(فيسك) يكتب عن السعودية وسوريا

تصعيد وتيرة التسليح والحوار المجهض

ليس كل دول الخليج متحمّسة لتسليح الثوار السوريين، خشية الارتدادات العكسية
في حال عاد مقاتلوها الى الديار، وذلك للجهاد من أجل دولة دينية صافية

فريد أيهم

تتصاعد وتيرتان في الموضوع السوري: وتيرة التسليح ووتيرة الحل السياسي، وفيما تتحدث أطراف عن ضرورة وضع قيود على تسليح المعارضة السورية كي لا تقع أسلحة حيوية بيد القاعدة،
روبرت فيسك
ما دعا وزير الخارجية الأميركية جون كيري من الرياض الى التشديد على إيصال السلاح الى من أسماها بـ (الفئات المعتدلة) في المعارضة السورية. أما الحل السياسي على أرضية مبادرة جنيف، فإن ثمة أطرافاً إقليمية مثل السعودية وقطر وتركيا ترفض مبدأ التسوية خشية أن تأتي الحلول على حسابها، ولذلك فإن واشنطن تمدّ السلاح بيد وتقدّم غصن الزيتون باليد الأخرى..أمام هذه المراوحة والمناكفة والتناقض في المواقف السياسية الدولية والاقليمية، يصبح الميدان ولغة الدم وحدها التي تسود سوريا. ونضيء هنا على أهم ما كتب في هذا الموضوع خلال الشهر الفائت لأهميته.

كتب روبرت فيسك في صحيفة (الاندبندنت) في 6 آذار (مارس) مقالاً جاء في عنوانه العريض: جون كيري يريد من الخليج دعم الثوّار السوريين. ولكن أي ثوار؟ الناعمون، المأمونون؟ أم أولئك المرعبون، الاسلاميون الإرهابيون؟

وتساءل لماذا لا تريد العائلة المالكة في السعودية تسليح الميليشيا المناوئة للشيعة المفضلة لديها؟

يقول فيسك بأن جون كيري أمضى وقتاً مأساوياً في الخليج. فعليه أن يعرب عن حبه لهم جميعاً ـ الملوك والأمراء والشيوخ ـ وهو بحاجة الى دعمهم ضد بشار الأسد. لأنهم يبعثون بالمال والسلاح الى الثوّار. ولكن أي ثوّار؟ الأشخاص الناعمون، العلمانيون والمأمونون من الجيش السوري الحر أم الاسلاميون الإرهابيون المرعبون الذين هم أيضاً يحاربون الاسد والذين يسيطرون و/أو يفقدون آلاف الياردات المربّعة، والذين سيطروا على عاصمة محافظة الرقّة.

في قطر، كان كيري موافقاً على إبلاغ العالم بأن لديه ضمانات كبيرة بأن الأسلحة يتم إرسالها الى الجماعات المعتدلة في سوريا. مثل هذه الضمانات قد تكون موجودة، ولكنها بلا قيمة. فإذا كانت السعودية وقطر ترسلان الأسلحة الى المعارضة، كيف يمكنهما تحديد بأن (هذه ليست لجبهة النصرة أو الجماعات الإسلامية الأخرى)؟ وحيث أن العائلة المالكة في السعودية وهابية ـ مثل كثير من المقاتلين الاسلاميين في سوريا، وكذلك قتلة 11 سبتمبر في أميركا ـ فلماذا يجب على السعوديين ألاّ يسلحوا المليشيا المناوئة للشيعة المفضلة لديهم في سوريا؟

السيد كيري يبدو أنه ليست لديه أدنى فكرة. «بشار الأسد فقد الشرعية» كما أعلن عن ذلك، أليس هذا ما يفترض أن يكون قد حدث منذ سنتين؟ (ومن المستحيل أنه سوف يستعيدها؟). ولكن السعوديين والقطريين يسكبون الأسلحة في سوريا والأميركيون لا يقدرون على ـ ودعنا نقول الحقيقة هنا ـ ضبط من يحصل عليها، ومن يكون الحكّام الشرعيون لسوريا بعد الأسد. والكل في الخليج متفق على أن بشار هو سيء للغاية. ولكن هل السعودية وقطر ـ الشهيرتان بالحريات والديمقراطية البرلمانية وحقوق الإنسان ـ تنويان إقامة ديمقراطية على الطراز الغربي في سوريا؟

