مملكة النّعيم الأبديّ!

مُنح المواطنون يوم عطلة بمناسبة اليوم الوطني، فهربوا خارج الحدود، وضاقت بهم البحرين ودبي. تساءل أحدهم في تويتر: هل يوجد شعب في العالم يخرج من بلده بهذا الشكل عند كل إجازة؟ الا يعني لكم هذا الهروب شيئاً؟

نعم.. انه يعني ان المواطن مختنق ويريد الخروج لأي مكان، كل حسب إمكاناته، ولا يهمه أمر اليوم الوطني ولا احتفالاته.

د. مساعد المحيا اندهش فقال: (في كل بلاد الدنيا لا يمكن أن تجد من يحتفل بيوم الوطن بالتخريب والتكسير، وبث الرعب وتخويف الناس وإزعاج الآخرين). وأضاف: (هؤلاء لا يحتفلون). واعتبر الدكتور الصبيحي، اليوم الوطني، يوماً للرعب، يوماً كارثياً لا يجرؤ فيه المرء حتى على الخروج من منزله.

د. طارق الحبيب قدم قراءة نفسية للعنف فقال أن سببه (ضعف إدارة انفعال الفرح). هذا غير صحيح، بل الأقرب الى الصحة هو في ضعف ادارة انفعالات غضبهم على النظام.

وبمناسبة اليوم الوطني، وبغية الأجر والثواب: انشرْ تؤجرْ.. وضع لنا أحدهم طريقة الحصول على الجنسية السويدية وكذلك الجنسية النرويجية. فمن أراد أن يفلَّ من هذه البلاد الظالمُ أهلُها فليفعل!

وسمح المؤلف والكاتب ثامر شاكر لنفسه ان يضرب (تحت الحزام): (أروع معاني الوطنية، هي أن لا تسمح لأحدٍ أن يسرقَ منك وطنك).

يا صاحبي: لقد سرقوه، وطبخوه، وأكلوه، وغيّروا اسمه.. هل هي نصيحة في الوقت الضائع؟

* * *

تستطيع ان تسميها نكتة ساذجة، أن الرياض صنّعت طائرة بدون طيار، وأنها أطلقت إثني عشر قمراً صناعياً بنجاح! فالرياض لم تنجح في صناعة ابرة خياطة، او مسماراً او برغيّاً، أو حتى عُلبة الكبريت التي تأتي من الخارج باسم جهة محلية، فكيف وصلت الى هذه القفزة العلمية، بين ليلة وضحاها، ولماذا كان الإعلان عن الاختراع والإنتاج فترة الاحتفال باليوم الوطني؟

الرياض تبحث عن منجز ما، هي خجلة حين تقارن بقطر او دبي او حتى الكويت. وهي اكثر تواضعاً من الناحية العلمية والصناعية بالمقارنة مع إيران، وغالباً ما يطعن المواطنون في أداء الأمراء، ويؤذونهم بالمقارنة خاصة مع (الامارات وإيران).

قبل أشهر أعلن رسمياً عن كذبة، وهي صناعة سيارة سعودية باسم (غزال) لم ترَ النور، ومع الاعتراف بأن كل محتوياتها خارجية لم تنتج السيارة. قبل هذا ايضاً، أعلنت وزارة الدفاع عن انتاج مدرعات، كان بطلها الدكتور عبدالله الفارس، ومات المشروع او نهبت أمواله. كل شيء تلفيقٌ في تلفيق!

فهل ضحكت الحكومة بخبرها الجديد على المواطنين، ام ضحكوا وسخروا منها؟!

يوم ٢٠ سبتمبر الماضي، تم تداول خبر شراء السعودية طائرات بدون طيار من جنوب افريقيا بعد رفض امريكا بيعها نوعاً منخفض المستوى منها؛ ما يعني أن قصة انتاج الطائرة بدون طيار، لا تختلف عن قصة غزال.

المنجزات ليست عملاً سهلاً، والأمراء حجم منجزهم هو: مَزايين الإبل!

