الشعب يقول كلمته

شباب يخرقون التابو صعوداً.. الى الملك!

فريد أيهم

وصمهم الداعية الجدلي محمد العريفي بالكفر لخروجهم على ولي الأمر، ووجّه لهم أزلام السلطة تهمة العمالة للخارج، وتنفيذ أجندة قطرية تارة وإيرانية أخرى، ولكّنهم لم يكترثوا لكل ذلك لأنهم توقّعوا أكثر من ذلك قبل أن يقدموا على البوح بمواقف تبدو انتحارية بالنسبة للبعض، ولكّنها في الحقيقة الكلمة الفصل في الزمن الفصل.

اليوم نحن أمام ظاهرة جديدة في الاحتجاج الشعبي، قد تكون فريدة من نوعها على مستوى العالم، فلم يسبق اليها أحد، ولكنّها الثورة الاتصالية التي سمحت لهذا النوع من الأساليب الاعتراضية خصوصاً في دولة لا تسمح بمجرد التعبير عن الرأي الآخر، فضلاً عن التجمّع بكل أشكاله السياسية والثقافية والنقابية والحزبية وغيرها..

ما يظهر حتى الآن من خلال أول قراءة للكليبات الشبابية على يوتيوب أن جيلاً جديداً من أبناء القبائل والمناطق المختلفة لا ينتمي بالضرورة الى الماضي، وقد لا يخضع تحت تأثير المفهوم التقليدي لزعيم القبيلة الذي حاول عبد العزيز ومن جاء بعده أن يحيل منه إلى مجرد عضو في نظام التقديمات الاجتماعية أو ما يعرف بـ (الشرهات) الشهرية التي يتقاضاها في مقابل الولاء لعائلة آل سعود.

إنعاكسات فشل إنتاج هوية وطنية

فقد جرى تصنيف القبائل في المملكة السعودية على أساس مواقفها من الحكم السعودي، فهناك قبائل تحالفت مع عبد العزيز آل سعود حين كان يغزو البلدان فبقيت معه حتى تأسيس دولته، فنالت جزء من كعكة السلطة، سواء عبر مناصب سياسية أو امتيازات اقتصادية، أو تقديمات إجتماعية مقطوعة شهرية أو سنوية مثل التويجري، الزامل، وأبا الخيل، والسليمان وغيرها. وهناك قبائل قررت أن تخوض معركة مصير مع آل سعود، كونها شعرت بأن ملكها زال على يدهم وتعمل على استرداده مثل آل الرشيد، الذين حكموا شمال نجد، وجاء آل سعود نتيجة معادلات محلية وأوضاع إقليمية أدّت الى تفوّق آل سعود عسكرياً وانتهى بزوال حكم خصومهم من آل الرشيد. وهناك قبائل لم تكن في عداد الحلفاء مع آل سعود، بل دخلت في حروب معها في بعض المحطات التاريخية، ولكن لم تصنّف في خانة الخصوم، بحسب حالة كل فرع وكل حادثة مثل العجمان ومطير وعتيبه وغيرها.

بعد نجاح عبد العزيز في إقامة الدولة السعودية سنة 1932 عمل على تفتيت القبائل، أول مرة بدأ بتفكيك منظومة الهجر المنتشرة في منطقة نجد، حيث كانت الهجرة تنتسب الى قبيلة محددة. وقد شعر عبد العزيز بأن لا مناص من تقويض البنى القبلية ومحو هويتها في سياق ترسيخ أركان دولة بإسم أسرته. لا ريب أن الصراع بين القبيلة الدولة كان ينتهي في الغالب لصالح الأخيرة، لامتلاكها قدرات هائلة يمكن من خلالها إلغاء دور القبيلة، كضامن لأفرادها وكمصدر لمعاشهم. بكلمات أخرى، الدولة حلّت مكان القبيلة، لأن الأخيرة لم تعد تملك إمكانيات تمكنها من إبقاء الأفراد ضمن مجالها الحيوي، ونطاق الحماية بالمعنى العام أي الحماية في أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والأمنية وحتى الثقافية. صحيح أن ال سعود حوّلوا الدولة الى ما يشبه الكيان الهجين الذي يجمع بين خصائص الدولة وخصاص القبيلة، الا أنهم حاربوا بقية القبائل باسم الدولة، وبقدرتها على توفير ما تعجز القبيلة عن توفيره من مال وقوة وامتيازات ووجاهة.

