سعود الفيصل يرسم بالخط الرفيع ملامح السياستين الداخلية والخارجية

إصلاحات سطحية والأولوية للعلاقات مع أميركا

نشر موقع إيلاف في 24 أكتوبر الماضي، تقريراً عن زيارة المجلس الوطني لعلاقات الولايات المتحدة مع العالم العربي للمملكة العربية السعودية، ولقائه مع عدد من كبار المسؤولين السعوديين بينهم وزير الخارجية ووزير التعليم وأعضاء في مجلس الشورى ومسؤولين نفطيين سعوديين ومجموعة أخرى من الشخصيات ضمت رؤساء ومدراء تنفيذيين لشركات سعودية وأميركية، و18 من الشخصيات النسائية وأعضاء منتخبين حديثا في الغرف التجارية الـ19 في المملكة.

ضم الوفد الأميركي خبراء في شؤون الدفاع والشؤون الاستراتيجية والطاقة والقضايا (الجيوبوليتيكية)، وكان الغرض من الزيارة تقييم للعلاقة المتوترة بين أميركا والسعودية، كما وتأتي كخطوة من جانب الأخيرة لإصلاح العلاقة بين البلدين وتقديم صورة مختلفة عما رسمته أجهزة الأعلام الأميركية عن السعودية ونظام الحكم فيها.

وقد عقد وزير الخارجية السعودي لقاءً مع أعضاء الوفد الأميركي، قيّم فيه العلاقات بين البلدين وأوضح نقاط الإختلاف فيها، والعوامل التي تساعد على ديمومتها، وكذلك ملامح الإستراتيجية السعودية في المرحلة القادمة سواء على الصعيد الخارجي أو الداخلي.

العلاقات الاميركية السعودية

في كلمته أمام الوفد، قال الأمير سعود الفيصل أن استمرار العلاقة بين أميركا والسعودية طيلة العقود الماضية قد يكون مفاجئا لكثيرين بسبب ما أسماه ''نقص معرفة احدنا بالآخر''. واعتبر المرحلة الراهنة في العلاقات نقطة ''تختبر عندها طبيعة هذه العلاقة، وتتكون المفاهيم المعرفية التي نرجو ان تكون مبنية على حقائق''. وقال بأن تعزيز العلاقة بين البلدين يعود الى قطاعي المال والأعمال في البلدين. ذلك أن المملكة من الناحية العملية تقدم امتيازات عديدة لشركات أميركية، خاصة النفطية منها، تتعمّد أن تكون لها ربحية عالية كثمن تقدمه من أجل تشكيل لوبي لها في أميركا يدافع عنها ويطالب بحمايتها باعتبارها جزءً من منظومة المصالح الأميركية.

في تحليله لتطور العلاقات السعودية الأميركية قال وزير الخارجية السعودي أن السياسة الأميركية في الشرق الأوسط تغيرت من الدفاع عن إسرائيل الى مشاركتها في حروبها ثم تطلع اميركا لدور إمبريالي في المنطقة وهو أمر لم يكن موجوداً من قبل. وتابع القول ''في منطقة الشرق الأوسط هذه المسببات مزمنة وعميقة الجذور، فأجيال بعد أجيال من أبناء المنطقة شبوا ووعوا الحياة على اوضاع متراجعة متدهورة ابدا، وبما يخص الولايات المتحدة كانت النظرة القديمة اليها عمليا بريئة وبدائية، وظلت على هذا النحو على امتداد عهد الرئيس دوايت آيزنهاور، فقبل تلك الفترة لم تكن هناك علاقات دفاعية بين الولايات المتحدة واسرائيل''.

واضاف: ''منذ عهد الرئيس وودرو ويلسون كانت الصورة الأميركية نظيفة ونقية، اذ لم يكن للولايات المتحدة مستعمرات او مطامح امبريالية بل كان الناس يذكرون لها ''نقاط ويلسون الـ14'' الشهيرة، التي شددت احداها على اهمية ''حق تقرير المصير''، وهذه الافكار وجدت لها أصداء في العالم العربي. ولكن تغيرت بعد ذلك صورة اميركا بوتيرة متصاعدة بفعل الاصوات المنادية بالقومية العربية، وبدورها غيّرت اميركا تصورها للعرب مركزة على الأفكار التي مثلها جمال عبد الناصر وخطابه الناري وكلام بعض القوميين عن رمي الاسرائيليين في البحر''. ولاحظ سعود الفيصل في معرض تقييمه للعلاقات مع أميركا: ''أنه في بواكير عهد الرئيس جون كنيدي شاب تلك العلاقة شيء من العداء. الا ان زيارة الملك فيصل، اول من قابل كنيدي، ثم زيارته للرئيس ليندون جونسون، حسّنتا الوضع''.

