هل انتهى العمر الافتراضي للنظام السعودي؟

ليس سؤالاً عابراً ولا مفتعلاً، فقد بات يطرح بقوة في المنتديات ومراكز البحث، لأن الدورات التاريخية الكبرى تستوجب تحوّلات كبرى في المجتمعات والأنظمة السياسية.

المشاكل الصحية التي يعاني منها الملك وولي عهده ووزير الخارجية وغيرهم ليست وحدها المسؤولة عن إثارة سؤال العمر الافتراضي للنظام السعودي، بل تتجاوز الى أبعد من ذلك وتتصل ببنى النظام نفسه المهترئة والتي تجاوزها الزمن وتعمل وفق قوانين مرحلة سابقة، يعجز حلفاء النظام عن تبريرها، خصوصاً في ظل حركة الشعوب الثائرة..

الكاتب الأميركي سايمون هندرسون الذي اعتاد طرح سؤال (من بعد..؟) تطرّق في تقرير له في معهد واشنطن الى رحلة الملك العلاجية الى الولايات المتحدة. ورغم ألا أحد في الدولة ذكر أسباب رحلة الملك الا أن تكهنات ترقى الى مستوى القطع أفادت بأن الرحلة هي لمتابعة علاج مرض الظهر الذي يعاني منه الملك وكان قد أجرى عمليات جراحية عامي 2010 و2011. ويرى هندرسون بأن الحاجة إلى مرشح لولاية العهد بعد سلمان بن عبد العزيز باتت أكثر إلحاحاً في ضوء المآلات التي ستنتهي اليها السلطة ودفة القيادة في ضوء بلوغ ما تبقى من أبناء عبد العزيز ?ل سعود الستة والثلاثين مرحلة الشيخوخة العمرية والسياسية والتي تُرجمت بوفاة وليين للعهد هما سلطان ونايف ابني عبد العزيز في غضون ثمانية أشهر.

وتناقلت مصادر إخبارية عدة غير معلنة من قبل الجهات الرسمية أن ولي العهد سلمان بن عبدالعزيز مصاب بمرض "الزهايمر" الأمر الذي لا يؤهله لإدارة شؤون البلاد في ظل غياب الملك. ويتابع التقرير أنّ قدرة السياسة الخارجية السعودية كذلك تأثرت بالمرض الأخير لوزير الخارجية سعود الفيصل الذي يستحيل أن يستعيد قدرته الصحية وممارسة مهامه التي بدأها منذ نحو ثلاثين سنة.

ففي غيابه تمثلت المملكة بنائبه عبد العزيز بن عبد الله في قمة عدم الإنحياز في طهران كما لم يعرف الكثير عن الإضافة التي قدمها تعيين بندر بن سلطان في رئاسة الإستخبارات العامة للمملكة.

ويختم التقرير بالقول إنّ التحدي القصير الأمد هو العمل على اختيار الشخص الأمثل للتواصل مع واشنطن ما بين عبد الله بن عبد العزيز وولي عهده سلمان بن عبد العزيز. أما على المدى الطويل فعلى الولايات المتحدة أن تطوّر علاقات جيدة مع أيّ أمير مرشح لمنصب العهد في السعودية.

ويرى بعض المحللين أنها قد تكون الجولة الأخيرة للعاهل السعودي وسط تكهنات بنهاية العمر الافتراضي للنظام في ظل المشاكل الصحية التي يعاني منها والتي تحد من القدرة العقلية على تسلم المسؤوليات وإدارة شؤون البلاد.

تأتي هذه الزيارة في سياق الملفات والإضطرابات الساخنة التي تواجهها السعودية من تضعضع في أوضاع العائلة الحاكمة وتجاهل دعاوى اصلاح النظام السياسي والتي بدى فشل النظام عن تأدية دور ديبلوماسي فعال ومجد في ظل تراجع الدور الأمريكي في المنطقة وتشابك مصالح الأطراف الدولية على الساحة العالمية.

وخلافاً للاعتقاد السائد فإن النفط لا يجعل نظام آل سعود في مأمن من السخط الشعبي. فمع اكتساح رياح الثورة لمنطقة الشرق الأوسط تواجه السعودية ضغوطاً هائلة تجاه نظامها التقليدي المتهالك الذي يستوجب أن يتفهم إمكانيات وحدود قدرة النظام الملكي على التكيف مع هذه التحديات المتزايدة.

ويقول "لي نولان" من مركز بروكنجز الدوحة للأبحاث السياسية المستقلة "مع تردد أصداء الثورة التي اندلعت في تونس ومصر في جميع أنحاء الشرق الأوسط فإن نظام آل سعود يواجه اختيارات حاسمة".

كما يؤكد حاجة نظام آل سعود لإدارة الإصلاح بجرأة بدلاً من قمعه ويقول "ظهر بوضوح أن السياسات السابقة التي سمحت بإصلاحات جزئية كانت غير فعالة والآن هو الوقت المناسب لنظام آل سعود أن يخطو خطوات كبيرة نحو التحرر. وما لم يحدث ذلك فقد يجبر الشعب السعودي النظام على إجراء هذه الإصلاحات ما قد يهدد استقرارالبلاد وبقاء النظام" حسب قوله.

الصفحة السابقة