في العقود الثلاثة الأخيرة، شهدت المملكة ما يمكن وصفه بانفجار الهويات الفرعية، نتيجة تصدّع الدولة، وتآكل هيبتها ورصيدها الشعبي، والأهم فشلها في تحقيق مبدأ الاندماج الوطني، بحيث بقيت القبائل والجماعات التقليدية التي كانت ما قبل الدولة تتحيّن الفرصة المناسبة لتظهير نفسها، وإحياء ما اندثر من ميراثها وتاريخها وهويتها..وبالفعل، لحظنا بأن ما يشبه انفجار هويات وقع في العقود الثلاثة الأخيرة، عبر ذلك عن نفسه في الحجم الهائل من المؤلفات التي تتناول القبائل مشروع بحث أو موضوع دراسة، وراح يتحدث كثيرون عن قبائلهم، نشأتها، جذورها، تراثها، انتصاراتها، انجازاتها. تصاعدت وتيرة حركة الاحياء للتراث القبلي هوية وتاريخاً وأدباً وشعراً وفولوكلوراً وأزياء، وكان النتيجة واضحة: أن بزوغ الهويات الفرعية يضمر فشل الدولة في انتاج هوية كلية جامعة تنصهر في داخلها المكوّنات السكانية فتولد هوية وطنية تكون حاصل جمع الهويات الفرعية.

تضخمّ دور العائلة المالكة في الدولة، وتمدّدت بطريقة اكتساحية في كل مفاصل الدولة، فتحول آل سعود الى عائلة شمولية على طريقة الاحزاب الشمولية، التي تمسك بكل شيء، وتملك كل شيء، وتدير كل شيء، وتسيطر على كل شيء، وأن الشعب ليس سوى جزء من هذا الشيء الذي يملكه آل سعود..

شعرت القبائل في السنوات الأخيرة بأنها باتت مستلبة، وأن البطالة المستفحلة قد طالت كل المكوّنات السكانية باستثناء آل سعود وأبنائهم، فيما يعاني أبناء القبائل الأخرى من الفقر والبطالة وأزمات السكن والخدمات العامة. لم يعد بالإمكان السكوت على ما يجري، فالأزمة باتت عاّمة وطاولت غالبية المكوّنات السكانية، ومنها قبائل ذات أوزان إجتماعية.

قد لا يكون زعماء العشائر على تماس مباشر بالشباب الذين يعانون الفقر والبطالة وأزمة السكن وتردي الخدمات العامة، ولكّنهم بالتأكيد لا يملكون معارضة أبنائهم الذين لم يعد ثمة حيلة تحول انخراطهم في اعمال احتجاجية، فهؤلا ءالزعماء غير قادرين على تسوية مشكلات أبنائهم، فمن باب أولى تشجيعهم على إيصال أصواتهم الى الماسكين بمقدّرات البلاد.

وفي أسلوب جديد لايصال صوت المطالب بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، قررت مجموعة من الشباب من قبائل مختلفة ومن أرجاء متفرقة من المملكة السعودية وفي عملية تفاعلية تتسم بالشجاعة والشفافية أن تعبّر عن مطالب الناس عبر مقاطع مصوّرة مختصرة. فكرة المقطع تقوم على أن يتولى شاب (يعرّف في أوساط التواصل الاجتماعي باسم قبيلته) كامل العملية بأن يفتح كاميرا الكمبيوتر فيسجّل مقطعاً مكبوساً تتراوح مدّته بين نصف دقيقة و ثلاث دقائق، ويتحدث خلالها بكلمات قصيرة ومباشرة عن معاناة المواطنين في موضوعات باتت اليوم مورد إجماع الشباب وهي البطالة، والفقر، والسكن، والخدمات العامة.