* * *

يسمّونه أبو الجماجم، أو ساحق الجماجم. وذلك لأنه وفي مارس ٢٠١١ وحينما كانت الحكومة تواجه رغبة الشارع في التظاهر، خرج هو ومشايخ آخرون يحرمون التظاهر والخروج على ولاة الأمر، وقد أدلى كل المشايخ التابعين للسلطة برأيهم في التحريم وتبيان خطر التظاهر وتعداد فضائل الحكم القائم.

سعد البريك كان متميّزاً بشيء آخر. فقد هدّد من يتظاهر بالقتل، وبـ (سحق الجماجم).

 ساحق الجماجم هذا، تمّ إغلاق موقعه على تويتر لتجاوز قام به، فافتتح المغردون وسماً تشاجر فيه مؤيدوه ومعارضوه، وكلٌ أبدى رأيه فيه، قبل أن يستعيد الشيخ حسابه، ويخرج علينا العلامة الأثري مهنئاً بسخرية: (بشرى سارة: حساب شيخنا البريك عاد من جديد بعدما سحق جمجمة مدير تويتر واستعاد الحساب منه بالقوة).

لكن منى الدوسري تساءلت: لماذا يشعر بعض المشايخ بأن توقيف حسابهم في تويتر وكأنه توقّف لقلوبهم، وشنّعت ساخرة: المفروض تقاطعونه ـ أي تويتر ـ لأنه صناعة امريكية! اجابها احدهم: المشائخ لا يهمهم إيقاف حساباتهم في تويتر، فالأهم أن لا تتوقف حساباتهم في البنوك.

* * *

السعودي هذا سواء كان مواطناً ام حاكماً لازال شاغلاً للعالم. لا يعرف الناس كيف يفكر. لا أحد يفهمه جيداً. هو متدينٌ أم متحلل؟ مجاهدٌ أم إرهابي؟ متطرفٌ أم معتدل متسامح؟ عدوٌ لأمريكا أم يجلس في حضنها؟ له نزعة انسانية ام يوزّع الدماء في أرجاء المعمورة؟ كيف يفكر هذا العقل؟ هنا اجوبة مغردين:

التفكير السعودي متطرف وأحادي الإتجاه، فهو حسب الشميسي:  لا يعترف بالألوان المتدرجة بين الأبيض والأسود، فالثنائية أداة مؤثرة في طريقة تفكيره: كافر/ مسلم؛ خير/ شر؛ حقّ/ باطل. ومثل ذلك انه لا يفرق بين حب وجنس، وبين اختلاط وخلوة، وبين احترام وقلة أدب، وبين انسان وحيوان، وبين وطن وحكومة.

والتفكير السعودي مهووس بنظرية المؤامرة: فانفجارات العراق وراءها ايران وكذا ثورة البحرين وحتى خروج السعودية من كأس العالم للكرة، بل حتى طلاق خالتي ـ كما تقول صبا الحمد ـ سببها ايران! وتضيف صفات تجعل التكفيرالسعودي أقرب الى الخوارج، فهناك تشدد في التوافه واستسهال في سفك الدم وغيره من ارتكاب الكبائر: (نمّامةٌ وكذّابةٌ وتقذفُ الناس كلّ يوم. بسْ ما تنمّص حواجبها، لأنه حرام)!

وبالنسبة لعالية القرني، فإن التفكير السعودي: سطحي عنصري تكفيري ارهابي، يحارب العِلْم، والحقوق، ويكره نساء وطنه وتسيطر على تعليمه السلفية الوهابية. وبالنسبة لشادية خزندار فإن التفكير السعودي يستسهل التبديع والتفسيق والتكفير واستخدام الفحش في القول. لكن عقدة التفكير السعودي هي المرأة، التي هي سجينة في بيت أهلها، وخادمة في بيت زوجها، ولا تخرج إلا لقبرها؛ ومع هذا فهي عند العقل الجاهل الزاعم للتدين: تخرج الى القبر لتكون من حطب جهنم في الاخرة!

والتفكير السعودي يزعم النقاء والتوحيد الخالص وعبادة الله دون الأرباب! ولكنه يعبد السلطان الديني والسياسي، ولا يقبل نقدهما، وبمجرد أن تنتقد الصنم، يأتي ليقحم الدين ليدافع عنه!

الصفحة السابقة