دور الأمراء في هجمات سبتمبر

آل سعود وبرجا مانهاتن!

الأمراء نايف وسلطان وبتنفيذ من تركي الفيصل اتفقوا مع ابن لادن بأن يضرب أيّ بلدٍ شاء، وهم لن يعترضوا على ذلك، وأنهم سيوفرون له قسطاً من المال؛ فالمهمّ أن لا تقوم القاعدة ـ في المقابل ـ بأعمال عنف داخل السعودية نفسها، وأن لا تتعرّض للأمراء بالعنف والإغتيال!

كتب كل من أنتوني سامرز وروبين سوان تحقيقاً مطوّلاً عن حواث الحادي عشر من سبتمبر بعد مرور عقد على وقوعها. وبدأ الكاتبان التحقيق بسؤال كبير: هل ثمة حكومة أجنبية وراء هجمات 9/11؟

بفضل بوش، تمّت التعمية على دور السعودية في 9/11، وتمّ توجيه التهمة الى العراق وتم غزوه!

بعد عقد من الزمان، لم يطّلع الأميركيون على القصة الكاملة، في حين أن القسم الأساسي المؤلف من 28 صفحة من تقرير التحقيق المشترك الصادر عن الكونغرس لا يزال محجوباً. جمع سنوات من التسريبات والارتباطات، في قولبة متقنة جرى تكييفها، ليكون جزءاً من كتابهما الجديد، حيث يحقق انطوني سامرز وروبين سوان، في الصلات القائمة بين السعودية والخاطفين (15 منهم من السعودية)، على ضوء قرار البيت الابيض تجاهل أو دفن الأدلة، والإحباط من المحققين، بما في ذلك موظفي هيئة 9/11 والمسؤولين في مكافحة الإرهاب، وأعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين والجمهوريين.

البحث الذي سيتم نشره في أغسطس القادم، هو مقتبس من كتاب من بعنوان (اليوم الحادي عشر، ذي إليفنث داي)، وفيما يلي ملّخص للبحث.

على مدى عشرة أعوام مضت، بقي سؤال رئيسي حول 9/11 بلا إجابة. كان ذلك، كما يذكّر رئيس هيئة 9/11 ثوماس كين ولي هاملتون (هل تلقّى الخاطفون أي دعم من حكومات أحنبية؟). وكانت هناك معلومات تشير الى الإجابة، ولكن أعضاء الهيئة كما يبدو إعتبروها مقلقة جداً لتبادلها بشكل كامل مع الجمهور.

إن فكرة كون القاعدة لم تتصرف بمفردها كانت موجودة منذ البداية. وأبلغ وزير الدفاع دونالد رامسفيلد الصحافيين بعد إسبوع من 9/11 بأن (الإرهابيين لا يعملون في فراغ)، وأضاف (أعرف الكثير، وما قلته، بنفس القدر من الوضوح الذي أعلم كيف ذلك، هو أن دولاً تساعد هؤلاء الناس). وتحت إلحاح من أجل إعطاء المزيد من التفاصيل، كان رامسفيلد صامتاً لبرهة طويلة، ثم قال: إنها مسألة حساسة، وقام بتغيير الموضوع.

بعد ثلاث سنوات، سوف تنظر اللجنة في ما إذا كان أي من ثلاث دول أجنبية قد يكون لها دور في هذه الهجمات. إثنان منها خصمان معلنان للولايات المتحدة: العراق وإيران. والثالثة كانت توصّف منذ زمن طويل بأنها صديق مقرب: المملكة العربية السعودية.

في تقريرها، ذكرت اللجنة أنها لم تر أي (أدلّة تشير الى ان العراق تعاونت مع تنظيم القاعدة في وضع أو تنفيذ أي هجمات ضد الولايات المتحدة).

إيران، بحسب اللجنة، كان لها منذ زمن طويل اتصالات مع تنظيم القاعدة، وسمحت لعناصرها، بما في ذلك عدد من خاطفي الطائرات في المستقبل، بالسفر بحرية عبر مطاراتها. على الرغم من عدم وجود أدلة على أن ايران (كانت على علم بالتخطيط بما أصبح هجوم 9/11)، فقد دعا المفوّضون الحكومة الى مزيد من التحقيق.

في هذا العام 2011، في أواخر مايو، قال محامو أفراد أسرة مكلومة بسبب 9/11، كانت هناك شهادة جديدة من قبل ثلاثة منشقين إيرانيين. ونقل مستشار كبير سابق في هيئة رئيسية ديتريش سنيل قوله في شهادة خطية بأن هناك الآن (أدلة مقنعة من أن الحكومة الايرانية قدّمت دعماً مادياً لتنظيم القاعدة في التخطيط والتنفيذ للهجوم 9/11). هذه الأدلة، مع ذلك، للتوّ قد طفت على السطح.

اما السعودية، صديق أميركا المزعوم، فستعتقد في ضوء رد فعل السفير السعودي الامير بندر بن سلطان بأن اللجنة لم تعثر على شيء مريب في دور بلاده. فقد صرّح الأمير بأن (إن تصريحات واضحة من قبل هذه اللجنة مستقلة من الحزبين قد دحضت الأساطير التي ألقت الخوف والشك حول المملكة العربية السعودية). ومع ذلك لم يجد في التقرير ما يبرّىء بصورة قاطعة السعودية.

قرار اللجنة فيما تقوله حول الموضوع قد تمّ في ظل الشقاق والتوتر. تلقّى المحققون الذين عملوا على الزاوية السعودية من التحقيق في وقت متأخر من أحد ليالي عام 2004، كتغييرات اللحظة الأخيرة على التقرير، أنباء مزعجة. وكان قائد الفريق، ديتريش سنيل، في المكتب، المقرّب من المدير التنفيذي فيليب زيليكو، بإجراء تغييرات رئيسية في مادة التقرير وإزالة أقسام رئيسية منه.

سارع المحققان، مايكل جاكوبسون وراجيش دي، إلى المكتب لمواجهة سنيل. بحذر المحامين، قال بانه يعتقد بأن هناك دليلاً غير كاف في قضيتهما ضد السعوديين. ورأى المحققان إمكانية الإستقالة، ثم توصّلا إلى تسوية. والكثير من المعلومات التي تم جمعها تقول إنها ستبقى في التقرير، ولكن فقط بحرف صغير، مخبأة في الهوامش.

المفوّضون قالوا في نص التقرير أن الصداقة الرسمية الطويلة للولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية لا يمكن أن تكون غير مشروطة. قد تكون العلاقة حول قضية أكثر من النفط، يجب أن يشمل وذلك ـ وبشكل جريء: (التزام بمحاربة المتطرفين العنيفين الذين أثاروا الكراهية).

فقد كان بعيداً عن الوضوح، ولأطول فترة، أن السعوديين هم بذلك ملتزمون. أكثر من سبع سنوات قبل 9/11، فرّ السكرتير الأول في البعثة السعودية لدى الأمم المتحدة، محمد الخليوي، الى الولايات المتحدة، حاملاً معه آلاف الصفحات من الوثائق التي، كما قال، تظهر فساد النظام، وانتهاك حقوق الإنسان، وتقديم الدعم للإرهاب. في الوقت نفسه، قال أنه وجّه رسالة إلى الأمير عبد الله ولي العهد، داعيا الى (التحرك نحو الديمقراطية). إن أفراد العائلة المالكة السعودية، بحسب الخليوي، ردوا بالتهديد بوضع حد لحياته. حكومة الولايات المتحدة، من جانبها، قدّمت له القليل من الحماية. علاوة على ذلك فإن مسؤولي جهاز F.B.I، إمتنعوا عن قبول وثائق سفره الدبلوماسي التي أحضرها معه.

دعماً لادِّعائه بأن السعودية تقوم بدعم الإرهاب، تحدث الخليوي في حلقة ذات صلة بالمحاولة الأولى التي جرت عام 1993 لإسقاط برجي مركز التجارة العالمي. وقال الخليوي بأن (مواطناً سعودياً يحمل جواز سفر سعودي دبلوماسي أعطى مالاً لرمزي يوسف)، العقل المدبر لتفجير مركز التجارة العالمي، حين كان الإرهابي في القاعدة في الفلبين. العلاقة السعودية مع يوسف، كما يقول الخليوي (هي سريّة وتمرّ عبر المخابرات السعودية).

الإشارة الى مواطن سعودي موّل يوسف يندرج بصورة وثيقة في سياق الدور الذي لعبه صهر أسامة بن لادن جمال خليفة. وكان ناشطاً في الفلبين، يعمل تحت واجهة ناشط في مجال العمل الخيري في ذلك الوقت، وقد أسس جمعية خيرية تعطي المال ليوسف وخالد شيخ محمد، قائد تنظيم القاعدة في مخطط 9/11، في غضون المؤامرة الأولى لتدمير حاملة طائرات أمريكية.

عندما عاد خليفة الى السعودية في عام 1995 بعد احتجازه في الولايات المتحدة وتبرئته لاحقا بتهم تتعلق بالإرهاب في الأردن، كان، وفقا لرئيس وحدة أسامة بن لادن في وكالة الاستخبارات المركزية مايكل شوير، بأنه التقى بواسطة سيارة ليموزين وترحيب من (مسؤول رفيع المستوى). صحيفة فلبينية تفيد بأن المسؤول كان الأمير سلطان، نائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع والطيران، وهو اليوم وريث العرش السعودي.

