تقرير منظمة مراقبة حقوق الإنسان السنوي عن السعودية

لا شيء تطوّر يستحق الذكر، والإنتهاكات مستمرة

أصدرت منظمة هيومن رايتس ووتش، أكبر منظمة حقوقية في العالم، تقريرها الذي يغطي عام 2002. وقد خصّت المنظمة السعودية بصفحات عديدة. فيما يلي نصوص تكشف أوضاع حقوق الإنسان في المملكة خلال العام الماضي.

جاء في ديباجة التقرير أن السعودية في أعقاب أحداث سبتمبر 2002 تعرضت ''لتركيز عيون العالم عليها بالفحص والتمحيص لفترة غير مسبوقة في تاريخها الحديث، ولكن رغم الاهتمام الكبير من جانب أجهزة الإعلام، وفتح الأبواب أمام الصحفيين الغربيين، ظل الحصول على المعلومات المفصلة عن انتهاكات حقوق الإنسان شاقاً لمن يطلبها''. وأرجع التقرير ذلك الى ''استمرار غياب أي حركة محلية لحقوق الإنسان، والى السياسة الحكومية التي تمنع دخول المحققين.. إلى جانب ما لجأت إليه وزارة الداخلية من استعمال أسلوب المضايقة والتخويف بصورة فعالة لتكميم أفواه ضحايا حقوق الإنسان ومناصريهم''.

حول تطورات الوضع الحقوقي إجمالاً يشير التقرير الى أن الصورة العامة بقيت دونما تغيير ''فالمملكة تفتقر إلى مؤسسات وطنية مستقلة يمكنها استجواب السلطة التنفيذية للحكومة ذات القوة القاهرة التي تتحكم فيها الأسرة المالكة، أو انتقادها أو تحميلها المسؤولية. وكان الدور الذي يضطلع به مجلس الشورى المعيّن محدوداً، ولم يكن بديلاً عن برلمان منتخب يتمتع بسلطات إشرافية مستقلة، ولم يُسمَح بوجود جماعات سياسية من أي نوع، وظلت المظاهرات محظورة؛ أما الاجتماعات واللقاءات الجماهيرية فلا بد لعقدها من الحصول على إذن من السلطات. واستمر تعقيد وغموض الإجراءات اللازمة للحصول على الصفة القانونية للمنظمات غير الحكومية، فعجزت المجموعات المستقلة عن إنشاء كيانات لنفسها. وقد صرحت إدارة الإحصاء في 9 أغسطس/آب بأن خمسين في المائة من السكان السعوديين دون سن الخامسة عشرة، ومن غير المعروف كيف ستستطيع السلطات التوافق مع هذا القطاع المتعلم من السكان، الذي قد ينزع إلي التبرم والجموح، في السنوات المقبلة، ما دامت السلطات لا تسمح للطلاب بتنظيم مجموعات للتعبير عن بواعث قلقهم''.

وحول حرية التعبير والصحافة، فإن التقرير يرى أنها كانت (محدودة) وأن السلطات عاقبت صحافيين وكتاب ''ممن ترى أن صراحتهم زادت عن الحد''. وانتقد التقرير مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية التي تشرف على مواقع الإنترنت بسبب استخدامها لأسلوب الحجب بشكل موسع لأسباب أخلاقية وسياسية. أيضاً انتقد التقرير عدم السماح بتأسيس منظمات مستقلة تدافع عن حقوق المرأة السعودية، وكذلك المنظمات غير الحكومية للدفاع عن حقوق الأقليات الدينية (الشيعة والإسماعيلية) وعن حقوق العمال الأجانب. ويضيف التقرير أن مهمة المسؤولين الحكوميين الكبار انحصر في نفي أنباء انتهاكات حقوق الإنسان.

ورأى التقرير جانباً إيجابياً في إقرار نظام الإجراءات الجزائية، لكنه وجد فيه تعارضاً مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وفي ''غياب شبكة نشطة من المدافعين عن حقوق الإنسان، أو جمعية فعالة للحقوق المدنية لخدمة المواطنين والأجانب المقيمين أيضاً، فمن غير المعروف كيف سيكون بالإمكان مراقبة الالتزام بهذا النظام، وكيف سيتم التصدي لأي انتهاك له''.

