص الكاتب الى انه بات لدى أوباما بنتاغون أكثر طاعة، حيث لن تكون هناك اي تحديات غير مباشرة من قبل القيادة العسكرية لسياسة أوباما الداعمة لاردوغان. وفي النهاية تحدث الكاتب عن تحذيرات متكررة من قبل هيئة الاركان المشتركة ووكالة الاستخبارات الدفاعية للقيادة في واشنطن من التهديد الجهادي في سوريا ودعم تركيا له، متسائلاً عن سبب عدم استماع البيت الابيض لهذه التحذيرات.

الصفحة السابقة