في حزيران 1996، وفقا لتقارير منشورة، وبينما كان في سوق الأسلحة الدولية في باريس والذي يعقد كل عامين، التقت مجموعة شملت أميراً سعودياً وممولين سعوديين في فندق رويال مونسو، بالقرب من السفارة السعودية. وكان الموضوع بن لادن، وماذا يمكن فعله بشأنه. بعد عامين من التفجيرات الأخيرة لأهداف أميركية في المملكة العربية السعودية، واحد منها في ذلك الشهر، وكانت ثمة خشية من أن النخبة السعودية الحاكمة نفسها ستكون مستهدفة. في اجتماع مونسو، علمت الاستخبارات الفرنسية كما قيل، بأنه قد تقرر أن بن لادن كان من المقرر أن يبقى في الخليج من خلال دفع مبالغ ضخمة من أموال الحماية.

في تصريحات خاصة بعد 9/11، قال رئيس جهاز المخابرات السابق لطالبان محمد خاكسار أنه في عام 1998 توصّل الأمير تركي الفيصل ـ رئيس الاستخبارات السعودية، إلى صفقة وافق بن لادن بموجبها بعدم مهاجمة أهداف سعودية. في المقابل، تقوم السعودية بتوفير المال والمساعدة المادية لحركة طالبان، ولا تطالب بتسليم بن لادن، ولا تقوم بالضغط لإغلاق معسكرات تدريب القاعدة. في غضون ذلك، فإن الشركات السعودية ستضمن تدفق الأموال بصورة مباشرة إلى بن لادن.

علاقات خاصة

بعد 9/11، ينكر الأمير تركي أي صفقة من هذا القبيل مع بن لادن. على أية حال، فإن أمراء سعوديين آخرين كانوا ضالعين في ترتيبات لدفع الأموال لابن لادن. مسؤول سابق في إدارة كلينتون قال بأن مصادر الإستخبارات الأميركية إتفقت على أن إثنين على الأقل من الأمراء السعوديين قد دفع، نيابة عن المملكة، ما يرقى الى مال حماية منذ عام 1995. وأضاف المسؤول السابق: (بأن الصفقة أفادت بأنهم يغضّون الطرف عن ما كان يقوم به في أماكن أخرى. أن لا تقوم بعمليات هنا ونحن بدورنا لن نعرقلها في أي مكان آخر).

مصادر رسمية أميركية وبريطانية، تتحدث في وقت لاحق مع هندرسون سايمون، زميل بيكر في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، ذكرت إثنين من الأمراء بهذا الصدد.. وقال هندرسون للكاتبين، أنهما الأمير نايف وزير الداخلية، والأمير سلطان. أن المال الضالع في المدفوعات المزعومة، بحسب مصادر هندرسون، قد وصلت إلى (مئات الملايين من الدولارات). فقد كان (مالاً سعودياً رسمياً، وليس من أموالهما الخاصة).

قبل 9/11 زار مسؤولون أميركيون الرياض بصورة دائمة اكتشفوا أنه لا جدوى لمطالبة السعوديين للمساعدة في مكافحة الارهاب. جورج تينيت، الذي أصبح مدير C.I.A خلال فترة بيل كلينتون الثانية، أشار بوضوح الى جمهور الأمير نايف شقيق ولي العهد. بدأ نايف، الذي أشرف على المخابرات الداخلية، يتبادل (سرد مطول لتاريخ العلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية الخاصة)، بما في ذلك كيف أن السعوديين لن يحتفظوا دائماً وأبداً بمعلومات ذات صلة بالأمن بعيداً عن حلفائهم الأميركيين.

لقد حانت لحظة شعر فيها تينيت بأن الأمر تجاوز الحد. خرق الشكل الإجرائي (الايتيكيت) الملكي، بوضع يده على ركبة الأمير، وقال: (يا صاحب السمو الملكي، ماذا كنت تعتقد كيف سيكون الحال لو كان علي في يوم من الأيام أن أقول لصحيفة واشنطن بوست بأنك تحتفظ بمعلومات قد تساعدنا في تعقب القتلة في تنظيم القاعدة؟). رد فعل نايف، إعتقد تينيت، كان كما لو أنه كان حالة طويلة من الصدمة.

في رحلته عائداً الى الديار من السعودية في أواخر التسعينيات، أبلغ مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) لويس فريه، رئيس مكافحة الارهاب جون اونيل أنه يعتقد أن المسؤولين السعوديين الذي التقاهم خلال الزيارة كانت مفيدة. (لابد أنك تمزح) كما يقول أونيل، وهو من مواطني ولاية نيو جيرسي الذين لا يفرموا كلماتهم. (لم يعطونا شيئا. إنهم كانوا فقط يسطعون الشمس فوق مؤخرتك).

بعد عدة سنوات، وفي محادثتين مطوّلتين مع جان شارل بيسار، مؤلف دراسة حول تمويل الإرهاب في وكالة الاستخبارات الفرنسية، كان أونيل لا يزال ينفّس إحباطه. وقال اونيل: (كل الأجوبة، كل القرائن التي قد تمكننا من تفكيك تنظيم أسامة بن لادن هي في السعودية)، كما قال. ومع ذلك، فإن الإجابات والقرائن لا تزال بعيدة المنال، في جزء منها، أونيل أبلغ بريسارد، (بسبب اعتماد الولايات المتحدة على النفط السعودي يعني أن لدى المملكة العربية السعودية للضغط علينا أكثر بكثير مما لدينا عليها)، وأضاف أنه بسبب (الشخصيات والعوائل رفيعة المستوى في المملكة السعودية، لديها علاقات وثيقة مع بن لادن).

هذه المحادثات جرت في حزيران (يونيو) وأواخر تموز (يوليو) 2001.

في مقر إقامته خارج واشنطن، في صباح يوم 11 سبتمبر، سارع الأمير بندر لإصدار بيان السفارة. المملكة، بحسب نص البيان، (تدين التفجيرات المؤسفة وغير الإنسانية والأحداث التي وقعت اليوم..وتدين المملكة العربية السعودية بشدّة مثل هذه الأعمال التي تتعارض مع كل القيم الدينية والمفاهيم الحضارية الإنسانية، وتعرب عن تعازيها الصادقة..).

حوادث الثلاثاء 11 سبتمبر، دفعت الأمير عبد الله إلى أن يقرّر إرسال تسعة ملايين برميل من النفط الى الولايات المتحدة خلال الإسبوعين اللاحقين. وكان لهذا العرض أثره لتجنّب ما كان خلاف ذلك الإحتمال في ذلك الوقت من نقص النفط والذي من شأنه دفع الأسعار إلى الأعلى، والآثار الإقتصادية المترتبة على كارثة 9/11 وأزمة مالية كبيرة.

في غضون ذلك، وفي يوم الأربعاء 12 سبتمبر، كانت هناك أنباء مثيرة للقلق. في مكالمة هاتفية في تلك الليلة، أبلغ مسؤول في C.I.A. الأمير بندر أن 15 من الخاطفين هم من السعوديين. وكما صوّرها بندر، فإنه شعر بأن العالم ينهار من حوله، (كان ذلك كارثة). مستشار الشؤون الخارجية لولي العهد السعودي الامير عبد الله حينها، عادل الجبير قال، (لأن بن لادن، في تلك اللحظة، قد زرع في أذهان الأميركيين أن السعودية عدوّة).

تدافع الأمراء والأثرياء السعوديين لمغادرة الولايات المتحدة والعودة الى الديار. خمسة وسبعون من الأمراء وحواشيهم، كانوا متخفين في فندق وكازينو قصر القياصرة في لاس فيغاس، رحلوا في غضون ساعات من الهجمات الى فندق الفصول الأربعة. لقد شعروا (بقلق بالغ على سلامتهم الشخصية)، وأوضحوا لمكتب التحقيقات الإتحادي المحلي واعتبر الحرّاس كما يبدو أن فندق الفصول الأربعة أكثر أمناً.

في واشنطن، السعوديون الذين رغبوا في المغادرة شملوا أعضاء من عائلة بن لادن. وكان أحد أشقاء أسامة بن لادن، لم يتم الكشف عن إسمه بصورة علنية، واتصل على عجل بالسفارة السعودية وكان يريد أن يعرف أفضل مكان آمن يمكنه الذهاب إليه. تم وضعه في غرفة في فندق ووترغيت، وتم إبلاغه بالبقاء هناك حتى يتم إعلامه بوجود وسيلة نقل متاحة تمكنه من السفر. في جميع أنحاء البلاد، كان أكثر من 20 من أفراد أسرة بن لادن وموظفين يستعدون للمغادرة.

وكان في ليكسينغتون بولاية كنتاكي، الأمير أحمد بن سلمان، وهو إبن شقيق الملك فهد يحضر أحد المعارض التي تجري سنوياً. بعد الهجمات، بدأ أحمد بسرعة بجمع أفراد عائلته للعودة إلى السعودية. فأمر إبنه وإثنين من أصدقائه، الذين كانوا في ولاية فلوريدا، باستئجار طائرة وإيصال أنفسهم لكسينغتون للإلتحاق بالطائرة التي تقلّهم إلى الوطن. وقال واحد منهم لرجل أمن استأجره للرحلة، بأنه استطاع ذلك لأن (والده أو عمه كان صديقاً جيداً لجورج بوش الأب).

