العدد 19


صحافة ما بعد الإعتقال


الكُتاب الخائفون

الخوف الذي يعتريني أجزم أنه يعتري طائفة من الكتاب الآخرين، ولعل سبب هذا الخوف كثرة الأجهزة الرقابية وعدم وجود قانون واضح لما ينبغي أن يتجنبه الكاتب وبالتالي فإن كل أنواع الرقابة الذاتية التي يمارسها الكاتب على نفسه أو يمارسها عليه رؤساء التحرير لا تجدي نفعاً في أحايين كثيرة. قد يغيب الكاتب عن الكتابة رغم كل هذه الاحتياطات المسبقة ولا يعرف الكاتب في هذه الحالة ولا رئيس التحرير لماذا يتخذ مثل ذلك القرار. ومرة أخرى لا يعرف الكاتب بأي قانون سيحاسب، هذا إذا اعتبرنا أن كل ألوان المحاسبة لها سند قانوني. الحقيقة البارزة أن المواطن السعودي يترك إعلامه في كثير من الأحيان ويلجأ إلى الإعلام الآخر ليستقي منه معلوماته سواء عن بلده أو عن غيره وهذا وضع ينبغي ألا يستمر. لعله من المناسب أن أشجع كل الإعلاميين أن يكسروا بعض الحاجز، وهم إن فعلوا ذلك فسيخدمون وطنهم ومواطنيهم كما أنهم في الوقت نفسه سيجعلون مهمة الإعلام أكثر يسراً وسهولة... ولكن حتى يتحقق ذلك، ولست أدري متى سيتحقق، على وزارتنا أن تصدر بياناً أو تعميماً بين آونة وأخرى إلى رؤساء التحرير تخبرهم فيه بالمحرمات التي تورد الكاتب المهالك.

محمد علي الهرفي

الوطن 27/4/2004

* * *

علموا أبناءكم حب الوطن

ينبغي على المفكرين والمثقفين الاضطلاع بالمهمة الكبيرة في بلورة مشروع ثقافي ينهض بالأمة لكيلا تنبت بذرة الإرهاب في تربة الوطن. هذا المشروع الوطني الفكري لابد أن يقوم على ركائز متعددة أرى أن من بينها ثلاث ركائز هي: حب الوطن واستشراف المستقبل وإعمال العقل. حب الوطن ليس شعاراً نرفعه وقت الأزمات فقط كما أنه ليس مادة أو كتاباً يدرس في المدرسة، بل هو موقف وسلوك وعلاقة قائمة على التفاعل الإيجابي بين أفراد الوطن. حب الوطن هو تلك القيمة التي تعمل على صياغة موقف ذهني للمواطن يعبر من خلاله عن انتمائه لهذا الوطن بشكل إيجابي بناء لا بشكل هدم عبثي. ومن خلال هذه الركيزة يرتبط المواطن بمجتمعه في صياغة المستقبل وتشكيله فيستشعر بحق أن الوطن هو الذي يمنحه فضاء التفاعل وتحقيق الذات.. فيستشعر الجميع كم هم متساوون حقاً في الحقوق والواجبات، وكم هم أصحاب حق في هذا الوطن ترتبط مصلحتهم مع مصلحته.

أميرة كشغري

الوطن 27/4/2004

* * *

تميز إعلامي في حدود المتاح

منذ جريمة الإرهاب الشنيعة التي شهدها الحرم المكي الشريف عام 1979م وأداء إعلامنا السعودي لم يتغير ولم يتطور، فهو يأتي دائماً تالياً للحدث ناقلاً لتفاصيل ما حدث، واصفاً مشاعر الناس وحالهم في ضوء المهم الآني وسخطهم وغضبهم المواكب.. لكنه في الغالب الأعم لا يغادر منطقة الوصف ولا يتجاوز مرحلة الانطباعات بلغة خطابية مملة وفي أسلوب إنشائي عقيم. فإذا مر على أي جريمة إرهابية ترتكب بضعة أيام عادت قواتنا إلى قواعدها سالمة، أي هدأ إعلامنا، وكأن شيئاً لم يحدث، حتى إذا وقعت كارثة أخرى استأنف نشاطه الانطباعي الوصفي الذي يمر على الناس مرور الكرام.