مقاطع التحدّي الشبابية

وهنا نستعرض أهم المقاطع التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي:

■ في 22 آذار (مارس) الماضي قال المواطن عبد العزيز الدوسري في مقطع مدّته 33 ثانية ما لم يقل منذ عقود. وجّه الدوسري رسالة مباشرة الى الملك عبد الله قائلاً:

http://www.youtube.com/watch?v=Y3ORDZnjZIw

(أنا مواطن سعودي لا أستلم سوى 1900 رسال (506 دولار) بالله عليك يا عبد الله بن عبد العزيز هل هذه تكفي المهر ولا (أو) سيارة ولا (أو) البيت..يا أخي ملّينا، وتلومون اللي يفجرون..يا أخي اعطونا الى متى نشحدكم من البترول يا أخي أعطونا تلعبون به أنتم وعيالكم..اعطونا من حلالنا لسنا عاجزين بالمواتر (أي السيارات) نفجّر بها لسنا عاجزين).

وفي غضون مدة قياسية حظي المقطع على نسبة مشاهدات قياسية بلغت مليوناً وستمائة ألف مشاهدة، حتى الأول من نيسان.

تفاعل المقطع وسط الشباب، وبدأ الشباب يطلقون حملة مقاطع وبالطريقة نفسها.

■ في 23 آذار (مارس) بثّ مواطن آخر يدعى عبد الله مبروك بن عثمان الغامدي من مدينة بيشه جنوب غرب السعودية، وقال بأنه شاهد مقطع الدوسري وهو يشكي من قلة الرواتب وعدم كفايتها ويوجه خطابه للملك ثم علّق قائلاً:

http://www.youtube.com/watch?v=FdxnlTCR5Sc

(.. بحكم مشاهدتي وملامستي للحال أؤيد ما ذكره الشاب في كلامه وخطابه الموجّه للملك وأطلب من الجميع المشاركة بنفس الأسلوب حتى يصل الصوت الى خادم الحرمين الشريفين ويعلم بما وصل اليه الحال من قلة الرواتب وانتشار الفساد والظلم وليس من المعقول والمقبول أن تنعم فئة قليلة سواء كانت حاكمة أو فئة أخرى فاسدة بأموال الدولة وبقية الشعب يتضور الجوع والفقر والظلم ولذلك أؤيد ما ذكره الشاب).

ثم عرض بطاقته المدنية وعليها إسمه وصورته، وطالب مجدداً بأن يشارك الجميع بنفس الأسلوب. وحظي المقطع على نسبة مشاهد وصلت الى ما يقرب من 740 ألف مشاهدة حتى الاول من أبريل.

■ في 27 آذار (مارس) بثّ شاب آخر يدعى سعود مرضي عبد الله البيضاني الحربي، مواليد الرياض، مقطع فيديو يتضامن فيه مع مطالب من سبقه. وقال بأنه يرغب في الحديث عن مقطع الغامدي والدوسري وكانا يطالبان بتحسين وضع المواطن. وأضاف:

http://www.youtube.com/watch?v=3RaFhLY0AXA

(طبعاً هذه مطالبنا، مطالب الشعب بالكامل، بحّت أصواتنا من الكلام فيها، مطالبنا سهلة العثور عليها، ليس هناك حاجة لفتح باب تويتر أو ما شابه كلها موجودة في سلة مهملات التويجري (أي خالد التويجري مستشار الملك عبد الله)، لا تلزمون الشعب بالتحرك السلمي، لا تلزمونا بالنزول للشارع، ببساطة لأن عدد سيارات اليوكن الأسود (في إشارة الى سيارات المباحث والامن) أقل بكثير من عدد الأحرار، فنحن من السهل أن نذهب ونطالب بحقوقنا بطريقة سلمية طبعاً، فأرجوكم أرجوكم اسمعوا صوتنا..أنتم لديكم مركز الحوار الوطني وحاورتم اليهودي والنصراني وغدا ستحاورون أوباما.. أرجوكم اسمعوا صوتنا حققوا مطالبنا نريد سكن نريد أن نعيش في حياة كريمة).