واعترف وزير الخارجية السعودي بأن أحداث سبتمبر قد سببت أزمة مع الولايات المتحدة. يقول: ''كانت صدمتنا أليمة جدا عندما اكتشفنا تورّط عدد كبير من المواطنين السعوديين. كان رد فعلنا الذهول، ثم دخلنا طور الانكار، انكار ان شيئا من هذا القبيل يمكن ان يحصل، واخيرا رد الفعل المخيف وهو أننا امام حقيقة واقعة. لقد كنا كمن يصحو في يوم من الأيام ليكتشف ان ولده قاتل سفّاح''.

فهل كان اشتراك سعوديين في الهجوم على اميركا مفاجئاً حقاً للأمراء السعوديين؟ كيف يكون ذلك وأحداث عنف عدّة وقعت في المملكة ضد أميركيين ومصالح أميركية؟ كيف يكون ذلك والعائلة المالكة كانت مشغولة حتى الأعماق في تسمين قواعد العنف داخل وخارج المملكة؟ المملكة لم تؤخذ على حين غرّة. ربما كان المفاجئ حجم العنف وليس وقوعه. وتعهد سعود الفيصل أمام الوفد الأميركي بالقول: ''أبدا لن نسمح في المستقبل بأن يذهب ابناؤنا ممن هم في سن المراهقة الى أماكن كأفغانستان، للتأثر بظاهرة كـ''القاعدة'' تفتنهم وتسلبهم عقولهم، هذا جانب مما علينا فعله''. واعترف بأن تجنيد القاعدة للسعوديين يثير قلق حكومته ولكن ''يجب ان نخرج من تجربة 11-9 بأمرين اثنين: الأول هو التفكير بيننا وبين أنفسنا بما كان علينا عمله لتجنب حدوث ما حدث، والثاني هو بناء قاعدة تفكير والتزام عند الجانبين (الأميركي والسعودي) بان ما حدث لن يتكرر ابدا''.

بعبارة أخرى: إن المملكة تبحث ـ حسب القول آنف الذكر ـ عن أسباب خروج العنف من السعوديين، والأخطاء التي ارتكبوها، وأن تسعى بالتعاون مع أميركا للعمل على أن لا يتكرر ما حدث مرة أخرى. بيد أن هذا الأمر لا تستطيع السعودية بشكل خاص أن تضمنه، كما لا تستطيع أميركا تفادي عدم تكراره. فمنظمات العنف شبّت عن الطوق، وتمرّدت على أسيادها السعوديين ! وهذا زمان (الحصاد) لا يكفي معه منع زراعة العنف، هذا إذا كانت الحكومة السعودية جادّة فعلاً لانتهاج سياسة محلية بالدرجة الأولى توفر الشروط المطلوبة لمحاصرة العنف فكراً وفعلاً، وهو أمر لا نحسب أن آل سعود قادرون على القيام به بالشكل المطلوب، كما لا تتوفر لهم النيّة والحسم للقيام به نظراً لتداعيات الأمر على الإستقرار المحلي.

رغم ما حدث في الولايات المتحدة، فإن وزير الخارجية السعودية أبدى انزعاجاً شديداً من الهجمة الإعلامية الأميركية، وألمح الى أنها تضرّ بالعلاقة بين البلدين، بل أشار بطرف خفي الى أن أطراف في الإدارة الأميركية على أقل التقادير تقف وراء الحملة التي يجب إخراسها. يقول: ''ثمة جهات داخل الولايات المتحدة تتعمد تشويه الحقائق لغايات وخدمة لمصالح خاصة بها. اذا كانت السعودية حقا مهمة بالنسبة للولايات المتحدة لوجبت مواجهة هذه الجهات والجماعات لأنها تعبر عن مصالحها لا مصالح الولايات المتحدة''. وأضاف بأن ''السعودية اكثر تعقيدا وتلونا من الصورة المرسومة لها في الولايات المتحدة'' وطالب الأميركيين بأن ''يكون هناك قدر أكبر من النية الحسنة في الحوار مما نراه حاصلا اليوم''.

الإستراتيجية السعودية لسياستها الخارجية

المملكة كما هو واضح من تصريحات مسؤوليها تريد إعادة الدفء للعلاقة بين البلدين، ولكن الطرف الآخر هو الذي نفر منها ورأى بأن السعودية بوضعها الحالي وبنظامها السياسي المغلق وبدعمها للفكر (الوهابي) أصبحت ضمن خط النار الأميركي. والمملكة أصبحت مخيرة اليوم بين (الوهابية) مع ما يمكن أن تفرزه سياسة الإبتعاد عنها من أخطار على شرعية نظام الحكم واستقراره، وبين (الحماية الأميركية) التي قد تنقلب الى معول لتقسيم السعودية وإنهاء حكم العائلة المالكة نفسه. الأمراء السعوديون يريدون العمل على المسارين والحفاظ عليهما كما في الماضي. ولكن الطرفين (المؤسسة الوهابية) و (أميركا) لا يقبلان باستمرار التعايش الذي استمر بينهما لعقود طويلة خلت، وهو ما جعل الدولة السعودية تهتز من أعماقها.

