وزير خارجية قطر في حديث مسجّل مع القذافي

التقسيم مصير السعودية

خالد شبكشي

سقوط القذافي ووقوع وثائق عديدة في يدي معارضيه كشف عن الكثير منها. ورغم محاولات الحكم الجديد السيطرة على أرشيف النظام السابق، خاصة فيما يتعلق بجهاز مخابراته، إلا أن الضبط فيما يبدو لازال ضعيفاً. وقد تسرّبت الكثير من التسجيلات الحيّة فيما يتعلق بالنظام السعودي، سواء من وزير الخارجية القطري، أو أمير قطر نفسه، أو عمر سليمان ـ رئيس جهاز المخابرات المصرية السابق. وكلها تتعلق بالموضوع السعودي. ترى ماذا يقول الحكام من وراء بعضهم البعض؟ وما هي تحالفاتهم وارتباطاتهم بالمخابرات الإسرائيلية؟

تكشف تسجيلات منشورة لمحادثات بين القذافي ومسؤولين قطريين حول موضوع السعودية، والتي تمّت على الأرجح بين 2003 و 2006، طبيعة العلاقات والتحالفات بين النظم العربية والخليجية؛ حيث أنه كانت هناك والى وقت قريب تحالفات بين طرابلس والدوحة، لتشكيل محور موجّه ضدّ السعودية بدرجة أساس، وهو محور سعت الدوحة الى بنائه، وبدا واضحاً بعيد أحداث سبتمبر 2001، وكانت قناة الجزيرة محوراً فيه، وليبيا القذافي عنصراً مكوناً لذلك المحور. وقد استضافت القناة القذافي، وأعدّت له مواقعه الإلكترونية فيما كانت الإتصالات والزيارات بين البلدين تتكثف.

لكن، انقلب القطريون وبشكل كامل ومفاجئ على القذافي بين عشيّة وضحاها؛ مثلما انقلبوا على الأسد، حيث العلاقات بين العائلتين قويّة الى وقت حدوث الإحتجاجات. فجأة أصبحت قطر متزعمة للثورات، وإذا بها تكون الأقرب الى السعودية في منهجها السياسي، وكأنها عادت الى الحضن السعودي مرّة أخرى، خاصة وأن هناك اتفاقاً سعودياً قطرياً أبرمه وزير الخارجية القطري مع الأمير سلطان ولي العهد السابق، بأن توقف قناة الجزيرة حملتها المضادّة ضد السعودية، مقابل استعادة الأراضي المتنازع عليها حدودياً، والتي سيطرت عليها السعودية بالقوة.

كلام وزير الخارجية القطري المسجّل، يكشف عمق العداء بين الرياض والدوحة؛ وكيف أن الأخيرة تحاول تجميد الدور السعودي على المستوى العربي من جهة؛ وربما أيضاً إسقاط النظام السعودي، أو تقسيم السعودية نفسها، من جهة أخرى.. وذلك ردّاً على المحاولة الإنقلابية التي قامت بها الرياض ضد الدوحة عبر قبيلة المرّة، كما هو معلوم.

وزير الخارجية القطري في حديث للقذافي قدّم معلومات مفيدة، وتحليلات واقعية لطبيعة النظام السعودي وتحالفاته، كما قيّم بعض رجال النظام، بمن فيهم الملك عبدالله، والأمير بندر بن سلطان.

مجلة (الحجاز) كانت جزءً من الحديث بين القذافي وحمد بن جاسم آل ثاني، كما أشير الى مجلة معارضة أخرى توقفت دون ذكر إسمها، والتي كان يصدرها ناشطون سياسيون شيعة، وهي مجلة (شؤون سعودية).

من أهم ما يلفت في كلام وزير الخارجية القطري من معلومات وتحليلات التالي:

ـ أن السعودية كدولة قابلة للتقسيم، وأن هناك رأياً غربياً مشجّعاً في هذا الإتجاه.

