الملك بعد إجرائه احدى عمليات الجراحة في ظهره الملك عبدالله يتنفس من خلال أنبوب أثناء لقائه أوباما في يناير 2014

شفافية (ملكيّة)!

صراع (ديوك) أم (دجاج)؟


استمراراً لنهج خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - يحفظه الله - الذي يقوم على
الشفافية في كل أمر يخص الشأن العام، فإنه وبعد إجراء الفحوصات الطبيّة اللازمة من قبل الفريق الطبي،
فقد تبين وجود التهاب رئوي استدعى وضع أنبوب مساعد على التنفس بشكل مؤقت، مساء هذا اليوم
الجمعة 11/3/1436هـ، وقد تكلّل هذا الإجراء ـ ولله الحمد والمنّة ـ بالإستقرار والنجاح.

(الديوان الملكي)

خالد شبكشي

يا لها من شفافية (ملكيّة) تلك التي يتحدّث عنها (الديوان الملكي)؛ والتي اضطرّ أن يتحدّث عنها ويذكرها، وكان بإمكانه عدم ذكر كلمة (الشفافية) طالما هي نهج الملك (في كل أمر يخصّ الشأن العام)!

بعد أن فاضت مواقع التواصل الاجتماعي بالحديث عن موت الملك، وبعد أن دخلت أجنحة الحكم صغيرها وكبيرها في الصراع على تلك المواقع، ومن خلال حسابات مفتعلة، عمدت الى افتعال الأخبار، كلٌّ يجلب النار الى قُرْصِهِ، وكلٌّ يروّج لأمير.. حينها فقط تنبّه (الديوان الملكي) الى ما أسماه بـ (الشفافية)، ظانّاً منه بأنه سيقطع دابر الإشاعات، التي هي سلاح سياسي بين الأمراء المتخاصمين، او المتنافسين في الأقل.

في مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة تويتر، تقرأ العديد من الهاشتاقات، والكثير من الأخبار مثل: (الملك مات؛ سلمان تولّى الحكم وبعد ساعات ستتم بيعته من قبل هيئة البيعة. الأمراء يجمعون على الأمير أحمد ليكون ولياً للعهد بدلاً من مقرن. مقرن يصبح ولياً للعهد. متعب ـ ابن الملك عبدالله ـ أصبح ولي ولي العهد. الملك عبدالله وولي عهده سلمان يتقاعدان ومقرن يصبح ملكاً ومتعب ولياً للعهد. إزاحة مقرن عن ولاية العهد. محمد بن نايف ولياً للعهد. محمد بن نايف لا يريد أن يصبح ولياً للعهد. واشنطن تبلغ الأمراء بأن محمد بن نايف هو مرشحها للمُلك)... الخ.

وهكذا، فكل جناح يسرّب أخباراً عن الجناح الآخر، في ظل ضبابية حول وضع الملك الصحي. فحتى ـ كتابة هذا المقال ـ لم تُنشر صورة واحدة له في وسائل الإعلام، بل أن هناك من يؤكد بأن كل من ذهبوا الى المستشفى (للإطمئنان على صحة الملك) بمن فيهم ولي العهد، وولي ولي العهد، والمفتي، والوزراء، والأمراء، وكبار الجيل الثالث: محمد بن فهد، خالد بن سلطان، تركي الفيصل، سعود الفيصل، وغيرهم، لم يحظَ أيٌّ منهم برؤية الملك.

كل الإستقبالات التي جرت في المستشفى، والتي نشرها التلفزيون السعودي، لا تعني سوى استعراض للعائلة المالكة، بدون أي معلومة مؤكدة عن وضع الملك الصحي. وعلى الجميع القبول بما يقوله متعب ـ وزير الحرس وابن الملك، وما يسرّبه جناح الملك، من ان وضعه مستقر وطيب! وزادوا أخيراً معلومة اضافية في بيان الديوان، تقول بأنه أُصيب بالتهاب رئوي نجا الملك منه، وان الأمر استدعى وضع انبوب يتنفس من خلاله. لكن الإشارة الى الأنبوب، ذكّرت المواطنين بأنه سبق له ان وضع ذلك الأنبوب بدون وجود التهاب، وتحديداً حين التقى بأوباما في زيارته الأخيرة للرياض العام الماضي، وظهور صورة له بالأنبوب المعني!