قينان الغامدي

الوطن 26/4/2004

* * *

كتابة عن الكتابة

علي أن أدرب نفسي على الصمود في وجه رياح الرقابة التي تهجم من كل جهة. لماذا يغضب البعض إن مارسنا حق النقد مع أحد وزراء الحكومة أو بعض مشاريع الدولة؟ ثم لماذا تمنح أجهزة الرقابة قدسية للوزراء وغيرهم من المسؤولين وهم لا يمثلون رمزاً سياسياً للوطن؟ كيف يمكن للصحافة إذاً أن تمارس واجبها حينما يحتج كاتب أو صحفي على اقتراح أو مشروع يمس حياة قطاع كبير من أبناء المجتمع فيكون عقابه المنع من الكتابة أو الطرد من الوظيفة؟ هل من الضروري أن نذكر بأن في حرية النقد البناء من خلال الصحافة ضمانة أساسية لوحدة المجتمع وقوته وقوة قيادته؟

يصر أحد الأصدقاء على أهمية أن أكتب عن الإصلاح. أليست كل مبادرات الإصلاح تؤكد على ضمان حرية الرأي وحرية الصحافة؟ كيف أكتب يا صديقي عن ''الإصلاح''؟ وعن أي مبادرة إصلاح أكتب؟ نتحدث كثيراً عن الإصلاح في مجالسنا وفي مؤتمراتنا وبياناتنا ولكن تبقى وعود الإصلاح حبيسة الخطب الرنانة والمؤتمرات المتواصلة. ألم نسأم بعد من الحديث عن الحاجة للإصلاح دون أن نبدأ عملياً أولى خطواته؟

ألم نفهم من التجارب المريرة السابقة أن احتكار مناصب الدولة على أقاليم معينة أو صرف ميزانية الدولة على مشاريع في مناطق الوزراء ووكلاء الوزراء ليس إلا دعوة للفتنة وطريقاً للانهيار؟ لماذا لم نقتنع بعد أن حرية الصحافة هي إحدى أهم خطوات الإصلاح إن كان هناك نية جادة في أي إصلاح؟ كيف يكتب الكاتب، كتابة صادقة، وهو يشعر أنه محاصر بكل أشكال الرقابة؟ وفي هذا الحصار، من الخوف من الرقابة ومن الإقصاء ومن التصنيفات التي لا تنتهي، كيف لا يتحول الكاتب نفسه إلى رقيب شرس ضد فكره وسلوكه وكل كلمة يخطها قلمه؟

سليمان الهتلان

الوطن 24/4/2004

* * *

الوطنية مركز المشكلة

علينا العودة لنحلل أبعادا أخرى ارتبطت بفئات كانت ترى الوطنية شيئاً من المحرمات لنتعامل معها، إنه وبكل صراحة مؤلمة مازال بيننا من يرى الوطنية شكلاً من البدع التي يسعى إلى إزالتها. أصبح كثير من شبابنا لا يقولون عبارة الوطن في استخداماتهم اليومية ويعبرون عنها بكلمة بلاد المسلمين وهي التي كنا نظنها مدلولا بديلا للوطن إلى أن تبين لنا أن الجهاد السياسي واستراتيجياته يخططان بعيدا لنزع هذا المدلول تحت ذريعة أن هذه من البدع التي لم تكن في المسلمين الأوائل. ليست التربية الوطنية وحدها قادرة على التصدي لذلك الضخ الهائل من المواد الفكرية التي ترى في نزعة الوطنية بدعة جديدة. إن حربنا الحقيقية على الإرهاب والضالين من دعاته يجب أن تضع من أولى اهتماماتها ربط النزعة الوطنية بالعقيدة الحقة التي لا ترى في حب الإنسان لأرضه ووطنه الذي يحتمي في ظله سوى أنه من معززات الإيمان ومقوياته.

علي الخشيبان

الوطن 23/4/2004

* * *

هيئة الصحفيين والتفريط بالحقوق !

ليس لنا أن نعتب على الدولة، بل على اللجنة التأسيسية لهيئة الصحفيين التي فرطت بفرصة ذهبية عندما حكمت على الصحفيين السعوديين بعدم الرشد وبلوغ النضج، الأمر الذي دفع وزارة الثقافة والإعلام إلى التدخل في أمور مؤسسة مجتمع مدني إلى درجة التعديل في الأنظمة وتحويل انتخابات الهيئة إلى انتخابات جزئية.

سليمان العقيلي

الوطن 17/4/2004

* * *

نقد الذات

هل نمتلك القدرة على نقد الذات؟ وهل نستطيع اختراق تضخّم (الأنا) الى مراجعة صادقة وواعية مع النفس؟ في تكويننا النفسي منطقة عصيّة على الاختراق، تجعلنا في أشد حالات العصبية عندما نُضبط مُتلبسين بنقد الذات. وفي تكويننا الفكري منطقة أدمنت على تبرئة الذات ونقد الآخرين، عبر تراث طويل من السفسطة والتلاعب العجيب بالألفاظ.. لنهيل على كل أخطائنا التراب. النقد الذاتي الغائب أو المُغيّب هو البوابة الحقيقية لاستعادة الثقة والتخلص من عقدة النقص. وهو الطريق لرؤية واعية ومجردة لأزماتنا في جذورها ومكوناتها الحقيقية.