تريد العائلة المالكة إصلاح علاقتها بأميركا، وفي نفس الوقت الحفاظ على هوية الدولة (الوهابية) التي تعزز سيطرة العائلة المالكة واستفرادها بالحكم، مع تجريد للمؤسسة الدينية من (بعض) صلاحياتها ومنحها بالمقابل صلاحيات في مجالات أخرى. نموذج ذلك هدم مقبرة السيد العريضي في المدينة المنورة، واحتمال إخراج قبر الرسول صلى الله عليه وسلم من المسجد النبوي. ولكن هل سينجح ذلك؟ وإذا ما نجح فما هو الثمن المترتب دفعه شعبياً، والآثار الناجمة على الوضع الداخلي؟

الركيزة الأولى

حسب سعود الفيصل فإن الركيزة الأولى للسياسة الخارجية في المرحلة القادمة هي في إصلاح العلاقات مع أميركا. فهل هذه مراجعة صحيحة لأزمة السياسة الخارجية السعودية؟ يقول: ''والآن علينا إعادة إصلاح العلاقة، وعلينا ان ندرك ان علينا ان نكون أكثر انفتاحا. هذا لن يكون سهلا بالنسبة لنا، وبخاصة لأولئك المنتقلين حديثا من طور البداوة''! ما دخل البداوة هنا. وهل يرسم سياسة البلاد أحد غير الأمراء؟ وهل الشعب مجرد مجموعة من البدو، أم ماذا؟ ام المقصود أن الشعب بدوي ولا يتفهم العلاقة الحميمة مع أميركا؟! ثم من هم البدو؟ النجديون؟ السلفيون الوهابيون؟!. وقال: ''كثيرون من البدو عندنا ما كانوا مختلفين كثيرا عن صورة رعاة البقر (الكاوبويز) عندكم، كرجال مكتفين ذاتيا لا يجيدون التكلم عن أنفسهم''.

أما طرق إصلاح العلاقات مع أميركا فعبر أربع طرق:

1 ـ القيام بحملة إعلامية لتحسين صورة المملكة، تستهدف الوصول الى المواطن الأميركي، سواء عبر الإعلانات وإبراز شخصيات موالية أميركية وغيرها للمساهمة في الحملة، عبر شركات العلاقات العامة. وقد بدأت المملكة بالفعل هذا النهج ـ الذي لا يفيد حسبما نعتقد ـ منذ أشهر عدّة، وخصصت عشرات الملايين من الدولارات لهذا الغرض. لقد أصبح مجرد ذكر إسم السعودية باعثاً على الإشمئزاز وهذا ليس من صنع أجهزة بل من يحركها من السياسيين، لأنها في المجمل تتناغم مع السياسة الأميركية وتأثيرات البيت الأبيض. ولو كان آل سعود يدركون ـ وهم لا يريدون أن يدركوا ويتعلموا من أخطائهم ـ إذن لقرأوا كتاب سفيرهم غازي القصيبي الأخير حول موضوعة الإعلام والعلاقات السعودية الأميركية، حتى يكتشفوا أن هذه الوسائل لا تفيد بل قد تزيد الأمور سوءً.

2 ـ القيام بحملة علاقات عامة مكثفة تستهدف مستشاري الرئيس الأميركي وحكومته وأعضاء الكونغرس ومجلس الشيوخ. بمعنى آخر تنشيط العلاقات السعودية أو ما كان يعتقد بأنه (لوبي سعودي).. لتهدئة الحكومة الأميركية المهووسة بالمغامرة التي قد تطيح بأصدق صديق لها في المنطقة بعد إسرائيل وهي السعودية!

حول هاتين النقطتين يقول سعود الفيصل صراحة: ''طبعا اليوم في عهد تقدم الاعلام الجماهيري.. يجب ان نتكلم معكم ومع اعلامكم ومع مستشاري حكومتكم ومع مجلسكم التشريعي الكونغرس''.

3 ـ تسهيل التواصل والعلاقات على الصعد الأدنى الإجتماعية والتعليمية والإقتصادية: ''علينا أن نسهّل لطلبة مدارسكم زيارتنا هنا، اذ ان اتصالات من هذا النوع ضرورة حيوية''. وأشار الامير الى ان'' الضرر سيكون كبيرا اذا تعذر على طلبتنا التوجه الى الولايات المتحدة لتلقي العلم، وفعلا هبطت نسبة شباننا الذين يلتحقون بمعاهدكم بسبب الاجراءات التي اعتمدتموها. أنا قلق من حكمة اعتماد مثل هذه الاجراءات، لأن الدرجة التي يمكن أن تحقق الغاية المرجوة منها على الصعيد الأمني لا تبدو واضحة''.

4 ـ وأخيراً تعزيز التعاون الأمني فيما يتعلق بالإستراتيجية الأميركية لما تسميه (مكافحة للإرهاب): ''فيما يخص الاهتمامات الأمنية المشتركة بيننا وبينكم، بصفة عمومية، لم يسبق ان كان تعاوننا أكبر أو أوثق مما هو عليه الآن''.