ما أراد بيان الديوان الملكي قوله، أو الرسالة التي أراد إيصالها، هي: الملك بصحّة جيّدة، وهو ليس عاجزاً عن القيام بمهامه، لا بشكل مؤقّت ولا بشكل دائم، وبالتالي فإن الملك ـ بوضعه الحالي ـ لا تنطبق عليه المادتان الحادية عشرة والثانية عشرة من نظام هيئة البيعة، واللتان تقضيان: إما بتحويل صلاحيات الملك الى ولي عهده بصورة مؤقتة ان كان العجز مؤقتاً؛ وإما ـ اذا كان عجزه عن أداء مسؤولياته دائماً، كما حدث للملك فهد ـ فيتم عزله عن الحكم، ويتولى ولي العهد العرش.

لا يخفى ان بعض أجنحة الحكم روّجت بطريق مباشر قضية عجز الملك، وتسلّحت بنظام هيئة البيعة التي اسسها الملك، فقد ارادها سلاحاً للإستحواذ عليه وعزل خصومه، وها هم منافسوه يستخدمونها كسلاح ضدّ جناحه!

لم يكن هدف الديوان الملكي موضوع الشفافية من قريب او بعيد، بل القول بأن جناح الملك وابناءه متشبّثون بالحكم الى آخر لحظة، كما فعل السديريون من قبل حين أصيب الملك فهد بجلطة في الدماغ عام 1996 فكان بمثابة فاقد العقل، ولكنه بقي ملكاً لعشر سنوات إضافية حتى وفاته عام 2005م.

أجنحة وسيناريوهات

واضح أن حراب العائلة المالكة تتجه في معظمها ضد الملك وقراراته التي اتخذها بشأن وراثة الحكم. لكن الجميع من الأمراء وحاشيتهم، وحتى بين مشايخ المؤسسة الدينية، يستخدمون التورية في هذا الأمر، فهم يدعون الله ان يحفظ الملك كذباً، لإظهار وحدتهم امام المواطنين، وان كانت مفتعلة، ومن جهة ثانية يلقون باللائمة ليس على من اتخذ القرارات الكبيرة والخطيرة، ولا على أبنائه: متعب وعبدالعزيز ومشعل بشكل خاص، وإنما على شخص من (العامّة) وهو خالد التويجري، المستشار! وأحياناً على عائلته أيضاً، واعتبارهم (برامكةً جدداً)!

حكام هرمون وشعب شاب!

الجناح السديري الذي أضعفه الملك، ليس راضياً على تعيينات الملك، وفي مقدمها: تعيين مقرن ولياً لولي العهد، في بداية يناير من العام الماضي 2014، أي الرجل الثالث في الدولة، والذي يفترض ـ نظرياً ـ أن يصبح ملكاً في المستقبل، في حال مات او تقاعد الملك وولي عهده.

الملك يدرك هذه الحقيقة، فأمره الملكي يتعارض بصورة مباشرة مع نظام هيئة البيعة التي يفترض انها مخوّلة بتعيين ولي العهد؛ فهو لم يكتف بتعيين سلمان ومن قبله نايف بدون اهتمام لرأي اعضاء الهيئة، بل ها هو يعين ولي ولي عهد ايضاً. اما مبرراته كما ظهرت في الأمر الملكي فغير مقنعة، مثل ما جاء في الديباجة: (عملاً بتعاليم الشريعة الإسلامية فيما تقضي به من وجوب الاعتصام بحبل الله والتعاون على هداه، والحرص على الأخذ بالأسباب الشرعية والنظامية، لتحقيق الوحدة واللحمة الوطنية والتآزر على الخير، وانطلاقاً من المبادئ الشرعية التي استقر عليها نظام الحكم في المملكة العربية السعودية، ورعاية لكيان الدولة ومستقبلها، وضماناً - بعون الله تعالى - لاستمرارها على الأسس التي قامت عليها لخدمة الدين ثم البلاد والعباد، وما فيه الخير لشعبها الوفي. وبناءً على ما تقتضيه المصلحة العامة... الخ). هذه الديباجة لا مكان لها من الإعراب البتة، ولا علاقة لها بالقانون ولا بشرع الله ولا باللحمة الوطنية والتآزر وخدمة الدين والعباد!