وذكر تقرير المنظمة الحقوقية بحوادث العنف والتفجير الغامضة التي استهدفت الغربيين والتي لم تقدم السلطات إجابات واقعية شافية بشأنها. وفي مجال تعذيب السجناء السياسيين فإنه استمر أثناء التحقيق معهم. في حين أفرج عن سجين بعد ست سنوات اعتقال دون تهمة أو محاكمة، وحين أطلق أخذ عليه تعهد ''بألا يتكلم أو يكتب شيئاً إلى أي أحد عما شهده''. كما أن السجناء تعرضوا ''للمضايقات الجنسية'' والحبس الإنفرادي لأشهر طويلة. ويؤكد التقرير الحقوقي استمرار المحاكمات السرية للسعوديين والأجانب، وهي التي كانت أبعد ما تكون عن المحاكمات الصحيحة، وقد بدا في بعض الأحيان أن المتهم نفسه لم يكن يدري أن هناك محاكمة ما، إذ لم يكن يُطلب منه سوى التحقق من أنه صاحب الاعتراف الموقع أمامه.

وفي 13 يونيو كشف الأمير أحمد بن عبدالعزيز، نائب وزير الداخلية، النقاب عن أن بعض المشتبه فيهم في حادثة تفجير أبراج الخُبر عام 1996، وهو التفجير الذي راح ضحيته 19 فرداً من أفراد سلاح الجو الأمريكي، قد حوكموا أمام إحدى محاكم الدرجة الأولى، ولكنه لم يكشف النقاب عن مواعيد المحاكمة ولا عن أسماء المتهمين أو عددهم. ولم تزد التفصيلات التي أوردها عن أن المجموعة ''لم تكن تتضمن مواطنين غير سعوديين''. وقال الأمير إن الأحكام سوف تحال إلى محكمة أعلى، ثم إلى مجلس القضاء الأعلى، ثم إلى الملك للموافقة عليها''. وأضاف إضافة غامضة وهي أن الأحكام سوف ''تعلن في الوقت المناسب''. وواصلت السلطات احتجازها دون تهمة لأقارب الأشخاص الذين تعتبرهم من منتقدي الحكومة؛ فقد اعتُقل كامل الأحمد، في منزله في صفوى يوم 13 سبتمبر/أيلول 2001، وهو الأخ الأصغر للناشط السعودي علي الأحمد، مؤسس المعهد السعودي في الولايات المتحدة عام 2000، وهو منشأة غير حكومية.

حول التدخل الإعلامي الحكومي أشار التقرير الى حريق مدرسة مكة في 15 مارس الذي أدى الى وفاة 15 تلميذة، الأمر الذي سبب نقداً واسعاً لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. غير أن وزير الداخلية دافع في 24/3/2002 عن الهيئة كما انتقد الصحافة السعودية بسبب نقدها للهيئة، وفي 24 أبريل وحسب مراسل الأسوشيتدبرس فإن نايف قد اجتمع مع محرري الصحف ''وعنّفهم على تجاوز حدودهم فيما يتصل بالدين''. وقد أشار إلى هذه الرقابة الفوقية غير الرسمية للصحافة، والتي تؤثر في التغطية الإخبارية والمضمون، أحد أساتذة الصحافة السعوديين، وهو سليمان الشمري، الذي نقلت عنه الأسوشيتد برس قوله ''إن الحكومة تلعب دور حارس باب أجهزة الإعلام، خصوصاً فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، فهي تفتح الباب أو تغلقه كما يحلو لها''.

من جهة اخرى، فُصل محمد مختار الفال من رئاسة تحرير صحيفة ''المدينة'' اليومية في مارس/ آذار، وورد أن الفصل كان بناء على أوامر وزير الداخلية، وذلك في أعقاب نشر الصحيفة لقصيدة بعنوان ''المفسدون في الأرض''، وقُبض على مسلّم يوم 18 مارس، بعد ثمانية أيام من نشر قصيدته في الصحيفة المذكورة، وظل رهن الاحتجاز ثمانية عشر يوماً دون تهمة في مقر المباحث في الرياض،وكان اسمه لا يزال على القائمة السوداء حتى كتابة هذا التقرير، فهو لا يستطيع النشر في الصحف السعودية، وممنوع من السفر.

فيما يتعلق بحقوق الأقليات الدينية، سواء كانت سعودية ام مغتربة، فإن التقرير يؤكد أن الحكوم لم تبد احتراماً لها. وتحدث التقرير عن أحداث نجران عام 2000 وتطورات الأمر حتى نهاية العام. أما الشيعة الذين قال التقرير ان عددهم يبلغ مليون نسمة فيقولون إن الحكومة تمارس أشكال التمييز الحاد ضدهم. وأخيراً أشار التقرير لقليل من التطور الإيجابي في وضع العمال الأجانب بمن فيهم الخادمات (يشكلون 65% من قوة العمل الخاص حسب تقرير أميركي) فالجميع لازالوا يتعرضون لسوء أحوال العمل وصنوف الامتهان على أيدي أصحاب العمل الذين يعملون لديهم.

إطبع الصفحة الصفحة السابقة