الركيزة الثانية

ومجالها الأساس داخلي، وتقوم على إصلاح الوضع الداخلي بالشكل الذي يرضي الولايات المتحدة ولا يسيء للعائلة المالكة وحلفائها (الوهابيين). الولايات المتحدة تريد إصلاحات سياسية وتعليمية وقضائية لإيجاد بيئة متسامحة ضد الآخر في السعودية وخارجها. والأمراء السعوديون من جانبهم لا يمانعون من إقتحام هذا التابو الذي فرضوه على أنفسهم ولكن بهدوء (وتلطّف) و (تدرّج) حتى لا تحدث ردود فعل عكسية تحطم حكم العائلة المالكة. بيد أن الأميركيين لا يريدون الإنتظار ومشي السلحفاة. والسعوديون لا يعترفون أو يعترفون بخجل تجاه مسؤوليتهم لما حدث في نيويورك وواشنطن أو ما يسميها السلفيون (غزوة مانهاتن!).

يتساءل سعود الفيصل أمام الوفد الأميركي ''أمامنا تحد آخر هو كيفية توصيل الحقيقة عن أنفسنا، هل نحن حقا مركز تفريخ للارهاب؟ هل يدفعنا رجال الدين عندنا في هذا الاتجاه؟''. بالطبع هذه ليست المرة الأولى التي يتساءل فيها الأمير السعودي بمرارة: هل يعقل أننا أصبحنا بين ليلة وضحاها من صديق ودود الى مركز تفريخ الإرهاب؟!

ما أراد تثبيته سعود الفيصل هو الآتي: ''إننا بالنظر لهويتنا وما نمثله وحيث هو موقعنا لا خيار لنا الا بالالتزام بالشريعة وتفسيرها، وفي هذا المجال للسعودية تجربة طويلة في التعامل مع الطروحات المتشددة. فعندما فتحت المملكة لأول مرة أبوابها أمام العالم الخارجي أطلقت النار (في مطلع القرن الماضي) على رجل - هو الكابتن البريطاني شكسبير- يرتدي بنطلوناً إفرنجيا، لأنه ظهر مناقضا لمن هم حوله من مرتدي الثوب العربي، وقد أطلقت عليه النار بالرغم من انه كان يقاتل الى جانب الملك عبد العزيز. أيضاً من المعروف ان رجال الدين المحافظين عارضوا الملك الراحل عبد العزيز عندما ادخل جهاز الراديو والتلغراف الى المملكة بحجة ان هذين من (أدوات الشيطان وينقلان الشر). وأيضا كان هناك طبعا من اعترض على السماح للأجانب بدخول بلدنا. فقط بعد الحاق الهزيمة بالغلاة المتشددين، تمكن عبد العزيز من فتح البلاد امام العالم الغربي. ولم يطل الوقت حتى هبطت نعمة الثروة النفطية، وبرغم ممانعة رجال الدين المتشددين فإنه رحب بقدوم الشركات نقبت عن النفط واستخرجته''.

لكن سعود الفيصل قال بأن المتشددين لم يختفوا نهائيا عن الساحة، ولكنه لا يبرر وصم المملكة بالتطرف: ''هل تطرف كهذا عند نفر من مواطنينا كاف ليصبغ السعودية كلها بالتطرف؟ وهل أفعال مماثلة يقترفها أميركيون كافية لجعلها صفة عامة للولايات المتحدة؟.. صحيح تجدون خطباء في بعض مساجدنا يقولون ما لا يجوز قوله، لكن غالبية خطباء مساجدنا يتكلمون عن فضائل السلام. ويبدو لي أن قلّة من الأميركيين سمعوا عن هؤلاء او عرفوا عنهم شيئا''.

الثوابت السعودية حسب النصوص آنفة الذكر يمكن تلخيصها في الآتي:

1 ـ إن العائلة المالكة لا تستطيع وإن أرادت أن تتخلى عن تطبيق الشريعة بصورة معتدلة تناسبها وتجري وفق مصالحها.

2 ـ إن العائلة المالكة لديها خبرة في قمع المتشددين الدينيين وهم حسب الأمثلة يصنفون ضمن الدائرة المذهبية الرسمية (الوهابية) وهي التي يأتي منها التشدد والخطر.

3 ـ إن التشدد في المملكة لم ينته، ولكنه لم يوضح لماذا؟ ومن يقف وراءه؟ وما هو دور العائلة المالكة في تغذيته عبر سياساتها؟

4 ـ إن التطرّف في المملكة جزئي ومحدود في فئات قليلة، وهذا غير صحيح طبعاً.

يبقى أن نلفت النظر الى أن حادثة مقتل شكسبير تمت في معركة جراب عام 1915، يوم لم تكن هناك مملكة تفتح أبوابها، بل أن نجد لم تكن قد توحدت، لأن المعركة كانت بين ابن رشيد وابن سعود. وشكسبير كان ممثلاً للحكومة البريطانية وأصرّ على المساهمة في المعركة وقد قتله الأخوان (جيش عبد العزيز!).

