آل سعود: حيّ على الفساد

(بيان الرياض) أصدرته مجموعة من الناشطين طالبوا فيه بمحاكمة وزير الداخلية، ومحاسبة (أمراء العائلة الحاكمة الغارقين في الفساد الذين يتصرفون في البلاد كأنهم ملائكة، وهم السبب الأساس في التفريط بمصالح البلاد، وهم السبب الأساس في ثلاثية الاستبداد: القمع والظلم والفساد، وهم السبب وراء كل كوارث هذا البلد). كل أركان الدولة فاسدة، وسبب الفساد ورأسه هم ال سعود، فيما يلي نموذج لفساد وزارة المالية.

وزارة المالية.. وما أدراك ما وزارة المالية.. حارسة الكنز لسليمان وجنوده.. لا تشرع أبوابها إلا للعفاريت.. ينهبون في الليل ما جمعه النمل في النهار.. النمل الذي لا طاقة له بسليمان وجنوده.. يأوي إلى فراشه جائعاً ذاوياً في انتظار صبح جديد لعله يختلس لقمة يسد بها رمق الجوع.. لكنه في كل يوم يكتشف أنه: كالعيس في البيداء يقتلها الظما/ والماء فوق ظهورها محمول. يدخل المليار من الباب ويطير من الشباك دون أن يمر حتى على صراط المحاسبين، ولا على نظارات المدققين الماليين المكعبة.. بينما تستمر رحلة العذاب لفاتورة تعيسة بخمسة ريالات بين جازان والرياض جيئة وذهاباً لأكثر من خمسة أعوام، لأن الممثل المالي تبرأ من رجسها ورجس من أمر بها إلى يوم الدين.

وزارة تعلمك التزوير والفساد بكل معاني الكلمة.. بل تضطرك إليه حتى لو كنت في النزاهة رسولاً.. يجلس المدير على مكتبه في الصباح الباكر.. يرتشف قهوة الضمير الحي.. فيدخل عليه موظف (غلبان) يطلب منه حقاً من حقوقه، فيرده رداً جميلاً بقوله: يا بني ألا تعلم بأن البند لا يسمح ؟! وحين يصرّ الموظف يزجره بعنف: قلنا لك: البند لا يسمح. وفي الظهيرة.. يدخل عليه مدير الشؤون المالية بمجموعة ملفقة ومجمعة من الفواتير لأثاث مكتبي، وآلات وأحبار وصيانة مبانٍ، تغطي قيمتها قيمة (المفطحات) التي تناولها مع معالي الوزير ومسئولي الوزارة ليلة البارحة، فيوقع عليها وهو يرتشف شاي الضمير الميت.. ويتبعها بضحكة مجلجلة.. ثم يمتدح مهارة وبراعة مدير شؤونه المالية في التزوير، وتصريف الأمور، والقفز على بنود المالية بقفزات بهلوانية بقوله: أنت عفريت!

والأجنبي الذي تفضل بإعطاء تلك الفواتير الوهمية لسعادة المدير، أصبح يقف على بابه كل يوم.. يبتزه كيفما يشاء.. ويجرّه إلى الإجرام والاختلاس والمشاركة في النهب بمنتهى البساطة.. ويختطف منه المناقصات قدر ما يستطيع.. ويبالغ في الأثمان حتى يشبع.. وحين لا يوفي بالمواصفات أو يتعطل التنفيذ أو يختل العقد، فإن المدير لا يملك إلا أن يطبق على شفتيه ويصمت.. ثم يوحي لزبانيته من المهندسين، ومأموري الصرف، ومسئولي الشؤون المالية بأن وقعوا على المستخلصات.. وأوفوا بالعقود والعهود.. وأعطوا الأجير أجره قبل أن يجف نصيبي من (الهبرة)، وما أن يتم تسليم المشروع، حتى يتم التعاقد مع شركة أخرى لصيانته.