السعوديون كانوا غاضبين من سكود الأسد. «هذا لا يمكن أن يستمر» كما أخبر وزير الخارجية السعودية الأمير سعود الفيصل كيري باستمرار هجمات الحكومة السورية بالصواريخ الباليستية على حلب. ونقول نحن جميعاً ذلك أيضاً. ولكن الهجمات تتواصل ـ والسعوديون والقطريون والأميركيون، وأنا أفترض، والبريطانيون ليس بإمكانهم فعل أي شيء حيال ذلك. وحين سئل كيري في الرياض ما اذا كانت امدادات السعودية بالإسلحة كانت موضع قلق، أجاب بوهن بالحديث عن امدادات الروس والايرانيين وحزب الله للأسلحة لنظام الأسد.

في عالم يفتقر الى ذاكرة مؤسساتية، لا أحد يسأل لماذا على حزب الله أن يقدم الأسلحة الى نظام الأسد، فيما لا يزال الاسرائيليون يتفاخرون بأنهم قاموا في الشهر الماضي بقصف قافلة أسلحة قادمة من الأسد الى حزب الله. أمر مربك أليس كذلك؟

وفي تقرير لرويتر في 18 فبراير الماضي، أعدّه أنغوس ماكدوال وريغان دوهيرتي، بعنوان (السعودية وقطر تضغطان من أجل المزيد من المساعدة للثوّار السوريين).

تتقاسم السعودية وقطر حذر الغرب من صعود المجموعات المتحالفة مع القاعدة في سوريا، ولكن جوابهما يقول بأن لمن خارج سوريا مثلهم أن ينخرطوا بشكل أكبر في دعم الثوار هناك.

الدولتان الخليجيتان المكرستان لإسقاط بشار الأسد يظهر أنهما مقاومتان للضغط الغربي للابتعاد عن القتال، على قاعدة أن بناء روابط عبر الدعم وتقديم المشورة لجماعات المعارضة هو السبيل الوحيد لإبلاغ الآخرين، الجماعات الاسلامية المتشدّدة بأنها مستبعدة.

تريد الولايات المتحدة وأوروبا تفادى تسليح الميليشيات الثورية خشية أن تجد هذه الأسلحة طريقها الى الجماعات الاسلامية السنيّة المتطرّفة القريبة من التنظيمات الجهادية مثل القاعدة.

ينقل الأسد بأن مثل هؤلاء المقاتلين، الذين غالباً ما ينظر اليهم على أنهم المقاتلون الأكثر تأثيراً في معارك سوريا، لتبرير استعمال القوة المفرطة في حرب العامين والتي كلّفت نحو 70 ألف ضحية.

ولكن السعودية وقطر يلمحان الى أنه كلما طال أمد الحرب، كلما استقوى المتشدّدون، فيما المجموعات الأخرى سوف تعاني إن لم تحرم من المساعدة ذات الفائدة، بحسب محللين ودبلوماسيين رسميين في الخليج.

يفيد صنّاع السياسة في الخليج العربي بأن الاستعجال في سقوط الأسد سوف يحد من نفوذ المقاتلين، وكفائدة إضافية، تخفيض النفوذ الاقليمي لحليف الرئيس السوري، أي ايران.

أسلحة للدفاع عن النفس

وزير الخارجية سعود الفيصل قال بصراحة في مؤتمر صحافي في الرياض في 12 فبراير الماضي ما نصّه (تعتقد بلادي بأن وحشية النظام السوري ضد شعبه تتطلب تقوية الشعب للدفاع عن نفسه). من جهة ثانية، رئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني قال (حيث لا يوجد رأي دولي واضح لإنهاء الأزمة في سوريا..فنحن نساعد المعارضة بكل ما تحتاجة، حتى بالأسلحة إن لزم الأمر للدفاع عن النفس). مسؤول خليجي، طلب عدم الكشف عن إسمه، قال بأنه من الضروري بناء روابط مع مجموعات ثورية من خارج القاعدة لتقويتها الآن وفي أي صراع على السلطة في سوريا ما بعد الأسد.

دول الخليج غير ملتزمة بالحظر الأميركي والأوروبي على تصدير السلاح الى سوريا، ويقول بعض المحللين بأنهم قدّموا أسلحة الى سوريا العام الفائت، ربما عبر روابط قبلية وتهريب في العراق.