فأزماتنا تكمن في محاولة قراءة الأحداث خارج سياقاتها الزمنية والفكرية. وفي خلط الأوراق.. والتعامل مع منتجها النهائي فقط. وثقافة العنف لا تتوالد إلا في أحضان فكر أحادي إقصائي. ولا تترعرع إلا في غياب التعددية الفكرية وغير الفكرية. ولا تنفجر إلا نتيجة حُقن ايديولوجية زائدة.. وعالية الحمولة. هناك جملة من الأخطاء التاريخية لابد من مراجعتها وتشريح تراكماتها. وهناك بعض الملفات لابد من فتحها. وهناك بعض القضايا لابد من تسميتها بأسمائها الحقيقية.

عيسى الحليان

عكاظ 25/4/2004

* * *

إعادة اكتشاف خصوصيتنا!

مجتمعنا شأنه شأن كل مجتمع خليط تشكله أطياف فكرية وبشرية متنوعة، وهذا الخليط المتنوع لايمكن أن يحشر في قالب ضيق واحد لمجرد أن البعض يرى أننا نملك خصوصية فريدة لايملكها غيرنا فيُبرر تغييب كل أطياف المجتمع الأخرى ليبرز طيفه الأوحد كهوية وطنية تُمثل الجميع، ولم يدرك هؤلاء ان تميز المجتمع ينبع من تنوع أطيافه وثراءه الحضاري يكمن في تعدد نكهات ثقافته! هذه الخصوصية لم تكون سوى (حصان طراودة) الذي تسلل من خلاله الجمود والغلو والتطرف ليشكل طلائع غزو الارهاب! لقد كانوا يزرعون الرعب والخشية في نفوسنا من غزو يأتينا من جهة الغرب بينما كانوا يصرفون النظر ويمهدون الطريق أمام غزو آخر يفاجئنا من بين أظهرنا! لقد حان الوقت لإعادة تعريف الخصوصية في مجتمعنا والنظر اليها بعدة أعين بدلا من عين واحدة.. حان الوقت كي نفيق على مانملكه من خصوصية حقيقية تمثل غنى تنوعنا الثقافي وتمايزنا الفكري الذي يثري قيمنا الانسانية والحضارية، ويضفي لمسة الجمال على شخصيتنا الوطنية!

خالد حمد السليمان

عكاظ 25/4/2004

* * *

البدون

هؤلاء قوم عاشرتهم وعشتُ معهم، يوم كنت قبل أربعين عاماً مشرفاً على شؤون البادية والمراعي بوزارة الزراعة، وهم سكان الربع الخالي. فقد عاشوا ألف عام وعام من العزلة، ولكن قشرة الحضارة أطبقت عليهم من كل أقطارها الشكلية والبيروقراطية فحين يريد الواحد منهم أن يتزوج (وهذا أبسط مثال وأقلّه) لا بد أن تكون لديه بطاقة أحوال شخصية، وحين يذهب إلى أقرب مركز أمن أو مكتب حكومي يُقال له ان عليه أن يذهب إلى إحدى المدن الكبيرة لكي يحصل عليها وهو الذي لا يملك حيلة أو وسيلة أو مالاً أو واسطة يُجابه أو يصدم بسؤال: هل لديك أية أوراق تثبت أنك سعودي؟ لقد عاشوا ألف عام يتزوجون ويتعاشرون بدون بطاقات شخصية أو شهادات صحية، ولكنهم الآن يجابهون بصدمة أو بمشكلة أخطر مما كانوا يتصورون أو يخطر على بال بشر، إذ اضطروا إلى أن يهاجروا إلى المدن بحثاً عن العمل. وهنا تجابههم الصدمة الكبرى: (أنتم لستم سعوديين فليس لكم الحق في العمل) وإذا كان هؤلاء ليسوا سعوديين فمن السعودي إذن؟

عابد خزندار

عكاظ 23/4/2004

* * *

المصلحون الذين لا يصلحون!