في وقت متأخر من ليلة 13 سبتمبر، إتصل مساعد الأمير بندر بمساعد مدير مكتب التحقيقات الفدرالي لمكافحة الإرهاب، دايل واتسون. كان بحاجة لمساعدة، حسب قول المساعد، في إخراج أفراد عائلة بن لادن من البلاد. وقال واتسون إن على المسؤولين السعوديين الاتصال بالبيت الأبيض أو وزارة الخارجية. وجد الطلب طريقه الى منسق مكافحة الإرهاب ريتشارد كلارك، الذي اعترف انه أعطى الضوء الاخضر لهذه الرحلات. وقال انه قد (لا يتذكر) بأنه قد قرر ذلك مع أي شخص رفيع المستوى في الادارة.

في مذكرة صادرة عن إف بي آي، كتبت قبل سنتين على النزوح يبدو أنها تعترف بأن بعض السعوديين المغادرين قد يكون لديهم معلومات متعلقة بالتحقيق. في سؤال من قبل محطة سي إن إن في نفس السنة حول ما إذا كان يمكن القول بشكل قاطع أنه لم يشارك أي واحد على رحلات الإجلاء في 9/11، ردّ المسؤول الإعلامي في السفارة السعودية نائل جبير، بالقول بأنه متأكد من شيئين فقط، وهما (وجود الله، ومن ثم إننا سوف نموت مع نهاية العالم. أما دون ذلك فإننا لا نعرف عنه شيئاً).

السعوديون في حالة إنكار

على الرغم من حقيقة أنه بات معلوماً تقريباً أن 15 من المتورطين في الهجمات كانوا سعوديين، لم يتوقف الرئيس جورج دبليو بوش طويلاً عند مسائلة الممثل الرسمي للسعودية في واشنطن. في وقت مبكر من مساء يوم 13 سبتمبر، أبقى على موعد مقرر لاستقبال الأمير بندر في البيت الأبيض. وكان الرجلان يعرفان بعضهما البعض منذ سنوات. وكما قيل فإنهما رّحّبا ببعضهما بعناق ودّي، ودخّنا السيجار على شرفة ترومان، وتحدثا مع نائب الرئيس ديك تشيني ومستشارة الأمن القومي كوندوليزا رايس.

هناك صورة لهذا الاجتماع، التي تم نشرها في الماضي. على أية حال، في هذه السنة، وبعد طلب الكاتبين من مكتبة جورج دبليو بوش الرئاسية للحصول على نسخة، ردّت المكتبة عبر رسالة بالبريد الالكتروني أن مكتب الرئيس السابق (لا يميل إلى الإفراج عن الصورة من الشرفة في هذا الوقت).

وما يلبث أن يكون واضحاً أنه وبعيداً عن مواجهة السعوديين، فإن إدارة بوش تريد التقارب. وسيدعو الرئيس ولي العهد الأمير عبد الله لزيارة الولايات المتحدة، والضغط عليه ليأتي عندما تردد، وعندما قبل، رحب به في مزرعته في تكساس في أوائل عام 2002. وكان ديك تشيني وكوندوليزا رايس هناك، الى جانب وزير الخارجية كولن باول والسيدة الاولى لورا بوش.

يبدو أن 9/11 وقعت خلال المناقشات. وفي حديثه مع الصحافة في وقت لاحق، قاطع الرئيس أحد الصحفيين عندما بدأ يثير هذا الموضوع.

السعودية الرسمية كانت تسير كالسلحفاء في الإقرار حتى بحقيقة أن ما يقرب من من جميع الخاطفين هم من المواطنين السعوديين. بعد يومين من تقديم تلك المعلومات الى بندر، قال المتحدث بإسمه أن الإرهابيين إستخدموا على الأرجح هويات مسروقة.

إدّعى الشيخ صالح آل الشيخ وزير الشؤون الإسلامية (لا يوجد إثبات أو أدلّة على أن السعوديين نفّذوا هذه الهجمات). وشكك الأمير سلطان بأن فقط بن لادن وأتباعه كانوا مسؤولين عن الهجوم، وألمح إلى أن (قوة أخرى بخبرات تقنية متقدّمة) لا بد أن تكون وراء 9/11. إعتباراً من شهر ديسمبر عام 2001، كان الأمير نايف يقول أنه ما زال لا يعتقد بأن 15 من الخاطفين كانوا سعوديين.

ليس قبل فبراير 2002 حين أقرّ نايف بالحقيقة. (الأسماء التي لدينا أكّدت ذلك) واعترف بعد ذلك: (لقد تمّ إبلاغ عوائلهم.. أعتقد بأنهم عملوا تحت غطاء الدين، ولقضايا معينة تتعلق بالأمة العربية، خصوصا قضية فلسطين).

حتى بعد ذلك القبول، لم يحسم سلطان ونايف الأمر. فقد بدءا يشيران إلى عدو مألوف (يكفي أن نرى عدداً من أعضاء الكونغرس في الولايات المتحدة يرتدي الخوذة اليهودية لتوضيح المزاعم ضدنا) حسب سلطان. وفي أواخر 2002، وجّه الأمير نايف باللائمة ضد (الصهاينة)، قائلا: (علينا أن نضع علامات إستفهام كبيرة ونسأل الذين ارتكبوا أحداث 11 سبتمبر والذين استفادوا منها وأعتقد أن الصهاينة هم وراء هذه الأحداث).

وبمرور الشهور، فإن سعوديين قياديين أشاروا علناً إلى ​أن بلادهم كانت منفتحة تماماً مع الولايات المتحدة على الصعيد الأمني، وتدّعي بأنها قد نبَّهت واشنطن مسبقاً إلى كارثة محتملة.

وبعد عام على 9/11، شرح الأمير تركي الفيصل مطوّلاً علاقة جهاز الإستخبارات العامة السعودي مع وكالة الاستخبارات المركزية سي آي أيه. ومنذ حوالي عام 1996، كتب الأمير تركي: (بناء على تعليمات من القيادة العليا في السعودية، تقاسمت كل المعلومات الاستخباراتية التي جمعناها عن بن لادن والقاعدة مع وكالة المخابرات المركزية. وفي عام 1997 أنشأ وزير الدفاع السعودي الأمير سلطان، لجنة الإستخبارات المشتركة مع الولايات المتحدة لتبادل المعلومات حول الإرهاب بصفة عامة وعن بن لادن والقاعدة على وجه الخصوص).

كان هناك نواة للحقيقة في ذلك. وأن خدمات الإستخبارات العامة السعودية والولايات المتخدة تستند على تفاهم طويل، وإن كان غير مستقر، حول تبادل المعلومات الاستخباراتية. وكانت مطالبات السعودية الأخرى مذهلة بدرجة أكبر.

وكان بندر قد ألمح بعد 9/11 مباشرة أن كلاً من الولايات المتحدة وجهاز الاستخبارات العامة في السعودية قد عرفوا أكثر عن الخاطفين في وقت مبكّر مما اعترفوا به علناً. ومع ذلك، في عام 2007، وهو الوقت الذي كان هو قد ترقّى فيه ليصبح مستشار الأمن القومي لولي العهد السابق، الملك الحالي عبد الله. وقد أطلق بندر قنبلة حين شدّد على أن (الأمن السعودي قد نشط في تعقّب تحركات معظم الإرهابيين بدقة.. إذا كانت سلطات الولايات المتحدة قد استعانت بنظيراتها السعودية بطريقة جدية وذات مصداقية، في رأيي، لكان قد تجنبنا ما حدث).

وبالرغم من أنه لم يكن هناك أي رد فعل أميركي رسمي إزاء هذا الزعم، فإن مايكل شوير، الرئيس السابق لوحدة بن لادن في وكالة الاستخبارات المركزية، رفض في وقت لاحق في كتابه الموسوم (زحف نحو الجحيم: أميركا والإسلام بعد العراق) ووصف ذلك بأنه (تلفيق).

الأمير تركي كان لديه إدعاء مماثل لبندر، ولكن محدّد أكثر بكثير. وقال أنه في أواخر1999 وأوائل 2000، أي قبل أن يصل خاطفان في حوادث 9/11 الولايات المتحدة، كان رجاله في الجهاز قد أبلغوا وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية بأن كلا الرجلين هما من الإرهابيين. يقول تركي (ما أبلغناهم هو أن هذين الرجلين كانوا على قائمة الخاضعين للمراقبة من النشاطات السابقة للقاعدة، في شرق أفريقيا من تفجيرات السفارة ومحاولات تهريب أسلحة إلى المملكة في عام 1997).

المتحدّث بإسم وكالة الإستخبارات المركزية الأميركية سي آي أيه بيل هارلو رفض دعوى تركي، وقال بأنها ليست مدعومة بأي دليل. وقال هارلو بأن معلومات عن إثنين من الخاطفين تمّ توفيرها بعد شهر من وقوع الهجمات. وما يعتقد بأن لجنة 9/11 قد حصلت عليه من الأمير تركي لم يتمّ الإعلان عنه. وقد أبلغت إدارة المحفوظات الوطنية (الإرشيف) الكاتبين بأنه لم يكن مسموحاً حتى بالقول ما إذا كانت تحتوي ملفّات اللجنة على وثيقة مقابلة مع الرئيس السابق لجهاز الإستخبارات العامة السعودية. المعلومات حول الخلفية الإستخبارية لهجمات 9/11 بقيت على مايبدو ذات حساسية عالية.