ثم عرض بطاقته المدنية وعليها أسمه وصورته..

■ وفي 30 آذار الماضي وفي دقيقتين و32 ثانية، ظهر الطبيب عبد الرحمن علي أحمد غريدي العسيري، وقدّم مطالعة مختصرة ولكنها شجاعة، وقال ما نصّه:

http://www.youtube.com/watch?v=gM1r7zGt3lc

(انا المواطن عبد الرحمن علي أحمد غريدي العسيري، من تهامة عسير، (محافظة أبها جنوب غرب السعودية)، شاهدت مقطع لبعض الشباب الطيبين المحترمين لأبناء بلدنا الدوسري والغامدي والحربي يطالبون بحقوقهم، أبسط حقوقهم، وسجنوهم في اليوم الثاني..المشكلة فيكم أنتم يا آل سعود تتعمدون تُذِلّون الشعب وتفقرون الشعب..الدوسري المسكين يقول راتبي 1900 وهذه لا تعشي (لا تكفي لوجبة عشاء) واحد من أولادكم. اليوم الثاني شفنا واحد من الأمراء من أولادكم شاري (إشترى) له سيارة مرصعة بالذهب..

المشكلة فيكم انتم يا آل سعود، سرقتم كل شيء، سرقتم إسمنا وبلدنا وأضفتونه لكم بأي حق، سرقتم الإسلام، صار الاسلام السعودي تبع الفوزان وتبع آل الشيخ وتبعكم حتى شوهتوه، سرقتم الرسول صار سعودي..البترول بدل ما توزعونه علينا وتعطون الشعب تفقرونهم وتذلونهم واذا توزعونه توزعونه على اعداء الأمة السيسي ونصارى لبنان اللي ما يشوفوا العرب الا حثالة..

المشكلة فيكم سرقتم كل حاجة، حرام كذا هذا ماهو (ليس) عدل، أنا طبيب وعملت ودرّبت في الحرس والمستشفيات العسكرية وفي مستشفيات وزارة الصحة، وفي مرة حطيت ثلاثة مرضى على سرير..

وين هذا عبد الله بن عبد العزيز، أنتو شايفين أيش، أنا أطالب بالحقوق، أول حق أطالب فيه ليش تسجنونهم. هذولي (هؤلاء) طالبوا بحقهم ليش تسجنونهم، الرجال اللي شرى (اشترى) له سيارة مرصعة بالذهب هذا اللي نبغى (الذي نريد) ناخذ الحق منه..

وأنا أسجل المقطع هذا قاعدين يتبايعون (يبايعون) مقرن بيعة شرية (بيع وشراء)، الشعب قطعة أثاث، بيعة شرية، لا كذا ما يصلح (لا يجوز) كذا حرام، واذا تكلمنا تسجنوننا، تسجنون ولا تقولون اذا مو عاجبك إطلع بره البلد، هذه ما هي (ليست) بلدكم انتم بس، لا يا أخي الشعب يطالب بحقوقه، احنا نبغى الحرية وانا أحذركم نبغى الشيء الصح لبلدنا. اليمن وتونس وغيرها في الجمهورية الثانية، والسعودية بتدخل (سوف تدخل) الجمهورية الأولى اذا لم تتحركوا وأحكمتكم العقل.. وعشان المباحث لأني أعرف حركاتهم..)، فقام بعرض بطاقته المدنية وفيها إسمه وصورته.