وحين جاء الأمر الملكي الى النقطة الحرجة قرر الملك (اختيار صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز آل سعود ولياً لولي العهد، مع استمرار سموه نائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء). و (يُبايع صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز آل سعود ولي ولي العهد، ولياً للعهد في حال خلو ولاية العهد، ويبايع ملكاً للبلاد في حال خلو منصبي الملك وولي العهد في وقت واحد).

إذن، ما فائدة هيئة البيعة، وأي دورٍ تبقّى لها؟!

ولأن الملك يعلم أن لا قانونية تسند التعيين، فإنه أضاف جملة عجيبة تدلّ على أن هناك من سيعارضه، وقد يعمد الى تجاوز أمره في حال وفاته، اي قد يقصي مقرن عن ولاية العهد. لذا حرص البند الثالث من الأمر الملكي على توضيح ان اختيار الملك لمقرن: (لا يجوز بأي حال من الأحوال تعديله، أو تبديله، بأي صورة كانت، من أي شخص كائناً من كان، أو تسبيب، أو تأويل، لما جاء في الوثيقة الموقعة منا ومن أخينا سمو ولي العهد).

لو كان تعيين مقرن قد جاء برغبة الأمير سلمان، ولي العهد، وبموافقة هيئة البيعة كما يزعم البيان، لما احتاج الملك الى هذا التشدّد، وكأنّه يريد أن يثبّت أمراً ملزماً لمن يأتي بعده. كأنه يريد أن يقول: يا سلمان، ويا أمراء هيئة البيعة، لا حقّ لكم بعد أن أموت أن تزيحوا مقرن عن كرسي المُلك!

لماذا؟ لأن الملك وجناحه يدركان بأن الأمير مقرن شخصية ضعيفة في العائلة المالكة، ولا تحالفات لديها تحميها، بل ان العنصرية الحاكمة داخل الأسرة المالكة دفعت بأمراء عديدين للإنتقاص منه للونه الأسمر، أو لأنه (ابن جارية)!

ثم ـ وهذا هو الأهم ـ هناك اتفاق بين جناح الملك ومقرن، بأن يكون ولي عهد هذا الأخير إبن الملك عبدالله وهو وزير الحرس الوطني (متعب). بمعنى آخر: نحنُ سنعيّنك ولياً للعهد، لتكون في كرسي الملك مستقبلاً، وسنحمي منصبك ما وسعنا الأمر، وعليك في المقابل أن تقوم بتعيين متعب ولي عهد لك!

هذه اللعبة مكشوفة لكل الأمراء.

السديريون الذين أضعف الموت جناحهم باختطاف فهد وسلطان ونايف، وما جاء بعد ذلك من عزل لأبناء فهد (محمد من امارة الشرقية، وعبدالعزيز من مجلس الوزراء، وسلطان من رعاية الشباب)، وكذلك عزل ابناء سلطان (خالد من وزارة الدفاع، وبندر من الاستخبارات).. السديريون هؤلاء، يتحدثون عن (ظلم) الملك للأمير أحمد، حين أزاحه بعد بضعة أشهر من توليه وزارة الداخلية، التي هي عادة ما تُستخدم كسلّم لكرسي المُلك، كما حدث لفهد، ونايف الذي اصبح ولياً للعهد قبل ان يتوفى.

السديريون يريدون إعادة الإعتبار للأمير أحمد، فيما يبدو، وقد يكون هذا مجرد شمّاعة لبعضهم، لمهاجمة الملك والتذكير بأنهم هم من حكم المملكة منذ الستينيات، ولن يفرطوا في القبض على قلبها في المستقبل مهما أُضعفوا!