مساعدو الخاطفين

بعد أحداث سبتمبر مباشرة بوش يلتقي بندر ليخفي الدور السعودي في الهجوم، والصورة لاتزال تحرج البيت الأبيض حتى اليوم!

بقيت السعودية لفترة طويلة الثقب الأسود بالنسبة للمحقّقين الأميركيين الرسميين المسؤولين عن التحقيق في 9/11. لم يكن، على سبيل المثال، مسموحاً لهم بالوصول إلى عوائل أولئك الذين يُعتقد بأنهم نفّذوا الهجمات. ويقول رئيس قسم مكافحة الإرهاب في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية فينسنت كانيسترارو بعد شهر على وقوع الهجمات (نحن لا نحصل على أي تعاون على الإطلاق)، أو حسب وصفه (تعاون صفر).

مع ذلك، في داخل الولايات المتحدة بدأ التحقيق بشكل مكثف وعلى مدى عدة سنوات. وأن بعضاً من أهم المعلومات المستقاة، كما تبيّن، المعنية باثنين من الارهابيين الذي ألمح إليهما الأمير تركي. يقال أنه تم اختيارهما من قبل أسامة بن لادن ليكونا أول من يدخل الولايات المتحدة، وأنهما سيكونا في نهاية المطاف جزءاً من المجموعة التي استولت على طائرة أميركان ايرلاينز الرحلة 77، الطائرة التي أستخدمت في الهجوم ضد البنتاغون.

وكان خالد المحضار ونواف الحازمي، وكلاهما سعوديان، ومن الجهاديين ذوي الخبرة، مع أنهم في العشرينات من العمر. دخلا البلاد عن طريق مطار لوس انجليس الدولي نحو 15 يناير 2000، مع معرفة ضئيلة باللغة الانكليزية وتجربة الحياة في الغرب تقرب من الصفر. وبحسب تقرير هيئة 9/11 أنه (من المستبعد) أن الشخصّين (جاءا إلى الولايات المتحدة دون ترتيب مسبق لتلقي المساعدة من واحد أو أكثر من الأفراد وقد أبلغ مقدماً عن وصولهما).

تعرّف التحقيق على الأفراد الذين ساعدوا أو ربما ساعدوا المحضار والحازمي عقب وصولهما الى كاليفورنيا ـ سواء عن طريق المصادفة أو بسبب المعرفة السابقة.

إمام يدعى فهد الثميري، وهو دبلوماسي معتمد عيّن من قبل وزارة الشؤون الإسلامية السعودية للاتصال مع المسجد المجاور، عمل في ذلك الوقت في القنصلية السعودية في لوس أنجليس. وفقاً لأحد الشهود، كان الثميري في ذلك الوقت قد رتّب لرجلين ـ والذي تعرّف احد الشهود عليهما من خلال الصور الفوتغرافية التي تم تحديدها بأنها كانت لإثنين من الإرهابيين ـ حيث اصطحبهما بجولة بالسيارة في المنطقة المجاورة.

وقال زميله السعودي، المقيم في سان دييغوا ويدعى عمر البيومي، من خلال مقابلات مع أشخاص كان لهم اتصال دائم مع الثميري، إعترف بأنه التقى المحضار والحازمي خلال زيارة للوس انجليس في الأول من شباط (فبراير)، أي بعد اسبوعين من وصولهما.

وفقاً لشخص تمّت مقابلته من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي، قال بيومي قبل الرحلة أنه ذاهب إلى (نقل الزوار). ما تمّ الإتفاق عليه من قبل الجميع هو أنه جعل الرحلة بالسيارة برفقة أمريكي مسلم يدعى كيسان بن دون. في الطريق، قال بن دون، ذكر بيومي أنه اعتاد الذهاب إلى القنصلية للحصول على نشريات دينية. توقفوا عند القنصلية، حيث، وفقا لبن دون، رحّب رجل في بذلة رسمية غربية، مع لحية كاملة، ببيومي وصحبه لاجراء محادثات معه في مكتب ما. وظهر بيومي في وقت لاحق، وهو يحمل صندوقاً من المصاحف. ووصف اللقاء بشكل مختلف، قائلاً أنه (غير متيقّن) من هوية الشخص الذي قابله (ولا يعرف الناس فعلاً الذين في [الوزارة السعودية] للشؤون الإسلامية).

على أية حال، إتفق الرجلان على الذهاب الى مطعم وهناك ـ في حين أن هذه هي اللحظة الحاسمة في هذه القصة ـ واجتمعا وتحدثت مع الخاطفين المستقبليين المحضار والحازمي، الذين للتو قد وصلا للبلاد. وكان بيومي وبن دون كانا يخبران إف بي آي اللقاء الذي جرى بمحض الصدفة.

دعا بيومي المحضار والحازمي لأن يأتيا إلى جنوب سان دييغو، وساعدهما في العثور على أماكن الإقامة، وبقي الجميع على اتصال. في اليوم المحدد تحرّك الإرهابيان إلى الشقة التي استخدمت لأول مرة، بجوار شقّة بيومي، وكانت هناك أربع مكالمات بين هاتفه والإمام المحلي، مواليد نيو مكسيكو، أنور العولقي، والذي وصف في تقرير الكونغرس في وقت لاحق حول 9/11 بأنه شغل منصب (المرشد الروحي) لكل من محضار والحازمي.

الدخل المالي لبيومي، الذي كان يتم بواسطة شركة أركان، وهي شركة تابعة لمتعاقد مع إدارة الطيران المدني السعودي، رغم، وفقاً لموظف زميل، وقال انه لم يعمل أي عمل معروف بشكل كبير بعد وصول الخاطفين المستقبليين. سعودي آخر كان يعيش في سان دييغو، أسامة باسنان، وهو أيضاً موضع اهتمام محققي 9/11 الذي كانوا يحققون في تدفق الأموال.

وهناك قسم من ثلاث صفحات من تقرير الكونغرس في التحقيق المشترك (خلاصة جلسات مشتركة بشأن هجمات 9/11 من قبل مجلس النواب واللجان الاستخباراتية في مجلس الشيوخ)، التي تحتوي على أكثر من خطوط سرية ليس مفرج عنها، يقول لنا فقط أن باسنان كان أحد المقربين من جمال بيومي في سان دييغو. وفقا لسناتور سابق بوب غراهام، الرئيس المشارك للجنة التحقيق، وكذلك تقارير صحفية، تدفقت شيكات منتظمة في عام 2000 من باسنان لزوجة بيومي. كانت المدفوعات، والتي جعلت ظاهرياً للمساعدة في تغطية العلاج الطبي، وصادرة عن السفارة السعودية في واشنطن.

هناك أسباب مستقلة للتشكيك في نشاط الثميري، بيومي، وباسنان. الثميري، الذي كان معروفاً بكونه أصولياً، تمّ في وقت لاحق رفض دخوله الى الولايات المتحدة ولكن بعد 9/11 على أرضية أنه قد يكون على صلة بنشاط إرهابي. جذب بيومي إهتمام مكتب التحقيق الفيدرالي لأول مرة في السنوات السابقة، وعلم المكتب في وقت لاحق أن لديه (إتصالات بعناصر إرهابية). غادر البلاد قبل شهرين من الهجمات.

بالنسبة لباسنان، الذي كان إسمه يرد في التحقيق حول مكافحة الإرهاب قبل عقد من الزمان، كان قد استضاف، كما قيل، حفلاً لعمر عبد الرحمن الذي بات اليوم يعرف بـ (الشيخ الضرير) سيء الصيت، والذي يمضي عقوبة بالسجن مدى الحياة لدوره في التخطيط لتفجير مركز التجارة العالمي وغيرها من معالم مدينة نيويورك في العام 1993، عندما زار الولايات المتحدة، وادّعى ذات مرة أنه يفعل المزيد للإسلام أكثر مما يفعله بيومي. وبحسب وثيقة خاصة جزئياً للجنة التحقيق، تفيد بأن المحضار والحازمي وزملائهما الارهابيين في 9/11 وصلوا الى الولايات المتحدة لتعلّم الطيران، وكان زميل باسنان في البريد الإلكتروني والإتصال عبر الهاتف مع المتهمين الرئيسين 9/11 المتآمر رمزي بن شيبه. وبعد عام من هجمات 9/11، تم اعتقال باسنان بتهمة احتيال التأشيرة وجرى ترحيله.

المعلومات المتوافرة تشير إلى أنه تم توظيف إثنين من الثلاثي من قبل النظام السعودي أو كانت لهم صلات به ـ من خلال الاعتماد على الثميري من قبل وزارة الشؤون الإسلامية وبيومي من خلال عمله في الشركة التي ترتبط بالهيئة السعودية للطيران المدني. وقال خمسة أشخاص على الأقل لمكتب التحقيقات الفيدرالية بأنهم يعتبرون بيومي بمثابة عميل للحكومة. تعتقد وكالة الاستخبارات المركزية، بحسب بوب غراهام، بأن باسنان كان أيضاً عميلاً. كما أشار غراهام في مذكّرة خاصة بالمكتب إلى (أدلة دامغة) حول دعم الإرهابيين من داخل الحكومة السعودية.