يحتاط بعض الدعاة والوعاظ في تجريم ما يفعله المجرمون الإرهابيون القتلة في شوارعنا وبأبنائنا وفي أحيائنا السكنية، فلا يغلظون القول عند ذكرهم ولا يدعون عليهم، ولا يُسمّون فعلهم باسمه الحقيقي. ومن هذا المنطلق تأملتُ طويلاً أن تأخذ خطب الجمعة مسارها الصريح الصحيح، وأن يُعلن الوعّاظ الفضائيون على الشاشات التلفزيونية تجريم القائمين بهذه الأفعال المنكرة، لكن مازالت لغة الخطاب المُلاطف والمهاود لها بعض الذيوع والشيوع لدى بعض الوعاظ والخطباء. وتحت ظلال هذا الفكر المتردد الغائم تتربى عقول شباب. الخوف أن يستمرئ الناشئون غلبة المهادنة والسكوت عن الحق ونصرة العلاقات الشخصية في الدعوة واتباع (منهج المصالح) وليس الصالح! على الوعاظ الفضائيين وأئمة المساجد والقائمين والقائمات بأمور الدعوة الآن قبل الغد توضيح الحقائق بلا غموض ولا لَبْس ولا تردّد ولا جدال ولا نفاق، إما أن يوضحوا أو أن يتركوا الدعوة لمن يجيد أداء رسالتها!

جهيّر بنت عبدالله المساعد

عكاظ 23/4/2004

* * *

أمريكا التي لا تريدنا!!

في زمن المدّ القومي الاشتراكي كانت المملكة الخط الواضح في رفض ذلك الفكر والسلوك، وكان مخوِّنوها من التيار الليبرالي، وأعطيت لنا مسميات الدولة الرجعية، وصندوق نقد الدول الامبريالية. ثم كانت الحرب في أفغانستان ضد السوفيات حين وقفت المملكة بصف أمريكا ودول الغرب.. لكن أحداث 11سبتمبر أيقظت آلية البيات الشتوي في السياسة الأمريكية وأن تعلن الحرب على الإرهاب والإرهابيين، وفي هذا السياق، ولأن غالبية منفذي العملية سعوديون ينتمون لسعودي آخر قاد ونظم العملية، جاء العمى السياسي ليضع المملكة وحدها العدو والخصم.

كلمة الرياض

الرياض 28/4/2004

* * *

نحن.. وأمريكا.. مهمات صعبة

بيننا وبين أمريكا الكثير من المصالح، والكثير من الشكوك، لكننا لم نصل بعد إلى حد القطيعة. في المملكة لسنا على عداء مع أمريكا، لكننا على خلاف مع سياساتها. والحوار، إذا ما تجدد، وفق مضامين حقيقية تقرأ الواقع والمستقبل وفق شراكة صحيحة وصادقة، فإننا قد نتلافى السلبيات، ونعرض قضايانا وفق أسلوب أكثر تدقيقاً، والمملكة جادة في هذا الشأن وعملية نجاح أو رسوب هذا المشروع تتوقف على أمريكا كصديق نحتاجه، ولا نريده أن يعزلنا عن قضايانا وواجباتنا.

كلمة الرياض

الرياض 26/4/2004

* * *

مواطنة الحريم

يتندر أحد أعضاء مجلس الشورى في لقاء له على من يطالب بحقوق المرأة في مقعد في مجلس الشورى بالقول: (لم يتصلوا بي يوما وقيل لهم إنني لست موجوداً ذهبت للمستشفى لألد!) خخخخخ، هذه الخاءات، هي ردة فعل بعض الناس لأن عضو مجلس الشورى قال للتو نكتة، فمن النكت أن تكون امراة في مجتمع سعودي، وتقول إن لك حقوقاً مثل حق المواطنة، أو تعريفاً مدنياً مثل الرجل، فالمعركة لمنح المرأة حق حمل تعريف خاص بها كالبطاقة المدنية اقتضت حربا ضروسا وانتهت بالتعهدات الرسمية الطويلة. ظل الوأد، وأداً ثقافيا وليس ماديا، وصارت المرأة (من مناقصها) أنها تحمل وتلد، وأنها تكبر وتشيخ ويقولون لها يا خالة في السوق ويا هيش في البيت. ما لا يمكن فهمه هو كيف تتحول المرأة في التنظيمات المؤسساتية والحكومية إلى مواطن من الدرجة الثانية، أو مواطن بدون درجة، وكيف تنسحب الأعراف العشائرية، على تقرير حق مواطنة المرأة، وفي تنظيمات حكومية وإدارية يضعها علية القوم ومستشاروهم، فالمرأة في العرف القبلي تذهب مع الزوج الغريب وتصبح غريبة، والمرأة الغريبة تدخل في المجتمع مع الابن المواطن وتصبح منه. هذا ما وافق عليه مجلس الشورى بالأمس بالقول إن المرأة الأجنبية زوجة المواطن وحتى أرملته يحق لها حمل الجنسية السعودية، أما المواطنة السعودية فيحق لها أن تتخلى عن جنسيتها متى ما أرادت، هذا اللي لكم عندنا يا مواطنات! معقول أن نرحب بغريبة ونبيع مواطنة؟!