ولكن السعودية وقطر ألمحت الى أن أي دعم سوف يكون أكثر تأثيراً إذا ما قررت القوى الغربية توفير الدعم السياسي والتنسيق والتجهيز والمشورة.

الغرب مسكون بالمثال الليبي

الدول الغربية مدركة لكيفيّة انتشار الأسلحة من ليبيا بعد الثورة المدعومة غربياً في 2011 إلى دول غير مستقرة مثل مالي، تقول بأن تسليح الثوار تعتبر خطيرة لأن من الصعب التمييز بين المتطرّفين والمعتدلين في منطقة مضطربة وغير منظمة.

يقول العرب الخليجيون بأنهم يعرفون الجماعات الإسلامية المسلّحة بصورة أفضل ويرجعون عدم التنظيم الى انعدام الدعم والتدريب الخارجيين.

أسعد شملان، أستاذ العلوم السياسية في الرياض، يقول بأن صعود النزعة القتالية بين المعارضة السورية كان نتيجة عدم الانخراط مع الثوّار بصورة منفتحة، واقترح بأن العرب الخليجيين يجب أن يقوموا بعمل ما.

في يناير الماضي، طالب رئيس الاستخبارات السعودية الأسبق تركي الفيصل بصورة علنية بتزويد الثوّار السوريين بأسلحة مضادة للدبابات والطائرات (لتحقيق تكافؤ في معركتهم). وقال قبل ذلك بأن من الممكن أن (تصل الأسلحة الى الأشخاص المناسبين). الاسلحة المعقّدة التي تعتمد على الالكترونيات يمكن تعطيلها عن بعد باستعمال إشارات لا سلكية في حال وصولها الى أيدي غير جديرة، حسب قوله.

ليس كل الدول الخليجية متحمّسة لتسليح الثوار السوريين، ولكن الكل خائف من احتمال الارتدادات العكسية في حال ذهب مواطنوها للقتال في سوريا وفي يوم ما عادوا الى الديار للجهاد من أجل دولة إسلامية صافية. جبهة النصرة لديها تطابق ايديولوجي مع القاعدة، والتي تعهّدت بإطاحة العائلة الحاكمة في السعودية.

في الثمانينات من القرن الماضي دعم الحكّام السعوديون الاسلاميين المدعومين من الولايات المتحدة لمقاتلة القوات السوفياتية في أفغانستان، وهو عامل في ولادة القاعدة، وفي العقد الأخير أغمضوا أعينهم عن رجال الدين الذين يشجّعون السعوديين على الالتحاق بالجهاد ضد الولايات المتحدة في العراق.

في 2003 شنّ السعوديون الذين قاتلوا في كلا النزاعين هجمات في الداخل، ما تطلب رد فعل أمني قاس من قبل الرياض.

المفتي العام في السعودية، الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، حذّر الشباب السعودي من الذهاب الى سوريا للجهاد، ونصح المصلّين، وإرسال الدعم المادي بواسطة (قنوات منتظمة)، بحسب ما ذكرت صحيفة (الجزيرة) في 7 كانون الثاني (يناير) الماضي.

صحيفة (الأخبار) اللبنانية كانت قد نشرت في 6 آذار (مارس) الجاري بـأن قادة في المعارضة السورية المسلّحة أبلغوها أن كميات من الأسلحة الأوكرانية اشترتها المملكة السعودية ووصلتهم عن طريق لبنان. وأضافت الصحيفة بأن أحد الضباط المنشّقين في لقاء معه قرب قرية فليطا السورية قال بأن المسلّحين تلقوا أخيراً كميات من الصواريخ المضادة للدروع وأسلحة دفاعية متوسطة وخفيفة وصلتهم عبر معابر غير شرعية من لبنان.

في ضوء ما سبق يصبح خيار الحوار والتسوية السياسية السلمية مستبعداً على الأٌقل من الجانبين القطري والسعودي. وفيما يبدو أن ثمة توافقاً أولياً تركياً ايرانياً مصرياً على إطار حل للأزمة السورية، تبدي السعودية وقطر معارضة عنيدة لكل حل سياسي تسووي، ما يدفع بكلاهما الى تصعيد وتيرة التسليح والتأزيم الاعلامي والسياسي إضافة الى محاولات محمومة لتخريب أي تفاهم تركي إيراني مصري. فثمة مساعي مكثّفة لإفشال أي تقارب مصري ايراني عبر اثارة الموضوعات المذهبية الخلافية، والصدام التركي الايراني المكشوف سورياً وعراقياً.