■ وافي مرضي عبد الله البيضاني الحربي، ذو الثمانية عشر ربيعاً، ظهر في كلمة مصوّرة في 31 مارس بعد اعتقال شقيقه سعود الحربي، وتحدّث عن اعتقال من طالب بالحقوق مثل سعود الحربي وعبد العزيز الدوسري وغيرهما وتساءل:

http://www.youtube.com/watch?v=Ay2jHpSHZ2U

(أين هي حرية التعبير المزعومة؟ ومنذ متى أصبحت المطالبة بالحقوق جريمة تستوجب السجن في بلاد الحرمين مع أنها مطالبات شرعية وسلمية؟ ..إنما الخطأ وتجاوز القانون هو الاعتقال نفسه).

وقال: بأن أسلوب القمع لا يجدي نفعاً. ووجه رسالتين: الاولى إلى محمد بن نايف، وزير الداخلية، وقال:

(ارتوينا بالكلام، وبالفعل متنا عطشاً... لا نريد سوى العيش في حياة كريمة بعيداً عن الظلم والاضطهاد.. قد بلغ السيل الزبى.. فمطالبنا هي حقوقنا.. مع العلم أن حاجز الخوف الآن قد انكسر والكثير من الشعب ليسوا بجبناء).

الرسالة الثانية الى الشعب، ونقل رواية عن علي بن ابي طالب بأنه إذا رأيت الظالم مستمر في ظلمه فاعلم بأن نهايته محتومة..واذا رأيت المظلوم مستمراً في مقاومة ظالمه فاعلم أن انتصاره محتوم. وقال: أتمنى ألا أعتقل، كمن اعتقلوا من قبلي، واذا اعتقلت أتمنى ألا تذهب هذه المبادرات وهذه المناشدات عبثاً).

ثم ختم ببيت من الشعر:

قالوا حبست فقلت ليس بضائري

حبسي وفوق الرأس تاج مفاخري

ثم عرض بطاقته المدنية وعليها إسمه الكامل. وفي غضون يوم واحد حصل المقطع على نحو ربع مليون مشاهدة حتى الاول من إبريل.

■ في مقطع فيديو من 37 ثانية نشر في 31 آذار (مارس) الماضي تحدث الشاب العشريني معاذ محمد سليمان الجهني، من الحجاز الشريف وقال:

http://www.youtube.com/watch?v=GyQZ9__b03M

(أوجه رسالة الى آل سعود..

إذا الملك الجبّار صعّر خدّه

مشينا إليه بالسيوف نعاتبه مفاخري

تسرقون أموال الناس وتطالبون الناس بأموالهم وتسجنوهم أجل الدين وين والانسانية؟ نطالب الحكومة بتقسيم ثروات البلاد على الشعب تقسيم عادل وليس احتكارها وسرقتها من قبلكم أنتم وأبنائكم؛ وبناء مدن سكنية وتوظيف العاطلين وزيادة رواتب الموظفين والا سينتهي الأمر الى ما لا يحمد عقباه وهذه هويتي...).

■ في 2 نيسان (إبريل) تقدّم فارس جديد ووجّه رسالة للملك وقال فيها:

http://www.youtube.com/watch?v=b7fNofz_uvo

(تحية للأبطال الخمسة الدوسري والحربي والغامدي والعسيري والجهني.

يا عبد الله بن عبد العزيز: إسمي غانم حمود فرج المصارير الدوسري. أقول لك هؤلاء الخمسة تاج على راسك، والسجن ليس بمكانهم. السجن مكان للظالمين والفاسقين والمستبدين.

يا عبد الله بن عبد العزيز: أنت شخص غير مهذب وكذاب! وعدتَ الفقراء بصندوق ومنذ ثمان سنوات لم يروه.

يا عبد الله بن عبد العزيز: نهبت ثروات البلد تحت مسميات مدن اقتصادية، ومشاريع وهمية، وكلها حبر على ورق..

يا عبد الله بن عبد العزيز: بعثرت ثروات البلد على عصابات السيسي والانقلابات في كل مكان، وتقول بأنك خادم للحرمين..

يا عبد الله بن عبد العزيز: بين كل حين وآخر ترمي على الشعب ما بقي من الفتات وتقول مكرمة ملكية! الله لا يكرمك! اذا كانت من راتبك وتعبك، فقل عنها ما تقول؛ واما حقوق الشعب فليست بمكارم، لا عندك ولا عند غيرك..