أبناء طلال ـ الوليد وخالد ـ يبحثون عن منصب لهم في خضم هذا الصراع. وأبناء سلطان يريدون استعادة بعض ما خسروه. وأبناء الملك فيصل يرجون أن يُحفظ لهم منصب وزارة الخارجية، وأن يُمنح لتركي فيحل مكان أخيه سعود. هؤلاء وغيرهم ليس لديهم مانع من تغيير التحالفات؛ فالأهم هو الحصول على شيء من الكعكة، خاصة بالنسبة للأمراء المهمّشين.

الموت حلّ مؤقّت

كثيرون يبنون تحليلهم على فرضية ان الملك سيموت قبل ولي عهده سلمان، لكن الأعمار بيد الله.

يرتسم السيناريو كالتالي، في حال توفي الملك: سيصبح سلمان ملكاً؛ وسيقوم في وقت لاحق بعزل مقرن من ولاية العهد من خلال استخدام هيئة البيعة وترتيب تحالفات تُنجح إخراجه، ليضع شقيقه أحمد ولياً لعهده، وربما تلطّف على مقرن، بأن أبقاه ولياً لولي العهد أحمد!

هذا السيناريو يمثل عودة للجناح السديري بكامل قوته، وقد يؤدي الى إعادة توزيع المناصب من جديد، بعد ان اربكها الملك عبدالله بقراراته في السنوات الأخيرة. عودة السديريين تعني عودة ابناء سلطان وأبناء فهد، الى مواقع المسؤولية وإبعاد آخرين كان الملك قد جاء بهم.

ووفق هذا السيناريو، فإن من الصعب ـ وقد يكون المستحيل ـ أن يتم تجاوز (حصة أبناء الملك عبدالله) من المناصب، أو يسعى سلمان لإقتلاعهم، فهذا غير مطروح، لأن صمام أمان جناح عبدالله، هو (قوة الحرس الوطني)؛ مثلما ان قوة الجناح السديري قائمة على وزارتي الدفاع والداخلية.

السيناريو الثاني يقول بأن كل الاحتمالات مفتوحة، فقد يختار الله الأمير سلمان ـ المصاب ببدايات الخرف/ الزهايمر ـ ويتوفى قبل الملك نفسه، كما حدث لنايف وسلطان اللذين يصغران الملك سناً!

التشبث بالحكم: تكرار تجربة الملك فهد!

في هذه الحالة، تمضي خطة الملك وجناحه كما هي: يصبح مقرن ولياً جديداً للعهد، ويصبح متعب ولياً لولي العهد، اي الرجل الثالث في الدولة. واذا ما وجد الملك وجناحه ان الطريق ممهداً، فلربما تخلّص من مقرن وعزله عن منصبه.

ويتوقع ان وفاة الأمير سلمان قبل الملك، ستؤدي الى إقالة سعود الفيصل فتخرج الخارجية من يد آل الفيصل، ويصبح ابن الملك ـ عبدالعزيز بن عبدالله، والذي يتولى وكالة وزارة الخارجية ـ هو وزير الخارجية الجديد. ومن المحتمل ايضاً ان يتم اضعاف محمد بن نايف، من خلال عزل أخيه سعود من إمارة الشرقية، وربما جرى تسليمها لأحد أبناء الملك عبدالله ايضاً، مثلما حدث لإمارة مكة وإمارة الرياض، وهما أكبر إمارتين في البلاد، والشرقية تعدّ الثالثة من حيث الأهمية السياسية والأولى اقتصادياً، مثلما هي مكة الأولى دينياً.

السيناريو الثالث، أن يبقى الملك مريضاً في المستشفى، في حالة مشابهة لما حدث للملك فهد. هنا، سيكون صعباً على جناح الملك عبدالله بأن يكرر تجربة الملك فهد ويبقى ملكاً لسنوات بدون فاعلية. والأرجح في هذه الحالة ان يشتدّ الصراع، ويتزايد السخط، وتظهر الدعوات العلنية من الأمراء مطالبة بعزل الملك المريض استناداً الى نظام هيئة البيعة (المادتان 11 و 12). ما يرجح رضوخ جناح الملك للضغوط، ويسلّم مفاتيح الحكم الى سلمان، ولكن مع اشتراطات معيّنة تحفظ التوازنات.

