البجاد يعاد اعتقاله بعد تسعة ايام على اطلاق سراحه

البجادي ومحبّوه: يا فرحة ما تمّت

ناصر عنقاوي

هل كانت لعبة حكومية أم استهانة بعواطف الناس وبالقضاء وبالكرامة الإنسانية؟

فجأة وبدون مقدمات يتم استدعاؤه من زنزانته في سجن الحائر بالرياض، ويطلب منه الخروج فوراً من السجن، ويمنع حتى من تسّلم أغراضه الشخصية او توديع صحبه من سجناء الرأي، بل أنه لم يكن بإمكانه حتى الإتصال بأهله ليأتوا اليه ويقلّوه الى المنزل.

هل كان كل هذا أمراً مدبّراً.

نعم.

الشيخ العودة يزور البجادي بعد خروجه من السجن

بعد خروجه بتسعة أيام، يستدعى لسجن المباحث في ١٤/٨/٢٠١٣، ليوقع بعض الأوراق كما قيل له، فرافقه الى هناك الناشطان الحقوقيان محمد عبدالله العتيبي وفوزان الحربي اضافة الى أخيه سامر البجادي، فلم يسمح لهم بمرافقته داخل اروقة المباحث، ومن هناك أُخذ البجادي مجدداً الى سجن الحائر، في مملكة الإنسانية العظيمة!

وكان الناشط الحقوقي والمدافع عن حقوق الإنسان وأحد مؤسسي جمعية الحقوق المدنية والسياسية (حسم) قد اعتقل مدّة عامين وأربعة أشهر، قد تم اطلاق سراحه قبل عيد الفطر المبارك ما أشاع فرحة عارمة واحتضاناً من زملائه الحقوقيين، وتبجيلاً شعبياً كبيراً له نظير جهوده في الدفاع عن معتقلي الرأي. وقد تحول منزله الى ملتقى لعدد من الشخصيات التي زارته في منزله في بريدة لتهنئته باطلاق سراحه، من مختلف المناطق، فضلاً عن أن هاتفه الجوال قد عُرض للجمهور لمن يرغب في الإتصال به.

هاشتاقات عديدة في تويتر رحبت بالبجادي الذي اعتبر أحد أشهر سجناء الرأي في المملكة. والدكتورة حصة الهدلق احتفت بالبجادي فقالت:

في بلادي يُسجنُ الحرُّ وإنْ كنّا ننادي

في بلادي تُحسبُ الخطوةُ للجيلِ الريادي

في بلادي يفرحُ الشعبُ بإطلاقِ البجادي

وطفقت التغريدات على تويتر ترحب بالخارج من أسوار المعتقل الذي قال يوماً للسجان: (كل المعتقلين أهلي)، فقال عبدالله المقبل: (دخل البجادي السجن ولم يكن معروفاً إلا من دائرة الحقوقيين، وها هو يخرج ليصبح مالئ الدنيا وشاغل الناس، فالإعتقالات السياسية تصنع الرموز).

حقاً.. لقد سعد المغردون بحريته، وتساءلت الكاتبة امتثال ابو السعود: (تخيّلوا أي سعادة ستسكننا، وأي عيدٍ سنحتضن لو أعلن عن الإفراج عن كل معتقلي الرأي والتعبير؟ حرية البجادي تفتح نافذة الأمل). وخاطب أحد المغردين البجادي: لأنك حرّ فقد هزمتهم خارج السجن وداخله، ما ضرّك السجن بل زادك رفعة. حقاً هو ذاك. وعويد السبيعي يخاطبه: لم تفارق صورتك كل الشرفاء، قل لسجانك وانت تودع عتبات السجن: شكراً لأنك جعلت مني رمزا. وأبى حمد معيض إلا أن ينغّص على الجميع الفرح: (مبروك، ولكن تذكّروا أنكم لاتزالون عبيداً).

ربما يكون كلام معيض صحيحاً، فهاهو البجادي يعاد اعتقاله، ربما بسبب مفاجأة السلطات بالترحيب الشعبي الكبير به. وكان مخبرو السلطة على مواقع التواصل الاجتماعي قد لاحظوا الأمر، وطفقوا يهذرون كما أحدهم: (جمعت قلوب الرافضة وكلاب النار التكفيريين والعلمانيين المنافقين. حفظ الله بلادنا من أهل الشر).

والتفت مغرد للمفارقة التي أزعجت سلطات القمع: (دخل البجادي السجن من أجل أُناس لا يعرفهم، ففرح بخروجه أناس لا يعرفهم)؛ ذلك أن لغة الحرية هي اللغة التي يتقنها الجميع وتتوحد حولها القلوب كما يقول تركي الهديان.

بعد خروجه من السجن، تواصل البجادي مع من حوله والكثير من محبيه عبر حسابه على تويتر، فكانت اول تغريدة له: (لا أعلم أين تكمن فرحتي؟ هل في رؤية هذا الجيل المتعطش للعدالة والكرامة أم في لقاء أمي وزوجتي وأبنائي وأهلي. شكراً لك يا وطني المنشود). واضاف: (العالم يموت من حولنا بحثاً عن الحرية والكرامة، فهل نستخسر لأجلها المبيت عدة ليال في معتقل؟). وفي تغريدة ثالثة قال: (هناك حقيقة أكبر هي أنه مازال بالسجون الكثير من محمد البجادي ينتظرون وقفتكم الجادة والصادقة). وتابع: الحرية مع الألم اكثر سعادة من الأمن مع الإستعباد.

فعلاً هي كذلك.

إن عشرات ألوف معتقلي الراي في مملكة الهوان، ومهلكة الإنسان، ستبني عشّاً للحرية، وسينتج طلاب الحق، والغاضبون من اجل الكرامة والحقوق، وطناً نتشرّف به جميعاً، وستكون الزنازن التي يقبع فيها أحرار اليوم كالحامد والعامر والبجادي والقحطاني والهاشمي والنمر وغيرهم، مصير من اضطهدوا شعبهم وخانوا وطنهم وباعوه للأجنبي.

فصبراً أليس الصبح بقريب.

الصفحة السابقة