مقابلات ذات طبيعة إشكالية

في عامي 2003 و2004، وبعد طلب رفيع المستوى من البيت الأبيض، فإن موظفي لجنة 9/11 كانوا قادرين على القيام بزيارتين الى السعودية لمقابلة الثميري، وبيومي، وباسنان.

يعتقد المحققون، بحسب ملاحظات مذكرة صادرة عن اللجنة والتي تمّ الافراج عنها مؤخراً، أن الثميري (كان مخادعاً خلال المقابلتين. كانت إجاباته إما متناقضة أو في أوقات أخرى في صدام مباشر مع معلومات لدينا من مصادر أخرى). والأهم من ذلك، نفيه معرفة بيومي، دع عنك المحضار والحازمي. لم تظهر صورة لبيومي، وقال انه لم يتزحزح عن موقفه. وقال انه لا يعرف أحداً بهذا الاسم. ثم قبل المداخلة همس أحد المسؤولين السعوديين الذي كان حاضراً، وقال انه سمع بإسم بيومي فقط من التغطية الإخبارية لحوادث 9/11.

في المقابلة الثانية، كما أبلغ عنها موظف اللجنة بأن شهوداً تحدثوا عن رؤية الثميري مع بيومي، فنفى الثميري ذلك وقال بأن هؤلاء ربما شبّه لهم مع شخص آخر. وحين أبلغ عن السجلات الهاتفية التي أظهرت العديد من المكالمات بين هاتفه وهاتف بيومي، قبل وصول محضار والحازمي الى الولايات المتحدة، بدا الثميري مربكاً. ربما، كان رقم هاتفه قد جرى نقله لشخص آخر من بعده؟ ربما تكون المكالمات قد جرت من قبل شخص آخر باستخدام الهاتف الخاص ببيومي؟ كل ما جاء به الثميري، كما لاحظ المحققون، كان (غير قابل للتصديق).

بيومي، الذي جرت مقابلته في وقت سابق، ترك انطباعا مواتياً بدرجة أكبر. فقد تمسك بروايته حول لقائه بالمحضار والحازمي عن طريق الصدفة. وقال إنه نادراً ما شاهدهم بعد أن جاءوا الى سان دييغو، وأنهم كانوا جيرانه لأيام قليلة فقط. وقال بيومي أنه قرر بعد ذلك انه لا يريد التعامل معهم. فيليب زيليكو، الذي كان حاضرا خلال المقابلة، لا يعتقد أن بيومي كان عميلاً للسعودية.

مع ذلك، فإن تقرير اللجنة كان يلفت الى جواز سفر بيومي يحتوي على العلامة الفارقة التي قد يكون حصل عليها (المسلمون الأتقياء خاصة)، أو أن يرتبط بـ (الانضمام الى تنظيم القاعدة). المحققون حصلوا على شيء آخر أيضاً. تمّت الموافقة على الراتب الشهري لبيومي من قبل مسؤول سعودي الذي عثر على صورة لإبنه في وقت لاحق على قرص كمبيوتر في باكستان، والذي تضمن أيضا صوراً لثلاثة من خاطفي الطائرات. وقد تمّ استدعاء الابن، سعود الراشد، لإجراء مقابلة في السعودية. إعترف أنه كان في أفغانستان، وأنه (نظّف) جواز سفره من أدلة تثبت أنه سافر إلى هناك. وقال انه، على الرغم من أنه لم يكن يعرف شيئاً عن مؤامرة 9/11، فإن موظفي اللجنة التي حقّقت مع الراشد تعتقد بانه كان (مخادعاً).

أخيراً، هناك باسنان. مقابلة اللجنة معه، بحسب ما كتب ديتريش سنيل بعد ذلك، أسّست فحسب لـ (عدم مصداقية قول الشاهد بشأن كل موضوع تقريباً دون استثناء). سلوكه (ولّد مجموعة من المواجهة، والتهرب، والخطابية.. وأن تنصله من التصريحات التي قدّمها في مناسبات سابقة)، و(المصداقية المتأصلة في الكثير من تأكيداته عندما ينظر اليها في ضوء مجمل الأدلة المتوفرة).

رجلان لم يواجها الاستجواب من قبل محققي اللجنة. واحد منهم، وهو مسؤول ديني رسمي يدعى صالح الحصين، وبالتأكيد يجب أن يكون، رغم أن اسمه لم يظهر في تقرير اللجنة. وكان الحصين، الذي شارك في إدارة المساجد في مكة المكرمة والمدينة المنورة، كان في الولايات المتحدة قبل ثلاثة أسابيع لمدة أربعة أيام قبل هجمات 9/11، وقال انه مكث في فندق في ولاية فرجينيا.

وأفادت مذكّرات اللجنة بأن عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالية إف بي آي وصلوا الى غرفة الحصين في الماريوت بعد منتصف ليلة الـ 11 من سبتمبر. وبدأ المسؤول السعودي (الغمز واللمز وتدلّي الرأس)، والتعرّق وسيلان اللعاب. ثم سقط من كرسيه ويبدو أنه فقد وعيه لبضع لحظات. المسعفون الذي جرى استدعاؤهم الى الغرفة كانوا في حيرة. هل يمكن للمريض أن يكون (مزوّراً)؟، سألوا العملاء. الاطباء الذين فحصوا الحصين في مستشفى محلي، علاوة على ذلك، لم يعثروا على أي خلل في صحته. عميل في مكتب التحقيقات الفيدرالية قال لاحقاً بأن المقابلة جرى اختصارها لأن، بحسب العميل، الحصين (اختلق النوبة).

سئل من قبل عميل إف بي آي، لماذا انتقل الى الماريوت، فقالت زوجة الحصين أنهما كانا يريدان غرفة مع مطبخ صغير. على أية حال، ليس هناك ما يشير إلى أنه قد تمّ استخدام المطبخ. وسئلت عما إذا كانت تعتقد أن زوجها قد شارك في هجمات 9/11 بأي شكل من الأشكال، قالت (لا أعرف). لم يحصل عملاء إف بي آي على مقابلة كافية مع صالح الحصين. بدلاً من الاستمرار في جولته في الولايات المتحدة، طار عائداً إلى السعودية، وذهب إلى إدارة الحرمين الشريفين. فإنه لا يزال غير معروف ما إذا كان على اتصال مع المحضار والحازمي عشية 9/11، أو سواء كان وجوده في فندق ماريوت في تلك الليلة كان، كما ادعى بيومي من لقائه مع اثنين من الارهابيين، مجرد صدفة.

وفيما غادر الحصين ولاية فرجينيا لجهة الوطن، كان عملاء إف بي آي يجرون مقابلة مع إمام منطقة سان دييغو السابق أنور العولقي. وقال انه لا ينكر أنه كان على إتصال مع المحضار والحازمي في ولاية كاليفورنيا في وقت لاحق، ومع الحازمي في ولاية فرجينيا. قال انه لا يستطيع أن ينكر أنه كان إنتقل من سان دييغو إلى الساحل الشرقي في نفس الفترة التي تتقاطع مع انتقالهم. وقال انه مع ذلك لم يترتب عليها أي شي، وأن السلطات الأميركية لم تستمر في التحقيق في ذلك الى ما هو أكثر من ذلك.

وكان العولقي، كما قيل، قد خطب في محيط مبنى الكونجرس الأمريكي قبل فترة وجيزة من 9/11. ليس بعد ذلك بفترة طويلة، كان يتناول الغداء في البنتاغون في منطقة لم تتضرر بسبب الهجوم الذي كان معارفه المحضار والحازمي قد لعبا فيه دوراً قيادياً. ما سبب الغداء؟ محاولة الوصول إلى تخفيف حدّة التوتر بين المسلمين الأميركيين وغير المسلمين.

على الرغم من كونه من مواليد الولايات المتحدة، فإن العولقي هو نجل وزير زراعة سابق في اليمن. بقي في داخل وخارج الولايات المتحدة بعد 9/11، على ما يبدو دون عوائق، وذلك قبل مغادرته الأولى لبريطانيا وفي نهاية المطاف الى اليمن. الشكوك حول ان لديه علم مسبق بمؤامرة 9/11 تغذت على حقيقة أن رقم الهاتف لمسجد فيرجينيا ظهر من بين مواد عثر عليها في شقة كانت تستعمل من قبل المتهم بالتآمر رمزي بن الشيبة، الذي يقبع الآن في غوانتانامو.

فقط بعد سبع سنوات، يبدأ العولقي كسب شهرة عالمية. فقد إرتبط إسمه بـ: اطلاق النار من جانب قائد في الجيش الأميركي في فورت هود، ومحاولة ناجحة تقريباً لتفجير قنبلة على طائرة ركاب في طريقها الى ديترويت، وسيارة مفخخة في ساحة تايمز، واكتشاف آخر دقيقة لمتفجرات مخبأة على متن طائرات الشحن المتجهة إلى الولايات المتحدة.