يرقب السعوديون والقطريون أي تطوّر ايجابي في العلاقة بين القاهرة وطهران، ومؤخراً بين القاهرة وبغداد، خصوصاً بعد زيارة رئيس الوزراء المصري قنديل الى العراق وما تتضمنه من أوجه تعاون استراتيجية وحيوية.

الخلاف المصري الايراني على مقاربة الأزمة السورية لم يكن عميقاً كما هو بين السعودية وايران، فالمصريون متمسّكون برفض الخيار العسكري للحل وكذلك التدخّل الأجنبي، ويقتصر الخلاف على كون الأزمة السورية صنّيعة استبداد النظام أم هو مؤامرة غربية، مع ان ثمة في الجانبين المصري والايراني من يعتقد بكليهما. تطوّر آخر لافت هو لقاء معاذ الخطيب مع وزير الخارجية الايراني صالحي واستعداد الأول للحوار مع النظام السوري، وهذا يعني أن الجناح الاخواني في المعارضة السورية هو أول من كسر الجليد مع ايران، وقد يعني ذلك خلافاً بين القاهرة وانقرة في مقاربة الأزمة السورية.

قبول الخطيب بمبادرة جنيف، ثم اعلان واشنطن بأنها مع المبادرة ما يمهد لتوافق دولي واقليمي هو ما دفع الثالوث الخارجي، القطري التركي السعودي الى اتخاذ خطوات تصعيدية عسكريا وسياسياً واعلامياً.

فعلى المستوى العسكري، تزايدت وتيرة التسليح وارسال السلاح بصورة علنية الى المقاتلين في سوريا، بالرغم من معارضة الولايات المتحدة التي أعلنت على لسان وزير خارجيتها بأن السلاح يجب أن يصل الى (الفئات المعتدلة)، ولكن السعودية وقطر وتركيا مصرّة على ان السلاح بما في ذلك السلاح الحيوي والاستراتيجي يجب أن يصل الى المعارضة بكل صنوفها..

سياسياً، نشطت السعودية وقطر في تحرّكها الدبلوماسية من أجل تأزيم المناخ السياسي اقليمياً ودولياً لجهة تعطيل مفاعيل أي تسوية سياسية سلمية أو أي حوار بين المعارضة والنظام السوري..

بدأت الحملة الدبلوماسية من (الجامعة العربية) التي خسرت كثيراً من ثقلها السياسي ووزنها الدبلوماسي بعد أن أصبحت مجرد أداة ضغط تحرّكها السعودية وقطر، فيما أصبح أمينها العام نبيل العربي مجرد موظف لدى حمد بن جاسم..اجتماعات وزراء خارجية الدول العربية في القاهرة في 6 مارس الجاري كانت فضيحة بامتياز، فلأول مرة يتم تحت قبة الجامعة العربية دعوة الدول الاعضاء بتسليح معارضة في دولة عربية أخرى! حتى خرجت صحف عربية بانطباع أن الجامعة العربية تحرّض السوريين على التقاتل، عبر تقديم دعوة مفتوحة لكل الدول الاعضاء بأن تقرر بمفردها تسليح المعارضة.

ترافق ذلك مع قيام وفد من مجلس التعاون الخليجي بزيارة الى بيروت في 5 آذار (مارس) الجاري وتسليم الرئيس اللبناني رسالة لمطالبته بالتأكيد على خيار النأي بالنفس عن الأزمة السورية! فيما التقارير الخبرية، وتصريحات القادة والوزراء السعوديين والقطريين، ومعطيات ميدانية في الحدود اللبنانية السورية تؤكّد بأن سياسة النأي عن النفس بات مهزلة، وأن من يطالب بالالتزام بها يريدها انتقائية. ومن الواضح أن قدوم الوفد الخليجي الى لبنان يستهدف أمرين: إحداث انقسام بين اللبنانيين مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية، والأمر الآخر تخفيف الضغط الميداني، بعد أن عجزت المعارضة المسلّحة عن إحداث اختراقات ميدانية لافتة، وتصعيد خيار التسوية السياسية. بيان دول مجلس التعاون الى الحكومة اللبنانية تضمن تهديداً غير مباشر حين دعا اللبنانيين الى (تفادي كل ما من شأنه تعريض أمن بلدهم واستقراره للخطر) في اشارة واضحة الى انتقال مقاتلين من جبهة النصرة وتفجير ظواهر أمنية ذات طابع مذهبي مثل ظاهرة الأسير في صيدا..