الإجراءات السعودية الداخلية المزمعة

أمام اعترافات وزير الخارجية السعودي بوجود التشدد، والزعم بالقدرة في السيطرة عليه، ما هي الإجراءات التي ستتخذها حكومته لمواجهة العنف. أجمل الوزير الإجراءات المزمعة أو التي بُدئ بتنفيذها على النحو التالي:

1 - تعديل مناهج التعليم

أولاً يزعم وزير الخارجية السعودي أن مناهج التعليم في المملكة لا تشجع التطرف وأن كل ما فيها مجرد أمور صغيرة تسعى حكومته لإزالتها. يقول: ''انا رئيس مؤسسة الملك فيصل الناشطة جدا (!!) في مجال التعليم في المملكة. إننا ندير مدرسة ابتدائية ومدرسة ثانوية(!!). وفور انصرافنا الى مراجعة نظامنا التعليمي طلبنا من المدرسين قراءة كل الكتب الموجودة في المنهاج الدراسي بهدف تحسين ليس مادة الكتب في حد ذاتها، بل بصورة رئيسية، الرسالة التي تتضمنها.. نحن نفرض على الطلبة القراءة عن الأديان الأخرى، وكان من دواعي دهشتنا أننا وجدنا ان 85 بالمئة من المواد المعتمدة والمدرّسة تدعو الى فهم من يؤمنون بأديان أخرى، و10 بالمئة تدعو لتفسير المدرّس، و 5 بالمئة من مجموع ما يتضمنه المنهاج سيء للغاية. ومن هذا الاستعراض استنتجنا ان نسبة الخمسة بالمئة السيئة للغاية هذه لا يمكنها بقواها الذاتية أن تكون (مركز تفريخ للارهاب) وحتى هذه النسبة يعمل مدرّسونا الآن بهمة على إزالتها''.

هذا كلام لا يقوله مسؤول يريد إصلاح وضع بلده. فإصلاح المناهج مطلب وطني قبل أن يكون مطلباً أميركياً. إن البيئة العامة في المملكة وليست مناهج التعليم وحدها هي المسؤولة عن أحادية الفكر والتشدّد وتنشيط دوافع العنف. الإعلام الحكومي والسياسات المستبدة، وخنق الأصوات الحرّة المختلفة، إضافة الى المناهج الدينية ودور المؤسسة الدينية والخطباء، كلها عوامل تشجّع ما ذهبنا إليه. إن التعليم مجرد حلقة من حلقات التوتر التي تعيشها المملكة، والمسؤولية لا تلقى على المناهج فحسب ولا على المؤسسة الدينية ولكن على النظام السياسي الخانق للإبداع والحرية. النظام السياسي الذي يحرم أبناءه من حقوقهم الأولية في التعبير والإختيار، وكذلك الوضع الإقتصادي المتدهور لا يتركان مجالاً للأجيال الجديدة سوى السير باتجاه بوابات العنف.

2 - تعديل مواعظ المساجد

حول هذا الأمر يقول وزير الخارجية: ''لقد باشرنا تقييم ما يقال في مساجدنا، كما أننا بصدد مراجعة مناهج إعداد الوعاظ والمدرسين، وما وجدناه حتى الآن ليس بالسوء الذي تصورناه من قبل.. في كل بلد هناك دائما أناس يتكلمون بسلبية، غير اننا سهلنا اجتماع قياداتنا الدينية في ملتقى للتذاكر حول الرسائل والعظات التي يوجهونا الى جموع المؤمنين في الداخل وفي اوساط المسلمين في عموم انحاء العالم.. هذه الرسائل لا يجوز ان تكون متعصبة او متطرفة، بل وسطية معتدلة ويجب ان تكون صالحة لأن يتبعها الجميع، ونحن نأمل في الا يمضي هؤلاء المشايخ وقتهم في مناقشة كم من الملائكة يستطيعون الرقص على رأس دبوس، بل في أمور أكثر جدوى؟. إنني اذكر هذه الأشياء لأنها تناقض تماما تصور بعض الأميركيين عنا كبلد غارق في المشاكل المستعصية على العلاج، ومثقل بالقضايا المستكبرة على التغيير، ويحكمه وهابيون متطرفون''!

هكذا إذن الأمور سهلة وبسيطة ويمكن حلّها باجتماع وتغيير طفيف في الوجه المليء بالبثور! الحلول سهلة بالطبع وبلمسة سحرية سيسود الأمن والإستقرار وتنقشع معامل تفريخ العنف: كن فيكون! إن هذا التحليل الساذج للوضع هو واحد من مؤشرات حتمية استمرار العنف في المملكة وتصديره للخارج. إن الأمير يريد أن يداوي العنف بالتي هي الداء! يا مشايخ أصلحوا خطبكم! وقرروا لغة جديدة في الشكل لا تتغير في المضمون. من هم هؤلاء المشايخ؟ أليسوا هم أنفسهم دعاة العنف ضد الآخر المواطن قبل الآخر الأجنبي؟ أليسوا هم من اختطف مستقبل أبناء المملكة وحرياتهم؟ كان ينبغي أن نغير العقول الصانعة للمناهج قبل أن نغيّر المناهج والخطب، وكان ينبغي أن تتغير النظرة للحرية في التعبير لكل الجماعات والإتجاهات قبل البدء بتغيير خطبة الجمعة والمنهج الديني المتطرف.