وحين تحتاج الإدارة لشراء كرسي لا تتجاوز قيمته المائة ريال، فإن نظام المالية يجبرك على أن تقدم ثلاثة عروض من شركات مختلفة بقيمة ذلك الكرسي.. وإياك أن تفاجأ حين ترى أن جميع الشركات قدرت قيمته بألف ريال وأكثر.. حيث إن حجتهم الدائمة أن وزارة المالية لا تعطينا قيمته مباشرة.. وقد يستغرق نظامها سنة أو حتى سنتين حتى تسدد لنا قيمة ذلك الكرسي اللعين، ولذلك رفعنا من قيمته.. وقس على ذلك بقية المشاريع كبيرها وصغيرها.

وزارة تنادي: يا قوم.. من حضر القسمة فليقتسم.. وهذه خاصة بالرياض وموظفي الرياض.. وأعني تحديداً موظفي الوزارات الذين تجري لهم الانتدابات ـ وخارج الدوام ـ مجرى الدم في عروقهم الفاسدة.. من البواب وحتى الوزير، يأخذون من وزارة المالية أضعاف رواتبهم سنوياً، ما بين الانتدابات، وتذاكر الطيران، والإسكان، والمصاريف السفرية، وخارج الدوام، دون أن تكلف الوزارة نفسها بالسؤال: لماذا كل هذا؟ ولماذا نفس الأسماء؟ وكيف لهم يسألون وهم بأنفسهم منغمسين في هذا الوحل حتى أنوفهم.. وهم أنفسهم أبناء هذا وأخوة ذاك.. بينما يكد ويجهد الموظفون في جميع بقاع وطننا الكبير.. وبعضهم يواصل العمل ليلاً ونهاراً.. فلا يجدون إلا المماطلة والاشتراطات، وإثبات المهمات، وترحيل الصرف، حتى زهدوا في يوم أو يومين لا تقدم في وضعهم المالي ولا تؤخر، فأصبحوا يعملون لله ويطلبون الأجر منه دون سواه..

وزارة لا تقبل إلا أعلى المواصفات للمشاريع على الورق.. ثم تصرّ على أن تتعاقد مع العرض الأرخص الذي في واقعه يكفي لتنفيذ أربعة مشاريع وبنفس المواصفات في بلد آخر.. ولأنها تصر على الأرخص، غير الرخيص أساساً، فإن النتيجة تكون التعاقد مع النطيحة والمتردية من المقاولين.. ذوي العروض الرخيصة والمواصفات (المخيسة) وتسمح بمقاولي الباطن حتى الدرجة العاشرة.. يوقعون مع المقاول الأول بمليار.. ويوقع المقاول الأول مع مقاول الباطن بمائة مليون.. ويوقع المقاول العاشر مع العمالة المتخلفة بمائة ألف ريال لتنفيذ المشروع.. ويا له من مشروع!

وزارة لا تكلف نفسها السؤال عن كل هذه البضائع المغشوشة التي تملأ الأسواق وتفتك بالناس.. رغم أن الجمارك تابعة لها.. ورغم أن مفتشي الجمارك تابعون لها.. إلا أنها عاجزة عن مراجعة واقعها.. فترمي بأحمالها مرة على وزارة التجارة، ومرة على وزارة الصحة، ومرة الزراعة، ومرة الصناعة وهكذا.. بينما المنطق يقول إن عليها أن تراجع مفتشيها، ونوعية مفتشيها، وبلاوي مفتشيها، الذي يفسحون البضائع من المنافذ وبالأوراق والأختام التي تعود لها وبالأموال التي تدخل خزينتها.

إن الحديث عن فساد وزارة المالية وموظفي وزارة المالية يطول ويطول ويطول.. سواءً عن الوزارة نفسها، أو عن القطاعات التابعة لها مثل الجمارك وصناديق الإقراض وخلافها.. وما يحز في النفس أن هذه الوزارة لا تكتفي بالفساد في ذاتها، بل إنها ما زالت تعتمد أنظمة تجبر الجميع بها على التحايل والتزوير والاختلاس والرشوة.. إنها باختصار.. وزارة تشرِّع للفساد.

الصفحة السابقة