بدرية البشر

الرياض، 13/5/2004

* * *

جمهور الساحات: جمهور الإرهاب

اليوم ومع انفتاح سوق ترويج الأفكار، عبر وسائل الانترنيت، فوجئنا بجمهور يستخدم آراءه ضدك بقوة الآر بي جي، والكلاشنكوف، يود لو يرديك قتيلا طريحا مشوها منذ الكلمة الأولى، يمارس عليك، إرهاباً فكرياً، إن أختلف رأيك عن رأيه شعاره (قل مثلي وإلا فاصمت). وجمهور الإرهاب هذا، لا يواجه أفكارك بالتحليل والمجادلة، بل ينعطف إلى شخصك، ويتعرض لسيرتك الشخصية التي يجمع معلوماتها المزيفة المخبرون السريون. وجمهور الإرهاب يحتكر المعرفة له وحده، وهي معرفة حصرية لنهر واحد مستنسخ يرفض الاعتراف بأن الكون مصبات عديدة، ومشارب مختلفة المذاق، وكل قول عدا قولهم خيانة، إن أنت وافقتهم فأنت عبقري وإن خالفتهم فأنت خائن وزنديق، والطامة الكبرى أن هذه الخيانة ليست خيانة لوعيهم الفردي والشخصي المحدود، بل خيانة لله ورسوله، حيث لا يفهم في الدين سواهم، ووصايتهم عليك أبدية، وردعك، قهر، وغصب، لطريق الصواب وإنقاذك من نفسك الغاوية، واجب بل وفرض!

بدرية البشر

الرياض 29/4/2004

* * *

مستويات اللغة الإرهابية

كان الإرهاب حاضرا كلغة في خطابنا، ولكنه لم يرتق إلى مستوى لغة الفعل. كل تطرف في المنطوق أو المكتوب سيأخذ - حتماً - طريقة إلى الواقع الفعلي، ولن يتردد في ذلك، إلا تحت هيمنة الشروط الموضوعية التي تفرضها جدلية الفكر والواقع. لقد مارسنا كإسلاميين الإرهاب اللغوي في مستويات عديدة، ابتداء من اقصاء الآخر اللامسلم، مرورا باقصاء الآخر الإسلامي المختلف مذهبيا أو اقليميا إلى اقصاء الآخر الإسلامي المحلي.. بل تطورت لغة النفي والاقصاء حتى اقصى الصحوي التقليدي الصحوي المستنير. كانت لغة الاقصاء ''الإرهاب'' واضحة في الخطاب الاسلامي المحلي خاصة، سواء كان سلفيا أو صحويا أو ارجائيا... إلخ. وإذا كانت الصحوية أكثر انفعالا بالوقائع المتعينة، فإنها بذلك أكثر موضعة للغة، وأشدها حماسا لذلك، ومن ثم فهي الأكثر فاعلية في تحويل اللغة من مستواها القولي إلى مستواها الفعلي. لهذا وجدنا هذا الغلو والتطرف يتم عبر الوسيط الصحوي، بوصفه حركيا بشكل أو بآخر، ومن ثم فهو الأقدر على أدلجة المفردات السلفية الغالية التي كانت ملقاة في الطريق تنتظر من يؤدلجها. ان هذه المهمة التي اضطلع بها الصحوي بوصفه مفعلاً للفكرة السلفية ومفرداتها الحادة في الواقع، جعلت الغلو والتعصب المتعين في الواقع ''الإرهاب'' حيثيات اتهام، سيحاول الصحوي تبرئة نفسه منها في كل مناسبة ارهابية. لم يكن من المنطقي ان تتحول اللغة من المستوى اللفظي الموجود لدى السلفي، إلى المستوى الفعلي الواقعي ''الارهاب'' المتماهي مع الخطاب الصحوي في خطوة واحدة، ولا في زمن قصير. كما لم يكن من المنطقي ان تتحول اللغة من مجرد بغض لـ ''الكافر'' إلى قتل للمسلم دون أن تمر بقتل ذلك الـ ''الكافر'' المعاهد، وبغض ذلك المسلم وتكفيره، الرسمي بداية ثم المدني نهاية. بقاء الإرهاب على مستوى اللغة المجردة بقاء للإرهاب، أو على الأقل بقاء للقابلية للإرهاب، وسيبقى الإرهاب ما بقيت لغته، ومن ثم، فالمعركة معركة مع اللغة المجردة للإرهاب التي لا يمكن أن يزول خطر الإرهاب إلا بزوالها.