إعلامياً، لم تشهد المنطقة العربية والاسلامية شحناً مذهبياً بالوتيرة التي تجري عليها الآن، لأسباب سياسية معروفة، فقد بات السلاح المذهبي ردعياً إزاء حتى المطالبة بالديمقراطية، وكذلك في الخصومات السياسية، الى الدرجة التي لم نعهدها من قبل.

في السياسة تبدو السعودية وقطر متفقتين على إفشال كل الحلول السياسية السلمية، وإن ما جرى التحضير له طيلة الأسابيع الماضية بخصوص تقريب وجهات النظر بين واشنطن وموسكو يتم التراجع عنه بعد تصريحات جون كيري إثر زيارته للرياض في 3 مارس الجاري واجتماعه مع وزراء خارجية دول مجلس التعاون، والاتفاق على التسليح مع الأخذ بالحذر الاميركي بعين الاعتبار من ألا يصل السلاح الى تنظيم القاعدة..

السعودية تخشى من الحل الدولي، لأنها ترى نفسها مستهدفة منه، لأن هذا الحل سيقوم على توافق اميركي ايراني لحل أزمة قديمة بين واشنطن وطهران، وبالتالي فقد تنتهي التسوية الى تهميش دورها الاقليمي. ولذلك، فإن المقاربة السعودية للأزمة السورية تقوم على رفض أي حل دولي ـ اقليمي، وترى بأن الحل يجب أن يقتصر على الدعم العسكري وتفاهم ضيق بين بعض الدول العربية وواشنطن والاتحاد الأوروبي فحسب، مع التأكيد على استبعاد ايران والعراق وروسيا والصين من أي حل..

تصريحات سعود الفيصل في 4 مارس الجاري حول الملف النووي الايراني والمفاوضات بين طهران ومجموعة 5+1 كانت لافتة في كمية التوتّر المندسّة فيها، حين رفض حتى مبدأ التفاوض، وطالب بوضع حد زمني صارم له. قال بـ (ضرورة التباحث بجدية وعقلانية ووضع التزامات واضحة أمام الجميع، هذا هو معنى التفاوض، فالتفاوض ليس أن نأتي بأحد نتفاوض معه ليخادعنا ويتلاعب بنا، بل هذا أسلوب خاطىء في التفاوض، ويجب أن تكون المفاوضات جادة الى أقصى حد ممكن..)، وأضاف (هذه العوامل غير موجودة عند الايرانيين، ولم يثبتوا لأي طرف جديتهم في المفاوضات، فقد واصلوا التفاوض لمجرد التوصل الى مزيد من المفاوضات في المستقبل..)، وصعّد لهجته بالقول (على ايران أن تبدي الدافع والتفهّم الواضح بأن التفاوض سيكون محدوداً من الناحية الزمنية، وأن يفوا بكل الشروط التي وضعتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية واتفاق حظر انتشار التسلّح النووي).

تصريح متطابق ومتزامن كان لرئيس وزراء الكيان الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في 4 مارس الماضي، حيث قال بأن استئناف الجهود الدولية للتفاوض بشأن كبح البرنامج النووي الايراني جاء بنتيجة عكسية باعطائه طهران مزيدا من الوقت للعمل على صنع السلاح النووي. وأضاف (ان الشيء الوحيد المكتسب من هذه المحادثات هو كسب الوقت..).

في نهاية المطاف، فإن تعقيدات جديدة دخلت على الأزمة السورية، ويخشى من تداعياتها على المديات القريبة والمتوسطة والبعيدة، لأن ما يجري الآن لا يمكن معالجته في سنة أو سنتين، هذا في حال نجح العقلاء على مستوى العالم والمنطقة في وقف العنف واطلاق الحوار بين المعارضة والنظام، وانقاذ الشعب السوري من حمامات الدم، والتصفيات المتبادلة.

الصفحة السابقة