ولكن يبدو أن آل سعود يريدون التغيير الشكلي ليس أكثر. يريدون القول لأميركا: أنتم تريدون تغييراً في التعليم وغيره، ونحن كذلك وها نحن نفعل ذلك، وما عليكم إلا انتظار البشائر، فسينقلب لكم دعاة العنف والتطرف بين يوم وليلة الى حملان، وتنقلب العقول الأحادية الى عقول تقبل بالتعددية!

هذا وهم.. لا يصدقه إلا واهم. وأبناء المملكة المعنيون بهذا الأمر قبل الأميركان وحلفائهم لا يرون في هذا حلاً بل هي نيّة مبيّتة للإستمرار في منهج الخطأ الذي لن يخفف من العنف المحلي، وها هي البشائر تترى أمام كل مراقب للوضع الداخلي.

3 - المشاركة السياسية

للخروج من دائرة العنف، فإن المملكة في مسيس الحاجة الى إصلاح سياسي واقتصادي واجتماعي واسع النطاق، لا تريد العائلة المالكة القيام به، وفي بعض الأحيان لا تستطيع اقتحامه. ولأن الموضوع يأخذ الشكليات، فإن أحد الحلول التي اقترحها سعود الفيصل لإرضاء أميركا (وليس الشارع السعودي) القيام بإصلاحات سياسية، فما هي هذه الإصلاحات. من الواضح ان هناك نيّة من نوع ما لإحداث بعض الإجراءات ولكنها ستكون سطحية أيضاً وقد تكون شديدة التفاهة لا تستوعب طموحات ومطالب المواطنين ولن يكون لها أثر يذكر على مجرى السياسة اليومي شأنها في ذلك شأن إصدار النظام السياسي والمقاطعات وتأسيس مجلس شورى بالتعيين. هذا ما يمكن فهمه من تصريح سعود الفيصل. فهو يتحدث عن إصلاحات وتغييرات لا تطال جذور الأزمة، لأن الغرض هو إرضاء أميركا ليس إلاّ، ولكن هل سترضى؟!

يقول الوزير: ''أمامنا تحديات أخرى متصلة بالحاجة الى التغيير- مثلا تغيير بنياتنا التحتية، عبر شرعة حقوق مواطنين، وفي طبيعة ومدى مشاركة الناس في التنمية الوطنية ومسارات اتخاذ القرار السياسي. وكنا في العقد الفائت قد نجحنا في انجاز تقدم ملموس في كل هذه المجالات''. فهل يفهم مما يلي إصلاح تدريجي أم لا إصلاح أصلاً!

وبرر احتمال قيام السعودية بما يمكن فهمه على أنه إصلاحات تدريجية بالقول: ''حتى الآباء المؤسسون (في الولايات المتحدة)، الذين تكلموا وكتبوا باستفاضة عن المساواة والقيم الحرة، لم يتبنوا التصويت العام بداية الأمر، وحدهم ملاك الأراضي كان يحق لهم التصويت والمشاركة في حكوماتكم، وبمرور الزمن ازداد عدد الحقوق، وما يصحبها من مسؤوليات''. إذن، نحن أمام إصلاحات لا يشارك فيها المواطن، بعبارة أخرى: لا انتخابات ولا هم يحزنون.. لا للرجال ولا للنساء!

ثم يأتي الوزير الى المزايدة، فالمملكة ـ حفظها الله ـ مهد الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان وهي تحفظ حقوق المواطن!. هذه كذبة جديدة لا تنطلي على طفل سعودي وليس على الأميركيين حماة آل سعود. يقول: ''هنا ـ أي في المملكة ـ حقوقنا الأساسية - حقوق الانسان الشخصية والدستورية - تدرّس ويصار الى التركيز عليها في المدارس. وفي هذا السياق أسسنا مفوضية وطنية لحقوق الانسان بإشراف الملك، لضمان الا تتعرض حقوق أي شخص لتجاوز أو تعد من جانب هيئة حكومية''. لا نعلم أين تدرس هذه الحقوق؟ لعله أراد القول أن هناك مادة تدرس إسمها (التربية الوطنية!). أما مفوضية حقوق الإنسان، فقد وعدنا وزير الداخلية قبل ثلاث سنوات بتأسيس منظمتين إحداهن حكومية والأخرى شعبية! ولكنهما لم تريا النور، وإذا ما رأتاهما فلن يكون لهما أي قيمة، اللهم إلا القول للعالم: نحن أيضاً عندنا منظمة حقوق الإنسان! تماماً مثلما قالوا: نحن أيضاً عندنا دستور وبرلمان!!