ـ أن الأمراء السعوديين عاجزون عن إدارة الدولة بسبب كبر سنّهم. وأن هناك خلافات بينهم وبالذات بين سلطان وعبدالله، حيث شكا الأول بأنه تم تقليص عبثه بالمال، وقال للوزير القطري بأن المواطنين السعوديين إذا ما توقفت رشوات آل سعود المالية لهم، فإنهم لا يريدون حكمهم.

ـ أن السعودية كقوّة إقليمية قابلة للكسر؛ وأن قطر استطاعت أن تأخذ مكانها في أكثر من موقع، وأن تكسر احتكار تسيّدها في الخليج، كما يقول الوزير القطري.

ـ أن الخلاف القطري السعودي الحدودي رغم حلحلته فإنه لازال في النفوس ما فيها تجاه الرياض، وأن الدوحة لم تنسَ المحاولة الإنقلابية على الدوحة.

ـ أن الغرب لازال يقف بقوّة الى جانب حكم آل سعود، خشية ما يسمّونه المتطرفين الإسلاميين.

ـ أن الملك عبدالله ضعيف ويمكن عزله إن شاء الجناح السديري ذلك.

ـ أن السعودية وبعد أن خرجت القواعد الأميركية من أراضيها الى قطر (قاعدة العديد)، عادت ومنحت واشنطن قواعد مرّة أخرى وبشكل مجاني.

ـ أن هناك تواصلاً وتنسيقاً قطرياً أميركياً واسرائيلياً، وأن ليبيا ـ حسب رد القذافي ـ له اتصالات بالمخابرات الإسرائيلية، مثلما قطر، وبالتحديد مع قيادة جهاز الأمن الإسرائيلي (أمان).

ـ أن قناة الجزيرة كانت على الدوام جزءً من السياسة الخارجية القطرية، وأنها أداة فعالة في مواجهة الخصوم، ومن بينهم السعودية. وأن الولايات المتحدة لم تكن راضية على أداء القناة إعلامياً ولا عن مواقفها السياسية.

والآن الى نصّ ما ذكره وزير الخارجية القطري للقذافي.

القضية الآن هم اشتروا الناس اللي حواليه [أي أن الجناح السديري ممثلاً يومها في سلطان وسلمان ونايف اشتروا المحيطين بالملك عبدالله، الأمير يومها].

الحرس الوطني شروه [اشتروه]. هذي معلومات من احد الرؤوس.

الرجل [أي الملك عبدالله] باقي إذا هم يريدونه. وفيه كلام انه ممكن كسرهم [آل سعود].

الأميركان عندهم استراتيجية: تهدأ العراق خلال سنتين، هم يحسبون ان السعودية بتتقسم؛ ذولا الوهابيين المتشددين وسط المملكة في نجد، ما فيها بترول إلا 400 الف برميل.

الحجاز عندهم مكة والمدينة والبترول.

الشرقية عندهم كل الثروات النفطية.

ليش الآن فيه جريدتين تصدر واحدة باسم الحجاز، ووحدة باسم الشرقية ومعارضة.

بداية الفصل، أنا شفت رولان الفرنسي صاحب التقرير المشهور عن السعودية، اللي كان في مجلس الأمن القومي، اللي يقول فيه انه لا بد يشيلوا آل سعود. هذا الشخص يقول لازم فصل هذين [الحجاز والشرقية]، خلّي المتدينين ما عندهم ياكلون، خلّي عندهم 400 الف برميل.

انا اجتمعت مع المخابرات الإنجليزية والأميركية من فترة في لندن، وطالبيني على أساس تحليل الوضع في السعودية ـ بس هذا بيني وبينك أمانة ـ حللت لهم الوضع: أن الوضع صعب، وفيه حكومة هرمة ومش تاركة للي تحت، لأحد يدير الأمور. ممكن يكون هرمة، بس يخلون أحد يشتغل في البلد. قلت لهم يعني واحد اللي ما يقدر يشتغل ثمان ساعات في اليوم، عشر ساعات، يترك غيره يشتغل، وهو يشرف على الأمور. هم لا تاركين الشباب يشتغلون ولا شي.