محمد بن علي المحمود

الرياض 29/4/2004

* * *

الثقافة.. وإشكالية الهيمنة

وإذا كان هناك من يعتقد أن الهيمنة الفكرية لتيار فكري محدد، في أي مجتمع، يمكن أن يحفظ الاستقرار لهذا المجتمع، فإن هذا - ابتداء - جهل أو تجاهل لأهمية جدلية الفكر في مسيرة الوعي، فضلاً عن الجهل بحقيقة الاستقرار، من حيث كونه تقبلا للمغاير، بوصفه موجودا كحقيقة موضوعية على أرض الواقع، ومن ثم، فإن نفيه - فكرياً - لا يعني انه أصبح معدوما. وهذا ما لا يعيه أحادي الفكر في ممارسته لنشاطه الثقافي. ومن الواضح ان في هذا دلالة على ان الاستقرار الذي ينتج عن هيمنة أحد التيارات الفكرية استقرار موهوم، يغتر به من لا يتبصر بما وراء جدلية الظواهر؛ لأنه - في الواقع الفعلي - ليس إلا تغييباً لموجود، لا يزال يطلب فرصته في الظهور، وإذا ظهر - تبعاً لمتغيرات الواقع الفعلي - فلا شك انه سيكون محملاً بترسبات الإقصاء السابق، مما يعني الوعي بالإقصاء سيكون محركه الأساس فيما يستقبل من نشاط.

محمد بن علي المحمود

الرياض 22/4/2004

* * *

ثقافة تصنع الغباء

المصيبة التي مني بها البعث الإسلامي الحديث، أنه بدل أن يواجه السلفية التقليدية، ويفند مقولاتها، ويكشف عن لا معقوليتها، وأنها لا تعدو كونها تأويلاً خاصاً للإسلام، محله متاحف الفكر لا الحراك الاجتماعي، نجده يتماهى معها، ويحاول اكتساب شرعيته من خلالها، فيشرعنها، وهو يظن أنها تشرعنه، ويظن أنه محتاج إليها، في الوقت الذي ينطق الواقع بحاجتها إليه.. وهكذا، بدل أن تكون شرعية الحداثي الإسلامي نابعة من تماسك خطابه، واتساقه المنطقي مع شروط الحاضر، نجده يتوسل الشرعية ممن يفتقدها ابتداء، وممن سيغتصب منه روحه (حداثته) التي انبعث بها.

هذا العقد الذي تم بين الإحياء الإسلامي الحديث وبين السلفية التقليدية لا يزال ساري المفعول، وهو المسؤول - بالدرجة الأولى - عما نراه من هذه الثقافة التي تصنع الغباء، وتحاول أن تعممه في كافة أنواع الطيف الاجتماعي، بندواتها المتلفزة التي لا تتجاوز رجع الصدى، ومحاضراتها، سواء العامة المباشرة أو غير المباشرة والمنقولة عبر وسائط الكاسيت والمنشور، وبمجلاتها التي تأخذ طابع الإرشاد والنصيحة، ولكنها تمنح معه السطحية والبله، وبثقافة الموت الوعظية الحمقاء، تلك التي أصبح الوعظ معها ترافقه مشاهد التمثيل الجنائزي، الذي لا تتعدى مهمته زرع الوعي الدائم بالموت ونبذ الحياة، وأين يجري هذا؟، في ثانويات وكليات البنات! ولا رقيب، وتكتمل الدروشة بدروشة الخطابات الانترنتية (المحتسبة) حتى اصبح لها نصيبها في تشكيل الوعي العام المتسطح، الذي ينوء الإسلاموي - للأسف - بالعبء الأكبر منه بدعوى الاحتساب المزعوم.

محمد بن علي المحمود

الرياض 8/4/2004

* * *

محاربة الإرهاب.. والمسؤوليات الجديدة

التساهل في إطلاق أحكام الكفر والضلال، وممارسة العنف والإقصاء ضد الآخرين، يؤدي إلى خلق فضاء ومناخ يحبذ العنف ويتعاطى مع أدواته وآلياته، ويفكر بمنطقه ولوازمه، باعتباره جزءاً من عملية الدعوة والتبليغ. والذي يزيد الأمر سوءاً في هذا الصدد، هو غياب المرجعية الدينية العليا، التي تمارس عملية ضبط شرعي واجتماعي ووطني لهذه المسألة. والمشكلة هنا ليست فقط في اطلاق أحكام الكفر والضلال على الآخرين الذين لا ينسجمون معنا في التصور والرؤية، وإنما في اللوازم المترتبة على هذه الأحكام. التي تبدأ بالمفاصلة الشعورية، وتتواصل بالنبذ والإقصاء، وتنتهي بإسقاط حرمة الإنسان وحقوقه.