لماذا ستكون التغييرات فوقية ولا دخل للمواطن لها؟ يجيب الأمير بمانشيتات ألفتها أسماع المواطنين منذ زمن: ''شيئا واحدا لن نقدم عليه البتة، عبر تعديلات او تغييرات مبتسرة، هو كسر الوشائج الاجتماعية التي تجمع شعب المملكة. فاذا ما فعلنا ذلك فاننا سنعود القهقرى الى عهود القبلية والعشائر والتقاتل والتناحر بينها''. ما هو هذا الشيء؟ وما هي الثوابت التي لا يريد المساس بها، وما هي النتيجة التي يمكن الخروج بها؟! شعب المملكة لا يستحق الحرية، وإذا ما أعطي إيّاها فسيعود القهقرى. جملة تتكرر وستتكرر كمبرر لاحتكار السلطة بيد العائلة المالكة. ولكن متى سيكون الشعب جاهزاً للتغيير؟ وكيف نؤهله لكي يكون مشاركاً فيه، أي ما هي الخطوات التي يجب على الدولة القيام بها كشرط مسبق لما يدعيه الأمراء؟ فهذا أمرٌ لا يناقش ولا يسعى إليه. فالغرض هو الإقصاء السياسي للشعب بمجمله.

ولنقرأ هذا التبرير مرّة أخرى فهو كسابقه: ''نحن لن نروّج من فوق لتغييرات من دون التحسب بعناية لتأثيراتها المحتملة على التماسك الاجتماعي! وبالمثل، الالتزام بالشريعة الاسلامية التي ستظل القوة الموحدة داخل المملكة، لأن كسر نظام الاحكام والضوابط الحالي من شأنه المجازفة بإعادتنا الى شريعة الغاب. لهذا سنعتصم بالشريعة الاسلامية التي لا تكسر ولا تفصم عراها''.

جزاك الله خيراً!! فلقد اعتاد الأمراء أن يجلسوا على كرسي الوعظ، ولكن أمام الأميركان هذه المرّة! والشريعة الإسلامية توضع هنا قبالة الإصلاح والتغيير والحرية والشورى الصحيحة الملزمة القادرة على إيقاف التدهور السياسي والإقتصادي والإجتماعي. هذا هو مفهومهم للشريعة. إنهم يستظلون بها ويرجعون الى الطنطنة باسمها كلّما حوصروا وطولبوا بالإصلاح. الإصلاح وليس الفساد ـ من وجهة نظرهم ـ نقيض للشريعة الإسلامية. زاد الله في علمكم!

4 ـ تعديل السياسة الأميركية في الشرق الأوسط

قال وزير الخارجية أن نظرة الآخرين لأميركا تختلف عن النظرة السعودية التي تشعر بشيء من المسؤولية تجاه الأميركيين في المنطقة، تلك المسؤولية نابعة ـ حسب وزير الخارجية ـ من رغبة السعودية ''ضمان ألا ترتكب الولايات المتحدة أخطاء في المنطقة''!.

وحدد وزير الخارجية ثلاثة اتجاهات في السياسة الأميركية اعتبرها خاطئة وأن المملكة تسعى لإصلاحها.

الأول: سعي الإدارة الأميركية لتغيير النظام السعودي، أو لتقسيم المملكة، أو ابتزازها سياسياً عبر التهديد المباشر. قال سعود الفيصل أن الخطأ الأول هو: ''تغيير نظام الحكم هنا'' أي في السعودية، ولكنه لم يفصل فيه، أو أن الناقل ـ جريدة إيلاف الإلكترونية ـ حذفت ما يتعلق به. وبديهي فإن كل ما تقوم به السعودية هو لتلافي هذا الأمر، وعلى هذا الأساس بنت سياستها الخارجية وتحاول المواءمة بين وضعها الداخلي ومتطلبات السياسة الأميركية.

الثاني: موضوع إسقاط نظام صدام، لما له من تأثيرات واسعة على الوضع الداخلي السعودي، وعلى مصير نظام الحكم نفسه بل الدولة السعودية ذاتها. فقد شكك وزير الخارجية ابتداءً في قدرة أميركا على إحتلال العراق عسكريا وتنصيب حكومة عميلة، وقال: ''لم يسبق لي ان قرأت عن او رأيت بأم العين في التاريخ كيف تصمد حكومة نصبّتها قوى احتلال عسكري اجنبي بعد انسحاب المحتل. إنني لا احسد أبدا الجنرال الذي سيجد نفسه في صباح اليوم التالي حاكما على عشائر شمّر وعنزة، والأكراد، والشيعة، والسنّة والجماعات الأخرى في العراق. ان حكم العراق غاية في الصعوبة. اننا قلقون من اليوم التالي لاطاحتكم بالحكم العراقي. كيف ستحكمون العراق؟ وماذا سيكون هدفكم؟ وهنا لدينا اراء خاصة حيال هاتين المسالتين''.

المملكة تريد المساهمة في عملية إسقاط صدام وتشكيل البديل رغم كل الكلام الذي يقوله الأمراء السعوديون. وهم إذ يسايرون السياسة الأميركية في هذا المضمار مسايرة المضطر، يريدون تغيير صدام وإبقاء المؤسسة، وعدم تمكين الأكثرية الشيعية من حكم العراق. هذه آراء السعوديين الخاصة التي أشار اليها سعود الفيصل.