السيناريو الرابع الذي يتم تداوله، أن يقرر الملك ويجبر سلمان ولي العهد معه، على الإستقالة الثنائية، على أن تبقى وزارة الدفاع بيد احد ابناء سلمان، وعلى أساس أن يصبح مقرن ملكاً، وأن تختار هيئة البيعة له ولياً للعهد، قد يكون متعب وقد يكون غيره ايضاً.

يبقى السيناريو الأخير، وهو أن يصبح محمد بن نايف ملكاً، مدعوماً من واشنطن من جهة؛ وكونه مرشح تسوية يرضي الجميع، بحيث يصبح متعب ابن الملك عبدالله ولياً للعهد.

نظام هيئة البيعة: سلاح ضد الملك

أراد الملك من تشكيل هيئة البيعة، جذب الأمراء المهمشين الى صفّه، وإعطائهم صوتاً في تقرير وجهة وراثة الحكم، وذلك لإضعاف الجناح السديري والضغط عليه، وكذلك لإيجاد مخرج له يمنعه من عدم تعيين وزير الداخلية الأسبق الأمير نايف، نائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء (صار المسمّى الآن: ولي ولي العهد)!

الذي حدث هو أن ما أراده الملك، هو مواجهة ضغوط السديريين التي يمكن ان تمنعه من أن يتمتع بسلطة مطلقة كما الملوك السابقين، فلما اطمأن للوضع، عيّن نايف نائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء، فغضب المهمشون من إخوته، خاصة طلال، وأما متعب وزير الشؤون البلدية والقروية، فكان استياؤه أكبر.

زاد اطمئنان الملك لصلاحياته بوفاة سلطان، وعيّن الأمير نايف ولياً للعهد، فغضب الأمراء، ورفض متعب منذئذ حضور جلسات مجلس الوزراء الى ان استقال وسلّم الوزارة لإبنه منصور.

وتوفي نايف، وجاء الملك بالسديري الثالث: الأمير سلمان، بدون حتى مشورة من هيئة البيعة، فقرر طلال تجميد عضويته في الهيئة، وألمح الى معارضته قرار الملك.

وهكذا ماتت هيئة البيعة التي عُيّن الامير مشعل رئيساً لها، حيث صودرت منها كل القرارات المستقبلية، وجوهر وجود الهيئة وغايته تعيين ولي العهد ـ اي الملك القادم. فإذا ما اتخذ الملك قراراً بتعيين مقرن، فإنه يكون قد حكم عليها بالإعدام قبل ان تجتمع، وهذا ما حدث بالفعل.

لكن نظام هيئة البيعة الذي قالت صحف النظام أن الهدف الأساس منه هو ضمان استقرار وراثة الحكم، وابعاد البلاد عن التقلبات السياسية، أصبح بلا قيمة فعلاً. فلا هو نقل السلطة الى الجيل الثالث؛ ولا هو أشرك (أصحاب السمو الملكي) في اختيار ولي العهد اي الملك القادم؛ ولا أرضى الأمراء المهمشين؛ وبالتالي لم يحقق الاستقرار حتى في محيط العائلة المالكة، بل ربما زاد الإنقسام داخلها، وفاقم الصراع وأظهره اكثر الى العلن.

نظام هيئة البيعة، خشي من تكرار تجربة الملك فهد التي جمّدت جهاز الدولة لعشر سنوات، وهي فترة مرضه، وجعلت العائلة المالكة سخرية بين العباد! لذلك جاءت المادتان 11 و 12 لتخرج الملك المُعاق من دائرة صناعة القرار، مؤقتاً او دائماً.

لم يدر بخلد الملك عبدالله انه يمكن أن يصبح هو أيضاً نسخة من اخيه الملك فهد: (ومن نعمّره ننكسه في الخلق)؛ او يحدث الأمر لولي عهده الذي يصغره سناً فتبدو عليه علامات الزهايمر. لكنها سنّة الحياة. وبدلاً من أن يتقاعد الملك الذي لا يمارس مهامه من الناحية العملية منذ مدة طويلة، فإنه وأبناءه مصرّون على الاحتفاظ بالسلطة، التي تبدو مغرية كما هي مفسدة، وهو ما حدث ايضاً لأبناء فهد وإخوته الأشقاء!