محمد محفوظ

الرياض، 4/5/2004

* * *

رؤية في ملف الإرهاب

من الصعوبة بمكان على البنيات الثقافية والاجتماعية المغلقة، أن تبتعد عن خيار العنف والقمع والقهر ضد ما هو خارج هذه البنيات المغلقة. وهنا لا نعطي تبريراً أو تسويغاً، وإنما هو تفسير سوسيولوجي، حيث إنه لا يمكن لبنية ثقافية مغلقة، أن تنتج رأياً أو موقفاً إيجابياً من الآخر.. فالطريق إلى الوصول إلى موقف إيجابي من الآخر بكل مستوياته، يقتضي العمل على تفكيك بنية التفكير وآليات إنتاج الرأي والموقف في هذه البنيات المغلقة. هذه البنيات تتعامل مع الاختلافات بكل مستوياتها باعتبارها من مسوغات المفاصلة والمفارقة التي تبدأ شعورياً ونفسياً وتنتهي إلى ممارسة الضغوطات المادية لتأكيد هذه المفاصلة والمفارقة.

محمد محفوظ

الرياض 27/4/2004

* * *

أفكار العنف والبيئة التي تخلقه

الخلل الاجتماعي الناجم عن سيطرة عدد من القيم الاجتماعية التي تمجد العنف وأخذ الحق بالقوة ومغالبة الخصوم، والخلل السياسي الذي لا يعالج، والخلل الاقتصادي الذي يعتمد التفاوت الصارخ في دخول الافراد دون مبررات عادلة، والعنف الديني الذي يعتمد خطاباً يتسم بكثير من الشدة كلها مجتمعة تحتاج لمعالجة تمتلك الارادة والعزيمة للاصلاح متدرعة بالعزيمة والصدق والمصارحة. الخلل الاجتماعي المتشدد يقابل بتعزيز مؤسسات المجتمع المدني وحقوق الفرد، والخلل السياسي يقابل باصلاح سياسي، والخلل الاقتصادي يعالج باعتماد آليات قادرة على نشر وضبط المساواة بين أفراد المجتمع في الفرص والحقوق، أما العنف الديني فلا يقابل بالغاء الدين بل بفتح الآفاق لبناء خطاب ديني جديد.

عبد الله بجاد العتيبي

الرياض 10/5/2004

* * *

الفتاوى وأزمة المفتين

الإنسان سواء كان مفتياً أم غير مفت هو ابن بيئته بكل تداخلاتها وتفاعلاتها يتشكل فكره ومنهجه من خلالها أو بتأثير كبير منها. ما يثير العجب اليوم هو تقحم بعض المفتين لرحاب الفضائيات ليتحدثوا من بيئة شديدة الخصوصية يقيسون عليها حاجات العالم من شرقه إلى غربه ويقصرون النصوص والمعاني والمصطلحات الشرعية على فهمهم الذي هو بالضرورة وليد بيئتهم، ويسببون بذلك حرجاً كبيراً للمسلمين في أصقاع الأرض. أولئك المفتون لا يترددون في اصدار الفتاوى في أي مسألة تعرض عليهم مهما كانت جديدة أو شائكة أو بعيدة كل البعد عن مجال تخصصهم. وظيفة الإفتاء بدأ يشوبها كثير من الخلل والانحراف عن مسارها، فقد تجددت لها وظائف لم تكن مقدرة لها في معناها الشرعي، وإنما أملتها الخصومات والصراعات التاريخية والواقعية، كما أثرت فيها المصالح والمنافع لمطلقي الفتاوى أو المستفيدين من اطلاقها.

عبدالله بن بجاد العتيبي

الرياض 19/4/2004

* * *

تعليم الموت

اتصل بي ابني من مكتب مدير مدرسته ليخبرني بأن فصله قرَّر أن يزور في صباح ذلك اليوم مغسلة أموات، وقد كانوا في الأسبوع الذي قبله في زيارة لمركز النقاهة. أنا هنا لست بصدد مطالبة المدرسة بتوجيه اهتماماتها بالدرجة الأولى نحو زيارة مراكز التقنية المعلوماتية ومراكز الإنتاج الصناعي ومصادر الثقافة والمعرفة بدلاً من زيارة المقابر ومغاسل الأموات. لكن ماذا يعني الموت بالنسبة لأطفالنا؟!هل يجب أن تعلم المدرسة طلابها شيئاً عن الموت؟ هل نأخذ أطفالنا إلى مراسم العزاء والدفن؟ هل نأخذهم إلى غرف العناية المركزة ليشهدوا فترة ما بين الحياة والموت؟ لكن ألا نخشى أن تمعن المدارس في تقديم ظاهرة الموت لطلابها إلى الحد الذي يجعل الطلاب يزهدون في دنياهم فيدبروا عنها ويحتقرون الإبداع والإنجاز الدنيوي؟