حذر وزير الخارجية اليمني عندما بدأ إسم العولقي يبرز في الصحافة الغربية بانتظار أدلة حقيقية، بأنه ينبغي أن ينظر إليه على أنه ليس إرهابياً بل داعية. تبنى الرئيس أوباما وجهة نظر مختلفة. في أوائل عام 2010 كان قد أذن لوكالة الإستخبارات المركزية والجيش الأمريكي بالبحث عن واعتقال أو قتل العولقي وتصنيفه في نفس وضعية أسامة بن لادن. وبقي العولقي، كما أشار زيليكو، عندما برز أسمه في عناوين الصحف اليومية بأنها (نهاية فضفاضة لـ 9/11).

وبصورة مجتمعة، الأدوار والنشاطات للثميري، وبيومي، وباسنان، والحصين، والعولقي والحسابات المشكوك فيها وتقديم بعض منهم لأنفسهم، زادت الشكوك في أن منفذي هجمات 9/11 كان يحظون بدعم ورعاية من مؤيدين لم تحدد هويتهم بوضوح.

مشاكل على الجبهة الداخلية

التحقيق المشترك في الكونغرس، ورئيسه المشارك بوب جراهام، أبلغ الكاتبين، بأنه عثر على أدلة تفيد بأن (السعوديين كانوا يقومون بتسهيل، ومساعدة بعض الخاطفين. وأن الشك لدي هو أنهم يقدّمون بعض المساعدة لمعظم إن لم يكن كل الخاطفين. فمن رأيي أنه لا يمكن لـ 9/11 أن تقع لولا وجود بنية تحتية للدعم داخل الولايات المتحدة من قبل “السعوديين”، أعني بذلك أن الحكومة السعودية والسعوديين الأفراد الذين هم لأهداف معينة يعتمدون على الحكومة، والتي تشمل كل النخبة في هذا البلد).

المتورطون، بحسب رأي غراهام، يشملون (العائلة المالكة وبعض الجماعات التي كانت مقرّبة من العائلة المالكة). هل كان ذا مصداقية أن أعضاء في العائلة المالكة قد سهّلوا عن وعي عملية 9/11؟ أضاف السناتور السابق (أعتقد أنهم في الواقع قاموا بإجراءات كانت متواطئة مع الخاطفين).

في الصفحة 396 من تقرير لجنة التحقيق المشتركة، في الجزء الأخير من نص التقرير، تظهر هناك فجوة كبيرة. كل الصفحات الـ 28 من الباب الرابع وعنوانه (البحث والمناقشة والرواية فيما يتعلق ببعض المسائل الحساسة للأمن القومي) قد تمّ تنقيحها. الصفحات موجودة، ولكن، مع إستثناء نادر من كلمة عرضية على قيد الحياة أو مجزّأة، جملة لا معنى لها، فهي فارغة تماماً. القرار بفرض رقابة على هذا المقطع كلّه تسبب في ضجة في عام 2003.

التحقيقات تثبت ذلك، في حين أن الفقرات المستقطعة من الناحية الفنية من مسؤولية وكالة الإستخبارات المركزية، الوكالة التي عرقلت الإفراج عن معظم الصفحات. الأمر الذي تمّ بموجبه الإبقاء على سريّة تلك الصفحات قد جاءت من الرئيس بوش.

ورأى بوب غراهام وزميله الرئيس المشارك الجمهوري السناتور السابق ريتشارد شيلبي، والذي شعر بقوة بأن الجزء الأكبر من المواد المحتجزة كان ينبغي أن يعرض على الملأ. كذلك فعلت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، الديمقراطية البارزة في مجلس النواب. وقال شلبي (في رأيي أن 95% من تلك المعلومات ينبغي أن ترفع عنها السرية، وأن تصبح غير خاضعة للرقابة، وبالتالي فإن الشعب الأميركي يعرف ذلك).

يعرفوا ماذا؟ (لا استطيع أن أقول لكم ما في تلك الصفحات)، بحسب قول مدير موظفي لجنة التحقيق المشتركة، اليانور هيل. (أستطيع أن أقول لكم أن هذا الفصل يتعامل مع المعلومات التي عثرت عليها اللجنة في ملفات مكتب التحقيقات الفدرالي ووكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، الملفات التي كانت مقلقة للغاية. ولها علاقة بمصادر الدعم الخارجي للخاطفين). إن تركيز المواد، والتسريبات إلى الصحافة كان عن المملكة العربية السعودية.

كان هناك، بحسب المصادر، تفاصيل إضافية حول بيومي، الذي كان قد ساعد المحضار والحازمي في ولاية كاليفورنيا، وحول باسنان زميله. وكان القسم المحجوب من التقرير بدأ بأن أنور العولقي، إمام سان دييغو، كان (شخصية رئيسية) في شبكة دعم الخاطفين المستقبليين.

وقال مسؤول أمريكي قرأ المقطع المحجوب لصحيفة لوس انجليس تايمز أن وصفته (مباشر جداً، وصلات محددة للغاية) مع مسؤولين سعوديين، والروابط التي (لا يمكن تجاوزها بكونها نافرة، أو معزولة أو مصادفة). الصحافي في صحيفة نيويورك تايمز فيليب شينون كتب بأن السناتور جراهام ومحقّقيه أصبحوا على قناعة (بأن عدداً من المسؤولين السعوديين متعاطفون، وربما في وزارة الشؤون الإسلامية المترامية الأطراف، قد علموا بأن إرهابيي تنظيم القاعدة كانوا يدخلون الولايات المتحدة في بداية عام 2000 إستعدادا لهجوم ما. يعتقد غراهام أن المسؤولين السعوديين كانوا يوجّهون جواسيس لهم يعملون في الولايات المتحدة لمساعدتهم).

الأخطر من ذلك كله، ما ذكره مايكل آيسيكوف في مجلة نيوزويك، بأن المعلومات التي كشف عنها التحقيق رسمت (الإرتباطات الواضحة بين أمراء سعوديين رفيعي المستوى وشركائهم من الخاطفين) الإفراج الغائب عن الصفحات المحجوبة، يمكن للمرء أن يخمّن فقط ما نوع الإتصالات التي كانت.

قد يكون هناك دليل، ولكن، في البداية، التثبت أولاً من مقابلة المؤلّفين مع ضابط سابق في وكالة المخابرات المركزية المختص بالإدّعاء المتعّلق بإلقاء القبض في باكستان، في حين كان التحقيق المشترك سارياً، من كبار مساعدي بن لادن، وهو أبو زبيدة. تلت ذلك عدّة شهور من الإستجواب، يبدأ من قرابة يونيو أو يوليو 2002، أي ليس أقل من 83 جلسة محاكاة. وكان ابو زبيدة أول معتقل للقاعدة الذي جرى معه إستخدام تقنية معزّزة مثيرة للجدل.

جون كيرياكو، عميل الاستخبارات المركزية الأميركية في باكستان، لعب دوراً رئيسياً في العملية التي أدّت إلى القبض على أبو زبيدة، الذي أصيب بجروح بالغة، في أواخر مارس من ذلك العام. وفي عودته الى واشنطن مطلع هذا الخريف أبلغ كيرياكو الكاتبين، بأن قيل له من قبل زملائه بأن البرقيات حول الإستجواب أفادت بأن زبيدة قد جاء بأسماء العديد من الأمراء السعوديين. ذكر أسماءهم بنوع من الإستهزاء (بما يشير إلى) أنه تلقّى دعم الحكومة السعودية. ويقول كيرياكو بأن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية تابعت الموضوع من خلال إقتفاء آثار الأسماء.

وكان أبو زبيدة قد سمّى ثلاثة أمراء، ولكن بحلول أواخر يوليو لقي الثلاثة حتفهم، في غضون أسبوع الواحد بعد الآخر. الأول الذي لقي حتفه هو الأمير أحمد بن سلمان، وهو شخصية بارزة في المجتمع الدولي في سباق الخيل الذي كان ذكر في وقت سابق، في روايتنا عن السعوديين الذين سارعوا بالخروج من الولايات المتحدة بعد 9/11. توفي أحمد، وهو ابن شقيق كلا من الملك فهد والأمير سلطان، بأزمة قلبية عقب خضوعه لجراحة في البطن في سن الـ 43، وفقا لسعوديين.

الأمير سلطان بن فيصل بن تركي بن ​​عبد الله آل سعود، وتوفي في حادث سير. وكان الأمير الثالث، فهد بن تركي بن ​​سعود الكبير، الذي كان والده وهو ابن عم الملك فهد والأمير سلطان، لقوا حتفهم من (العطش).

وفي وقت لاحق، قال ضابط وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية السابق كيرياكو بأن زملاءه أبلغوه بأنهم يعتقدون ان ما كان أبو زبيدة أبلغهم عن الأمراء كان صحيحا. (كنا نعرف منذ سنوات)، وقال للكاتبين (ان العائلة المالكة السعودية ـ ينبغي أن أقول عناصر من العائلة المالكة ـ كانوا يقومون بتمويل تنظيم القاعدة).

في عام 2003، وإبان الضجة التي أثيرت حول فصل منقح في تقرير التحقيق المشترك، أدلى المتحدث باسم وولي العهد الأمير عبد الله، عادل الجبير، تعليقاً خفياً لم يتم توضيحه على الإطلاق. تحقيق النظام السعودي، حسب قوله، كشف عن (مخالفات من قبل البعض)، مشيراً إلى أنه على الرغم من أن العائلة المالكة مؤلّفة من آلاف الأعضاء، يصرّ على أن النظام نفسه لم يكن على علم بذلك. هناك أكثر من أربعين من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي طالبوا بالإفراج عن القسم المحجوب من التقرير. وكان من بينهم جون كيري، جو ليبرمان، تشارلز شومر، سام براونباك، أوليمبيا سنو، وبات روبرتس.

