(مكرَّمة) و (منوّرة) رغماً عن الوهابية!

محمد أحمد الحساني

ما هذا الذي يحصل؟

بلغني أن أحد الرعاع استنكر أو اعترض على وصف مكة المكرمة بهذه الصفة المكرمة، والمدينة بصفة المنورة، زاعما أنه نعت مستحدث لم يكن موجودا أو معمولا به في أفضل العصور الإسلامية.

لا أعلم ممن يستوحي هؤلاء الرعاع أفكارهم «الماهرة» ولا من أين يأتون باكتشافاتهم «الباهرة»، ولكن الذي أعلمه وأؤمن به أن مكة تستحق أن تنعت بأنها المكرمة رغم أنف من يقول بغير ذلك.

وكيف لا تكون مكرمة وقد كرمها الخالق العظيم رب السماوات والأرض ورب كل شيء بأن جعلها مقرا لبيته المحرم المكرم المقدس، أليس في ذلك تكريم لها من خالقها، وإذا كان ذلك هو أعظم وأجل أنواع التكريم إطلاقا، فكيف يستكثر عليها أحد الرعاع أن ينعتها عباد الله بأنها مكة المكرمة وأنها أم القرى وهو اسم آخر سماها الله به وذكره في كتبه من ضمن عشرات الأسماء التي جاءت في كتاب الله وآياته لمكة المكرمة وما فيها من معالم مقدسة، وهي المدينة الوحيدة في العالم كله التي حدد حدودها مالك الملك فما كان داخل تلك الحدود فهو حرم، وما كان خارجها فهو حل، وهي حدود توقيفية لا يمكن لبشر مهما كانت سلطته توسيعها مثلما توسع حدود أية مدينة أخرى.

أليس في هذا التميز تكريم إلهي للبلد الأمين يوجب على خلقه وصف مكة بلقب المكرمة؟

وقد ذكر التابعي الجليل الحسن البصري بعض فضائل أم القرى في رسالة له فكان مما ذكره عنها من فضائل أنها حسب ما ورد في الأحاديث الشريفة أحب بلاد الله إلى الله وأن الحسنات تتضاعف فيها أضعافا كثيرة حتى أن الصلاة في حرمها الشريف بمائة ألف صلاة في ما سواه، وأنها شهدت أول نزول للقرآن الكريم، وأكرمها الله باختيار نبيه صلى الله عليه وسلم من بين أبنائها من بني هاشم. إلى غير ذلك من الفضائل التي لا تحصى ولا يغفل عنها إلا من ران على قلبه.

أما المدينة فإنها منورة رغم أنف الرعاع بنور النبوة، وبما نزل فيها من قرآن، وبالمسجد النبوي الشريف، وبأنها أول عاصمة للإسلام، وأنها مأرز الإيمان، ودار الهجرة ونورها ساطع بهي باهر.

ولكن ماذا نقول لمن ابتلي بعمى البصيرة وإن جعل الله له عينين واسعتين، (إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور). وسبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

عن عكاظ، 6/7/2009

الصفحة السابقة