يا عبد الله بن عبد العزيز: تقول بأنك ملك للإنسانية، والانسانية منك براء، فحتى بناتك لم يسلموا من شرّك، ومسجونات منذ ثلاث عشرة سنة.

يا شعب الحرمين: كل شعوب الأرض تأتي بحكامها وتطردهم عندما يتحولون الى لصوص، فمتى نقول للصوص لا مكان لكم بيننا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته).

في أقل من أربع وعشرين ساعة، بلغ عدد المشاهدين للمقطع نحو نصف مليون مشاهد.

وما لبث أن تزايد عدد الأشخاص الذين سجّلوا مقاطع تضامنية مع من سبقهم، واحتجاجية على الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في بلادهم. من بينهم:

■ ماجد عبد الله محمد المسلم الأسمري من مدينة جدة في 2 نيسان (إبريل)، وصف العمل الذي قام به من سبقه بأنه (عمل نبيل وشرف عظيم لهم ولهذه الأمة بأن فيها من يقول للظالم يا ظالم.. الأمة لن تنسَ معروفهم أبداً لأنهم قاموا بعمل نبيل..).

http://www.youtube.com/watch?v=giy9tmXK_18

ودعا الأسمري الشباب لأن يحذو حذو الشباب وأن (يصدعوا بالحق ولا يخافوا في الله لومة لائم...وإن كل من لديه سمع وبصر وبصيرة يعلم تمام العلم أن هذه الأمة أي شعب بلاد الحرمين يعاني من قلة حاكمة مستبدة بالقرار والاموال والأراضي العامة تتمتع بها وتبذرها كيف تشاء ولديها سياسات داخلية وخارجية ظالمة لا تمثلنا يوجد ضياع لحقوق الرجال والنساء والاطفال والشيوخ والسجن للالاف من أصحاب الرأي السلميين ظلما وعدواناً وخذلان للأمة الاسلامية على مدار ما يقارب من قرن من الزمان وانتشار فاضح للفساد الاداري والمالي والاخلاقي والبطالة والفقر والمخدرات..). وختم بالمطالبة بأربع مطالب مشروعة وهي:

ـ إلغاء المباحث العامة الارهابية الاجرامية التي ترهب الشعب المسكين.

ـ استقلال القضاء والغاء المحكمة الجزائية المتخصصة التي تتلقى الاحكام جاهزة من مكتب الامير محمد بن نايف مفصلة حسب الطلب.

ـ حرية التعبير.

ـ حرية التجمّع

وختم بعبارة: الشعب يريد إصلاح النظام.

ثم عرض بطاقة الاحوال المدنية أمام الكاميرا.

■ وسجّل الشاب غالي بن نوار بن بريك الهذلي مقطعاً طالب فيه بتطبيق شرع الله، والافراج عن السجناء من المشايخ أمثال وليد السناني وسليمان العلوان وقد لاقى المقطع ترحيباً من الوسط المحسوب على القاعدة، ولم ينل نسبة مشاهدة عالية.

هذه باقة من المقاطع التي نالت شهرة غير مسبوقة في مواقع التواصل الاجتماعي ووسط الشباب، لأسباب عديدة من بينها مستوى الجرأة العالي، وملامستها للهموم المباشرة لغالبية الشباب، قصر مدّة الرسالة، والأهم أنها تصدر عن الشباب أنفسهم.

أعداد الفرسان في تزايد، وحواجز الخوف تتكسر وتنهار على وجه السرعة، وبالرغم من اعتقال بعض منهم، فإن ثمة إصراراً على المواصلة، فلا شيء يقف أمامهم لا تخويف أمني ولا ترهيب عقدي، ولا خذلان من بعض الوسط الاجتماعي، ولا أراجيف أهل السلطة ولا حاشيتهم.. فهناك كلمة تقال بشجاعة وليقل ما يقال بعد ذلك.

الصفحة السابقة