د. عبدالعزيز بن سعود العمر

الجزيرة 2/5/2004

* * *

السلطة.. من دون مسؤولية

الإنترنت ظاهرة غير قابلة للسيطرة عليها والتعامل معها وفق أساليب الماضي، وبدأت تفرض على المجتمع أن يغير في داخله أكثر مما يستطيع التغيير في داخل هذا القادم الجديد..! هذه الخدمة شرط التحكم بها هو أن تغير في ذاتك في أكثر من مجال لتبدو هذه الخدمة قريبة من الوجه الذي تريد.. وتستطيع إضعاف تأثير هذه السلطة الجديدة عليك. لم نقم بتغييرات جدية خاصة في مستوى الحرية الإعلامية توازي هذه الطفرة في حرية تنقل المعلومة والخبر وسريان الإشاعة، فتعددت الحقائق لدينا وأصبح لها أكثر من وجه عند كل حدث وخبر، وفي كثير من الحالات استطاع مراسلو المنتديات الإنترنتية المجهولون فرض أخبارهم وتغطياتهم للشؤون المحلية ومزاحمة الأخبار من المصادر الرسمية. فأصبحت كل القوى المعطلة التي يفترض أن يفعلها إعلامنا المحلي فتجعل منه سلطة رابعة حقيقية.. بيد قوى مجهولة في عالم الإنترنت. لا نستطيع تهميش فعالية حقنة الإنترنت في صناعة التطرف الذي نشهده حالياً، ولا يستطيع المراقب تجاهل دورها في تضخم المؤيدين للفكر الجهادي وتنظيم القاعدة وما يحدث من إرهاب داخلي. كثيراً مما ينتج وينشط داخل هذه الوسيلة هو من بضاعتنا وأنماط تفكير نخبنا المحلية، فأبرزت هذه الوسيلة ما كان مخبوءاً من أفكار وثقافة كشف مستوى التسامح الذي نعيشه.

عبدالعزيز الخضر

الوطن، 21/4/2004

* * *

الإسلاميون والعنف: من يغالط من؟

لقد تضخم ملف العنف الإسلامي بصورة أكبر من الحد الذي يسمح بوصفها شاذة أو نادرة وإنما نقلها إلى مستوى الظاهرة. الطرق التقليدية في وصف الظاهرة بدأت تفقد فاعليتها. الإسلاميون المنخرطون في همومهم الوعظية والدعوية والمشايخ تتقوى عندهم مع الأيام مهارة التخلص من الأسئلة والأفكار الحرجة. ظن الكثيرون من داخل تيار الصحوة الإسلامية في السعودية أن أبناء هذه الصحوة محصنون ضد التطرف. حادثة منتصف التسعينات في الرياض اعتبرت حالة شاذة ونسيها المجتمع سريعا.. وسادت حالة هدوء شديدة حتى صحونا على إرهاب بعض أبنائنا المعولم بعد خمس سنوات فقط وما زلنا داخل هذه الدوامة! حتى لو لم توجد أحداث بهذا الإرهاب البشع لدينا فالواقع منذ زمن يحدثنا أن البيئة المحلية أصبحت بيئة غير صحية للحوار والتسامح.

عبدالعزيز الخضر

الوطن 28/4/2004

* * *

تأسيس الإصلاح

كيف يمكن لنا أن نبدأ مسيرة الإصلاح دون أن نعتني بمسألتين الأولى التعليم؛ بشقيه العام والعالي وما يسيطر عليهما من روح التلقين التقليدي. والثاني تكوين مؤسسات مجتمع مدني تقوم على الشفافية والحرية؛ أي أن نقيم هيئات بواسطة الانتخابات النزيهة وحرية تبادل الآراء بعيداً عن الانتقائية والإقصاء. إن مشروعنا الإصلاحي شائك ومعقد وتتداخل فيه الاعتبارات الثقافية والاجتماعية والسياسية. وإن من اللائق بنا الاعتناء بقاعدة الإصلاحات أولاً، مع توفير معايير الحرية المسؤولة، التي تساند هذه التوجهات. لأن بلورة مشروع حضاري على المستوى الاجتماعي والوطني تحتاج إلى تبادل حر للآراء والأفكار دون تدخل من السلطة، مع أن التعامل مع هذا الأمر بحساسية شديدة يمكن أن يقضي على روحية الحوار، وعلى فلسفة الحرية بكاملها.

سليمان العقيلي

الوطن 10/4/2004

* * *

الصفحة السابقة