خـطـب حـزيـنـة

الجمعة الفائتة حضر كاتب هذه السطور خطبة في أحد المساجد بالعاصمة السعودية وكان موضوعها عن الاجازة الصيفية وكيف أن السفر لبلاد (الكفر والكفار) أمر عظيم ويحرم، إلا للضرورة، وأن الذي يذهب الى هناك (لغير التعليم أو العلاج) فهو يرتكب أمرا عظيما جدا يخالف الشرع.

الحقيقة أن هذا النوع من الطروحات الجاهلة هو استمرار لسياسة الخطب الملغومة من فوق المنابر المسمومة التي تكرس الرسالة المتطرفة وتقدم فهما للدين لا علاقة له بممارسات الرسول نفسه عليه أفضل الصلاة وأتم السلام. والخطيب الذي كان يصيح بخطبته ذات اليمين وذات اليسار محذراً من أن السفر لبلاد الكفرة مخالف للشرع، وناعتا من يفعل ذلك بأقسى العبارات وأبشعها وهو بذلك صنف المنتخب السعودي ومشجعيه وإدارييه الموجودين في المانيا للمشاركة في كأس العالم في هذه القائمة، وكذلك أعضاء البعثات الدبلوماسية في الخارج ناهيك من آلاف الطلبة الذين يدرسون في الخارج (والخطيب وضح أن التعليم يجب أن يكون لدراسة علوم ليست موجودة بالوطن) كثر من هؤلاء الطلبة يدرسون مواد موجودة فعلا بالبلاد ولكنها تدرس بشكل أفضل وبعلم أدق في الخارج. وطبعا لم يغفل الخطيب عند استكمال سيمفونيته النشاز في الدعاء على اليهود والنصارى.

شخصيا لم أشارك في هذا الدعاء فهناك أطباء يهود ساهموا ولا زالوا في علاج أحد أقربائي، ونصارى يعيشون بيننا يؤدون أدوارهم بشرف وأمانة فلماذا أدعو عليهم؟، علما بأن هذا النهج مخالف للمسلك النبوي الشريف على صاحبه أفضل الصلاة والسلام، الذي كان يدعو للناس كل الناس بالهداية دوما.

هذه (الخزعبلات) المستمرة والتعصب المغلف بعباءة الدين لم تعد فقط مدعاة للنقد ولكنها خطيئة واستمرارها معيب. مشوار السعودية في التصدي للتطرف مشوار طويل جدا ومضن لا يحتمل المجاملة أبدا ولا أنصاف الحلول وخطبة الجمعة هذه ما هي إلا مثال حزين على الابتلاء الذي نعاني منه.

حسين شبكشي ـ الشرق الاوسط 19/6/2006

الصفحة السابقة