لم يحدث شيء

الشيخ صالح الحصين، متهم بدعم المفجرين،
وفي التحقيق افتعل بأنه أصيب بنوبة قلبية!

بوب غراهام، مع خبرته الطويلة في هذا المجال باعتباره عضواً وليس فقط رئيس لجنة التحقيق المشتركة ولكن أيضا في لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ الأميركي، واصل التعبير عن غضبه حيال الرقابة حتى في موضوع التقاعد. كتب غراهام في مؤلفه (مسائل الاستخبارات) في عام 2004، أن الرئيس بوش (شارك في عمليّة تستر، ليس فقط لحماية الوكالات التي فشلت، ولكن أيضاً علاقة أميركا مع المملكة العربية السعودية. فقد فعل ذلك من خلال إساءة تصنيف المعلومات حول الأمن القومي. وفي حين أن المعلومات قد تكون محرجة أو ضارة من الناحية السياسية، فإن الكشف عنها لن تضر بالأمن القومي. ختم ريتشارد شيلبي بشكل مستقل بأنه كل الصفحات المحجوبة تقريباً بقي طي الكتمان لأسباب أخرى غير الأمن القومي).

وكتب غراهام (كان كما لو أن ولاء الرئيس يكمن بصورة أكبر مع السعودية أكثر منه مع سلامة أميركا). من وجهة نظر غراهام، فإن دور بوش في كتمان معلومات هامة حول 9/11، إلى جانب تجاوزات أخرى، ينبغي أن يؤدي إلى إقالته وعزله من المنصب.

في غضون أسابيع من تنصيبه، في عام 2009، قدم خليفة بوش، باراك أوباما، نقطة من تلقي أقارب ضحايا 9/11. أرملة أحد الذين لقوا حتفهم في مركز التجارة العالمي، كريستين بريتويسر، قالت بأنها جلبت إهتمام الرئيس الى القسم المحجوب لتقرير التحقيق المشترك. أبلغها أوباما، كما قالت بعد ذلك، بأنه كان على استعداد للإفراج عن المادة المحجوبة. وبعد سنتين، بقيت المادة سريّة ـ وأن البيت الأبيض لن يقول لماذا. وحسب قول أحد المسؤولين الذي كان مطلعاً على المادة قبل أن يأمر الرئيس بوش بإزالتها: (إذا كانت الصفحات الـ 28 ستتاح للجمهور، فليس لدي شك في أن مجمل العلاقة مع السعودية ستتغير بين عشية وضحاها).

إلقاء اللوم على العراق

تقرير لجنة 9/11 بالتأكيد أضفى غمامة على الحقيقة حول دور السعودية. وبحلول الوقت الذي نشر فيه، في يوليو 2004، فإن أكثر من عام قد مضى على غزو العراق، البلد الذي قال عنه التقرير، لاعلاقة له بما جرى في 9/11. ومع ذلك، في الأشهر الـ 18 قبل الغزو كانت إدارة بوش تغذي بإستمرار فكرة أن هناك صلة عراقية بـ 9/11. في حين لم يدّعى الرئيس بوش دوراً عراقياً مباشراً، كان الرئيس بوش قد ربط اسم صدام حسين بأسامة بن لادن. وكان نائب الرئيس ديك تشيني قد ذهب بعيداً، يقترح مراراً وتكرارا بأن ثمة ضلوعاً مباشراً للعراق في الهجمات.

استطلاعات الرأي تشير إلى أن الدعاية حول ضلوع العراق أثرت على الدرجة التي يفترض أن ينظر منها الرأي العام الأميركي الذي يرى العراق بوصفه العدو تستحق العقاب. قبل الغزو، أظهر إستطلاع بيو للأبحاث أن 57% من الذين استطلعت اراؤهم يعتقدون أن صدام قد ساعد إرهابيي 9/11. وكان 44% من المشاركين في إستطلاع نايت ريدر رسمت إنطباعاً بأن (معظم) أو (بعض) الخاطفين هم عراقيون. في الواقع، ليس من بينهم أي عراقي. في أعقاب الغزو، توصّل إستطلاع واشنطن بوست إلى أن 69% من الأميركيين يعتقدون أنه من المرجح أن صدام حسين شارك شخصياً في 9/11.

أثبتت كل التكهنات التي تقود الى صلة عراقية بالهجمات بأنها فارغة. (لقد عدنا 10 أعوام الى الوراء)، كما يقول مايكل شوير، الذي حقق في هذه المسألة بطلب من المدير تينيت. (قمنا بفحص حوالي 20 ألف وثيقة، وهو ربما على غرار 75000 صفحة من المعلومات، وانه لا توجد صلة بين [تنظيم القاعدة] وصدام).

ماذا عن باكستان؟

في السنوات التي كان النزاع في العراق يثير انتباه العالم، فإن الأدلة الحقيقية التي تربط دول أخرى بأسامة بن لادن و9/11 تلاشت من الوعي العام. كان هذا في جزء منه خطأ من لجنة 9/11، الذي فشل في تسليط الضوء على التفاصيل والأدلة بالكامل. كان، ويا ​​للسخرية، لنائب سابق لمستشار الأمن الوطني للرئيس بوش، ريتشارد رأي مغاير، الذي أعرب بصوت عال عن الحقيقة غير المريحة. تقرير اللجنة، بحسب فالكنراث، قد أنتجت تغطية سطحية فحسب لحقيقة أن القاعدة كانت (تقاد وتموّل الى حد كبير من قبل السعوديين، وذلك بدعم واسع من الاستخبارات الباكستانية).

لدى باكستان حركة إسلامية إصولية قوية. كانت، إلى جانب السعودية ودولة الامارات، واحدة من ثلاث دول فقط إعترفت بحركة طالبان. كان أسامة بن لادن يعمل هناك في وقت مبكر من عام 1979، بمباركة من المخابرات السعودية، في المرحلة الأولى من النضال لإخراج السوفيات من أفغانستان المجاورة. وكانت الاتصالات التي ادلى بها دائمة.

ما قاله بن لادن نفسه عن باكستان قبل عامين من 9/11 تستغرق مجلدات. (لدى الشعب الباكستاني حب كبير للإسلام). لاحظ أنه في عام 1998 بعد الهجوم الذي وقع في وقت متأخر من هجوم الصيف الصاروخى الأمريكي على معسكراته، وقتل فيه سبعة باكستانيين. وأضاف (إنهم دائما ما قدّموا تضحيات من أجل قضية الدين). وفي وقت لاحق، في حديث آخر، وقال إنه شرح كيف أنه هو نفسه قد تمكّن من تفادي الهجوم: (وجدنا شعباً متعاطفاً وسخياُ في باكستان...تلقّى معلومات من أحبائنا وداعمي الجهاد).

تنظر باكستان الى أفغانستان باعتبارها حاسمة إستراتيجياً، لا أقلها على حساب قضية منها العديد من أعضاء الجمهور في الغرب لديهم معرفة ضئيلة أو لا شيء على الإطلاق. وخاضت باكستان والهند ثلاث حروب في الماضي منذ نصف قرن حول كشمير، وهي كبيرة، والأراضي المتنازع عليها والتي على كل دولة لديها كل المطالبات والتي تسيطر جزئياً، وحيث هناك أيضا حركة تمرّد محلية. هناك ضغط على أفغانستان، نظرا لموقعها الجغرافي، وتمكين باكستان لتجنيد المتطوعين الأفغان والعرب للإنضمام إلى التمرد الكشميري، ومشاغلة جزء كبير من الجيش الهندي.

المتمرّدون المدرجون في موضوع كشمير وهم من المجاهدين، الملتزمين بقضية ينظرون اليها على أنها مقدسة. الجنرال حميد غول، الذي رأس سنة 1989 المخابرات الباكستانية، المكافئة لوكالة الاستخبارات المركزية، يرى النزاع بأنه جهاد. بن لادن، من جهته، صنع قضية مشتركة مع غول وفي السنوات التي تلت ذلك، مع شخصيات تحمل تفكيراً مماثلاً في الاستخبارات الباكستانية. وقد تم تدريب العديد من المجندين في المخابرات الباكستانية للقتال في كشمير في معسكرات بن لادن. وقال انه مازال يمكن قوله، في وقت متأخر من عام 2000، (مهما تقوم به باكستان في المسألة الكشميرية، فنحن نؤيّده).

كانت الاستخبارات الباكستانية قوية في أفغانستان، كما قال المبعوث الأميركي الخاص بيتر تومسن للجنة 9/11، حيث أن طالبان (كانت في الواقع الشريك الأصغر في تحالف غير مقدّس)، من المخابرات الباكستانية والقاعدة وطالبان. وكلما نما نفوذها، إرتبطت وكالة الاستخبارات الباكستانية بشكل وثيق بالمخابرات السعودية، ووضع السعوديون المال في جيوب كبار الضباط الباكستانيين. حققت وكالة الاستخبارات الباكستانية على مر السنين، ليس فقط القوة العسكرية ولكن نفوذ سياسي كبير في باكستان، لدرجة أن هناك من وصفها بأنها (الجسم الأكثر نفوذاً في باكستان)، وهي (حكومة الظل).