الأمل في الصف الأول حتى في الجيش مفقود؛ الأمل لازم في الصف الثاني. هذولا ناس يروحون أوروبا ناس يروحون كذا، واحد يشوف يعطي هذا الضابط بدون ما يطلب منه خدمة، يعني يخلق علاقاته الشخصية مع هالناس اللي في المفاصل. هذا جزء مهم في العملية برأيي الشخصي، لأنه انت هنا معناته [معناه] مش طالب منه طلب عشان تعطيه، يعني ما تسوّي عليه منّه، انه تقول له أنه بساعدك لأنه أنا كذا وكذا.

هذولا وين يروحون؟: لندن وباريس، روما وسويسرا، معروفين هذيلا نشتغل عليهم، سفاراتنا [تشتغل عليهم] بهدوء. واحد وقع في مشكلة، واحد مرض يبغى علاج، مش عارف أيش من هالناس المعيّنين. هذا يمكّن لك كثير. هذه نقطة.

النقطة الثانية: الإنجليز قالوا لي احنا بنوقف الى آخر لحظة مع آل سعود. لأن البديل خطر. البديل الإسلاميين، واحنا ما نريد إسلاميين. مالّين [الإنجليز ملّوا من آل سعود] بس ما يقدرون إلاّ يؤمنّون بديل.

عندنا مشكلة. احنا نجحنا أنه سحبنا قواعدهم من السعودية الى قطر. انا عملت خلل. الآن أعطوهم [السعوديين] مرة ثانية قواعد مدفوعة الثمن.

مشكلتنا يعني احنا شوي شوي كسرنا احتكارهم في الخليج. يعني انت شفت كم رئيس دولة حضر الى دمشق. هذا قبل ما كانت تحصل. الآن (أمان) حضرت، (أمان) دائماً يحضر الرجل الثاني، اللي هو السيد...، وثلاث دول أخرى احنا والكويت والإمارات حضروا. هذا ضربة للسعودية كبيرة.

احنا في الجامعة: ما عندهم [أي آل سعود] السيطرة في الجامعة.

احنا مع الأميركان شغّالين في هالموضوع. طبعاً عندنا خلاف على موضوع ـ نجحوا فيه السعوديين مع الأميركان ـ موضوع الجزيرة. عندنا اختلاف كثير. هم زعلانين على موضوع الجزيرة. هذي مشكلة. لكن احنا عندنا اتصالات كثيرة، ويرسلون [طالبين] رأينا في أشياء كثيرة. لكن المشكلة انه ما حوالينا عرب كثار ويّانا، حتى يقولون هالجماعة عندهم مجموعة. يعني الحين خطنا من يمثله؟ احنا وانتم كم دولة ثانية معانا في هالخط؟

ما ننسى انهم [آل سعود] عملوا انقلاب علينا في يوم من الأيام، وهذا لا يمكن ننساه. لكن وانا اعرف أن اكثر واحد يكرهونه هو أنا. لكن أول شيء احنا اخذنا حقنا بالكامل وبالقوة. الشيء الثاني احنا بغينا انكون على حياد شوي معاهم في بعض الأمور، لأنهم شكلوا ضغط علينا مع امريكا عجيب. واحنا ثلاث سنين صمدنا امام هذا وما غيّرنا، وهم قاعدين يحاولون يشتغلون علينا في كذا موضوع.

سلطان [ولي العهد] مسكني على جنب، يقول الآن قاطع عني كل الفلوس وابيع أملاكي عشان اعطي الناس. قال لي احنا مو حاكمين بالإنتخابات، اذا ما نعطي الناس ما يريدونا.

بندر عنده حالة نفسية وبسبب ..... الأمور عليه وقاعد يبيع أشياءه عشان يصرف.

انا اعتقد هم الآن حاسين بالفجوة اللي وقعوا فيها والمشكلة.

الصفحة السابقة