وشرح سعود الفيصل مخاوف بلاده أو بعضاً منها على هذا النحو: ''نحن متخوفون من نتائج ما يمكن ان تفعلوه. واذا أقنعتم البريطانيين بالقتال الى جانبكم، فانهم سينسحبون لاحقا، وسنبقى نحن وحدنا بمواجهة العواقب.. لا أستطيع تصور كيف ستجلب الحرب الاستقرار الى العراق. ها هو رئيس الأركان في الجيش التركي يقول صراحة انه في حال نشأت قلاقل وحالة من الاضطراب لن تنسى تركيا مطالبتها القديمة بكركوك. والقادة الايرانيون قالوا كلاما مشابها بالنسبة لمشاعرهم تجاه سكان العراق من الشيعة وعتبات العراق المقدسة. يجب ان يكون هناك احترام للمسؤولية في المحافظة على الوضع الراهن في ما يخص الحدود''.

من جهة أخرى ''قد يقرر العراق، على سبيل الانتقام بضرب الكويت وربما السعودية. ثم ماذا سيحصل للاقتصاد العالمي الذي يمر هذه الأيام بمرحلة دقيقة؟ لقد فقد الناس الثقة بمؤسسات الاقتصاد الرأسمالي، في آسيا، وفي اليابان خصوصا. وحتى اذا اختارت السعودية رفع انتاجها النفطي بمعدل مليونين الى ثلاثة ملايين برميل في اليوم، فان ما سنحاوله لن يكفي اذا خرج النفط العراقي والنفط الكويتي من هذه السوق. وهنا أشير الى حقيقة أكيدة هي ان النفط الروسي لن يغطي النقص في العرض. السؤال يظل كما هو، أي ماذا ستفعلون في اليوم التالي؟ كيف ستديرون النظام الجديد؟ ما الذي ستفعلونه؟''.

الثالث: الموضوع الفلسطيني، حيث رأى سعود الفيصل أن الولايات المتحدة لا تمارس أي شكل من أشكال الكبح والمنع لعملية القتل والتدمير والإستهداف للشعب الفلسطيني، وقال إن ذلك يجري باستخدام الأسلحة الأميركية وهو مخالف لـ''سياسة الحظر الأميركية على استخدام أسلحة أميركية ضد المدنيين التي لا تبدو انها عرفت طريقها نحو التطبيق''. وأشار سعود الفيصل الى التحول في السياسة الأميركية تجاه إسرائيل الذي تجاوز موضوع تسليحها وضمان أمنها، الى التخلي عما جرت عليه السياسة الأميركية منذ عهد نيكسون فيما يتعلق بالعمل لتأمين السلام في الشرق الأوسط. وأضاف: ''عندما تريد الولايات المتحدة فرض السلام الإسرائيلي (أي السلام وفق الشروط الاسرائيلية) تحت حكم الليكود ووفق رغباته، سيكون من المستحيل وصف هذه السياسة الا على انها سياسة معادية لنا''.

الطريف في الأمر، أن وزير الخارجية السعودي أشار الى ''أننا نبذل جهودا محمومة، لمساعدة الفلسطينيين على تبني دستور فعال يكفل قيام مؤسسات ديمقراطية وحماية الحقوق الديمقراطية''! ولكن ماذا عن الديمقراطية السعودية ومؤسساتها، وماذا عن دستور السعودية الفعّال، أم أن الأمر مجرد مسايرة الضغط الأميركي على السلطة الفلسطينية من قبل أنظمة متأمركة غير ديمقراطية تطالب بالإصلاح للخارج وتنسى نفسها؟!

وأخيراً، ورغم أن السعودية تمرّ بأحلك أيامها منذ تأسيسها، فإنها تريد إشاعة دعاية كاذبة تقول بأن العائلة المالكة خرجت سليمة معافاة من كل الأزمات التي مرّت بها. وأزمتها الحالية الداخلية ومع أميركا هي من النوع الذي سيتم تجاوزه. والحقيقة المرّة التي يجب على الأمراء السعوديين أن يعترفوا بها، هي أن هذه الأزمة حصاد لأزمات منسية أو تناسيها، وهي الأخطر بينها، وحلّها يتطلب تحولاً عميقاً في السياسة السعودية وإلاّ خرجت محطّمة. لكن للأمير سعود الفيصل رأي آخر ـ على الأقل أمام الإعلام وضيوفه الأميركيين ـ فهو يرى أن السعودية صامدة أمام التهديدات والتحديات التي أفرزتها أحداث 11 سبتمبر: ''عندما كنت أعيش في الولايات المتحدة كان الرأي السائد ان الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر هو موجه المستقبل، وان المملكة العربية السعودية لن تصمد أمام التحدي الذي يشكله، والسبب أنه كان ينظر إلينا على أننا ظاهرة بدائية تعجل كثيرون غير مرة توقع موعد موتها.. بطبيعة الحال .أنا لا اتفق مع هذه النظرة''

ونحن أيضاً!

إطبع الصفحة الصفحة السابقة