في حين أن لا أدلة دامغة تظهر أن لدى باكستان علماً مسبقاً بهجمات 9/11، بعد يومين أصدرت واشنطن تحذيراً صريحاً استعداداً للرد على تنظيم بن لادن ومستضيفيه في أفغانستان. كان آنذاك وفقا لمدير المخابرات الباكستانية أحمد محمود، الذي كان يزور واشنطن في ذلك الوقت قال نائب وزير خارجية الولايات المتحدة ريتشارد أرميتاج أن الولايات المتحدة ستقصف باكستان (لتعيدها الى العصر الحجري) في حال فشلت في الاستجابة للمطالب الأميركية في تقديم المساعدة (نفى أرميتاج أنه استخدم تلك اللغة المتطرفة).

الرئيس السابق لمكتب وكالة الاستخبارات المركزية في إسلام آباد، روبرت جرينير أكد مؤخراً أن التعاون الباكستاني ضد القاعدة تحسّن إلى حد كبير بعد 9/11. إلقاء القبض على ثلاثة من كبار قادة القاعدة وهم أبو زبيدة، رمزي بن الشيبة، وخالد الشيخ محمد، وكانت، على ما يبدو، قد تمّت من قبل عملاء المخابرات الباكستانية والشرطة، في بعض إن لم يكن جميع الحالات تمّ بالتعاون مع وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية.

مع ذلك، فإنه في الوقت الذي هزمت فيه أميركا القاعدة، تشير المعلومات الواردة إلى أن الإستخبارات الباكستانية بقيت على اتصال مع بن لادن، أو كانت علىى علم بمكان وجوده. مسؤولو المخابرات الباكستانية، كما أخبر بيتر تومسين لجنة 9/11، كانوا يقومون (بزيارة [بن لادن] حتى وقت متأخر من ديسمبر 2001) وبقيت على علم بمكانه بعد ذلك. في عام 2007، تحدثت كاثلين مكفارلاند، مسؤولة سابقة رفيعة المستوى في وزارة الدفاع، تحدّثت عن وجود بن لادن في باكستان كحقيقة. (أنا مقتنع)، بحسب المؤرخ العسكري ستيفن تانر لقناة CNN في عام 2010، بأنه يحظى بحماية وكالة الاستخبارات الباكستانية. أعتقد أنه من المستحيل تماماً بعد كل هذا الوقت أن لا نعرف أين هو.

أوباما قد تعهد خلال حملته الانتخابية للرئاسة، قال: (سوف نقتل بن لادن.. وأن ذلك يجب أن يكون أكبر أولوية بالنسبة لأمننا القومي). وبعد توليه المنصب الرئاسي، لم يطلق مثل هذه التصريحات العامة. في غضون ذلك، فإن مطاردة إبن لادن ظهرت كما لو أنها لم تصل إلى أي مكان، وليست هي أولوية عليا. ومع ذلك، إذا نظرنا الى الوراء، كان هناك قليل من المعلومات الجديدة التي افادت بخلاف ذلك.

سئل الجنرال ديفيد بتريوس قائد القوات الامريكية وقوات حلف الاطلسي في افغانستان، في لقاء مع الصحافة في العام 2010 عما إذا كان من الضروري الآن إلقاء القبض على بن لادن. أجاب (أعتقد بأن اعتقال أو قتل اسامة بن لادن لا يزال عملية هامة جداً بالنسبة لجميع أولئك الذين يشاركون في مكافحة الارهاب حول العالم).

بالنسبة لأولئك الذين يشكّكون في أن ابن لادن لا يزال حياً، فإن أواخر خريف 2010 قدّم رسالتين صوتيتين لابن لادن جديدتين. وقال مسؤولون امريكيون لصحيفة نيويورك تايمز أن هناك اختراقات لاتصالات القاعدة، مشيرين إلى أنه لا يزال يشكّل استراتيجية. ثم، في غضون أسابيع، نقلت سي ان ان عن (مسؤول في الناتو رفيع المستوى) قوله أن بن لادن ونائبه أيمن الظواهري يعتقد أنهما يختبئان في مناطق ليست بعيدة عن بعضها في شمال غرب باكستان وليس (في كهف)، وفي نفس اليوم، نقلت صحيفة نيويورك دايلي نيوز عن مصدر مطلّع على جميع التقارير حول بن لادن، بأنه تحدّث عن وجود (مشاهد تعتبر ذات مصداقية) في السنوات الأخيرة، وحتى (صورة محببة لابن لادن داخل شاحنة).

نهاية لابن لادن

في الساعة 11:35 مساء يوم الأحد الأول من مايو، ظهر الرئيس أوباما على شاشات التلفزيون في أنحاء العالم، ليقول (في هذه الليلة يمكنني إبلاغ الشعب الأميركي والعالم بأن الولايات المتحدة قامت بعملية أدّت الى مقتل أسامة بن لادن، زعيم تنظيم القاعدة، وإرهابي مسؤول عن قتل آلاف الأبرياء من الرجال والنساء والأطفال).

لقد قتل في باكستان. وبدا للكثيرين كما لو كانت باكستان تؤيه عن سابق علم. بالنسبة للإرهابي المطلوب الأكبر في العالم الذي كان يعيش، بكل الحسابات لسنوات، بشكل مريح ومحمي بشكل جيد ـ للإرهابيين في العالم المطلوبين كانوا يعيشون من جانب جميع الحسابات لسنوات، ويعيش بشكل مريح ومحمي بشكل جيد، ليس في أي مدينة باكستانية ولكن في مدينة لطبقة وهي أبوتاباد، حيث يعيش الكثير من الضبّاط العسكريين المتقاعدين، وضمن مدى النيران للأكاديمية العسكرية الأكثر شهرة في البلاد، أي المكافئة لويست بوينت في أميركا. الاستخبارات الباكستانية لديها أيضا وجود هناك.

المسؤولون في واشنطن كانوا حاسمين بدرجة قاسية حين أصبحت هذه الحقائق في متناول الرأي العام. أبلغ مدير الإستخبارات المركزية الأميركية ليون بانيتا المشرّعين بأن الباكستانيين كانوا إما (ضالعين أو غير كفؤوين). مستشار الرئيس لمكافحة الإرهاب، جون بيرنان، يعتقد بأنه (من غير المعقول) أن بن لادن لم يكن لديه نظام دعم في أبوتاباد. في 60 دقيقة، تكهّن أوباما نفسه بالقول (وسواء كان هناك بعض الناس داخل الحكومة، وناس خارج الحكومة (يدعمون بن لادن)، وهذا شيء لابد من التحقيق فيه، والأهم من ذلك أن الحكومة الباكستانية لابد أن تحقق فيه).

لقد جرى تعقّب بن لادن في أبوتاباد، كما كشفت مصادر أميركية في وقت لاحق، بفضل المعلومات عن استخدامه لسعاة لنقل الرسائل باليد لزملائه الإرهابيين. ما لم يذكر هي حقائق حول العلاقة بين أبوتاباد والقاعدة، وضعها الرئيس السابق برويز مشرف في مذاكراته وأصبحت في متناول الرأي العام. عملية القبض والنقل الى سجن الحجز في الولايات المتحدة التي تمّت في باكستان العام 2005، لمساعد كبير لأسامة بن لادن وهو خليفة خالد الشيخ محمد، أبو فرج الليبي، كما كتب ذلك مشرّف، قد تمّ بعد مطاردة طويلة من قبل المحققين الباكستانيين. وخلال المطاردة، وفقاً لمشرف، إكتشف المحققون أن الليبي يستخدم ما لا يقل عن ثلاثة منازل آمنة ـ وجميعها في بوتاباد. وبعيداً عن كونه مكاناً، لا يمكن للمرء أن يتوقع أن يعثر فيه على إرهابي كبير يختبىء، كما تبين، فإن أبوتاباد لديها سجل حافل لكونها بالضبط كذلك، أي مخبأ.

بعد أسبوع من الهجوم ضد بن لادن، فإن مراسل صحيفة الغارديان في إسلام أباد ذكر بأنه بعد عقد من الزمن، من 9/11 ـ توصّل الرئيس بوش مع مشرّف إلى صفقة: في حال تم تحديد موقع بن لادن داخل الحدود الباكستانية، فسوف يسمح ذلك للولايات المتحدة من جانب واحد للقيام بغارة. (كان هناك إتفاق)، بحسب مسؤول أميركي بارز سابق قول (إذا كنا نعرف أين كان أسامة، فإننا ماضون إلى القبض عليه. وإن الباكستانيين سيبدون تهويلاً وبكاءً، لكنهم لن يوقفونا).

ونفى مشرّف أن يكون قد تمّ إجراء مثل هذه الصفقة. ومع ذلك، ووفقاً لصحيفة الجارديان، قدّم مسؤول رسمي باكستاني لم يذكر أسمه تأييداً للقصة. وقال (بالنسبة لأصدقائنا الأميركيين، فإنهم فقط نفّذوا الاتفاق).

حتى الآن، لا يمكننا أن نعرف الخلفية الكاملة لكيفية تعقّب الولايات المتحدة بن لادن. ولكن لدينا فكرة أفضل، بعد عقد من الزمان، عما إذا كان هناك يد للاعبين أقوياء في دول أجنبية في 9/11.

الصفحة السابقة