مشكلة تهدد الإصلاحات في السعودية

في مؤتمر ضم مئات من المصرفيين الأجانب والمحليين ومستثمرين محتملين، قال وزراء إن الخصخصة والشراكة بين الحكومة وشركات القطاع الخاص لبناء مشاريع للبنية التحتية ستبدأ خلال أشهر.

 

وأشاروا إلى نجاحات كبيرة منذ أطلق ولي العهد الأمير محمد بن سلمان برنامج الإصلاح في أبريل 2016. فالعجز الضخم في ميزانية الدولة، الذي يهدد استقرار العملة، يتقلص وأموال المحافظ الأجنبية تتدفق إلى البلاد بعد تطوير سوق الأسهم.

لكن بيانات نُشرت أثناء المؤتمر أظهرت أن القطاع الخاص، الذي يفترض أن برنامج الإصلاح سيخلق مئات الآلاف من الوظائف ويلعب دورا أكبر بكثير في الاقتصاد في السنوات العشر القادمة، يواجه صعوبات.

وأظهر مسح شهري لمديري المشتريات بالشركات أن نمو نشاط القطاع الخاص تباطأ في أبريل إلى أدنى مستوياته منذ أن بدأ المسح في أغسطس 2009. وانخفضت الطلبات الجديدة للمرة الأولى في تاريخ المسح، وهو ما يشير إلى ضعف النشاط الجديد.

وتقلّص إقراض البنوك للقطاع الخاص في مارس الماضي عن مستوياته قبل عام للشهر الثالث عشر على التوالي، بحسب بيانات من البنك المركزي. والبنوك لديها أموال وفيرة، لكن الشركات الخاصة ترى فائدة محدودة في الاقتراض بهدف الاستثمار.

وانكمشت مبيعات السيارات بنحو 24 في المئة في 2017. ولم تُنشر بعد التقديرات للعام الحالي، لكن رجال أعمال قالوا إنهم لم يروا زيادة تذكر في المبيعات، رغم آمال في أن رفع الحظر على قيادة النساء للسيارات، الذي من المتوقع أن يحدث في الأشهر المقبلة، قد يثير طفرة محدودة.

ويقول رجال أعمال إن المشكلة الرئيسية تكمن في جزء من برنامج الإصلاح نفسه، وتتمثل في الإجراءات التقشفية التي تستهدف خفض عجز الميزانية، بما في ذلك ضريبة للقيمة المضافة بواقع خمسة في المئة فرضت في يناير، وارتفاع الأسعار المحلية للوقود، وزيادة في الرسوم التي يجب أن تدفعها الشركات لتوظيف عمال أجانب.

وقال رجل أعمال سعودي محبط، امتنع مثل آخرين عن التحدّث علانية خشية أن يبدو معارضاً للإصلاحات، «كان من المفترض أن تساعد الإصلاحات القطاع الخاص لكن في الأمد القصير على الأقل، كان هناك تأثير معاكس».

قال كثير من رجال الأعمال إن زيادة الرسوم المفروضة على جلب العمالة الأجنبية كانت أكبر عبء منفرد عليهم، وهو ما يجعل الأمر غير اقتصادي في بعض الأحيان للاستمرار في توظيف الأجانب، حتى لو كان من الصعب أو من المتعذر العثور على سعوديين مدربين ليحلوا محلهم.

وتشجّع الرسوم على نزوح للأجانب من المملكة وهو ما يلحق ضرراً بطلب المستهلكين. وأظهرت بيانات رسمية أن عدد الأجانب العاملين في السعودية انخفض بما يزيد عن 277 ألفا إلى 10.42 مليون بين الربعين الثالث والأخير من العام الماضي.

وقال مسؤول تنفيذي بارز بشركة سعودية كبرى في قطاع التجزئة «لن يكون من المستغرب إذا انخفض العدد بواقع مليون في 12 شهراً».

وفي نهاية العام الماضي، قالت الحكومة إنها ستزيد الإنفاق لدعم الاقتصاد وتخفّف خطة التقشف، مستهدفة تحقيق توازن الميزانية بحلول 2023 بدلاً من 2020.

لكن بينما تطلق السلطات سلسلة من مشروعات التنمية، مثل منتجع بمليارات الدولارات بالقرب من الرياض، لم تصل أموال تذكر إلى القطاع الخاص حتى الآن. وتشتكي بعض الشركات من تأخر الحكومة لأشهر في دفع فواتيرها المستحقة لهم.

وأبدى مسؤول سعودي، في حديث خاص، قلقه من أن التقشف كأحد مكونات خطة الإصلاحات ربما لا يزال أقوى بشكل كبير من مكون النمو. وقال المسؤول: «الإصلاحات المالية نجحت، لكن في الأجل الطويل ستكون هناك نتائج سلبية إذا ضيّقت الخناق على القطاع الخاص».

وقال مازن السديري رئيس البحوث لدى مؤسسة الراجحي المالية، إن بيانات صدرت مؤخراً كانت إيجابية في بعض النواحي. وأشار إلى أن معدل البطالة بين المواطنين السعوديين بلغ 13 في المئة تقريباً، إلا أن ما يزيد عن 100 ألف سعودي حصلوا على وظائف في الربع الأخير من العام الماضي، مما يشير إلى أنهم شغلوا بعض الوظائف التي تركها الأجانب.

وأظهرت حسابات الراجحي أن القدرة على الانفاق لدى 70 بالمئة من الأسر السعودية محمية تماماً من الإجراءات التقشفية من خلال برنامج الحكومة لتقديم إعانات نقدية لهم.

ويعني ذلك أن معظم الهبوط في إنفاق المستهلكين يرجع إلى نزوح الأجانب وانخفاض دخلهم الحقيقي، وهي نتيجة ربما تكون مقبولة للحكومة بينما تدير الجوانب السياسية المحلية الشائكة لبرنامج الإصلاح.

رويترز ـ ٣ مايو ٢٠١٨

الصفحة السابقة