لهذا السبب تحوّلت المادتان 11 و 12 الى سلاح ضدّ الملك وابنائه لتمنعهم من الاستمرار في السلطة.

هذا هو نص المادتين، نضعهما للتذكير بهذا السلاح؛ مع أن لدى كل فريق أسلحة حقيقية أقوى من مجرد حبر على ورق!

المادة الحادية عشرة: في حالة توفر القناعة لدى الهيئة بعدم قدرة الملك على ممارسة سلطاته لأسباب صحية، تقوم الهيئة بتكليف اللجنة الطبية، المنصوص عليها في هذا النظام، بإعداد تقرير طبي بالحالة الصحية للملك، فإذا أثبت التقرير الطبي أن عدم قدرة الملك على ممارسة سلطاته، تعد حالة مؤقتة، تقوم الهيئة بإعداد محضر إثبات بذلك، وعندئذ تنتقل مباشرة سلطات الملك بصفة مؤقتة الى ولي العهد لحين شفاء الملك. وعند وصول إخطار كتابي من الملك الى رئيس الهيئة، بأنه قد تجاوز الأسباب الصحية التي لم تمكنه من ممارسة سلطاته، أو عند توفر القناعة لدى الهيئة بذلك، فعليها تكليف اللجنة الطبية، المشار إليها، بإعداد تقرير طبي عن حالة الملك الصحية، على أن يكون ذلك في مدة لا تتجاوز اربع وعشرين ساعة. وإذا أثبت التقرير الطبي قدرة الملك على ممارسة سلطاته، فعلى الهيئة إعداد محضر بذلك، وعندئذ يستأنف الملك ممارسة سلطاته. أما إذا أثبت التقرير الطبي أن عدم قدرة الملك على ممارسة سلطاته، تعد حالة دائمة، فعلى الهيئة إعداد محضر إثبات لذلك، وعندئذ تدعو الهيئة لمبايعة ولي العهد ملكا على البلاد، على أن تتم هذه الإجراءات وفقا لهذا النظام والنظام الأساسي للحكم، في مدة لا تتجاوز أربع وعشرين ساعة.

المادة الثانية عشرة: في حالة توفر القناعة لدى الهيئة، بعدم قدرة الملك، وولي عهده، على ممارسة سلطاتهما، لأسباب صحية، فعلى الهيئة تكليف اللجنة الطبية، المنصوص عليها في هذا النظام، بإعداد تقرير طبي عن حالتهما الصحية، فإذا أثبت التقرير الطبي، ان عدم قدرتهما على ممارسة سلطاتهما، تعد حالة مؤقتة، تقوم الهيئة بإعداد محضر إثبات بذلك. وعندئذ يتولى المجلس المؤقت للحكم، إدارة شؤون الدولة، ورعاية مصالح الشعب، لحين شفاء أي منهما. وعند وصول إخطار كتابي من الملك أو ولي العهد الى الهيئة، بأنه قد تجاوز الأسباب الصحية التي لم تمكنه من ممارسة سلطاته، أو عند توفر القناعة لدى الهيئة بذلك، فعليها تكليف اللجنة الطبية المشار إليها بإعداد تقرير طبي عن حالته، على أن يكون ذلك في مدة لا تتجاوز اربع وعشرين ساعة. فإذا أثبت التقرير الطبي قدرة أي منهما على ممارسة سلطاته، فعلى الهيئة إعداد محضر إثبات لذلك، وعندئذ يستأنف ممارسة سلطاته، أما إذا أثبت التقرير الطبي، أن عدم قدرتهما على ممارسة سلطاتهما تعد حالة دائمة، فعلى هيئة البيعة إعداد محضر إثبات بذلك، وعندئذ يتولى المجلس المؤقت للحكم إدارة شؤون الدولة، على أن تقوم الهيئة خلال مدة لا تتجاوز سبعة أيام، بإختيار الأصلح للحكم من أبناء الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود، وأبناء الأبناء، والدعوة الى مبايعته ملكا على البلاد، وفقا لهذا النظام، والنظام الأساسي للحكم.

الصفحة السابقة